للكُّتاب: خدعة اسمها الموهبة

يفتتح محمد أبو زيد أول فصول كتابه (الأرنب خارج القبعة) بسبع نصائح لتصبح كاتبًا فاشلًا أول هذه النصائح هي أن تكتف بالموهبة،

(إذا أردت أن تصبح كاتبًا فاشلًا -ولديك الموهبة- فلا تفعل شيئًا، اكتف بالجلوس على المقاهي وتصفح الفيسبوك وقُل للقاصي والدَّاني: أنا موهوب. املأ الدنيا صراخًا بأنك أكثر أبناء جيلك موهبةً، لأنك بعد سنوات ستملؤها صراخًا بأنك قد ظُلمت ولم يلتفت أحد لموهبتك، دون أن تضيف أنك لم تفعل شيئًا لتلك الموهبة وأن تصقلها بالقراءة أو الاهتمام أو التطوير).

بالطبع تلك هي أول خطوات الفشل، وليس الفشل فحسب بل خسارة موهبتك التي لديك بالفعل، لا نقصد هنا أولئك الذين لا يمتلكون موهبة أصلًا ويريدون الكتابة لأغراض أخرى غيرها.

الموهبة: العرابة السحرية التي لن تحقق أمنياتك

فالموهبة وحدها لا تكفي في الكتابة، بل لا تكفي للوصول بأي فعل كان إلى مستوى جيد، فأولًا تأتي الموهبة، ثانيًا تأتي الممارسة، ثالثًا يأتي التعلم، بل إن التعلم والممارسة كافيان لإتقان الفعل والوصول إلى مستوى عال، بدون موهبة.

إن كل ما تفعله الموهبة هي توجيهك للطريق، أو إضفاء روح مميزة ومختلفة على نصوصك فقط. وكم كررت على أسماعنا قصة الأرنب الكسول والسلحفاة المثابرة، هنا يكمن الفرق، فقد تملك موهبة عظيمة لكنها تضيع، لأنك لم تصقلها بما يلزمها.

العبقرية ليست هبة من السماء أو وحي، العبقرية عمل وعمل شاق أيضًا يقول المخترع “توماس اديسون” (العبقرية 1% من الإلهام ، و 99% من العَرَق).

لا تعتقد أن الكتاب الكبار الذين أبهرونا ذوو عبقرية فذّة، أو أفكار قادمة من العالم الخارجي، أو أن الله خصَّهم بشيء لم يأتِ إلى سواهم ولكنه الجهد، فالأديب العالمي “نجيب محفوظ” كان يكتب كل يوم، وكذلك الشاعر “محمود درويش” والذي روي أنه كان يراجع كل يومٍ من معجم لسان العرب، هناك أيضًا الكاتب العالمي “ستيفن كينج” الذي قرأت مرة أنه يكتب عشر صفحات يوميًّا، كما أن الكاتب “كازوو إيشيغورو” الحائز على جائزة نوبل للعام (2017م)، انقطع عن كل شيء لمدة أربعة أسابيع للعمل على روايته (بقايا اليوم)، فهل تظن أن رَبَّة الإلهام والموهبة ستتنزل عليك لتعطيك أبهى الروايات دون جُهْد؟

• كيف تتخلص من شلل الكتابة في خطوات بسيطة؟
• كيف أكسب المال من كتاباتي : مواقع تسمح لك بتحقيق دخل من الكتابة

عملية تعلم الكتابة

كيف لا نجعل الموهبة تخدعنا، أو كيف لا نَرْكَن إلى الفشل؟ ولهذا أنقل لكم تجربتي الشخصية ومجمل ما تعلمته منذ قررت تعلم الكتابة، كيف يمكنني أن أتعلم الكتابة؟

التعلم بالتجربة

التعلم بالتجربة أو بالممارسة أو التعلم الذاتي هو الكتابة يومًا بعد يوم، الكتابة كلما أتيحت لي الفرصة أن أكتب، أن ألتزم قدر الإمكان بروتين دائم، أن أدخل الكتابة بشكلٍ ما إلى يومي، أو حتى أختلس لها بعض الوقت عنوة، المهم هو أن لا يمر يوم دون أن أكتب، لا يشترط أن أكتب كل يوم عدد كلمات معينٍ، المهم هو أن أبقى مع الصياغة في اتصال دائم لا ينقطع، المهم هو أن أبقى قادرة على الحَكْي، فقد أكتب جملة، أو أكتب نص، أو قصة، (15) كلمة، أو (1000) كلمة لا يهم، المهم هو الكتابة. ولا تتوقع أن يتحسن مستواك بين يومٍ وليلة، الأمر سيحتاج للكثير من الوقت.

تقول الكاتبة الأمريكية الشهيرة “سو غرافتون”: (لا توجد أسرار، وليس هناك طرق مختصرة. الأشياء التي عليك معرفتها بصفتك كاتبًا طموحًا هي أن تعلم الكتابة تأتي عن طريق التعلم الذاتي. وإتقان الكتابة يحتاج لسنوات).

