أنا والبلح .. حين تتحول فاكهتك المفضلة إلى تجارتك المربحة
والتمور بصفة عامة، كنز لمن يعلم، فإضافة لقيمتها الغذائية، والتي لا يختلف عليها أحد، فإنها تعتبر من أنواع التجارة الرائجة
add تابِعني remove_red_eye 19,995
يعتبر البلح بمختلف أنواعه من الفواكه المفضلة لدي، وتتميز مصر بأنها أكبر منتج للتمور في العالم، إضافة إلى أنها تعد أكبر مستورد أيضًا لأنواع التمور الأخرى بالعالم؛ ويبلغ إنتاج مصر من التمور مليون وسبعمائة ألف طن سنويًّا.
البلح فاكهة وغذاء
وقبل الخوض في أنواع التمور، وحكايتي مع التمور، فأود أن أسترجع ذكريات الطفولة البعيدة، عندما كنت بالمرحلة الابتدائية كنا ندرس أحد نصوص القراءة درس بعنوان “البلح فاكهة وغذاء” لذلك كنا نهتم كأطفال بتناول البلح؛ فكما أنه حلو المذاق، ومحبب لنا كأطفال، فإنه أيضًا يعتبر وجبة غذائية بحد ذاتها، ويمكن الاعتماد عليه بحد ذاته.
اللهو
وما زلت في مرحلة الطفولة، وذكرياتي مع البلح، حيث كنا نجد البلح من عدة أماكن؛ فتارة نذهب للنخيل وسط الحقول لنضرب النخيل بقطع الحجارة الصغيرة، ونتناول البلح، ولكن كان الهدف هو اللهو لا أكثر، فبجانب البلح كنا أيضًا نرمي أشجار التوت. وأشجار تسمى الجميز، لنحصل على ثمارها الشهية، ولكن الهدف الأصلي هو اللهو.
عم عمر
وفي تلك الفترة، عندما كنا نريد بلح جيد أو بكميات كثيرة، أو نذهب لشراء بلح للأسرة، فلم يكن هناك مقصد أفضل من عم عمر، ففي بلدتي بصعيد مصر، قرية طهنشا بمركز المنيا بمحافظة المنيا، كان يأتي لنا رجل عجوز اسمه “عم عمر”، فهو رجل مسلم، ويأتي ليفرش بضاعته، وهي البلح في منطقة خاصة بأهلنا المسيحيين، فكان “عم عمر” مقصد لأطفال القرية، ويكاد يكون الملتقى الآخر الذي يجتمع فيه الأطفال، سواء مسيحيين أو مسلمين بعد المدرسة، كان يتميز بجلب البلح الطايب، كما نقول عليه بالصعيد، بلح أصفر وبلح أحمر وبلح نصف طري، ويأتي به من النخيل المترامي بالقرى المجاورة، ليكسب به قوت يومه.
فرص البلح
والتمور بصفة عامة، كنز لمن يعلم، فإضافة لقيمتها الغذائية، والتي لا يختلف عليها أحد، فإنها تعتبر من أنواع التجارة الرائجة، سواء بمصر، أو بكافة البلاد العربية، فكان لي مع البلح فصل آخر من فصول التعلق، وحب هذه الفاكهة المميزة، فأخذت زمام المجازفة، وذهبت إلى “تونا الجبل” بمركز ملوي بمحافظة المنيا، والتي لي بها صداقات كثيرة، فعلمت من بعض أصدقائي هناك أنهم يحمصون البلح ويتاجرون به، نظرا لكثرة النخيل بتلك المنطقة، فجلبت معي كمية ليست بالكبيرة.
فوجدت إقبالًا كبيرًا من أهل القرية على هذا البلح، فقررت الذهاب إلى مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، وجلبت معي كمية كبيرة من كراتين التمور المتميزة من إنتاج الوادي الجديد، حيث أن تمور الوادي الجديد تتميز بمذاق خاص، وقيمتها الغذائية أعلى بكثير من تمور مناطق الصعيد بمحافظة المنيا، فجلبت كراتين البلح نصف الجاف، والتمور الخشاف، وصفائح العجوة، فكان الإقبال يتزايد، رغم أنه لم يأت شهر رمضان بعد، فبمجرد تواجد التمور يقبل الناس عليه، حقًّا إنه فاكهة وغذاء، وفرصة كبيرة للتجارة.
استهلاك البلح في مصر
من خلال تجربتي بتجارة البلح، العام الماضي، وجدت أن استهلاك البلح لا يختلف من أسرة ثرية أو أسرة فقيرة، فالكل يفضله، كما أنني وجدت أسر مسيحية تفضل تناول البلح، فالأمر لا يقتصر على المسلمين المرتبطين بصيام شهر رمضان، فللبلح سحر خاص، والشعب المصري شعب ذواق، يفضل كل ما هو جميل. ويزداد الإقبال على البلح في مصر شتاء؛ لأنه يحتوي على السكريات، والتي تعطي الدفء للجسم، كما يزداد الإقبال عليه في شهر رمضان، حيث يفضل تناوله على الإفطار، فيحتوي على مواد غذائية تفيد الجسم، وخاصة لمن يتناول التمر ثم يصلي المغرب، فيهيئ المعدة لاستقبال وجبة الإفطار الدسمة بعد الصلاة.
ويقبل سكان السواحل بمصر على تناول البلح بشكل أكثر من باقي المصريين؛ حيث يتناولون الأسماك بشكل كبير، فيزداد إقبالهم على البلح مقارنة بغيرة هم، حيث يحتوي البلح على الكربوهيدرات، ومواد غذائية أخرى، تساعد على الاستفادة القصوى من التمثيل الغذائي السليم لما يتناولونه من الأسماك الفوسفوريات.
أنواع البلح بمصر
ومن خلال تعاملي مع تجار البلح في الوادي الجديد، علمت منهم أن مصر تنتج ثلاثة أنواع رئيسية من التمور، وهي الرطب والنصف جاف والجاف؛ فيتركز الرطب بالساحل الشمالي مثل رشيد وإدكو وشمال الدلتا، ومن أصنافه الزغلول والحياني وبنت عيشة والسمان، أما النصف جاف فينتشر في مناطق متعددة مثل سيوة ومصر الوسطى والواحات البحرية والوادي الجديد ومناطق وادي النيل بصعيد مصر، أما في جنوب مصر فينتشر البلح الجاف في محافظة قنا ومحافظة الأقصر ومحافظة أسوان، ومن أصناف التمور الجافة البرتامودا والجنديلة والإبريمي.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 19,995
تجربة ملهمة عن التمر / البلح
link https://ziid.net/?p=96017