تأثير التجارة الإلكترونية على قطاع السياحة الرقمية

يتيح الإنترنت اليوم إمكانية اتِّصال الفرد بشبكة هائلة من الخيارات في كل أنحاء العالم، ومع تقدم التقنية أصبح الوصول لكل هذه الخيارات متاحًا وبقدر كبير من الرفاهية والتكامل. تبرز هنا السياحة الرقمية بوصفها قطاعًا هائلًا يمكّن الفرد من السفر والتجوال بمساعدة التقنية كعامل محرّك في عمل هذا القطاع.

كيف ترتبط التجارة الإلكترونية بالسياحة الرقمية؟

تلعب التجارة الإلكترونية دورًا فعَّالًا لدى مقدمي الخدمة والمستفيدين، سواء في إنشاء المعاملات، أو عرض الخدمات، أو تجربة السفر، أو خدمات ما بعد السفر، أو الخيارات المتاحة للمسافرين. وقد تعتمد تجربة المسافر بشكل كامل من بداية السفر حتى نهايته على الخدمات التي تتيحها التقنية الإلكترونية.

دور التجارة الإلكترونية في السياحة الرقمية

تمكّن السياحة الرقمية المسافرين من خوض نوع مختلف من التجربة السياحية. تتنوع الخدمات السياحية المتاحة عبر التجارة الإلكترونية لتشمل مواقع السفر لحجز الرحلات، وتقديم اقتراحات لأماكن الإقامة، وتطبيقات تعمل بمثابة مرشد سياحي. كما أنها توفر إمكانيات هائلة لقطاع الأعمال في الوصول للعملاء، معرفة اهتماماتهم، وتوفير أفضل خدمة ممكنة لهم.

نستعرض هنا تأثير التجارة الإلكترونية على قطاع السياحة الرقمية:

1. مواقع الحجوزات

لم يعد مطلوبًا من المسافر الذهاب إلى مكاتب السياحة لحجز تذاكر السفر أو الإقامة، فقد أصبح من المتاح حجزها عبر الإنترنت واستعراض قائمة من العروض والخيارات المناسبة له ولميزانيته. كما يقوم بالاطلاع على التوصيات والمراجعات على مواقع مثل TripAdvisor وOrbitz وExpedia، أو المواقع الأخرى التي تتيح للمسافرين مقارنة الأسعار وحجز الرحلات الجوية والفنادق مثل Google Flights وBooking.com وPriceline.com وHotels.com.

2. التنقّل وخدمات GPS

اعتاد السائح في السابق الحصول على مرشدين سياحيين، خاصة عند زيارته الأولى للوجهة السياحية، لكن بات بإمكانه الآن معرفة الوجهات التي يريد الذهاب إليها وكيفية الوصول لها عبر خدمات المواقع والسفر. خدمات مشابهة تقوم بدراسة اهتمامات السائح واختياراته عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث تقوم باقتراح وجهات محددة بناء على هذه المعلومات.

3. سوق عالمي إضافي

لا ينحصر استهداف العملاء في قطاع السياحة الرقمية على مناطق أو مدن معينة، بل امتدَّ ليشمل شبكة عالمية أوسع، والاستفادة من قطاعات أخرى لتحسين تجربة العملاء. يشمل هذا قطاعات الفنادق، المطاعم، حجوزات السيارات إلخ.. كما أن المطورين التقنيين يعملون بشكل متواصل على تطوير أنظمة تعزز من القطاع السياحي. مما يعني أن قطاع السياحة الرقمية يعد قطاعًا مترابطًا مع العديد من موفّري الخدمة في القطاعات الأخرى؛ مما يتيح لأصحاب الأعمال السياحية الاستفادة من هذا التكامل.

4. إمكانية وصول سهلة

أتاحت التجارة الإلكترونية قدرًا كبيرًا من المعرفة لمقدمي الخدمة مما يساعدهم على التخطيط ووضع الاستراتيجيات المناسبة بناء على المعلومات المتوفرة عن قطاعات السياحة والأعمال الأخرى.

