[سلسلة] من تجربتي الذاتية: 5 خطوات فقط لتترك العادات السيئة وتستبدلها بأخرى
العادات هي من تحدد شخصيتك.. فأحسن اختيارها لأنها ستحدد مصيرك ومستقبلك
add تابِعني remove_red_eye 29,800
لا يوجد إنسان على وجه الأرض لم تترك فيه الحياة لمستها الشيطانية فانجرف وراء عادات سيئة من أجل الهروب وعدم مواجهة الواقع القاسي؛ فأحدهم لجأ للتدخين للحد من الضغوط والأعباء التي أثقلت كاهله، والأخر اتجه للإدمان بسبب فشله في تحقيق ما يريد، وأخرى ذهبت لعالم موازٍ فدفنت نفسها في عزلة بعيدة كل البعد عن عالمها الحقيقي، وتلك الأخيرة هي أنا.
فكلما أرهقتني الحياة وغلبني الاستياء كلما ذهبت لغرفتي وأغلقت الأضواء وبدأت في العيش مع شخصيات العالم الموازي الذي خلقته لنفسي، فتارة أشاهد دراما صينية وتارة كورية مع حلقة تركية، وهكذا حتى أجد نفسي وقد تشبعت تقريبا بثقافات (4) دول على الأقل؛ لكن في النهاية ماذا استفدت من تلك العزلة ومن هذا العالم الموازي؟ لا شيء.. النتيجة صفر، لم أستفيد أي شيء علي الإطلاق سوى التعرف على طباع وعادات وتقاليد تلك المجتمعات!
وهنا قررت أن أكتب لكم مقالة اليوم؛ فعلى الرغم من أن تلك العادة ليست سيئة مقارنةً بالعادات البشعة الأخرى إلا أنها تعتبر عادة أولًا وأخيرًا؛ لذا دعونا نبدأ سريعًا في التعرف على كيف نتخلص من عاداتنا السيئة.
1- استعن بالله
لا نستطيع أن ننكر أن من نواميس الكون أن الطاقة الروحية بداخلنا قادرة بشكل إعجازي على تحويلنا من شخصية لشخصية أخرى تمامًا، ومن خبرتي على مدار الربع قرن الماضي أدركت أن كل شيء أريده لن أستطيع تحقيقه إلا بطلب العون من الله أولًا ثم الأخذ بالأسباب، وهنا أود أن أخبرك عزيزي القارئ أن درجة قربك من الله لا تتعارض أبدًا مع دعائك له؛ لأن رب العزة أخبرنا في أحاديثه القدسية
إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة”، وقال أيضًا: “أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإنْ ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرْتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُ.
وتلك أول خطوة قمت بها لكسر عادتي السيئة؛ فكلما شعرت أن طاقتي الإيجابية تراجعت أو على وشك الدخول في عزلة كلما اخترعت طرقًا جديدة للتقرب لله، ومع الوقت واظبت على حفظ القرآن وقيام الليل..إلخ، وهذا هو السر الأول؛ فإذا أردت شيئًا ما عليك أولًا أن تترك ما بيدك وتتوضأ وتصلي ركعتين وتدعو الله بنية خالصة أن يعينك على التغيير للأفضل، وثق في الله وتأكد أنه سيعينك، أنت فقط ردد هذا الدعاء “اللهم ارزقني حسن الظن بك وصدق التوكل عليك”.
2- اقتل الفراغ
أتدرون متى بالتحديد بدأت في عادة الدخول لقوقعة العالم الموازي؟ منذ تركت عملي في (2017م) وبدأت في التركيز على الكتابة في المنزل. فخلال السنوات الثلاثة الماضية لم أغادر مكتبي في البيت إلا مرات معدودة، إما من أجل تصوير سيشن أو حلقة مع نيرمين على ضفاف النيل، أو من أجل الفحوصات الدورية في المستشفى، خلاف ذلك لم أكن أهوى الخروج من بيتي حتى لدخول السينما والاحتفال برأس السنة مع أصدقائي.
وقتها كنت أمضي ما يقرب من (6) إلى (8) ساعات أمام الورقة والقلم وبرنامج الوورد إلا أن كل هذا لم يقتل الفراغ في الساعات العشر المتبقية؛ ولهذا السبب اقتنعت أن الفراغ هو أكبر عدو لبني البشر ولذلك قررت أن ابدأ في شيء جديد كل يوم واشتركت في كورسات أونلاين وبدأت في تأليف أكثر من رواية في الوقت ذاته، حتى سباق الخمسين اشتركت فيه من أجل إلزام نفسي بجدول محدد، وتلك كانت خطوتي الثانية لإبعاد نفسي عن عالمي الموازي، قمت بعملية إحلال وتبديل.
