نصائح للمستجدين في التجارة الإلكترونية
التجارة الإلكترونية ضرورة حالية وطريق طويل للنجاح تحتاج إلى المثابرة و الصبر والعلم والكثير من التخطيط والإدارة
add تابِعني remove_red_eye 452
كنت مديرًا في منصة (ريديت) لسبع أو ثمان سنوات تقريبًا بينما أكسب قوتي حصرًا من التجارة الالكترونية لما يزيد عن (12) عاما الآن. ما دفعني لكتابة هذا المقال هو مشاهدتي للكثير من المشاكل التي يواجهها المستجدون في هذا المجال، خصوصًا في الأشهر الأخيرة. سأذهب بعيدًا في التفاصيل، لكني سألخص ذلك من البداية بالقول إنه وللعديد منكم وأقصد بكلامي شريحة كبيرة من الناس الجدد على المجال: “التجارة الإلكترونية لا تصلح للجميع”. ماذا يعني هذا؟
التجارة الإلكترونية بين الحقيقة والوهم
بدايةً، يسقط العديد من المستجدين في التجارة الإلكترونية في فخ أن التجارة الإلكترونية تكسب “مالًا يسهل جَنْيُه وأنت جالس في منزلك” وهو المفهوم الذي -ويا للأسف- يعد به عدد كبير من الخبراء. بهذا الصدد، أحثكم على مشاهدة هذا الفيديو الذي يحدثكم بدقة وبصورة صحيحة عن فكرة “الدخل السلبي” (والفيديو لا يؤدى لقناتي وليس من إعدادي– بل إنني لا أعرف حتى هذا الرجل، لكنه محق)
[كيف أحصل على ما أريده؟ استمع إلى خلاصة خبرة “جيني سكوت”]
إنّ النجاح في التجارة الالكترونية، بل إن النجاح المُعتبر والملموس (بالخصوص النجاح طويل المدى) في أي مجال كان -ليس فقط في التجارة الإلكترونية- هو ثمرة الاجتهاد والمثابرة، وهي المعلومة التي سيؤكد عليها ويوافقني فيها جميع المثابرين لفترات طويلة في هذه المنصة. بالإضافة إلى ذلك ستحتاج للصبر، والاستمرارية، وأي مهارة من المهارات الأخرى التي تساعدك على حيازة “ميزة تنافسية” في السوق (وربما قد يتطلب الأمر بعض الحظ أيضًا). لكن عندما تقرأ حديثي عن العمل الجاد وبذل الجهد والصبر قد تقول: “ماذا عن الدروب شيبينغ (Drop shipping) يمكنني فعل هذا دون إنفاق مال مسبقًا، وها هي منصة شوبيفي أو سلة التي تتيح إنشاء متجر رقمي والبيع عبره وهي مسألة لا تأخذ أكثر من بضع ساعات”.
هذا ما سيفكر به أيضًا الجدد على هذا المجال
لكن رغم ما يقوله المؤثرون الآخرون الذين يستعرضون سياراتهم الفارهة على اليوتيوب، إلا أنني أؤكد لك أن الأمور لا تسير بنفس الطريقة لـ (99%) من الناس. فكّر فيما يلي: أنك بذلت أقصى ما في وسعك وعملت جاهدًا وحققت النجاح وازدان حسابك البنكي برزم من النقود، هل ستجتاحك مباشرة بعدها رغبة متأججة بأن تخبر الجميع بدقة كيف حققت ذلك؟ لا؟ قد تسأل لماذا إذن من يسمون أنفسهم “خبراء” في الميدان يقومون بذلك؟
السبب أنهم يجنون ببيعهم الأحلام والأوهام مالًا أكثر مما يستطيعون جَنْيُه بالترويج لساعات اليد ومكبرات صوت البلوتوث الخاصة بمتاجرهم القائمة على الدروب شيبينغ. ناهيك أن ما تراه من إحصاءات “موثوقة” بزعمهم يسهل جدًا تزييفها.
ما الحقيقة الكاملة لهذا البيزنس؟
إن إطلاق متجر رقمي قائم على “دروب شيبينغ” أمر صعب للغاية، لأن العديد من العوامل المثبّطة ستواجهك منها: طول مدة الشحن، عدم معاينتك للمنتج، طول مدة إعادة المنتجات، انعدام شبه كلي لمراقبة للجودة، لا تغليف حسب التفضيلات، لا صور فوتوغرافية أصليّة وحقيقية إلخ. مع ذلك، هذا لا يعني أنه يستحيل عليك إنشاء متجر رقمي ناجح ويحقق مبيعات، لكن عندما لا تتضمن أغلب المتاجر حتى رقم الهاتف، وعنوان الاتصال، وسبل المحادثة النصية، أو أي وسائل أخرى من المفترض أن يجدها العميل قبل الشراء، فلا تفاجأ إن لم يحقق متجرك أيّ مَبِيع ولم تصلك أيّ طلبية.
