أخطاء ارتكبتها خلال تجربتي في التحرر من المثالية 

رحلتي للتحرر من المثالية بدأت من أكثر من عامين وما زالت مستمرة وكل فترة أتعلم خطوات أفضل عن تخطي المثالية  وأكتشف أبعادًا مختلفة، وآخر ما لاحظته أنني أحاول التحرر من المثالية بالبحث عن خطوات دقيقة للتحرر من المثالية، وأتعامل مع ما أتعلمه بمرونة قليلة، كان الأمر يدعو للضحك عندما أدركت أنني أريد التحرر من المثالية بخطوات مثالية، وهذا دفعني للتعلم أكثر عن الأمر واليوم أكمل معكم رحلتي في التحرر من المثالية.

المثالية وفرط التفكير

لم أكن أعي تلك الخدعة التي تقودني لها المثالية وتدخلني في دائرة من التفكير المفرط والتحليل لأصل لأفضل نتيجة تكاد تكون سلسلة من الأسئلة التي لا تنتهي مؤخرًا انسقت خلف تلك الأسئلة في أمر يهمني، وجدت أنني في نهاية الأمر لم أصل لشئ واضح بل غرقت في التفكير لدرجة موترة أثرت على سير يومي الطبيعي وبالتشاور مع فريق عمل مجتمع المعرفة التطبيقية وضحوا لي أن هذا مضر ويؤرقني.

لأن الأسئلة مهمة ولكن يجب وضع حد لها ومعرفة أن ليست كل الأسئلة تفيد فقد تشل حركتي، فوضحت أنني أحب التحرك وفق المعايير كما تعلمت معكم لتأكدوا لي بسؤال أي حد من المعايير فهي درجات والتوسع المبالغ فيه يكون بدافع من المثالية وأنني أحتاج الحد الأدنى من المعايير التي متاح لي التعامل معها الآن ولا أنتظر حتى تكتمل المعايير لأتحرك، والبحث عن أعلى المعايير يعني السعي للمثالية وهذا غير واقعي ويشل الحركة كما أن إدراك المعايير درحاته تختل حسب مستوى حسب وعي الشخص وتمكنه من التعامل معها بذكاء ومرونة تساعده في الحركة ولا تعجزه كما حدث معي، وفي النهاية علي أن آخذ بالأسباب وأستخير الله وأطمئن لاختياراته فلن يضيعني

فخ المبالغة في مراقبة نفسك:

إدراك أن المبالغة في المراقبة لأفكاري وتصرفاتي تعني أنني أريد أن أتحرر بشكل كبير ضاغط، ويصعب التغيير وفهمت هذا عندما تخيلت إذا كان يوجد شخص يراقبني ويعلق على كل تفاصيلي وأخطائي  وهفواتي ويقول أحذر هذا والصواب كذلك ويبتسم ويقول هذا لمصلحتك مؤكد سوف أختنق ومع الوقت سوف يقلل من تقديري لذاتي ويؤذيني ويؤرقني، ولكن إذا كان شخصًا واعيًا مدركًا أن التغير يحتاج وقتًا وكيفية التغير  التي تمر على مراحل متدرجة تختلف من شخص لآخر.

سوف يعلم أنه لا يلفت نظري سوي مرة وبعد فترة يلفت نظري وعند رصده لسلوكياتي يرتبها من حيث الأولويات في التحسين ثم يحدد كل الفترة الأفكار التي يريد تحسينها وهو يعلم أن التركيز على شيء واحد وتقبل تأخير التغير، ويعني ويراعي نفسيتي وطاقتي ويعذرني ويدعمني ويساعدني على رؤية إنجازاتي ويطمأنني ويعرفني بأن من الطبيعي أن تتدرج وأنك شخص جيد لأنك تجاهد نفسك من بين الكثير الذين يسيرون مع تيار المظاهر، ويكافئني حين أنجز مهما كان الأمر يبدو بسيطًا ولكنه يعلم مدى جهاد نفسي وصعوبته، والحقيقة أن دوري تجاه نفسي أن أكون الداعم الأول لها ذلك الشخص الواعي.

ومن ضمن الأمور الفارقة في رحلتي للتحرر من المثالية التي تعلمتها من مجتمع المعرفة التطبيقية  هى عدم المقارنة بأي أحد حتى لو كان في نفس الرحلة وأفهم أن كل شخص له وعيه الخاص ومدخلات وطريقة معالجة لكل ما يحدث حوله يصل به لنتيجة مختلفة، والوعي أنه ربما من بجوراي بدأ ليتغير من قبلي بمدة كبيرة أو سنوات وهناك عوامل مساعدة مختلفة لم تتح لي بالتالي تكون نتائجه مختلفة، لكن لا مانع من سماع قصص للتحرر من المثالية لتلهمني.

فخ عدم فهمك لمفهوم التوازن في التغير

سوف تجد في البداية أن المفاهيم اختلطت وتحتاج لتقبل هذا التخبط ومحاولة التوازن ومن تجربتي واجهت تخبطًا في معنى أن أكون على طبيعتي  فأصبحت في البداية مثل كمن كان حبيسًا وانطلق تعامل بعفوية دون مراعاة السياق والمكان، فأسأت التصرف والتعبير عن نفسي واتضح هذا عندما وجدت أن هناك من ظن أنني طفولية وبعيدة كل البعد عن العقلانية وحسن التصرف وعندما جاء موقف وتصرفت بجانب شخصتي العاقل المفكر أصابتهم الدهشة.

ففهمت أنني لم أعبر عن نفسي كما أريد أن تظهر شخصيتي متوازنة (تمرح وعفوية وهادئة وعاقلة للأمور) فهذا أنا ولكن كنت أحتاج لتعلم التوازن وأن أكون على طبيعتي وفق السياق مثل أن أكون على طبيعتي وفق المكان مثل الملابس التي تختارها وفق ذوقك وطبيعتك ولكنها تتغير وفق المكان والمناسب، وكذلك كنت أحتاج لفهم الحد الفاصل بين الإتقان وبين البعد عن المثالية المرهق والعمل بالحد الأدنى من المعايير التي وفق استطاعتي.

وفي النهاية رحلتي في التغير جزء من جهاد نفسي الذي أؤجر عليه، الوعي بهذا المعنى ساعدني في الصبر والاستمتاع بالرحلة التي لا أعلم متى نهايتها ومتقبلة أنها تستمر طوال حياتي، وكذلك ساعدني تعلم أن رصد أدق التفاصيل التي أتحسن فيها وأرصدها ضمن إنجازاتي لإدراكي أن التغير ليس سهلًا وهو بتوفيق من الله والاستعانة به

إليك أيضًا

• تجربتي في التحرر من الشخصية المثالية
• طريقك إلى الوظيفة المثالية وكيف تختار وظيفتك
• كيف تتخلص من السعي للكمال والمثالية؟