3- أوجد شيئًا تحبه
وهنا سنتحدث عن أهم مرحلة، كيف تقوم بعملية إحلال وتبديل لقتل الفراغ. من البديهي أن تختار عادة جديدة ومفيدة لوضعها محل العادة السيئة؛ فلا منطق أبدًا في البدء بعادة سيئة للتخلص من عادة أسوأ، هنا أفضل شيء ستفعله -على الأقل لتشجيعك على ترك تلك العادة السيئة- هو أن تفعل أشياء تحبها، أنا عن نفسي -كما أخبرتكم- بدأت في التركيز أكثر على الكتابة والتأليف وشراء الكتب ومتابعة مواقع الإدارة والقيادة على الإنترنت.
وأنت أيضًا من المؤكد أن هناك أشياء مفيدة تحب القيام بها، اذهب مثلًا في جولة بسيارتك، اذهبي لتعلم العزف على آلة موسيقية جديدة، اشتركوا في أي نشاط اجتماعي أو حتى تطوعوا في أي جمعية خيرية، ابحثوا عن أشياء تحبونها وستجدون أنفسكم مع الوقت تتركون تلك العادة السيئة تمامًا.
4- تمرن لمدة 21 يوم على العادات الجديدة
بالنسبة لي العادة الجديدة تصبح من العادات القديمة والسلوكيات التي اعتدت عليها إذا مر على ممارستها (3) أسابيع، لا أتذكر بالتحديد أين قرأت تلك القاعدة؛ لكني مقتنعة تمامًا بفاعليتها لأني جربتها أكثر من مرة، فمؤخرًا قررت قراءة سورة البقرة يوميًّا، وبعد مرور (21) يومًا أدركت أن سورة البقرة أصبحت من روتيني اليومي؛ فإذا مضي وقت قراءتها جلست لسماعها لمدة ساعتين بصوت مشاري، وموعد نومي أيضًا لم يبرمج على ساعة بيولوجية محددة إلا بعد تكرار هذا الموعد لمدة (3) أسابيع، وهذا هو السر الثاني؛ فإذا أردت أن تغير عادة وتبدأ أخرى عليك أن تضع جدولًا وتقوم بوضع إشارات حمراء على العادة التي تركتها وإشارات خضراء توضح التزامك بالعادة الجديدة.
5- كافئ نفسك
مكافأة النفس من أكثر مصادر التحفيز الذاتي فاعلية؛ فمثلًا ضع لنفسك قائمة من الأشياء التي تحبها وحقق بنود تلك القائمة عقب مرور شهر على تخليك عن العادات السيئة، أنا عن نفسي كتبت قائمة مكونه من (50) سطرًا، كل سطر فيه سأنفذه لمدة (50) يومًا إذا فزت بسباق الخمسين؛ فمثلًا سأقضي يومًا في دار أيتام وسألعب حتى المساء بالأحجية مع الأطفال، وسأذهب لمستشفى (57357) وسألعب معهم بألعاب الفيديو وبالمكعبات، وسأزور الأهرامات مجددًا وسأركب على الكاريتة، وسأعيد ذكريات اليوم الذي حدثتكم عنه في مقالة (السياحة في مصر).
وسأجلس على النيل في ليلة قمرها بدر، وبالطبع سأذهب لسور الأزبكية وكل مكاتب الفجالة وسأشتري كل روايات الرعب والتحقيقات وكتب الإدارة والقيادة ومجلات ميكي وبطوط وكل أنواع الأقلام والدفاتر والأجندات والأدوات المكتبية من هناك، ذكروني أن أحدثكم عن الخمسين عنصر في مقالة مستقلة إذا ما أسعدني القدر وفزت بالسباق.
الخلاصة هي كالتالي، لا يوجد شيء على وجه الأرض غير قابل للتغير؛ لأن التغيير ببساطة هو الشيء الوحيد الثابت في الكون؛ فلا تضيع سنوات عمرك الذهبية من أجل شهوة لحظية، أنا عن نفسي جربت وكنت سعيدة جدًّا بعزلتي عن العالم ومتابعة شخصيات وأحداث لم يكونوا سوى شخصيات مكتوب حواراتها ومشاعرها على الورق؛ لكني اكتشفت أني أصبحت أكثر فاعلية حينما بدأت في تأليف رواياتي، حينها أمست كل الدراما في العالم أجمع مملة لأني ببساطة شعرت أن كتابة ما أريد أفضل بكثير من متابعة أعمال كتابها غيري، وأنت كذلك عزيزي القارئ ستجد نفسك مع عادات تحبها قريبًا جدًّا.. أنت فقط استعن بالله واكتشف أشياء جديدة تهوى ممارستها ولا تنسى أن تكافئ نفسك بعد ممارسة عاداتك الجديدة لمدة (3) أسابيع.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 29,800
تجربتي الملهمة في التخلص من العادات السيئة
link https://ziid.net/?p=70851