في رحاب كتاب (زدني علمًا: خطوات على درب الفاعلية)
خبرات وتجارب ونصائح السلف كنوز لا بد أن نبحث عنها ونتعلم منها ما يفيدنا وما يتماشى مع العصر الذي نعيش فيه فربما نجد حلول مشاكلنا
add تابِعني remove_red_eye 35,716
يسطر الكاتب (د.أحمد البراء الأميري) في هذه الوريقات حديثًا أسماه “زناد الفكر”، وقد نقل كلامًا عن ابن القيم مفاده أن الإنسان لا يستطيع إماتة أو قطع كل خاطرة ترد عليه، وإنما يتمكن من قبول الحسن منها ودفع القبيح بتوفيق الله وقوة إيمانه وعقله، فالحياة من صنع أفكار المرء وكل امرئ هو حصيلة أفكاره، فمثلًا: لو أن إنسانًا افتقد السعادة وأراد أن يبحث عنها، فما عليه سوى أن يتصرف كما لو كان سعيدًا فيجني ثمرة السعادة.
إن تعليم الذكاء عند “ماتشادو” هو تعليم الفكر، كما يذكر الكاتب أن ثروة الشعب الياباني الوحيدة هي الإنسان، فاليابان تستورد كل شيء ومع ذلك فإنهم ينظرون إلى أن السر في نهضة اليابان يكمن في العقل والساعد الياباني حيث توصف اليابان بأنها بلد الجماعات ويتميزون بأنهم دقيقون وسريعون في التنفيذ رغم الوقت الطويل الذي يستغرقونه في صناعة القرار.
لقد جئنا إلى الحياة لنعيش ثم نموت لنعيش فلماذا لا نتعلم كيف نعيش؟
سؤال طرحه المؤلف ليبين أهمية الحياة بهدف وطموح، وليبين لجميع المربين والعلماء أن عليهم تعليم الجيل الناشئ هذه الروح وذلك عن طريق أن يعلِّموا أنفسهم هذا العلم، ثم أن يكونوا قدوة صالحة ثم بالحكمة والموعظة الحسنة.
إن شخصية المرء تعتمد بشكل أساسي على عادات معينة كما ذكر “ستيفن كوفي” في كتابه الشهير “العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية” فقال:
ازرع فكرة تحصد فعلًا، ازرع فعلًا تحصد عادة، ازرع عادة تحصد شخصية تحصد مصيرًا.
ثم انتقل في حديثه إلى ما يعتري الإنسان من خواطر تجاه واقع الحياة المؤلم، فيظن أن مثل بعض هذه الظواهر ظلم، كمثل وجود إعاقات أو موت شاب في ريعان شبابه أو بلوغ شيخ سِنًّا معمرة وهو لا يقوى على الحياة، فيعقب ويقول: إن على الإنسان الاستسلام والتسليم لله، ويقول لما خفي عنه علمه بأنه “لا يدرك الحكمة” لا أن يقول “هذا ظلم!” ففي ذلك احترامٌ لعقله القاصر عن الإحاطة بكل شيء.
لا يولد الإنسان قلقًا!
وفي مقالته عن “القلق وسبل الخلاص منه” بوصفه مرض العصر يقول: إن القلق لا يولد مع المرء لكن يولد معه استعدادٌ وراثي للانفعالات العصبية، ويبرز إذا تهيأت الأسباب البيئية له، كما أن بعض أنواع القلق يؤدي إلى أمراض جسدية كالقرحة والأكزيما الجلدية.
ثم ذكر شيئًا عن الزهد في مقالته التالية وأوجز بعض العبارات في نقاط نذكر منها:
- مقولة “الحسن البصري”: يا معشر الشباب عليكم بالآخرة فاطلبوها، فكثيرا رأينا من طلب الآخرة فأدركها مع الدنيا، وما رأينا أحدًا طلب الدنيا فأدرك الآخرة معها، ويقول “بشر بن الحارث”: ليس الزهد في الدنيا ترك الدنيا إنما الزهد أن تزهد في كل ما سوى الله عز وجل، هذا داوود وسليمان -عليهما السلام- قد ملكا الدنيا وكانا عند الله من الزاهدين.
- ثم تحدث عن “أهمية الوقت” ومما ذكره مقولة لأحد السلف يعظ ابنه: وافرغ من عمل يومك ولا تؤخره لغدك وأَكْثِرْ مباشرته بنفسك، فإن لغدٍ أمورًا وحوادث تلهيك عن عمل يومك الذي أخرّت، واعلم أن اليوم الذي مضى ذهب بما فيه فاذا أخرت عمله اجتمع عليك عمل يومين، وإذا أمضيت لكل يوم عمله أرحت بذلك نفسك وجمعت أمر سلطانك.
- ثم ذيل إحدى مقالاته بعبارتين ذكرهما المؤلف وهما تتعلقان بقصة “المؤامرة والترفيه” بأن نفي المؤامرة جهل وتضخيمها تبرير للكسل، والقائل بأن الترفيه لا ينطوي على أيّ سمة تعليمية إحدى أكبر خدع التاريخ.
ثم ذكر الكاتب أهمية دراسة التاريخ وشبهها بحالة السائق الذي لا يهمل النظر في المرآة ليشاهد ما وراءه كي يحسن التقدم إلى الأمام لكن عليه أن لا ينشغل كثيرًا بما خلفه فينسى ما هو فيه فتحدث كارثة، ثم يعقّب الكاتب على ذلك بقوله: إن حال معظم المسلمين اليوم كحال السائق الذي انشغل بالمرآة عن وضعه ومستقبله، حيث يرى المؤلف أن العلم والمعرفة إرث بشري ليس حكرًا على أحد، تتناوبه الشعوب والأمم، فمن الجهل أن نبقى نتغنى بالماضي ونقول: إن الغرب لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بسبب علم المسلمين.
وحَثَّ الكليات والمدارس على دراسة أسباب تفوق الأمم وأسباب تخلفنا وترك مناقشة الخلافات التي شجرت بين المذاهب الفكرية الغابرة التي لم يَعُد لها وجود حاليًا، وإنما أصبحت حكايا ورق في كتب التاريخ.
هذا غيض من فيض هذا الكتاب الجميل أنصح بمطالعته (الكتاب متوفر للتحميل) وإن كان الوقت لا يكفي لقراءته كاملا فلا بأس بأخذ نظرة على بعض مقالاته من العناوين التي تجذبك في فهرس آخر الكتاب. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
إليك أيضًا/
add تابِعني remove_red_eye 35,716
قراءة شيقة في كتاب "زدني علمًا" والكثير من الأمور الهامة التي يجب أن نعرفها عن الحياة
link https://ziid.net/?p=49466