الشخصيات الأكثر انتفاعًا من العمل عن بعد
تؤثر أنماط الشخصيات المختلفة في جعل تجربة العمل عن بُعْدٍ إما أكثر سهولة أو صعوبة ومع ذلك توجد طرق للتأقلم مع العمل عن بُعْدٍ
add تابِعني remove_red_eye 158
قد يكون العمل عن بُعْدٍ أكثر سهولة على مجموعة من الناس خلال هذه الفترة التي أجبرت الجميع على العمل عن بُعْدٍ ولكن ثمة طرق للتأقلم والتعود. أجبِر العديد من الموظفين من مختلف أرجاء العالم على تقبل وتبني إيجابيات وتحديات العمل عن بعد خلال عشية وضحاها. ولقد اعتاد موظفو تقنية المعلومات العمل عن بُعْدٍ في العديد من الشركات منذ سنوات. ولكن اعتاد الكثير من الموظفين الآخرين على العمل التقليدي ولم يعتادوا على العمل بشكلٍ فاعلٍ في بيئة عمل عن بُعْد. وقد يكون من الصعب التأقلم على العمل عن بُعْدٍ وخصوصًا عند جمع شخصيَّات وقُدُرات مختلفة. ما هو الخيار الوحيد؟ التعود بسرعة.
العمل بجد
يُعَدُّ العمل عن بُعْدٍ صعبًا حتى في أفضل الظروف. فهو يخلو من التواصل وجهًا لوجه، ولذلك تضع فرق العمل عن بعد أهمية كبرى للتواصل والتنظيم.
هل بإمكان فرق العمل الاستمرار بالعمل بجد؟ هذا ممكن
أجرى ساندي ستابلز، بروفيسور في كلية سميث لإدارة الأعمال في جامعة كوينز في أونتاريو مع زملاؤه دراسة تحليلية قبل بضع سنين باستخدام نتائج وتحليلات (80) دراسة سابقة للبحث في الأثر الذي يتركه العمل عن بُعْد على فِرَق العمل.
والخبر السيئ هو أنه خلال مدة قصيرة (يوم أو أقل) واجهت فِرَق العمل التي شُكلِّت حديثًا للعمل عن بُعْد نتائج سلبية مقارنة بالفِرَق التي شُكلِّت حديثًا للعمل وجهًا لوجه، وتتضمن النتائج السلبية كثرة النزاعات وقلّة الرضا وقلَة تشارك المعلومات والأداء المنخفض.
أما الخبر السار فهو عدم انطباق هذا على الفرق التي عملت معًا لوقت أطول حيث أنهم اعتادوا.
هذا يعني أن الفرق الجديدة التي تحولت إلى العمل عن بُعْد مؤخرًا والتي واجهت بعض التحديات خلال ذلك ستعتاد وتتطور مع مرور الوقت.
ووضح ستابلز سببًا آخر يدعو للتفاؤل خلال هذه الأوقات الصعبة، وهو أن التعود على العمل عن بُعْدٍ على فريق عمل يعرف أفراده بعضهم بعضًا أكثر سهولة من تشكيل فريق عمل جديد يعمل عن بُعْد بفاعلية.
كما أخبر ستابلز:
“وبالرغم من أن الجائحة أجبرت الفِرَق على التحول للعمل عن بُعْدٍ خلال عشية وضحاها، فهم لن يكونوا فرق عمل جديدة. ويشير هذا بأنهم يعرفون زملاءهم ويفهمون اعتمادهم على بعض في أداء المهام، لذلك أتوقع بأن الطرق التي شكلت تحديات للفرق المذكورة في الدراسة لن تكون مماثلة لمن يعملون عن بُعْدٍ في ظل تفشي مرض فيروس كورونا المستجد”.
يُعَدُّ العمل مع الآخرين عن بُعْد أكثر سهولة إذا كنت تعرف زملاءك وأساليبهم في العمل جيدًا.
- ما هي متطلبات العمل عن بعد في ظل تفشي فيروس كورونا؟
- العمل عن بعد طوق النجاة أمام كورونا: نظرة من داخل أروقة الشركات الكبرى
- ١٧ نصيحة أقدمها لك من تجربتي في العمل عن بعد
التأقلم السريع
وبالرغم من جاهزية وتأهل الفريق للتأقلم على العمل عن بُعْدٍ ككُلٍّ، إلا أن القدرة والإمكانية على التغير قد تختلف من شخص لآخر. قد يكون التحول التام والانغماس الكلي في العمل عن بُعْدٍ والتواصل عبر مكالمات الفيديو والرسائل صعبًا في بداية الأمر على الأقل، وقد يُشكِّل تحديًا حتى على أعضاء فريق العمل الذين يعرفون بعضهم جيدًا. وهذا يعود إلى ما إن كان الشخص يستمتع بالتحديات والتجارب الجديدة ومستعدًا للتأقلم على العمل بطريقة مختلفة.
