عقلنا ليس مصممًا لهذا النوع من عدم اليقين
معرفة ما يؤديه عقلك جيدًا، وما يفعله بشكل سيئ بشكل مدهش، يمكن أن يمنحك إحساسًا أوضح بكثير بالإستراتيجيات التي تحتاجها
add تابِعني remove_red_eye 91,100
قبل الوباء، كان عالم العمل -بالنسبة لمعظمنا- يمر بتغيير سريع لا يرحم: تغييرات في تفضيلات العملاء، وتوقعات العملاء والموظفين، والمزايا التنافسية. ثم نجح كوفيد-19 في قلب الأشياء القليلة التي بدت بديهية نسبيًّا رأسًا على عقب، مثل المكاتب التي قضينا فيها ساعات العمل، وكيفية تعاوننا مع الزملاء، وغيرها.
اليوم، يحاول قادة الأعمال عبر الصناعات بجديّة اكتشاف ما يجب أن يبدو عليه “الوضع الطبيعي الجديد”، والذي يبدو أنه يتغير باستمرار قبل أن يشعروا.
للبقاء متحمسين بما أننا نواجه مستويات غير مسبوقة من عدم اليقين في كل جانب من جوانب حياتنا، يجب علينا فهم أن الدماغ البشري ببساطة لم يُصمم للتعامل مع هذه الوتيرة من التغيير. إن معرفة ما يؤديه عقلك جيدًا -وما يفعله بشكل سيئ بشكل مدهش- يمكن أن يمنحك إحساسًا أوضح بكثير بالإستراتيجيات التي تحتاجها ليس للصمود فحسب، بل لتزدهر.
على مدار قرون طويلة من تاريخ البشرية، كنا صيادين–جامعين للطرائد، نعيش في مجموعات حيث كان للأفراد أدوارًا وحياة. بينما كانت الحياة خطرة في بعض الأحيان، لكنها -على الأقل -كانت متوقعة إلى حد كبير. تطور الدماغ ليتمكن “بمهارة” من التعرف على الأنماط وبناء العادات، وتحويل مجموعات معقدة جدًّا من السلوكيات إلى شيء يمكننا القيام به عبر لاوعينا. (هل سبق لك القيادة من العمل إلى المنزل لتصل إلى الأخير دون أن تتذكر أيًّا من معالم الطريق؟ هذا مثال عملي لما أتحدث عنه)
بالنظر إلى أن العادات والأنماط التي يمكن التعرف عليها هي أحد “خصائص الدماغ”، فقد تطور الدماغ ليكون كارهًا للشك. عندما تصبح الأمور أقل قابلية للتنبؤ -وبالتالي أقل قابلية للسيطرة- فإننا نواجه حالة تهديد قوية. قد تعلم بالفعل أن التهديد يؤدي إلى استجابات “الاندفاع أو الجمود أو الهروب” في الدماغ. لكنه يؤدي أيضًا إلى انخفاض في التحفيز والتركيز وخفة الحركة والسلوك التعاوني وضبط النفس والشعور بالهدف والمعنى والرفاهية العامة. بالإضافة إلى ذلك، يتسبب التهديد في إعاقات كبيرة لعمل ذاكرتك: لا يمكنك الاحتفاظ بأكبر عدد من الأفكار في عقلك لحل المشكلات، ولا يمكنك استعادة أكبر قدر ممكن من المعلومات من ذاكرتك طويلة المدى عندما تحتاج إليها.
تهديدات عدم اليقين تجعلنا “حرفيًّا” أقل قدرة، لأن التعامل معها ليس شيئًا تطورت أدمغتنا للقيام به. الخبر السار هو أنه منذ عقود من دراسة أدمغة البشر والسلوك البشري، نعرف الكثير عن كيفية نقل تجربة التهديد من شيء ساحق للأعصاب إلى شيء يمكن التحكم فيه. سواء كنت تحاول الحفاظ على دوافعك وتفاعلك، أو كنت قائدًا يحاول مساعدة من هم تحت عُهدته، فإليك ثلاث إستراتيجيات مبنية على العلم والتي يمكن أن تحافظ على الدماغ في مركز القيادة.
ضع التوقعات بتفاؤل واقعي
مفهوم التفاؤل الواقعي بسيط ولكنه قوي: الإيمان أن كل شيء سيكون على ما يرام، مع تقبل حقيقة أن تحقيق الهدف قد لا يكون سهلًا. تظهر الأبحاث أن وجود توقعات إيجابية –أو كما أطلق عليه عالم النفس الاجتماعي الرائد ألبرت باندورا “Albert Bandura”، شعور قوي بالكفاءة الذاتية “a strong sense of self-efficacy”– أمر ضروري للبقاء متحفزًا في مواجهة العقبات والنكسات. يعتقد الناس أحيانًا عن طريق الخطأ أن كونك “إيجابيًّا” يعني الاعتقاد بأنك ستنجح بسهولة. أظهر العمل الذي قام به الأستاذ في جامعة نيويورك، غابرييل أوتينجن “Gabriele Oettingen”، أن هذا التفاؤل غير الواقعي يُنبئ بالفشل دائمًا، إذ عندما تعتقد أن غاياتك ستتحقق بسهولة، نادرًا ما تكون مستعدًّا عند حدوث العكس.