وإذا كنت من أولئك الذين يصدقون ذلك الحلم الذي يبشر به من يدّعون أنهم خبراء وتصورت أنك في غضون عام “ستسترخي على الشاطئ تراقب أرباحك في الموقع تُحوّل لحسابك البنكي” عندها أنا أخبرك مطمئنًا “أن التجارة الالكترونية لا تناسبك” بهذا الصدد وعلى ذكر فترة العام -التي قد يراها البعض فترة طويلة من الزمن- أقرأ وأسمع كثيرًا عبارات مثل:
“أجريت حملة ترويجية على فيسبوك أو إنستغرام بعشرين دولارًا ولكني لم أحقق أي مبيعات، لقد مرت ستة أيام على ذلك الآن”
هل تعلم أن معظم مواقع التجارة الالكترونية لا تحقق أية أرباح لعدة سنوات قبل أن تجني بنهاية المطاف أرباحًا ومبيعات مستقرة؟ هل قرع سمعك من قبل أنه وبغية جني المال لا بد أن تنفق المال؟
إن ما ورد أعلاه (من ضرورة مضي وقت قبل استقرار المبيعات وضرورة إنفاق المال لجني المال) كلاهما صحيح، النقطة الأولى تعني أنه عليك أن تعمل بجهد مضاعف مقارنة بذاك الرجل من المدينة المجاورة الذي يملك بدوره موقعا يبيع نفس البضاعة أو البضائع التي تبيعها أنت.
إن التجارة الإلكترونية ليست رحلة لديزني لاند، ولا ينطبق عليها المثل القائل: “إن أنشأته، سيأتي الناس لا محالة” عليك أن تبذل جهدًا شاقًّا في العمل على موقعك الجديد كل يوم، دون كلل وأن تجري البحوث باستمرار وأن تجرب دومًا وتداوم على كل من: التطوير، التسويق، تهيئة محركات البحث، إلخ…
إن استثمار عشرين دولارًا في الشهر على “شوبيفي” ثم أربعين دولارًا في الإعلانات لن يجعلك تحظى بالكثير من أي شيء، إذن راقب ما تنفقه، والوقت الذي تستثمره، ومدى قدرتك على إضافة قيمة لموقعك الجديد بنفسك أولًا (قبل الحاجة للاعتماد على مصادر خارجية في تسيير بعض عناصر الموقع مثل تعديل “css” بطريقة احترافية) لهذا أقول لك بهذا الصدد: إن كانت مائة دولار مبلغًا كبيرًا بالنسبة لك وبعد بلوغك لحاجز المائتي دولار تُفكر في التراجع، ركز معي: “التجارة الإلكترونية ليست لك”
ما الذي يجب أن أسعى لتنفيذه لأحقق نجاحًا باهرًا في المجال؟
- لا بد أن تعي أن موقعك مشروع قائم بذاته، وإطلاق المشاريع يستلزم رأس مال.
- سطّر خطة عمل دقيقة مرتكزة على بحث جيد، ثم طوّر خطة واقعية للإنفاق.
- أثناء تطويرك متجرك الإلكتروني، حاول دائمًا أن تراه من خلال عيني الزبون المُحتمل.
- ما الذي توفره في متجرك ويقدم قيمة مضافة للزبائن؟
يعني إن كان متجرك يبيع نظارات شمسية (ومليون متجر يفعل ذلك، ما القيمة المضافة التي تقدمها عدا النظارات الشمسية؟ هل توفر مثلا إطارات مخصصة؟ هل تعتمد فقط على المصانع التي تديرها شركات صديقة للبيئة؟ إلخ..) - هل يتضمن متجرك سياسة إعادة بضائع سخية وميسرة؟ أم أنك مثل بعض المتاجر، لا يوجد أصلًا سياسة استرجاع وكل همّ مدير المتجر تحقيق المبيعات لا غير.
- ما مدى سهولة التواصل معك؟ (تذكر هنا أن نموذج تواصل بسيط في الموقع غير كافٍ البتة)
- هل موقعك يظهر بشكل ملائم في محركات البحث (هل موقعك مؤرشف بطريقة صحيحة ضمن محركات البحث؟)
- هل لديك حضور منتظم في قنوات التواصل الاجتماعي؟
- هل تقدم ما يكفي من خيارات الدفع؟ بحيث تكون متنوعة وسهلة الإجراء؟
- هل هناك أي مراجعات كتبها عملاء سابقون اشتروا من عندك أو من شركتك؟
- كم يستغرق شحن منتجاتك من وقت؟
- هل تظهر منتجاتك بوضوح في الصور وهل يرافقها توصيف دقيق؟
- هل أسعار بضائعك أو جودتها ذات ميزة تنافسية مقارنة ببضائع نظرائك؟
جِدْ سببًا وجيهًا يجعل العملاء يشترون منتجك أنت على الرغم من أن الآخرين يبيعون نفس المنتج. أيْ جِدْ جوابًا لسؤال “لماذا سيشترون من متجرك أنت؟” حاول الإجابة إذا كانت أغلب إجاباتك بـ “لا” فإن: “التجارة الإلكترونية لا تناسبك”.
