هل كبرت على التعلم؟ أم أن التعلُّم رحلة مستمِرَّة لا تتعلق بالعمر؟

بالأمس تحدثت مع أحد صديقاتي المقربات وصارحتني برغبتها في استكمال دراستها الجامعية، كان الخبر مفرحًا بالنسبة لي، لأنني أعلم أنها كانت تحلم بهذا الأمر منذ ما يزيد عن عشرين عامًا، وكذلك لأنني أؤيد أيّ خطوة يمكن أن يتخذها الشخص قد تساعده في تحسين حياته والتقدم.

بدأت تحدثني عن ردود أفعال مَن حَوْلَها، وعلى الرغم من أنها وجدت العديد من المؤيدين إلا أنه كان هناك -أيضًا- مُحْبَطُين، وللأسف يبدو أن ما قاله لها المُحْبَطُون أثَّر في عزيمتها ورغبتها، بل وكاد ما قاله لها المُحْبَطون أن يُثْنِيها تمامًا عما تريد فعله.

“لقد كبرتِ على التعلم”، “بماذا ستفيدك شهادة جامعية الآن؟”، “الأمر ليس مُجْدِيًا بالنسبة لك”، “طوِّري نفسك بشكل آخر”

تلك كانت بعض العبارات التي سمعتها والتي أثّرت فيها سلبًا (بحسب قولها)، وكان كل ما روته على مسامعي حافزًا لأكتب هذا المقال، ربما بهذه الطريقة أعيد إليها الحماس، وأردّ على كل من انتقد رغبتها في استكمال دراستها، وأخبرهم جميعًا أنه لا يوجد سن للتعلم، لا يوجد سقف للطموح، لا يوجد فترة واحدة لكي نتعلم فيها، الحياة كلها رحلة وتجارب، ومن حق كل شخص أن يخوض هذه التجارب وقتما أراد.

[تسعة أسباب تدفعك لمواصلة التعلم بعد المدرسة]

في هذا المقال سأتناول معكم قصصًا من الواقع، لأشخاص أرادوا استكمال مشوارهم التعليمي ولم يلتفتوا كثيرًا لما سيقوله الناس أو الأفكار التي يمكن أن تقيدهم، وأتمنى أن يكون مقالي هذا مُؤَثِّرًا في صديقتي وفي غيرها من الذين يَحْلُمون بالقيام بتجارب أخرى ولكنهم يخشون نظرة الناس والمجتمع.

1. ويلادين زيدان

تبلغ ويلادين زيدان 85 عامًا، تركت دراستها الثانوية في عام (1943م)، جلست لسنوات في منزلها دون أن تفكر في الأمر، ولكنها وبعد سنين طويلة قررت أن تعود للدراسة وبالفعل في عام (2013م) تمكنت من الحصول على درجة البكالوريوس من جامعة ماريان في ويسكونسن.

على الرغم من أن ويلادين الآن جدة للعديد من الأحفاد إلا أنها لم تتوقف عن السعي والحلم، وهي في الوقت الحالي تعمل مساعدة طبيب.

[“علّم نفسك بنفسك” كيف تحول التعلم الذاتي إلى ضرورة؟]

2.آن مارتينديل

تبلغ آن 87 عامًا، تخرجت من الجامعة عام (2002م) مع مرتبة الشرف، وتم تكريمها من قبل الهيئة التشريعية في ولاية نيوجيرسي، وبعد تخرجت “آن” كتبت مذكراتها التي نشرت بعنوان “Never Too Late: A Memoir” والتي تحدثت فيها عن رغبة والدها في أن تترك تعليمها الجامعي بعد أول فصل دراسي، وكان هذا عام (1936م) تزوجت بعدها وأنجبت أربعة أبناء، وبعد التخرج تمكنت “آن” من أن تعلم في العديد من المهن المرموقة والمؤثرة.

فقد بدأت عملها كعضو في مجلس شيوخ نيوجيرسي، ومِن ثَمَّ مديرة لمكتب المساعدات الخارجية للكوارث الأمريكية، ثم سفيرة للولايات المتحدة في نيوزيلاندا وغرب سامو.

[اكتشف أسلوب التعلم الملائم لك]

3.تشارلي بولي

يبلغ تشارلي بولي 89 عامًا، التحق بالكلية عام (1941م) ولكن حين تم تجنيده في الحرب العالمية الثانية انقطع عن الدراسة، ولكن -وعلى الرغم من مرور السنوات- إلا أنه لم يَنْسَ حُلمه القديم في التخرج، وبالفعل بعد أكثر من ربع قرن تمكن تشارلي من التخرج من جامعة أركنساس، ويعتبر من أقدم الخريجين في الجامعة.

4. ماري فاسانو

تبلغ ماري 89 عامًا، ولكنها كانت مثابرة وذات إرادة حديدية، فعلى الرغم من كبر سنها إلا أنها تمكنت في الواحدة والسبعين أن تلتحق بالمدرسة الثانوية وأن تحصل على دبلوم عام (1979م) وعلى الرغم من هذا ساندها أصدقاؤها أن تكمل مشوارها التعليميّ وبالفعل التحقت بمدرسة تابعة لجامعة هارفرد ودرست الفنّ واللغة الإيطالية والعديد من اللغات وتمكنت من التخرج عام (1993م).

