إذا كنت متحدثًا مُفكرًا ولا تقول: لا أعلم … تعرف على أمانة الكلمة
إذا كان الكلام من فضة، فالصمت من ذهب، الكلمة أمانة ميزانها ثقيل، وأثرها ممتد فاحرص عليها
add تابِعني remove_red_eye 38,075
شعور رائع أن تكون ذكيًّا تعرف كل شيء، وكلما يسألك أحد سؤالًا تعتبر أن كلمة لا أعرف إهانة لقدراتك العقلية الكبيرة، وأن دورك حينما تصعب عليك إجابة سؤال أن تفكر وتجد إجابة من داخل عقلك الذي دائمًا لا يخذلك، حيث لديه قدرة كبيرة على إضافة المنطقية الفلسفية للأمور، حتى وإن كان لا يعرف عنها شيئًا، يتأمل ويحلل ويقدم إجابة مبهرة لمن حوله، وبكل فخر تشعر أنك تُعمِل عقلك وتجتهد في التفكير وتسميه إعمال العقل.
وقد تجد من يلومك ويستنكر تلك المحاولات ويرى أنها فلسفة فارغة من المصداقية، ولكنك تصدق أنك شخص مجتهد ومميز وتثق في عقلك الذي طالما كان يجتهد ولا يخذلك، ولأن عقلك مميز أنا اليوم أريد أن أضيف له ما ينفعه ليتميز على أسس ثابتة تجعله يكتسب احترامك وتكسب ثقة من حولك أكثر، سوف نوسع المدارك كما تحب في طريق الحق والنور، وكذلك كما يستحق عقلك المفكر، ونتحدث عن مفهوم أمانة الكلمة وحدود إعمال العقل الذي تحفظ لك سلامة من حولك من التضليل غير المتعمد.
ثقافة أمانة الكلمة
الكلمة أمانة تضل أو تهدي من حولك، لها ميزان عند الله، فمهما كنت ترى أثرها ضئيل، فأنت لا تعلم كم الأثر الذي تتركه كلمة في المستمع، معلومة واحدة غير أكيدة قادرة على إيذاء شخص في أعماقه وتغير مسار تفكيره لمكان مظلم، كقولك معلومة منقوصة لا تثق في مدى صحتها ولكن بطريقتك الخاصة تعطيها المصداقية، وتكون سببًا في إيذاء غيرك وتضليله ولن يعلم أن معلوماتك المنقوصة سبب ضرره ولكن الله يشهد، واعلم أن مدى تأثير كلمتك مرتبط بحديثك الذي يملؤه الثقة فيمن حولك، ومدى تأثرهم بك خاصة إذا كنت شخصًا يثق من حولك في رأيك ورجاحة عقلك، وتملك مكانة علمية هنا تزيد مسؤوليتك أو شخص له مستمعين ومتابعين ومساحة تأثيرك أكبر.
حدود كلمتك
عند إعمال عقلك تأمل وفكر وحلل، ولكن لا تفتي بنصيحة لغيرك في توجيه فكره دون أن تكون نقلًا عن علم موثوق وأساس واضح ومعلومة مؤكدة، تأكد من طريقة إبدائك لرأيك فلا تقوله لغيرك وكأنه معلومة موثوقة مؤكدة، قدم كلمات تنزع المصداقية وقل إنك لم تتأكد، فكر وناقش ولكن في إطار الطرح لتوسيع الرؤية والبحث عن المصداقية.
تطبيق ثقافة أمانة الكلمة
أكثِر من الصمت وقول لا أعلم.. قد يصعب عليك هذا في البداية بعد أنا اعتدت على أن عندك إجابة على كل سؤال، ضع أمام عينك أنت لست عالمًا درس سنوات، حتى هذا العالم عند سؤاله يقول بأريحية أنه لا يثق تمام الثقة عندما يختلط عليه أمر، وسوف تجد أنه قلما يجتهد، بالتأكيد إذا كان أمينًا، سوف يرى مع زيادة خبرته وعلمه أن الفتوى وإعمال العقل بكل ثقة أمر منفر وصعب أن يقوم به، فالعالم الحق كلما تعلم أكثر تأكد من مدى جهله بأمور أكثر.
