هل تسبب مشروبات الدايت زيادة الوزن؟

جرت في السنوات الماضية العديد من النقاشات حول مشروبات الدايت، معظمها لا تؤيد تناولها، حيث رُبط مشروب الدايت بزيادة الوزن وعدد من الأعراض الصحية السلبية الأخرى. ولكن السؤال الذي سنطرحه اليوم: هل مشروبات الدايت فعلًا بهذا السوء؟

في هذا المقال، سنتطرق لموضوع مشروبات الدايت وندخل في تفاصيلها (خاصة الدراسات التي تتعلق بالمُحليات الصناعية التي تتكون منها) وتأثيرها على الوزن والصحة.

ما هي مشروبات الدايت بالضبط؟

هي باختصار المشروبات الغازية الخالية من السعرات الحرارية، ويمكن أن نطلق عليها عدة مسميات: مياه غازية أو مياه منكّهة أو مياه محلاة. فبينما تُحلى المشروبات الغازية العادية كالبيبسي والكولا والماونتن ديو بشراب الذرة أو السكر، فإن مشروبات الدايت تستخدم عددًا من المحليات الصناعية مثل الأسبارتام والسكرالوز وستيفيا.

هل تسبب مشروبات الدايت زيادة الوزن؟

قد تكون الإجابة على هذا السؤال واضحة إلى حد ما، ولكن دعونا نجيب عليه بتوضيح مفصل هذه المرة، يعتبر الماء المشروب الأفضل على الإطلاق، جميعنا نتفق على ذلك، ولو عشنا في عالم مثالي فلن يكون هناك أي أحد يتناول المشروبات الغازية، سواءً كانت عادية أو دايت، بل لن يكون هناك أحد يتناول أي شيء معالج. ولكن بما أننا لا نعيش في عالم مثالي، فالسؤال يفترض أن يكون: إذا كنت ستشرب مشروبًا غازيًا، فأيهما أفضل: المشروب الغازي العادي أم الدايت؟

تشير الإحصائيات إلى أن 20% من سكان الولايات المتحدة (أي ما يقارب 62 ميلون شخص) يتناولون مشروب دايت واحد على الأقل يوميًا. لذا السؤال هنا: ما الآثار التي ستتركها مشروبات الدايت على هذا الكم الهائل من المستهلكين؟ لو نظرنا إلى هذا الموضوع نظرة أولية، فسيبدو لنا أن هناك علاقة تربط بين تناول مشروبات الدايت والسمنة.

كشفت الإحصائيات الصادرة عن معهد سان أنطونيو لدراسات الشيخوخة الطولية أن متناولي مشروبات الدايت تزداد فرصة إصابتهم بالسمنة أكثر من أولئك الذين لا يتناولونها، كما كشفت دراسة أخرى أٌجريت على 9000 شخص، أن متناولي المشروبات الغازية (سواءً كانت عادية أو دايت) تزداد نسبة إصابتهم بمتلازمة الأيض، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تناول مشروبات الدايت سبب أساسي في زيادة الوزن. إن ظاهرة “بيق ماك وكولا دايت”، وهي عندما يتناول شخص ما كمية كبيرة من مشروبات الدايت ليريح ضميره ويأكل ما يحلو له، قد تكون هي السبب وراء ارتباط السمنة بهذه المشروبات، بالإضافة إلى أن أغلب من يتناول مشروبات الدايت يتناولها حينما يكون وزنه قد بدأ بالازدياد مسبقًا، فيلجأ إلى تلك المشروبات بصفتها وسيلة لمواجهة هذه الزيادة في الوزن، ولكن في الواقع إن لم يتغير نمط الحياة الذي سبب زيادة الوزن في المقام الأول، فمشروبات الدايت لن تساعدك في حدوث أي تغيير يذكر.