توافر قواعد بيانات ضخمة على الإنترنت يهيئ للمستثمرين ورجال الأعمال الغوص العميق في معرفة جوانب العمل قبل اتّخاذ قراراتهم، كما أنه يفتح الأفق للرياديين في معرفة احتياجات الأسواق والقطاعات السياحية.

تطبيقات السياحة الرقمية وتجربة المسافر

توفّر قطاعات التجارة الإلكترونية احتياجات المسافر الرقمية مثل: تتبع الرحلات، وجولات السياحة الافتراضية، وتحليل وتصميم حلول السفر، وخيارات الإقامة الذكية. كما يمكننا أخذ صورة عامة عن المميزات التي يتيحها الفضاء الرقمي في قطاع السياحة عبر عدّة أقسام:

1. الاقتراحات

تتميز الأنظمة الذكية بتسهيل اتّخاذ للمسافر للقرارات بناء على احتياجاته وما يتعلق بحدود ميزانيته، يتم معرفة هذا من قبل العميل مباشرة بالعادة، لكن في حالات أخرى كثيرة تقوم هذه الأنظمة بجمع معلومات عن المسافر تخص المواقع التي يذهب إليها، النشاطات، المشتريات، أماكن الإقامة، وتكوّن منها مخرجات تلائمه مستقبلًا. هذه التجربة التي يتم جعلها شخصية من أجل العميل تقلل من الوقت الذي قد يقضيه بحثًا عن الأماكن والنشاطات التي يريد تأديتها.

تشمل الاقتراحات: المطاعم، والأنشطة الترفيهية، وأماكن والإقامة، ورحلات الطيران، والوجهات المحتملة، وأماكن الشراء، وما إلى ذلك.

2. مرونة التجوال

يتوقع المسافرون الوصول إلى الخدمات والمعلومات بكل سهولة في أي وقت قد يحتاجون إليها. فالعديد من موفريّ الخدمة يتيحون للمسافر إمكانية معرفة شركات الطيران، والفنادق، والمطاعم، والمواصلات، وأدلة المدن، وحركة المرور، والظروف الجوية وغيرها من الخدمات في مكان واحد.

كما أن سهولة الحجز والعثور على مواقع إقامة متعددة تشمل جميع الخيارات التي قد يحتاج إليها المسافر تمثّل حاجة قصوى له، مما يعني أن على قطاعات السياحة العمل على فلترة جميع الاحتماليات المتاحة بكفاءة عالية.

3. التفاعل الثقافي والترفيهي

ليست التجارة الإلكترونية مجموعة من الأعمال فقط بل هي أيضًا وسيلة للفضول لإنشاء مجتمعات أو الحصول على المتعة، فالمنتج السياحي له علاقة بالتجارب العاطفية (Werthner 2001).

هناك العديد من التجارب الثقافية المخصصة للسياح للتعرف على الشعوب الأخرى وخوض عملية قريبة من الآخر تمثّل الانفتاح الهائل الذي أتاحته السياحة الرقمية، فيستطيع المسافرون الانخراط بسكّان الأماكن التي يذهبون إليها ومشاركتهم حياتهم اليومية.

من التجليّات الثقافية في العملية السياحية صنع شخصيات تمثّل طبيعة البلدان الثقافية ويتم تقديم البلد للسياح عبرها، مثل شخصية “لعيب” الافتراضية في مونديال قطر 2022م وهي شخصية مرحة من أجل الترحيب بزوار كأس العالم.

كما يمكن للمسافر أيضًا إثراء تجربته السياحية عبر Backpackr وNearify وCouchsurfing وMeetup، وهي تطبيقات تمكّنه من التعرف والالتقاء بمسافرين آخرين خلال سفره والقيام بأنشطة اجتماعية تلائم اهتماماته.

4. المعاملات المالية والصرف

كون المسافرين يأتون من بلدان مختلفة، فإن عملية صرف الأموال قد تكون عاملًا مؤرقًا للعديد منهم. لكن مع تعدد خيارات الدفع مثل الفيزا، وماسترد كارد، فإن العديد من الناس يلجؤون إليها. كما أن الخدمات المالية عبر الإنترنت ومعرفة أسعار الصرف تجعل المسافرين دومًا على اطِّلاع بما يخص معاملاتهم المالية.