والآن قد تسأل: “كيف يمكنني أن أنافس أمازون؟” لن تستطيع أبدًا منافسة أمازون؛ لذا انزع هذه الفكرة من رأسك فورًا.
إذن من هم منافسوك حقًّا؟
- أولاً تأكد من أن كل ما تقدمه على موقعك من بضائع ومنتجات مماثل لما يقدمه منافسوك الراسخون في السوق (راجع سؤال هل أسعار بضائعك أو جودتها ذات ميزة تنافسية مقارنة ببضائع نظرائك؟ أعلاه)
- الآن، ضع في حسبانك أن المنافسة لا تتمحور حول الأسعار فقط. فالمعركة هنا تدور حول “الظهور” وهذا يعني إعدادك لـ “SEO” مناسب وبطريقة صحيحة (تهيئة محركات البحث) أو اللجوء لإعلانات “PPC” (الدفع عن كل نقرة)
- ويعني الظهور الطبيعي (التلقائي) أن محرك البحث “غوغل” يصنف موقعك في أعلى نتائج البحث عندما يبحث أحد العملاء عن منتج تبيعه وهو هدفك الأعظم مستقبلا، لكن تحقيقه ليس سهلًا ولا يتم سريعا كذلك.
- عليك أن تجري ما يكفي من البحوث في موضوع تهيئة محركات البحث وتعمل جاهدا لتحقق ما يكفي من نقاط “الأوثورتي” أي “المرجعية” (authority) لكل كلمة من كلمات البحث المتعلقة بما تبيعه والتي ستؤدي إلى تصدر منتجاتك في صفحة نتائج البحث.
صحيح أن الاستعانة بإعلانات الدفع عن كل نقرة (PPC) سيضعك على القمة مباشرةً، لكن من الأفضل أن يكون موقعك مهيئًا ويعمل بصورة حسنة لاستقبال عمليات البيع لأنك تدفع على كل زيارة سواء انتهت تلك الزيارة بتحقيق مبيعٍ أو لا.
تذكر دائما أنك بجلوسك مكتوف الأيدي تستغرب لماذا لم تفز بأية صفقة، أن هناك شخصًا آخر يعمل جاهدًا على تحسين موقعه وجعله جذّابًا أكثر للعميل مقارنة بموقعك؛ لذا إن كنت لا تتحلى بما يكفي من الصبر في العمل جاهدًا والدوام على ذلك منذ البداية، إذن فإن “التجارة الإلكترونية لا تناسبك” قبل أن يطول المقال ويصبح كتابًا (مع أني أستطيع أن أمضي في الكتابة لأبعد من هذا) أظن أنه عليّ التوقف لتلخيص ما ذكرناه أعلاه.
إن النجاح في التجارة الإلكترونية (أتحدث عن النجاح من مستوى “التخلي عن وظيفتك الحالية”) لن يأتي بسلاسة للأغلبية الساحقة منا، لن يأتي بدون مفاتيح النجاح الحقيقية التي سمعناها كلنا في الحلم الأمريكي طوال حياتنا والتي تتمثل في: العمل الدؤوب، المثابرة والصبر، والثبات، والسعي، والمعرفة وبلا شك: الاستثمار، أما إن كان هدفك الأسمى لا يتجاوز تحقيق (50) دولار من المبيعات كل بضعة أسابيع تصرفها على شراء مشروبك المفضل، أخبرك بثقة أن البيع على منصة إيباي سيكون مناسبًا لك أكثر.
أما لأولئك الذين يتوقون لإحداث تغيير فعلي في حياتهم ويريدون فرصة حقيقية لتطوير أنفسهم ويعتقدون أن التجارة الإلكترونية قد تكون السبيل لذلك، يجب عليكم على الأقل تكوين صورة واقعية لما يتطلبه الأمر، إن الكثير ممن يلج مجال التجارة الإلكترونية يُخفقون، وفشلهم هذا بسبب نسيانهم أو تغافلهم عن بعض أو كل عوامل النجاح التي ذكرتها، عندما تتجاوز عقلية “الربح السريع” وتعي أنه يجب أن تعمل بكل جهد من أجل نفسك كما لم تفعل ذلك مع شخص آخر، حينها يمكنني أن أخبرك أنك في الطريق الصحيح لنجاح طويل الأمد. عندها، يوما ما، ستستلقي حتما على الشاطئ وتستمتع بما عملت لأجله.
إليك أيضًا
التجارة الإلكترونية ذات أهمية قصوى خلال الوباء: 7 طرق لتجاوز الصعوبات
5 نصائح حول خدمات الشحن للمبتدئين في التجارة الإلكترونية
(6) تحديات ستواجهك في إدارة تجارتك الإلكترونية، وكيف تتجاوزها؟
add تابِعني remove_red_eye 452
مقال هام يتتناول التجارة الإلكترونية وأبرز النصائح التي يحتاج إليها المستجدون
link https://ziid.net/?p=52683