5 إستراتيجيات لتعتني بذاتك  

ما معنى الذات؟ الذات تحمل معاني كثيرة معنوية ومادية؛ فالقلب مشاعر والعقل أفكار، والروح معتقدات، والجسد درع الحماية لكل ما سبق، ولكن هل الذات تنحصر في تلك المصطلحات والمعاني فحسب؟ بالطبع لا؛ لأن كل عملية عقلية في المخ وكل سلوك وكل قرار، وكل شيء يحدث معنا منذ استيقاظنا وحتى لحظة استسلامنا للنوم هو ملك للقوانين التي تُمليها علينا ذاتنا، ولكن رغمًا عن سيطرتها على كل شيء فإنها لا تستطيع مراقبة نداءات الاستغاثة ولا تستطيع أن تأخذ زمام المبادرة لعلاج أيِّ خلل يطرأ في كل شيء مسئولة عنه، وهنا يأتي دورنا للاعتناء بها.

أتعلمون كيف أنظر للذات؟ … أنظر إليها وكأنها فلتر للمياه، وبالضبط كما يقوم الفلتر بمعالجة المياه الملوثة من أجل الحصول على مياه نظيفة تقوم الذات أيضًا بفلترة كل شيء بداخلنا وحولنا من أجل مساعدتنا على النمو والتطور، ولكن كما يحتاج الفلتر لعملية صيانة مستمرة لتجديد مراحله تحتاج الذات أيضًا لصيانة من أجل تجديد كل شيء مسئولة عنه، وهنا سنتحدث عن إستراتيجيات العناية بالذات كما يلي:

1- تحدث مع ذاتك

تخيل أن شخصًا عزيزًا عليك حزين هل ستتركه وشأنه أم ستحاول معرفة ما يقلقه؟ بالطبع ستحاول مساعدته أو على الأقل ستستمع لشكواه، وهذا بالضبط ما يجب عليك فعله دومًا، أن تتحدث مع ذاتك وتعرف لماذا تشعر فجأة بالسعادة، وما أسباب حزنها، وهل قراراتها المفاجئة كانت بسبب ما حدث في الماضي؟ ولماذا تحب الجميع ولا تشعر بالراحة مع شخصيات بعينها؟ كل تلك الإجابات ستجعلك تتعرف على ذاتك، وطالما تعرفت عليها ستستطيع علاجها، وستستطيع إصلاح قلبك المكسور وعقلك المشوش وجسدك المرهق وروحك المشتتة، وتذكروا أن هدفنا في الأول والأخر هو حل المشكلات التي لم نكترث لوجودها من قبل.

2- انتبه لعلاقاتك الاجتماعية

حينما نُشرت مقالة كيف تحمين طفلك من البيئة الخارجية لاحظت أن أغلب قرائي أعجبتهم المقالة، وكان أغلب القراء من الآباء؛ لأن موضوع المقالة لا يمس حياة الأمهات فحسب، بل أن الآباء أيضًا قلقون من التأثيرات السلبية للبيئة الخارجية على أخلاق طفلهم وتربيتهم، والآن ستسألون ما علاقة هذا بذاك؟ العلاقة هي خوفنا من تأثير أيّ شيء خارجي على نظامنا الذي جهدنا كثيرًا لتطبيقه، وسواء كانت المسألة أطفالنا أو ذاتنا.

فالبيئة الخارجية أكبر تحدٍّ يواجهنا، تخيلوا مثلًا شخصًا حنونًا وعطوفًا ويحب الآخرين ولكن حظه السيئ جعله يواجه أصدقاء منافقين وأشخاصًا يكيدون له في العمل، وآخرون علموه كل أوجه الخيانة، وبعد كل هذا عانى من الظلم، والآن أخبروني كيف ستكون شخصيته العطوفة عقب كل هذا؟ مع الأسف لن نجد من صفاته الطيبة شيئًا سوى أطلال، ولكن إذا انتبهنا منذ البداية لعلاقاتنا مع الآخرين، وتوقفنا عن مرافقة أولئك الأشرار المنافقين -الذين يضمرون السوء ويظهرون على وجوههم ابتسامة زائفة- وقتها فقط سنستطيع حماية أنفسنا من تصحر قد يصيب مشاعرنا وأفكارنا.

3- تقبل ذاتك

الذات كالطفل الصغير يحتاج منا للحب والتقبل، دعونا نفترض أن أُمًّا لديها طفلان، وتعامل الأول بحب وتثق فيه وتعطيه فرصة لتصحيح أخطائه لو أخطأ، وتتقبل فشله بصدر رحب، وطفلها الآخر تريد تربيته بشكل أقسى ليتحمل قسوة الحياة؛ فتقوم بإحباطه دائمًا وتعنفه على فشله وتحرمه من حبها لها … تخيلوا الآن أيّ طفل فيهم سيصبح أفضل من الآخر؟ طبعًا الطفل الأول؛ لأن مشاعر الحب وتقبل الأخطاء ستخلق شخصًا لديه سلام داخلي، وهذا بالضبط ما أريد شرحه؛ لأنك إذا لم تتقبل ذاتك بكل نقاط ضعفها وقوتها وإذا لم تتصالح مع نفسك وقتها ستعيش في صراع أبدي معها، ولن تحظى أبدًا بأيِّ سلام داخلي.

4- تخلص من الشحنات السلبية

الشحنات السلبية هنا لا تعني الأفكار والمشاعر السلبية فحسب بل تعني كل شيء سلبي بداية من الماضي وذكرياته الأليمة وحتى التجارب الفاشلة والعلاقات المسمومة.. الخ؛ لذا تأكد أن اعتناءك بذاتك يتوقف على قرار واحد منك بالتعامل مع الماضي والحاضر، وكل شحناتك السلبية.

5- استعن بالقوى الخارقة

أكبر قوى خارقة في الكون هي القوة الروحية، ولا يسعني هنا سوى تذكيركم بالآية (28) في سورة الرعد (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّه أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وتذكروا أن عبادة الله ليست أُولى مهماتنا في الأرض فحسب بل هي قوتنا السحرية، ومن خلالها نستطيع مواجهة مصاعب الدنيا ونوائبها.

في الختام

لا تتجاهلوا أبدًا صوتكم الداخلي وحدسكم، وأهم شيء لا تجبروا أنفسكم على فعل شيء بالإجبار، ولا تحاولوا أن تخطوا أيَّ خطوة في الحياة إلا بعد اقتناع تام أن تلك الخطوة إذا لم تسعدكم فعلى الأقل لن تكون سببًا في إحزانكم.

إليك أيضًا

• 7 خطوات عملية تساعدُك على التخلُّص من الاحتياج العاطفي المُفرِط للآخرين
• 10 أشياء بسيطة يمكنك فعلها يوميا بالمنزل للشعور بالسعادة
• كيف تصبحين امرأة يخاف الرجل أن يخسرها؟