5. الوسيط اللغوي

تعد اللغة عقبة للعديد ممن يذهبون في رحلات إلى بلدان تختلف فيها لغة الأم عن موطنهم؛ مما يصعّب عليهم التعامل مع الناس وإتمام الخدمات في الأماكن العامة والقطارات. لكن الأدوات والأجهزة الجديدة التي تقوم بمهمة الترجمة الفورية يسّرت للسيّاح عملية التواصل مع مواطني الدول الأخرى والمتحدثين بلغات أخرى. تمتد حلول الترجمة في التعرف على ثقافة البلد الآخر، وغيرها من التعاملات التي تشكل فيها اللغة حاجزًا.

رؤية 2030 والسياحة الرقمية

من أكثر الجوانب التي تركّز عليها المملكة في رؤية 2030 هي الانفتاح على دول العالم والثقافات الأخرى، ويعد تطوير قطاع السياحة الرقمية من أبرز الأهداف في هذا الصدد لكي تصبح المملكة رائدة في قطاع السياحة ومن أهم الوجهات السياحية في العالم.

مما يعد بالغ الأهمية في قطاع السياحة بالمملكة هو أن تكون إجراءات السفر تعمل ضمن لوائح تنظيمية ذكية من أجل السيّاح. وتضم الاستراتيجية الرقمية خطة عمل خلال الثلاث سنوات القادمة تتضمن 9 برامج و31 مبادرة في تطوير بيئة عمل ذكية تمثّل داعمًا للتحول الرقمي في القطاع.

أهداف الاستراتيجية الرقمية

تتمثل أهداف الاستراتيجية الرقمية في:

• السفر السلس: تسهيل إجراءات السفر عبر الحلول الرقمية.
• سهولة ممارسة الأعمال: منصات موحدة تربط مقدمي الخدمات السياحية.
• الابتكار: تيسير للمبتكرين في القطاع التقني تجارب وبيئة تفاعلية لتقديم حلول للسياحة الرقمية.
• السفر الرقمي: عبر تعزيز تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
• تشجيع الاستدامة: دعم السياح على الممارسات الصديقة للبيئة ومكافأتهم.
• صناعة القرارات المدروسة: صنع حلول تسمح بجمع البيانات وتحليلها.
• القوى العاملية الرقمية الاحترافية: بناء جيل من المحترفين ورواد الأعمال في قطاع السياحة.
• جذب المستثمرين: استقطاب مستثمرين في قطاع السياحة الرقمية.
• كما تشمل هذه الأهداف زيادة الطلب على الخدمات السياحية في المملكة.

الاقتصاد الرقمي والسياحة

شهدت السياحة نموًّا وتنوعًا بشكل مستمرّ على مدى العقود الستة الماضية، لتصبح واحدة من أكبر وأسرع القطاعات الاقتصادية نموا في العالم. مع مرور الوقت استثمرت العديد من الوجهات في تنمية السياحة وتحويل السياحة الحديثة والرقمية إلى محرك رئيسي للتقدم الاجتماعي والاقتصادي.

تحتل السياحة المرتبة الرابعة دوليًّا من ناحية الدخل بعد الوقود والكيماويات والسيارات. وبالنسبة للعديد من البلدان النامية، فهي أحد مصادر الدخل الرئيسة وأهم الصادرات لخلق فرص العمل.

تهدف المملكة بحلول عام 2030م إلى رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي إلى أن يكون أعلى من 10%، وتوفير أكبر عدد ممكن من الفرص الوظيفية في القطاع.

إليك أيضًا

• ميزة التحقق من العنوان وأهميتها في موقع التجارة الإلكترونية
• أهمية تقنية الحوسبة السحابية في موقع التجارة الإلكترونية وأسباب استخدامها
• لماذا أحتاج لمبرمج في مشروع التجارة الإلكترونية؟