خدعوك فقالوا: الملح الصيني ضار بالصحة

من أكثر الموضوعات إثارةً للجدل على شبكة الإنترنت : الملح الصيني وما أُثير حوله من جدلٍ كبيرٍ إذا ما كان يسبب الضرر لمن يتناوله أم لا ؟ المثير للعجب أن هذا الجدل الواسع لم يظهر على السطح إلا بعد انتشار وجبة الشعير الصينية سريعة التحضير والمسماة بالإندومي، رغم أن الملح الصيني موجودٌ منذ فترةٍ أطول مما تتخيل! فكِّر في عدد السنوات التي ظللت تتناول فيها الشيكولاته اللذيذة أو  الحلويات العالمية أو  حتى العصائر والمشروبات الغازية، لتعلم أنك تتناول الملح الصيني الموجود في كل هذه المنتجات كمعزز للنكهة!

ما هو الملح الصيني؟

الملح الصيني هو مادة بيضاء تشبه الملح العادي. يُصنّف ضمن الأحماض الأمينية واسمه العلمي غلوتامات أحادي الصوديوم. يُستخدم كمُحسِّن نكهة ؛ نظرًا لأنه يقوم بموازنة ومزج وتقريب الإحساس الكُلي للمذاقات الأخرى. تم إنتاج الملح الصيني على نحو تجاري منذ بدايات القرن العشرين، أي منذ أكثر من قرنٍ مضى؛ وليس منذ سنواتٍ قليلةٍ كما يظن البعض.

أضرار الملح الصيني :

تنتشر على مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي قائمة طويلة بأضرار الملح الصيني، وكالعادة يتسبب الانتشار في تصديق هذا الكلام بدون بحث ولا تدقيق ويصبح الأمر مُسلّماً به، ويتم تناقله والتحذير منه دون دليلٍ واضحٍ على صحته، هذه الأضرار المزعومة تشمل :

صداع، وألم في الصدر، ارتفاع ضغط الدم – مع العلم أن تأثيره على الضغط أقل من ملح الطعام العادي – وتورُّم الوجه، وتلف خلايا المخ،  والفشل الكلوي، وتهيج العين، واضطراب الهضم، واضطراب نشاط الغدة الدرقية، والربو الشُعَبِي، وفرط الحركة عند الأطفال، وزيادة سرعة نبضات القلب، والشلل الرعاش.

المضحك في الأمر أن كل من ينقل هذه الأضرار يحرص على ذكر أن هذه الأضرار ليست مثبتة بنسبة ١٠٠% وأنها قد لا تظهر إلا في حالة الإكثار من تناول الملح الصيني! أنا عن نفسي تناولت كميات هائلة منه طوال حياتي ؛ في الشيكولاته، والزبادي المحلاة، والحلويات والمشروبات الغازية والإندومي ولم يحدث لي شيء مما ذُكِر. لا أنا ولا أحدٌ من أقراني الذين عاشوا على هذه المأكولات. أمّا بالنسبة للإكثار منه؛ فأي مادة لو تناولتها بكثرةٍ ستسبب أضراراً بالتأكيد! قال تعالى : (وكُلوا واشربوا ولا تُسرفوا).

إذن، أين الحقيقة؟

تُعد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA من المنظمات العالمية الجادّة والموثوق بتقاريرها، وهي تعُد إضافة الغلوتامات أحادية الصوديوم إلى الأطعمة “معترف بها عمومًا على أنها آمنة”.[١]

وتقول في موقعها على شبكة الإنترنت*  أنه : “على الرغم من أن العديد من الأشخاص يعدون أنفسهم حساسين تجاه الغلوتامات أحادية الصوديوم، إلا أنّ الدراسات التي أُجريت مع هؤلاء الأفراد الذين أعطوا الغلوتامات أو  دواءً وهمياً، لم يتمكن العلماء من تقرير أن الآثار السلبية قد نتجت عن الغلوتامات”. “الغلوتامات لا يمكن تفرقتها – كيميائياً – عن الغلوتامات الموجودة في بروتينات الطعام، ويتم هضمهما وتمثيلهما غذائياً بنفس الطريقة”.

“يستهلك الفرد البالغ العادي ما يقرب من ١٣ جراماً من الغلوتامات كل يوم من البروتين الموجود في الغذاء، في حين أن تناول الغلوتامات أحادية الصوديوم المضافة يقدر بحوالي ٠.٥٥ جراماً في اليوم”.” وعلى مر السنين، تلقت ادارة الغذاء والدواء تقارير عن أعراض مثل الصداع والغثيان بعد تناول الأطعمة المحتوية على الغلوتامات أحادية الصوديوم. ومع ذلك، لم تتمكن مطلقًا من التأكد من أن الغلوتامات تسببت في التأثيرات المبلغ عنها”.

ومع كثرة التخوف من هذه المادة – رغم عدم ثبوت أضرارها – طالبت إدارة الغذاء والدواء المجموعة العلمية المستقلة اتحاد الجمعيات الأمريكية للبيولوجيا التجريبية (FASEB) بفحص سلامة الغلوتامات في التسعينيات. وخلص تقرير FASEB إلى أن الغلوتامات آمنة، وقد حدد تقرير FASEB  بعض الأعراض قصيرة الأجل والعابرة، مثل الصداع، الخدر، الاحمرار، الوخز، الخفقان، والنعاس التي قد تحدث في بعض الأفراد الحساسين الذين يستهلكون ٣ جرامات أو أكثر من الغلوتامات أحادية الصوديوم بدون طعام.

ومع ذلك، تحتوي الحصة النموذجية من الطعام مع الغلوتامات أحادية الصوديوم المضافة على أقل من ٠.٥ جرام من الغلوتامات أحادية الصوديوم. لاحظ أنه من المستبعد أن تستهلك أكثر من ٣ جرامات من الغلوتامات أحادية الصوديوم بدون طعام في وقتٍ واحدٍ.

الخلاصة :

الملح الصيني أو الغلوتامات أحادية الصوديوم آمنة كمكسّب طعم ومحسِّن نكهة، إلا أنه يُنصح بعدم الإكثار منها، كما يُفضَّل تجنبها من قِبَل الأشخاص المُصابين بالحساسية تجاهها.