هل سيستمر نجاح أمازون بعد اقتحامه السوق العربية؟
أمازون تعتمد على سياسة ابتلاع الأسواق وبالتالي لا تتعجب حين ترى اختفاء أسماء كبري من المتاجر الإلكترونية وتحولها كلها لصالح أمازون
add تابِعني remove_red_eye 29,562
أول مرة أسمع فيها بكلمة “الاستحواذ” كانت بعد متابعتي لبلدان شرق آسيا وأخبارهم، حينها أدركت أن ضم شركة من الشركات الرائدة لمجموعة شركات كبيرة يُعد نجاحا للشركتين، ولكن مع الأسف ستختفي ماركة أحدهم وستسطع ماركة الآخر. وبعد استحواذ أمازون على سوق. كوم ستختفي مع الوقت الماركة الخاصة بسوق. كوم وستنتشر ماركة أمازون أكثر، ولكن هل ستستطيع أمازون الصمود في السوق العربية؟ هذا ما سنناقشه اليوم.
تخيلت أمازون أن شراء “الماركة” بما تحمله من نجاحات سيجعلها تحصل على قاعدة جماهيرية كبيرة، وعملاء حاليين بالفعل؛ فأمازون لم تشتر الماركة فحسب، بل أخذت معها كل العملاء الحاليين في سوق. كوم، والمُسوقين المخضرمين، والشركات اللوجيستية التي تتعامل معها سوق من مراكز البيع وشركات الشحن… إلخ بمعنى أدق قامت أمازون بشراء مؤسسة متكاملة كما نقول في مصر “شقة على المفتاح” ولكنها تجاهلت شيئا مهما جِدًّا وهو أن السوق العربي له أيديولوجيته المختلفة عن باقي أسواق العالم.
أول سوق كانت تستهدفه أمازون وتريد الانطلاق منه هو السوق المصري بسبب كثافته السكانية وشريحة الشباب العالية فيه، ولكن على الرغم من كل تلك المميزات التي فكرت فيها أمازون هل ستستطيع الوقوف بنفس الشموخ أمام التحديات والعقبات التي ستواجهها؟
لا أريد منكم أن تشعروا كما لو أني أتحامل على أمازون أنا فقط أُقدر القرارات الجريئة وأعلم أن عالم البزنس أساسه المخاطرة، ولكن لا يجب أن نغفل عن الحقيقة؛ لذا دعونا نتطرق لأهم العقبات التي ستعوق توسع أمازون في السوق العربي كما يلي:
1- المُحتكر لا يصل
أمازون تعتمد في سياستها على ابتلاع السوق لا أعرف هل لاحظتم ذلك أم لا، ولكن أمازون تسعى للقضاء على منافسيها من خلال السيطرة على منافذ الإنتاج والتصنيع، طبعًا لا يجب أن ننسى التسهيلات الحكومية التي تُقدمها مصر للمستثمرين، واستغلال فرق العملة في توظيف عدد كبير من العمالة. لاحظوا هنا أن السوق المصرية كانت تضم سوق. كوم، وجوميا، ونون، وهناك متاجر إلكترونية أنشأتها مصر مؤخرًا، ولكن الآن أصبحت أمازون حاضرة وبقوة بجانب جوميا ونون، دعونا نتخيل ماذا ستفعل جوميا في تجارتها المدعومة برأسمال يُقدر بنحو مليار ونصف مليار دولار أمريكي أمام شركة منافسة في نفس المجال تبلغ استثماراتها وأصولها الفرعية أكثر من تريليون دولار؟
أنا أتساءل كيف يمكن لشركة يبلغ رأسمالها الإجمالي حوالي مليار ونصف المليار دولار أن تصمد أمام شركة أخرى في المجال نفسه يبلغ حجم استثمارات وأصول فرعها الرئيس أكثر من تريليون دولار. هل أخبركم بالسيناريو الأسوأ؟ ستبدأ أمازون في التوسع في السوق المصرية وستفتح أسواقا جيدة لها في المنطقة العربية، وَتَدْرِيجِيًّا لن تجد نون وجوميا مفرا سوى قبول حل الاستحواذ أيضًا كما فعلت سوق. كوم إلا لو حدثت معجزة ما.
