التغييرُ حياة، تجدّد، نبض، وتطور، والتغيير حتمي حدوثه لذلك هو جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان بل حياة جميع المخلوقات، والكون بأسره يشترك في هذه النقطة. كما أنّ هناك آية عظيمة تصف التغيير عند قوله سبحانه وتعالى:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}
فاللَّه كل يوم في حالٍ جديد، ولا يمكن تخمين ما سيكون عليه حاله في اليوم التالي، ومن هذه الآية سنعرف أنّ التغيير هو سنّة من سنن الله في كونه، ومن لا يتغيّر فهو يخالف هذه السنّة الكونية، لأنّ التغيير مستمر دائم الحدوث، فلا تبقى الأشياء على حالها لفترة طويلة، وإلا لفسدت الأرض ومن عليها، وعندما نتمعن في الخلق سنجد بأنّ كل شيء يتغير ومن غير الممكن أن يبقى أي شيء على نفس الحال، فالأيام تتغير، والتواريخ تتبدل، وشكل القمر يتحوّل، والأشجار تتجدد وتعيد بناء نفسها، والإنسان يتغيّر، ويكبر وينضج في كل مراحل حياته، وأيضّا جلده يتجدّد ويتبدّل كل أسبوع، فإن ظلّت الأشياء كما هيَ لفسدت ولحكمت على نفسها بالموت والعدَم، فحتى الماء إن بقيَ في نفس مكانه لفسد وتغيّرت رائحته.
ولأنّ التغيير حتمي فلا بدّ من حدوثه سواءٌ كان ذلك بإرادتك أو بغير إرادتك، ويكون بإرادتك إن نويت التغيير بالفعل ووضعت لك خططًا وأهدافًا لتحقيق ذلك وهيّأت نفسك للتغيير القادم، وإن كان بغير إرادتك فهو حدث أو موقف سيأتي ليغيّرك إجبارًا، فقد خالفت سنةً كونيةً وهذا جزاؤك. إن لم ترد التغيير، سيأتي ما يُغيّرك رغمًا عنك.
التغيير يصنع الفرق
التغيير يصنع فارقًا كبيرًا في الحياة، فما أنت عليه الآن ليس كما أنت عليه قبل (٥) إلى (١٠) سنوات من الآن، والتغيير والتطوير المستمر هو ما جعلَك تقرأ هذه المقالة بإتقان بعد أن كنت لا تستطيع تركيب كلمتين فوق بعضهما، فالتغيير حوّلك من حال لا يعرف القراءة إلى حال أفضل وهو إتقانك للقراءة، وقِس هذا على ما شِئت. إذًا التغيير يتلخّص في تحويل واقعك الحالي إلى الأفضل دائمًا، وأنت من يحدّد ذلك، وإن كنت تريد معرفة ما إن كنت تسعى إلى التغيير والتطوير الدائم أم لا؛ اسأل نفسك هذه الأسئلة:
- هل هناك فرق بيني الآن وبين ما كنت عليه قبل شهرين؟
- هل أنا على نفس المرحلة منذ فترة طويلة ولم أتغير؟
- هل كل يوم أضيف شيئًا جديدًا لنفسي وللحياة؟
- هل أشعر بالتجدّد والحيوية والنشاط أم أنّ الخمول والملل هما الغالب؟
“إن لم تزد شيئًا على الدنيا فأنت زائد عليها” –مصطفى صادق الرافعي–
إنّ تكرار نفس الروتين في كل مرة هو أكبر عامل للكسل والملل والاكتئاب، عند عمل نفس الأفعال اليومية دون إضافة أي تغيير عليها لتطويرها أو إضفاء المتعة لها سيؤدي ذلك تدريجيًّا إلى انعدام لون الحياة، وسيقلّل الإنتاجية والنشاط والحيوية، كما أنّ الإنسان الخامل الذي لا يتغير للأفضل غير أنّه سيصاب بالملل والاكتئاب أيضًا ستشيخ خلاياه مبكرًا وكذلك عقله.
التغيير كعادة يومية
اتخاذك التغيير كعادة يومية سيضمَن تطورك المستمر، وسيجعلَك شخصًا نشيطًا مفعمًا بالحيوية والنضارة، وسيجدّد خلاياك وعقلك باستمرار بعكس الخامل الروتيني.
إنّ التغيير بشكل يومي أمرٌ ممتع وسيجعلك تفكر دومًا قبل نومك أو عند كتابتك لجدولك لليوم التالي عن ما الذي ستغيره في الغد وذلك كفيل وحده أن يُعطيك دفعة حماس قوية لبدء يومك التالي، وأيضًا سيجعل فقرة كتابة جدولك هيَ فقرتك المفضلة التي من خلالها ستبحث عن تغيير جديد تضيفه في حياتك ليجعلَها أفضل. والأمر ليس بتلك الصعوبة التي تظنها، فالتغيير يأتي من أبسط أمورك اليومية ومن الممكن أن ينتقل بعدها إلى تغيير في أمور حياتك الأكبر مع الاستمرارية.
وليكون التغيير عادتك اليومية سأضع لك كمًّا من الأمثلة هنا كي تساعدك على ممارسة التغيير والتطوير المستمر، ولتشعُر بأنّك إنسان حي نابض بالحياة على الدوام، وساعٍ للتغيير مطبقٌ سنّة الله في كونه..
- غيّر طريقة حديثك مع نفسك.
- غيّر تعاملك مع الآخرين ليكون أفضل مما كان.
- غيّر قناعاتك وأفكارك السلبية (كقناعة أنّ التغيير صعب مثلًا).
- طوّر طريقتك في قيادة السيارة.
- اكتب ونظّف أسنانك مستخدمًا يدك اليسرى إن كنت تستخدم اليمنى دائمًا والعكس إن كنت أعسرًا.
- غيِّر وضعية نومك المعتادة ونَم في الجهة المقابلة.
- بدّل أماكن أثاث غرفتك أو بيتك.
- غيّر الشركة التي دائما ما تشتري منها أجهزتك.
- جرّب نمط ملابس مختلفة عن السابق.
- اسمع لأصوات وأغانٍ غير التي تسمعها دائمًا.
جرّب شيئًا جديدًا في كل مرة
الوقت المناسب للتغيير
إن كان هناك وقت للتغيير والتطوير فهو الآن، فليس له وقت أو مدة محددة، بل هو في كل وقت ومستمر للأبد، لذلك إن لم تقرر أن تتغير بعد أو أن تتخذ عادة التغيير كبداية انطلاقة لعالم التغيير والتطوير المستمر فابدأ من الآن، وتذكّر هذه العبارة دائمًا (إن لم تتغيّر ستُغيّر) إن لم تتغير بإرادتك فسوف تُغير رغمًا عن إرادتك، ابدأ بالتغيير وسوف ترى الحياة بألوانها المبهجة تضيء حياتك كل يوم، وستجد شعورك بالحياة والتجدد في ازدياد، والأهم أنك ستسعَى كل يوم لتجرّب شيئًا جديدًا ولتذوق اختلافًا آخر، ومع كل تغيّر جديد إضافة روح وحياة جديدة تخيم على خلاياك وعقلك لتشرق وتبتهج.
ابدأ بتكوين عادتك الجديدة المستمرة بتغيير طريقة حملك للهاتف وأنت تقرأ الآن.
إليك أيضًا:
تاريخ النشر: الجمعة، 20 نوفمبر 2020
مقال يساعدك في تغيير عاداتك وتغيير نفسك وحياتك
link https://ziid.net/?p=75630