ويتعين إمعان النظر في نتائج دراسة أجراها أندي لوس، وهو عالم إداري في كلية سبيرز لإدارة الأعمال في جامعة ولاية أوكلاهوما. حيث درس هو وزملاؤه الصفات الشخصية وأساليب التفكير لما يزيد عن (150) طالبَ إدارة أعمال ومِنْ ثَمَّ قاسوا تفضيلاتهم لفرق العمل التي تعمل عن بُعْد.
نظرًا لفقدان فرصة لقاءات الصدفة في أحد الأروقة أو المحادثات الودية بين زملاء العمل بجانب بَرَّادَة المياه عند التحول للعمل عن بعد، فقد تعتقد أن أنماط الشخصيات الانطوائية والاجتماعية كانت أكثر أهمية وصلة بالتأثير على تفضيل العمل عن بعد. ومن المعروف بأن الأشخاص الاجتماعيين يستمتعون حين تسنح لهم فرصًا كثيرة للتواصل وجهًا لوجه مع الآخرين. ولكن الصفة الرئيسة والأهم هي الانفتاح على التجارب الجديدة (وهذا يتعلق بكون الشخص مبتكرًا وواسع المخيلة ومحبًّا لتجربة الأشياء الجديدة). حيث أظهرت نتائج الدراسة أن ذوي المستويات العالية في الانفتاح على التجارب الجديدة كانوا الأسعد للتحول للعمل عن بُعد وهذا بسبب قابليتهم ورغبتهم لتجربة طرق جديدة في العمل.
كون الشخص انطوائيًا أو اجتماعيًا يقلل من الانفتاح على التجارب الجديدة. وأخبر لوس بأنه على الرغم من تفضيل الشخصيات الاجتماعية العمل ضمن فِرَقٍ عن بُعْد مقارنة بالعمل وحدهم، إلا أنهم قد يعانون في ظل الظروف الصعبة التي تجبرهم على العمل عن بُعْد، وذلك بسبب غياب التواصل وجهًا لوجه.
وأردف لوس قائلًا: “يفضل الأشخاص الاجتماعيون العمل وجهًا لوجه مقارنة بالعمل عن بُعْد، حيث إن العمل عن بُعْد يقلِّل الطاقة التي يحصلون عليها من التواصل مع الآخرين. بينما يستنزف الانطوائيون الطاقة عند التواصل مع الآخرين بكثرة. ومع أنهم أكثر إنتاجية عند العمل وحدهم، ولكنهم أفضل في التأقلم على العمل في بيئة عمل افتراضية، بسبب قلة التواصل وجهًا لوجه ولكونه أقَلّ إرهاقًا لأذهانهم”.
لاحظ لوس أيضًا أن أسلوبك المفضل لاتخاذ القرارات ذو صلة. وقال: “من يفضلون اتخاذ القرارات بسرعة يفضلون العمل ضمن فِرَق عن بُعْدٍ أكثر ممن يحبون إجراء المحادثات الطويلة. نظرًا لأن بيئة العمل عن بُعْدٍ لا تساعد على إجراء المحادثات الطويلة ولا تسمح للنقاش وإبداء الرأي بكثرة فغالبًا ما يكون اتخاذ القرارات سريعًا وهذا يلائم بعض الأشخاص”.
ويتماشى هذا مع نتائج دراسة ألمانية حديثة، حيث سُئل مئات المهنيين ذوي الخبرة في العمل عن بُعْد أو العمل التقليدي عن أهم المهارات لطريقتهم في العمل من المهارات الثمانية. وصنف خبراء الفرق التي تعمل عن بعد مهارتين على أنهما الأكثر أهمية مقارنة بتصنيف خبراء فرق العمل التقليدية، وهما القدرة على القيادة واتخاذ القرار، ومن ثم تليها القدرة على التحليل والتفسير. تتضمن المهارة الأولى اتخاذ القرارات والعمل بثقة والمبادرة الذاتية. في حين تعني المهارة الثانية الكتابة والتعبير عن النفس بوضوح ودقة. إذا كنت تُقدّر لقاءات الصدفة كطريقة للتواصل مع شخص ربما عليك أن ترتِّب وقتًا لتفعل ذلك باستخدام التطبيقات الإلكترونية.
- ست نصائح في العمل عن بعد: كيف تؤدي كل المهام دون أن يشعر أحد بغيابك؟
- 5 نصائح للتغلب على تحديات العمل من المنزل
تغير الشخصيات
قد يكون البعض أكثر تأقلمًا واعتيادًا على العمل بطرق العمل عن بُعْد الجديدة عن غيرهم. وقد يكون للانطوائيين الواثقين من أنفسهم والقادرين على التعبير عن أنفسهم بوضوح واتخاذ القرارات بسرعة فرصة للتألق والتميز.
مع أن الأبحاث ليست شاملة، توجد بعض النتائج التي تقترح أن الفترة المكثفة من العمل التعاوني عن بُعْد قد تغير الشخصيات. قام ويليام سوارت وجودي سيجاو من جامعة كارولينا الشرقية بدراسة تجربة (85) طالب إدارة أعمال عملوا لمدة خمسة أسابيع ضمن فرق عمل عن بُعْد. وَجَد سوارت وسيجاو عند مقارنة درجات اختبار الصفات الشخصية للطلاب قبل وبَعْد فترة العمل عن بُعْد أن الطلاب حصلوا على درجات منخفضة في إحدى الصفات الشخصية الرئيسة المعروفة بالتجاوب وهي تتعلق بكونك لطيفًا ووديًا وواثقًا بالآخرين.
