لماذا تسعى الشركات العالمية للتسويق بالمحتوى الآن؟
بعد سنوات من العمل في مجال التسويق التقليدي اكتشفت أني طبقت إستراتيجيات التسويق بالمحتوى بطريقة غير مباشرة
add تابِعني remove_red_eye 29,562
أيّ مجال في الحياة وأيّ علم لا قيمة له بدون ممارسة وتطبيق، وهناك علوم نمارسها في حياتنا ونعرف قوانينها بدون سابق معرفة بقواعدها النظرية، وهذا ما اكتشفته الآن؛ فعلى الرغم من استخدامي أغلب استراتيجيات التسويق بالمحتوى في عملي سواء بالصحافة أو في التسويق إلا أني لم أعرف بالضبط أن ما كنت أفعله كان تسويقًا بالمحتوى؛ لهذا السبب شعرت كما لو أن شيئًا بداخلي يخبرني أن هذا المصطلح يبدو مألوفًا بالنسبة لي.
في عام 2009 بدأت أعمل -كما أخبرتكم من قبل- في وظيفة تسويق في شركة تجميل سويدية بمصر، وكانت تلك أول خبراتي العملية، وبعدها عملت بوظيفة تسويق أخرى في شركة لمعالجة مياه الشرب، طبعًا اختلاف المجالين جعلني أدرك أن أهم قاعدة في التسويق هي المعلومات وإيصالها للجمهور المستهدف (العملاء) بكل السبل الممكنة، وهذا هو جوهر التسويق بالمحتوى، ونستطيع تعريفه بأنه:«عملية إمداد العملاء بكل المعلومات عنك وعن منتجاتك بدلًا من إخبارهم أنا أبيع هذا أو ذاك، هو عملية إقناع بالفائدة وليس مجرد أداة للبيع فحسب».
قرأت منذ فترة عن فترة الانتكاسات التي تعرضت لها الشركات وكيف نهضت منها، وكان من ضمن القصص التي قرأتها قصة «ماركوس ماركون شيردن»، صاحب شركة تصميم وبناء حمامات السباحة بالألياف الزجاجية River” pools”، كانت شركة شيردن تعاني من خسائر فادحة لدرجة أن كل المستشارين المخضرمين في الأسواق المالية نصحوه بإغلاق الشركة لتجنب مزيد من الخسائر، ولكن شيردن استدعى كل فريقه، وأمرهم بعمل أبحاث لمعرفة الأسئلة التي تدور في عقول عملائهم المحتملين وعملائهم الحاليين عن الألياف الزجاجية، وبعد تجميع كل الأسئلة أنشأ شيردن وفريقه مدونة.
وأمرهم أن ينشروا فيها كل استفسارات العملاء مرتين في الأسبوع، وبالفعل بعد (6) شهور من إنشاء المدونة جاء للشركة عملاء من جميع أنحاء العالم، وبعد تلك الأزمة قال شيردن:«في اللحظة التي توقفنا فيها عن قول إن شركتنا تبني حمامات سباحة، وبدأنا نقول إن شركتنا تعرف الكثير بشأن الألياف الزجاجية أكثر من غيرها في العالم، ونستطيع تركيبهم أيضًا، في تلك اللحظة ازدهرت شركتنا أكثر من أيّ وقت مضى».
ما قاله شيردن ذكرني بجدال كنا كثيرًا نخوضه أنا وأصدقائي، كنت وقتها مقتنعة أن إعطاء عملائي مزيدًا من الوقت لفهم المنتج وشرحه أفضل بكثير من إنهاء المكالمة الهاتفية معه للتحدث مع عميل آخر، حينها نصحني أصدقائي أن إخبار العملاء بالعروض الجديدة يكفي، ولكني لم أستمع لهم واتبعت إستراتيجيتي في توطيد علاقتي مع العملاء، وإمدادهم بالمعلومات الكافية عن المنتج، لا أخفي عنكم سرًّا أحيانًا كنت أجلس مع نفسي وأشكك في أسلوبي، ولكن سرعان ما ينقذني عملائي ويتصلون بي ويخبرونني أنهم قرروا شراء المنتج لهم ولأولادهم.
والآن دعونا نترك مقدمتي الطويلة كالعادة وندخل في موضوع حديثنا اليوم عن أهمية التسويق بالمحتوى Content Marketing.
عرّف “أفيناش كوشيك” التسويق بالمحتوى كالآتي:
هو نوع من التسويق ينطوي على إنشاء وتبادل المواد عبر الإنترنت (مثل: الفيديوهات والمدونات، ومشاركة النصوص على وسائل التواصل الاجتماعية)، والتي لا تروج صراحة أو بشكل مباشر للعلامة التجارية، ولكنها تهدف إلى تقديم محتوى يفيد الجمهور ويحفزهم للاهتمام بمنتجاتها أو خدماتها. ومن التعريف السابق نجد أن التسويق بالمحتوى له فائدة كبيرة أكثر من التسويق التقليدي، وأول مميزاته هي:
1- التسويق لمنتجاتك بطرق متنوعة
تخيل محتوى تسويق يتكون من صوت وصورة وفيديو، في الجامعة كان لدينا تكليف إجابته جملة واحدة فقط، وهي:«الصورة بألف كلمة»، تخيلوا كم التأثير لو وصفتم منتجاتكم بصور وإنفوجرافيك وفيديو توضيحي، ورسائل صوتية، ومدونة مكتوب فيها كل المعلومات أليس هذا أفضل بكثير من التحدث مع العميل في الهاتف في وقت لا يستطيع استيعابك فيه؟؟ صدقوني 80% من عملائي أو ربما أكثر كنت أتحدث معهم في أوقات لا يستطيعون التركيز معي فيها، ولهذا كنت أضطر للمكوث بعد ساعات عملي بساعة للتحدث معهم بعد عودتهم من عملهم.