ستسألون الآن لماذا فكرت في سيناريو الاستحواذ مرة أخرى؟ دعوني أسرد لكم قصة شركة حفاضات في أمريكا نافست أمازون منذ فترة، وأرادت أمازون إعطائها درسا لن تنساه، حينها تلاعبت أمازون بالسوق وبنزاهة المنافسة، واستخدمت نفوذها في الضغط على شركة الحفاضات- النفوذ هنا يعني قوتها المالية واللوجيستية والقانونية والتقنية- لذا اضطرت الشركة لرفع دعوى قضائية ضدها، ولكن في النهاية قامت أمازون بالاستحواذ على الشركة، وعقب الاستحواذ قال المحللون الاقتصاديون إن مصير أيّ مُنافس لأمازون إما الاستحواذ أو تصفية أعماله.
منذ قليل حدثتكم عن معجزة ستُنقذ السوق العربية من احتكار أمازون، المُعجزة هي ظهور عملاق آخر يدمج نون وجوميا، وأيّ منصة تسوق أخرى تحت مظلته، ويبدأ بعلامة تجارية مُنافسة لأمازون، أنا أراه الآن متحمسا لدرجة أنه عاد بالفعل للمقالة السابقة، التي تحدثنا فيها عن كيفية مُنافسة أمازون.
2- النجاح يتوقف على الصمود
كنت أتخيل – قبل البدء في كتابة مقالة اليوم – أني سأخبركم بالعيوب التي تُعاني منها أمازون والثغرات التي تحول دون تفوقها في السوق العربي، ولكن بعد قراءتي لما بين السطور أدركت أن الأمر ليس بسيطًا لتلك الدرجة، ويحتاج لإستراتيجية أعمق، والآن دعوني أتقمص شخصيتي الشيطانية وأتحجج أن كل شيء مسموح في الحب والحرب، وأخبركم هل سينجح هذا العملاق في السوق العربي أم لا؟ منذ فترة قرأت خبر عن وجود مشاكل تقنية في البنية التحتية لأمازون، وعلى الرغم من وعود الشركة بأنها ستُصلح تك المشاكل إلا أنها لم تُحدد وقت معين لعلاج المشكلة نهائيًّا.
الآن دعونا نتخيل أن أمازون عالجت مشاكلها التقنية واستحوذت على جوميا ونون… في هذه الحالة هل نستطيع القول إنها نجحت في اقتحام السوق العربي؟ لا أعتقد ذلك لأن سياسة الاحتكار كما أخبرتكم من قبل لن تصمد طويلًا، ونجاح أمازون يتوقف على صمودها ضد مشاعر العملاء الذين سيشعرون بالاستياء من القرارات الناتجة عن سياسة الاحتكار؛ فلا يوجد شركة ستعتني بعملائها ولا بولائهم وهي تُغرد -وحدها- في سماء السوق؛ لذا لو استطاعت الصمود في الحفاظ على عملائها وجذب عملاء جدد؛ فذلك يعني أنها ستنجح بلا شك، ولكن دعونا نتحدث عن أخر سيناريو في الختام.
في الختام
لا يزال هناك سيناريو مُحتمل عزيزي القراء، ولكن دعوني أسألكم لماذا نستبعد الصين من حديثنا اليوم؟ الصين الآن تُعتبر أكبر تهديدا اقتصاديا لأمريكا، لا أريد الدخول في السياسة، ولكن لو أرادت الصين دخول السوق المصرية من خلال موقع علي بابا واستحوذت على كل مواقع التسوق الإلكتروني في المنطقة، وعلى رأسهم نون وجوميا، وقتها هل ستصمد أمازون أمام علي بابا؟
إجابة تلك الأسئلة تتوقف على خطط العملاق الجديد الذي يجلس الآن في مكتبه صامتًا، لا يُفكر في شيء سوى مُنافسة أمازون، يُخطط ويرسم المستقبل بمبدأ كل شيء مسموح في الحب والحرب وفي عالم الاقتصاد.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 29,562
أمازون يُذكرني بالفيسبوك حينما استحوذ على الواتس أب والانستجرام، ولكن هل ستكون النتيجة واحدة؟
link https://ziid.net/?p=100948