البداية بوعيك أن الله يسوف يسألك ويحاسبك، وأن الحكيم من يقول لا أعلم، أو عندما تتعثر عليه مسألة يقول سوف أبحث في الأمر وأخبرك، وبالفعل يبحث عن مصادر موثوقة للمعلومة ويراعي بحذر عند نقل المعلومة من أن تخونه ذاكرته وينسى أو يعدّل في المعلومة، ولتسهل مهمة الصمت وقول لا أعلم، ضع أمام عينك أنك إنسان ولا تعرف كل شيء لست موسوعة علمية ومهما بلغ علمك فأنت تجهل بأشياء سوف تتعلمها لاحقًا، وتتعلم كل يوم شيئًا جديدًا، ولذلك من الطبيعي ألا تعلم كل شيء.
مرحلة اعتزازك بقول لا أعلم
سوف تأتي مع الوقت كلما تحكمت بنفسك أكثر وسيطرت على سرعة وثقة تكلمك دون مرجعية كافية، سوف تكون تلك نقطة اعتزازك بنفسك، وزيادة تقديرك الذاتي، فشخص مثلك سوف يتميز في نشر هذا الوعي ويفخر لاكتسابه خاصة بين الكثيرين الذين ضلوا في تفكيرهم وتحدثوا بثقة فأضلوا غيرهم بغير علم من الطرفين، لكن الله شاهد على هذا التضليل، ويوم نصب ميزان الحق سوف يجد أن كلمته المُضللة كان وزنها كبير، وسوف يرى أبعاد الضرر الممتد الذي فعله بحياة غيره.
وعلى الرغم من أن من قام بالتضليل كان لا يقصد، ويظن أنه شخص جيد لأنه يفكر ويجد إجابات فلسفية منطقية، لكن الحقيقة أن ديننا قدم لنا كل شيء فيما يخص أمانة الكلمة، وحدود إعمال العقل الذي تجعله يفكر وفق الحدود والضوابط التي ترضي الله فلا يضلل الناس أو يضل، وكان دورك من البداية النظر في توجيهات الدين التي تخص كل خطوة جديدة تخطوها في حياتك.
لكن هون على نفسك فقد أضاء لك الله اليوم نورًا عن هذا الأمر حبًّا في هدايتك، فاحمده حمدًا كثيرًا، ودورك الآن أن:
- تستغفر لغفلتك.
- وتحاول نشر هذه الثقافة.
- حاول تصحيح قدر ما تستطيع كلما اكتشفت تضليلًا قمت به.
- وقدر ما تستطيع تربط على لسانك.
- ولا تسمح له بأن يفتي بغير علم أو يقدم كلامه بثقة بحته.
- ولكن عبر عن رأيك كاقتراحات تُشككك في صحتها وتطلب من الآخر أن يبحث أكثر ويتقصى الصواب بنفسه.
- وراقب كم الثقة التي تقدم بها المعلومة التي تضلل من أمامك وتجعله يصدق ولا يبحث للتأكد، فهذا ضمن التضليل.
- وشكك في كم ثقتك بما تعرفه من حين لآخر وراجع مصادره.
- واعلم أن عقلك قادر على أن يشعرك بثقة وهمية فاحرص منه وراقبه.
في النهاية … تعلمت هذا من رحلة تعلم فقد مررت بنفس الرحلة، كنت أحب أن أفكر وأبدي برأيي بكل ثقة وأجد له أسبابًا منطقية، وأوجه من حولي حبًّا وأسعى للوصول لأكبر عدد ممكن ليستفيد من اجتهاداتي الفكرية والعلم الذي أتعلمه دون التأكد من مدى صحة مرجعيته، على الرغم من الصوت الذي يشكك ويتساءل، ولكن ثقة التحدث كبيرة، ولم أكن أعي تلك الصورة والأمانة والضرر، حتى وقع علي الضرر بالتعرض لمعلومات منقوصة قُدمت لي بكل ثقة، فرزقني الله بالوعي على يد الكوتش أحمد حسين، وتعلمت أن لكل مجال عمل معايير وأسس وعدم اتبعاها يعني التضليل، وتعهدت أن أحرص على كلمتي وأن أنشر هذا الوعي.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 38,075
link https://ziid.net/?p=95349