وتوقع الباحثون وجود علاقة بين كون الطلاب أكثر خبرة وتعودًا على إبداء وجهات نظرهم في الاجتماعات الافتراضية، ولكنه من الصعب أن يكون ترتيب الأدوار طبيعيًّا في محادثات الفيديو ولذلك قد ينتهي الاجتماع دون المشاركة في الحديث قط. أصبح الطلاب أكثر انفتاحًا وتقبلًا للتغيرات والتجارب الجديدة بعد انتهاء التجربة. وقد شرح ذلك سوارت وسيجاو بقولهما: “تعلم الطلاب أن يعبروا عن أنفسهم بوضوح حتى يستطيع الفريق تحقيق أهدافه”.
ولاحظ الباحثون بأن الأشخاص ذوي الشخصيات الأقل تجاوبًا وودية تَغَيَّرَت شخصياتهم بعد انتهاء التجربة إيجابيًا. كما أخبر سوارت “الجميع في نفس المركب وإن لم يجازفوا ويقدموا بعض التنازلات ويعملوا سويًّا فلن يكونوا قادرين على تحقيق الأهداف وسيواجهون عواقب وخيمة”. وسيكمل سوارت البحث عن معلومات حول الشخصيات وفي المستقبل القريب سيكون قادرًا على رؤية التغييرات التي أحدثتها فترة الإغلاق والحجر الصحي. قد يكون العمل عن بُعْدٍ صعبًا على بعض الشخصيات لأن العمل عن بُعْد يتطلب المزيد من التعاون والتنازلات.
تمكين الجميع
تُعَدُّ فِكْرَة تبني الجميع نوعًا متماثلًا من الشخصية لكي يجذبوا الانتباه ويعبِّروا عن أفكارهم خلال الاجتماعات الافتراضية غير جيدة. ولحسن الحظ، توجد طرق لخلق بيئة عمل إيجابية وحتى عند العمل عن بُعْد. وقال ستابلز: “بعض الأشياء التي تحدث بعفوية عندما نتواصل وجهًا لوجه نحتاج أن نرتبها ونحدد لها وقتًا عندما نعمل عن بعد”. ووضح ستابلز ذلك بمثال لمدير فريق عمل يعمل عن بُعْد والذي يأخذ بعض الوقت يوميًّا للاطمئنان على أعضاء الفريق وتحديد أعضاء الفريق وقتًا لمحادثات التي تجري وقت شرب القهوة وغيرها من المحادثات غير الرسمية عن بُعْد.
يعد تحديد وقت للمحادثات الجانبية عن بُعْد مهمًّا، وأيضًا من المهم اتخاذ الإجراءات البسيطة كالاتفاق كيف تعملون معًا (ويتضمن ذلك أيَّ أدوات التواصل الإلكتروني ستسخدمون) وكيف ستكون قواعد المشاركة والتفاعل مثل إعطاء الفرصة للجميع لأخذ دور إدارة الاجتماع.
كما يمكن للفرق تحديد وقت للقاء اليومي. وعادة ما يمارس هذه العادة الفرق المرنة التي تعمل في تطوير البرمجيات وتكون أهداف ومتطلبات الفريق دومًا متجددة. ويلتقون لقاءً قصيرًا لا يتجاوز خمس عشرة دقيقة، حيث يتحدث خلاله كل شخص عن ما فعله البارحة وما سيفعله اليوم ويلخص العوائق والمشكلات التي يواجهها. تساعد هذه الطريقة الفريق على تحديد المشكلات التي هم بحاجة لحلها.
يجب أن تهدف المحادثات غير الرسمية التي تجري وقت شرب القهوة وأي عادات تواصل أخرى جديدة إلى مساعدة الأشخاص ليشعروا بأنهم جزء من الفريق ودعمهم لبعضهم البعض، حتى يكون الأشخاص قادرين على طلب المساعدة من بعضهم عند الحاجة وعلمهم بأنهم سيحصلون عليها، وأن يتشاركوا الأخبار السارة والسيئة كذلك.
وهذا كله سيساعد على زيادة ما يطلق عليه علماء النفس بالأمان النفسي، وهو الثقة المتبادلة بين أعضاء الفريق والراحة بمعرفة أن الآخرين قادرون على مسامحتك إن أخطأت. وتُميز الثقة المتبادلة أيَّ فريق ذو كفاءة عالية سواء كان يعمل عن بُعْدٍ أم لا، كما سيكون مهمًّا للفرق التي تود النجاح في الشهور والسنوات القادمة كذلك.
add تابِعني remove_red_eye 158
مقال مهم حول العمل عن بُعْدٍ والعلاقة بين طبيعة الشخصية والإنتاجية
link https://ziid.net/?p=57910