لذلك، عند التفكير في التغييرات وعدم اليقين الذي يجلبه الوباء (والحياة العملية بشكل عام) بالتأكيد، ضع توقعات واقعية متفائلة لنفسك وللآخرين. صدق أنك ستصل إلى هناك، واعترف لنفسك وللآخرين بأن عدم اليقين ينطوي على الاضطرار إلى التجربة لتصحيح الأمور. هذا يعني أن لا شيء سيحدث على الفور. وأنه إذا تمكنا من التواجد في اللحظة الصحيحة، ففي النهاية يمكن أن يكون الوضع أفضل مما هو عليه الآن.
ارتقِ بالتفكير للصورة الأكبر
يمكنك التفكير في أي شيء تقريبًا على مستويات مختلفة من التجريد أو الواقعية. يسمي علماء النفس هذا: المستوى من التأويل. على سبيل المثال، يمكن وصف فعل التصويت بأنه “مشاركة في الديمقراطية” (تأويل رفيع المستوى) أو “تحديد مربع في نموذج” (تأويل منخفض المستوى).
تبين أن لمستوى التفسير الذي نستخدمه للتفكير في أفعالنا تأثير كبير على سلوكنا. عندما نفكر في المعنى أو الغرض الأكبر الذي تخدمه أفعالنا (تأويل رفيع المستوى)، نكون أكثر إلهامًا وتحفيزًا ونشعر بمزيد من تعزيز احترام الذات والرفاهية. عندما ننتقل إلى التفاصيل الدقيقة لما نقوم به أو نحتاج إلى القيام به، نكون أفضل في حل المشكلات الملموسة وتوقع العقبات. كل مستوى من التفسير له فوائد، وهذا هو السبب في أنه من الأفضل تحويل تفكيرنا والارتقاء حسب الحاجة.
لسوء الحظ، قد يكون من السهل جدًّا أن ينتهي بك الأمر “في الحضيض” والبقاء هناك، تعمل أدمغتنا بشكل طبيعي على تحويل تفكيرنا إلى مستوى أدنى من التأويل عندما نواجه صعوبة أو عدم يقين. ومع ذلك، فمن الناحية التحفيزية، هذه هي بالضبط اللحظات التي نحتاج إلى تذكر سبب قيامنا بما نقوم به في المقام الأول.
اعتنق الصراحة
إن العمل من خلال الكثير من التغييرات والتعامل مع الانتكاسات غير المتوقعة يعني أننا بحاجة إلى أن نتواصل باستمرار وبصدق مع بعضنا البعض للمشاركة في إنشاء القواعد والعادات الجديدة الصحيحة. نحن لا نتحدث فقط عن تقديم ملاحظات مفيدة حول الأداء؛ وإنما نتحدث عن المحادثات اليومية حول ما قد ينجح وما هو غير مطلوب بينما نكتشف ما يجب أن يكون عليه الوضع الطبيعي الجديد.
بالطبع، هذا النوع من الصراحة اليومية صعب. يقلق الناس بشأن كيفية تعاملهم مع الآخرين وهم يتشاركون وجهات نظر صادقة. إنهم قلقون من أن آرائهم قد لا تكون موضع ترحيب أو تقدير. مرعوبون بشأن سقطات المشاعر وإفساد العلاقات. وعلى الرغم من صحة هذه المخاوف، إلا أنه من الناحية العملية يحدث الضرر الأكبر عندما يعمل الناس في بيئة تفتقر إلى الشفافية والتعاطف. يعرف الناس عندما لا تخبرهم بكل شيء، وتهديدات عدم اليقين التي يمكن أن تنشأ خارج المخططات.
الخلاصة
الارتقاء من خلال التغيير وعدم اليقين ليس بالأمر السهل
ومع ذلك، تسلَّحْ بالإستراتيجيات الصحيحة لمساعدة نفسك والآخرين، فنحن على ثقة من أن التفاؤل (الواقعي) له ما يبرره بالفعل. تذكر ما هو أكثر أهمية، وحافظ على تدفق الاتصالات الصادقة، واعلم أنه في النهاية، سيكون الأمر أفضل.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 91,100
مقال مثير عن العقل والطريقة التي يعمل بها
link https://ziid.net/?p=91604