• تساؤلات في الكتابة ودخول إلى عقل الكاتب
• كيف تصبح أفضل بالكتابة؟ 7 أمور أعطتني إياها الكتابة

 التعلم بالقراءة

تقول الكاتبة “سوزان أورلين”:

(يجب أن تقرأ بقدر ما تستطيع، تلك هي أفضل طريقة لتتعلم كيف تكتب)

فإذا كنت لا تحب القراءة أو لا تضعها على قائمة أولوياتك، فلماذا تفكر بالكتابة إذًا؟ يجدر بك البحث عن عمل أخر!

لا يهمّ نوع ما تقرأ اقرأ أي نوع تفضله أي نوع تحب قراءته سيفيدك بالطبع، اقرأ الحديث والقديم، إنها تفيدك في معرفة طريقة السرد، أو إمدادك بالأفكار كما أنها ستبني ثقافتك بنفسك، لكن لا بد أن تحافظ على التنوع وأن ترجع للكتابات القديمة تلك التي تكون كعلامات فارقة في تاريخ الأدب، لتنهل من بحارها وتغترف منها، لا يمكنك الاعتماد بالكلية على الكُتّاب المعاصرين لك فحسب، كما أنك إذا أردت التخصص في نوع ما مثل الروايات البوليسية مثلًا، فعليك بأن تعطيها وقتًا أكثر من غيرها.

كما تنصح الكاتبة الأمريكية “جينيفر إيغان” المُقْبِلين على الكتابة قائلة:

(اقرأ كُتبًا من المستوى الذي ترغب بكتابته، القراءة هي قوت الكتابة، إذًا كان ما تحب قراءته من مستوى (ب)، ربما سيصعب عليك أن تكتب في مستوى (أ)).

التعلم عن طريق التعلم

ليست أحجية، فهو تعلم عن طريق التعلم، أو دراسة الكتابة، وهو سهل وفي المتناول وهو عن طريق الكتب وتلك قائمة لك بأهم الكتب التي قد تفيدك في تلك العملية:

 “بين صوتين“

كتاب للكاتبة “بثينة العيسى” يتحدث عن فنيّات الحوار الروائي، ويعلمك أصوله بسهولة ويُسر شديدَيْنِ، حينما تخرج من ذلك الكتاب ستكون قادرًا على الاستغناء عن الكثير من الحشو الحواري بلا فائدة.

الزن في فن الكتابة

كتاب “راي برادبيري” مؤلف الرواية الشهيرة “فهرنهايت (451)“، وهو من أمتع الكتب التي قد تقرؤها في تعلم الكتابة، إنه يرصد تجربة الكاتب وخبراته في خلال أربعين عامًا، لا يقدم لك المعرفة عن طريق أفعل ولا تفعل، بل يأخذ بيديك في أسلوب مقالي شيق فلا تشعر إلا وأنت تغلقه بعد أن استفدت منه، أبرز النصائح التي يقدمها هو أن تكون نفسك وأن لا تضع أمامك السوق والنخبة وكل تلك الأشياء، وأن تمارس الكتابة كعملية متعة ولهو

أدوات الكتابة

في الكتاب (49) إستراتيجية هامة جدًّا لأي كاتب، إنه ليس ذلك النوع من الكتب الذي ينتهي في جلسة واحة أو اثنتين ولا عشر، أنه رفيق رحلة قد تمتد إلى أشهر فأفضل استفادة قد تجنيها هي أن تقرأ الإستراتيجيات وتفهمها وتقوم بتطبيقها، الأمر ممتع جدًّا يمكنك مكافأة نفسك حينما تنتهي منه، وأخبرك أن أكبر وأجمل مكافأة هي تطور أسلوبك بعد الانتهاء منه.

• عدة عوامل تعينك على الكتابة بنفس الحماسة 
• تجربتي في الكتابة: كم مرة تراجع كتاباتك قبل نشرها؟

 أكثر (38) خطأ في الكتابة القصصية وكيف يمكن تحاشيها

يرصد هذا الكتاب (38) خطأ من الأخطاء التي نقع فيها أثناء كتابة القصص، ثم ينهي الفصل بالنصائح التي تُمكِّننا من أن نبتعد عن الوقوع في ذلك الخطأ مرة أخرى.

الحكاية وما فيها

كتاب للكاتب المصري “محمد عبد النبي” والذي قام بكتابة بعد ورشة الكتابة الإبداعية في عام (2009م) والتي كانت بنفس الاسم، الكتاب مفيد جدًّا يأخذ بيديك خطوة خطوة، أكثر الفصول التي أحبها والتي أفادتني في الكتابة هو تمرين الكتابة الحرة، فهو التمرين الذي ألجأ إليه حينما أشعر أنني لا أجد ما أقول.

كما يقول “محمد عبد النبي” في كتابه: (الكتابة لُعبةٌ مُمتعة، ولكن يجب مُمارستها بمنتهى الجدية) فالكتابة في نفسها متعة لا تضاهيها متعة ولكن ما يجب أن نعرفه جيدًا، أننا إذَا أردنا الاحتراف فلا يمكننا الاعتماد على المتعة فقط، بل يجب علينا الممارسة والتعلم.