ويستشهد مناصرو فرضية أن “مشروبات الدايت تسبب السمنة” بأن تناول المُحليات الصناعية يعطل قدرة الجسم على تنظيم مدخول الطعام مما يؤدي إلى فرط الأكل. وقد أجريت أبحاث على القوارض تدعم هذه الفرضية، إلا أني حتى الآن لم أجد أي بيانات بشرية تدعم تلك الفرضية، ومع ذلك يمكن لتناول المحليات الصناعية أن يعزز من الرغبة في تناول السكريات، وبذلك سيولد تناول المحليات خالية السعرات رغبة شديدة في تناول المزيد من السعرات الحرارية التي كنا نحاول التقليل منها في المقام الأول.

وعلى صعيد مشاكل الصحة بعيدًا عن زيادة الوزن، هناك بعض المعلومات (أجريت على الحيوانات) تشير إلى أن المحليات الصناعية قد تعرّض الشخص للإصابة بالسرطان، وأن هناك أشخاص يستجيبون استجابة ضعيفة تجاه بعض أنواع المحليات الصناعية، ومن أمثلة ذلك الشعور بالصداع بعد تناول الأسبارتام.

أما بالنسبة لمؤيدي فكرة أن “المحليات الصناعية آمنة” فيزعمون أنه لو كان هناك ضرر صحي، لكان واضحًا وجليًا لنا في هذه اللحظة بالنظر إلى أن هناك الملايين من الناس يتناولونها باستمرار. يبدو ذلك منطقيًا، هل توافق؟ مع ذلك لا ننفي أن هناك أضرار صحية محتملة قد تصاحب تناولها.

وكما هو الأمر مع كل شيء، يجب أن ننظر للفوائد ونقارنها بالأضرار. واعلم أن السمنة صافرة إنذار لموت مبكر، لذا أنصح كل شخص أن يبذل قصارى جهده (وبطريقة صحية) للحفاظ على جسم بنسبة دهون قليلة. على سبيل المثال، لو كان هناك رجل لديه قابلية للإصابة بالسمنة أو السكري، ووجد من خلال تجربته أن مشروب الدايت يساعده في التخفيف من تناول السكريات ويكبح رغبته الشديدة في تناول الحلويات بأنواعها ويسمح له بالحفاظ على وزن جسم مناسب، فإن الفوائد هنا قد تغلب المخاطر، لكن إذا كان تناول مشروبات الدايت سيقوده إلى الأكل بشراهة، فإن المخاطر بالتأكيد ستغلب الفوائد ويجب عليه حينها أن يحد من تناول تلك المشروبات وأن يبعدها من نظامه الغذائي.

كيف أتوقف عن تناول مشروبات الدايت؟

إذا كانت مشروبات الدايت تجعلك تأكل بشراهة وتفتح شهيتك للحلويات، أو كنت تستجيب لها بشكل سيء فإن إخراجها من نظامك الغذائي أمر حتمي. ومن الحلول المقترحة لذلك: استبدال المشروبات الغازية بعصير الليمون، فهذا الحل نجح مع عدد كبير من الناس.

وأما للآخرين، فالأفضل أن يتم تجنبها تدريجيًا، ومن الحلول المتبعة أيضًا الانقطاع عن هذه المشروبات مرة واحدة دون تدريج، بالرغم من أن العديد من الناس لا يستطيعون الالتزام بهذا الحل خلال الأسابيع الأولى، وذلك لأنهم في مرحلة إعادة تهيئة أدمغتهم تجاه هذا الأمر.

وكما هو الحال دائمًا مع أمور التغذية والرياضة، يعود الأمر إليك في أن تجرب بنفسك لتعرف الطريقة الأنسب لك، ولكن ضع في بالك إن كان تناول مشروب الدايت (باعتدال) يساعدك على الحفاظ على وزن صحي ومناسب وعلى أن تعيش نمط حياة صحي مع تغذية سليمة وتمارين فعّالة، فإن تناوله ليس بالخطب الجلل، خصوصًا إن كان تركها سيجعلك تتجه لبديل قد يسبب لك زيادة في الوزن أو يلقي بك في شباك السمنة.

مترجم