لهذا السبب أُفضل التسويق بالمحتوى، على الأقل ستصل رسالتي للعميل بشكل واضح ومتنوع.
2- بناء علاقة ثقة وطيدة مع عملائك
المعلومات الحقيقية هي وحدها أساس أيّ علاقة ثقة، أتذكر منذ 6 سنوات تقريبًا كنت أعمل في وظيفة خدمة عملاء لإحدى شركات الاتصالات الكبيرة في مصر، وفي يوم تحدثت مع عميل كان يسأل عن رقم خدمة توفرها الشركة لعملائها، وضعت العميل على الانتظار وكنت وقتها مستجدة newcomer؛ وسألت زملائي الأقدم مني في خدمة العملاء بسنوات، ولكن دون جدوى؛ لذا سألت أحد المدراء المخضرمين، وأخيرًا عُدت للعميل وأخبرته برقم طلب الخدمة، هل تعرفون ماذا قال لي؟؟ قال:«تصدقي بالله أنتِ موظفة مجتهدة يا بخت الشركة بيكي.. أنا اتصلت قبل كده ومحدش فادني وفي منهم اللي قالي الخدمة دي مش موجودة أصلًا».
وهنا تكمن أهمية التسويق بالمحتوى؛ فكلما أعطيت عملائك الإجابات التي يبحثون عنها كلما زادت ثقتهم في منتجك.
3- ظهورك بشكل مستمر على محركات البحث
في الشهور الماضية كانت أختي تبحث عن شيء في الإنترنت، ولا أعرف لماذا خطر على عقلها كتابة اسمي في مربع البحث على جوجل، بحثت وظهر لها كتابي إمبراطورية زركون وصوري، وقصص رواية مدينة الأشباح، وقتها صاحت وتخيلت أني أصبحت مشهورة، ولكن الحقيقة أن محركات البحث أظهرت اسم «هبة مرجان»؛ لأن عناوين حلقات قصص روايتي كانت تحتوي على اسمي، وهذا بالضبط ما نتحدث عنه، وهو ظهور اسم شركتك أو ماركتك التجارية في كل محتوى تكتبه أو تنشره سواء في المدونة أو في مواقع الفيديو أو البودكاست.
4- الوصول لأكبر عدد من العملاء
دعونا نفترض أني نشرت مقالة في صحيفة الجمهورية المطبوعة، ونشرت واحدة أخرى على الموقع الإلكتروني للجمهورية، والآن أخبروني أيهم سيحصل على أكبر عدد من القراء؟؟ لا داعي للتفكير لأن المقالة الإلكترونية ستحصل على أكبر نسبة مشاهدة كحال باقي مقالاتي، هل تعلمون لماذا؟ لسببين: أولهما أن عدد القراء «أونلاين» أكبر بكثير من عدد القراء للنسخة الورقية؛ لأن ببساطة أيّ بحث عن عنوان المقالة أو أيّ كلمة فيها سيظهر في قائمة البحث وسواء كنت مصريًّا أو من أيّ جنسية أخرى ستستطيع قراءة مقالتي، ولكن المقالة المطبوعة ستحظى بقراء مصريين فقط.
السبب الثاني، وهو أن مقالتي الإلكترونية مُحصنة ضد عنصر الوقت؛ فبعد شهور أو حتى سنين ستجدها منشورة على الموقع وتستطيع قرأتها كل يوم على عكس مقالتي المطبوعة التي ستنتهي صلاحيتها بمجرد انتهاء اليوم وظهور طبعة الغد، ومن يعلم! ربما أقابلها بعد شهرين وقد أصبحت قرطاس طعمية أو حمص.
5- توفير تكاليف التسويق التقليدي
أيهما أقل تكلفة أن تنشئ مدونة على الويب أو بناء شركة وإحضار موظفين للإجابة هاتفيًّا على تساؤلات العملاء؟؟ بلا شك الاختيار الأول؛ لأن الاختيار الثاني سيكلفك رواتب وفواتير كهرباء وتليفونات ومعدات إلكترونية ومصاريف أخرى كثيرة لا غنى عنها، ولذلك تلجأ الشركات العالمية حاليًا للتسويق بالمحتوى لتوفير الوقت والمبالغ الطائلة التي تنفق على التسويق التقليدي.
في الختام
إذا أردتم أن تعرفوا أكثر عن التسويق بالمحتوى لا تنسوا أن تلقوا نظرة على المملكة العربية السعودية وما حققته من إنجازات في هذا المجال، وبالأرقام سنجد أن التجارة الإلكترونية في السعودية قد تجاوزت الــ 80 مليار ريال، ولهذا السبب نستطيع التنبؤ بهدف الشركات العالمية من دراسة توجهات السوق السعودية، ورغبة العملاء السعوديين قبل البدء في مشروعاتهم بالسعودية، والسبب يرجع لرغبتهم في فهم عقلية ومتطلبات العملاء والمستهلكين في السعودية قبل البدء في وضع إستراتيجياتهم التسويقية المرتبطة بالتسويق بالمحتوى لأنشطتهم التجارية المختلفة.
وللحصول على محتوى احترافي تنمو به أعمال فجرب منصة تزويد واحصل على محتوى بطريقة ذكية.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 29,562
مقال مهم عن التسويق بالمحتوى .. يساعدك على فهم عملية التسويق بالمحتوى وأهميته
link https://ziid.net/?p=98572