تمكنت ماري من الحصول على جائزة سانتو جوريف أوريليو، وهي أحد أهم الجوائز التي تعطى لأشخاص حققوا إنجازات أكاديمية أو شخصية فوق سن الخمسين.

[صعوبات التعلم]

5.بيرتي جلادوين

لم يَكْتَفِ جلادوين بالدراسة الجامعية، بل استكمل دراسة الماجستير لكي يكون أكبر الحاصلين على هذه الشهادة من جامعة باكنغهام، وقد تخصص في دراسة تاريخ الذكاء، وبدأ الدراسة حين كان في التاسعة والثمانين، ورافقته في هذه الرحلة زوجته التي كانت تبلغ سبعة وسبعين عامًا. يقول جلادوين

حين تكون في سن التسعين تجلس ولا يحدث لك الكثير من الأمور، لذا الأمر متروك لك لكي تستمر في التعلم وتوسع آفاقك.

[أي من أساليب التعلم يناسبك؟]

6.والي تايبلسون

يبلغ والي 90 عام والتحق لأول مرة بالكلية في عام (1993م) حين كان في السبعين من عمره، وتمكن تايبلسون من الحصول على درجة البكالوريوس وبعدها درجة الماجستير لثلاث مرات على التوالي، في حفل التخرج أكد تايبلسون أنه فخور بحصوله على درجة الماجستير وقال

“طالما أنك تتعلم، فأنت لست كبيرًا في السن”

[كيف تكتشف وتربي طفلا عبقريًا؟]

7.كليف دادسون

يبلغ كليف 93 عامًا، ويعد من الشخصيات الملهمة بالعديد من الطرق، فقد عمل في السلاح الجوي الملكي في الحرب العالمية الثانية، وكذلك عمل كمهندس كهرباء، سافر حول العالم بسبب خبرته، ولكن كل هذا لم يثنيه عن حلمه في الحصول على شهادة جامعية.

وبالفعل درس الآداب في الجامعة المفتوحة في بريطانيا وتمكن من أن يكون الرقم (6) على دفعته، وأكد دادسون أن اختلاطه بالطلاب الأصغر سِنًّا جعله يشعر في قلبه بأنه مازال شابًّا.

[كيف تتعلم المهارات التي تساعدك على التطور؟]

8.آلان ستيوارت

يبلغ آلان (97) عامًا، وهو طبيب متقاعد وتمكن من الحصول على درجة الماجستير الرابعة في العلوم السريرية من جامعة ساوث كروس في نيو ساوث ويلز، ويعد من أهم الذين خرجوا بدراسات عن إدارة الوقت، وقد أكد أن الدراسة كانت أحد أهم الأمور التي يقوم بها لكي يبقى ذهنه حادًّا.

[8 أنشطة مسلية ستعجبك إن شاركتها مع كبار السن]

9. تويلا بوسطن

تبلغ من العمر 98 عامًا! وتخرجت من جامعة ولاية يوتا في تخصص الدراسات الأمريكية، وكانت تويلا قديمًا ابنة لأحد الأسر التي لا تؤمن إلا بالتعليم المنزلي وبالتالي لم تتمكن أبدًا من التخرج، ولكنها أخيرًا حققت الحلم.

[شغوفٌ بالمعرفة؟ إليك هذه البرامج التليفزيونية العلميّة على نتفلكس]

10.نولا أوكس

تبلغ “نولا” 98 عامًا، حصلت على شهادة البكالوريوس في الخامسة والتسعين، وكان هذا في (2007م) وكانت زميلتها في نفس الصف هي حفيدتها. ولكن “نولا” لم تتوقف عن التعلم واستمرت حتى حصلت على الماجستير وتُعَدّ من أكبر الحاصلين على الماجستير في التاريخ.

[كيف تفكر على طريقة ليوناردو دافنشي؟]

11.ليو بلاس

يبلغ “ليو” تسعة وتسعين عامًا، وقد سبق وانسحب من دراسته الجامعية عام (1932م)، وكان حينها في العشرين من عمره، ولكنه لم يَنْسَ وحاول من جديد وبالفعل تمكن من الفوز حين كان في التاسعة والتسعين، ولم يتوقف الطموح عند هذا الحدّ بل حصل “ليو” على زمالة جامعة إيست أوريجون عام (2011م).

كل هذه القصص التي ذكرناها لأشخاص مُلْهِمِينَ لا بُدّ وأن تعلمنا درسًا واحدًا، ألا ننسى أبدًا الحلم، وأن نسعى خلفه دائمًا وألا نتنازل أبدًا عن تحقيقه.

[دروس تعلمتها من حياة نيكولا تيسلا]

أخيرًا

عزيزي القارئ/ عزيزتي القارئة:

لا بُدّ أن تعي أن حياتك ملكك وحدك تفعل بها ما تشاء، لذا اسع دائمًا أن تقدم الأفضل لنفسك وأن تطور نفسك وتساعدها، لأن الآخرين لن يلتفتوا لك ولن يساعدوك إن لم تقم أنت بذلك لنفسك أولًا.