رمضان في زمن الكورونا

يطلُّ علينا الشهرُ الفضيل في كل عام محمّلًا بالبهجة والسرور والأجواء الروحانية التي تقرّبنا من الله عز وجل وإقبال المسلمين على التّكافل الاجتماعي وموائد الرحمن، فهو شهر الرحمة والمغفرة وفي ثلثه الأخير عتقٌ من النار فنجد فيه الإقبال على فعل الخير أكثر من أي شهرٍ سواه. في ظلّ جائحة فيروس كورونا المستجدّ، تغير نمط حياة شتى سكان الأرض، وتغيرت سلوكياتهم، فقد لزموا العمل والدراسة من المنزل، والتزموا بالتباعد الاجتماعي والخروج من منازلهم فقط للضرورة القصوى وقضاء احتياجاتهم الأساسية.

قد يبدو الأمرُ مريبًا بعض الشيء في شهر رمضان المبارك، ولعلّ أكثر ما نفتقده هو صلاة التراويح في المساجد والعمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي الشريف، وكذلك العزائم الرمضانية نالها نصيبٌ من الفقد فحال الحجر الصحي وحظر التجول في بعض الدول بين الناس وبين الزيارات العائلية وزيارات الأصدقاء.

ولكن يولد الأمل دائمًا من رحم المعاناة، والفرصةُ تُصنع من الخيبة، وبطبيعة الإنسان المحبّ للحياة دائمًا، بإمكانه أن يصنع أجواءً فريدة لرمضان ويسابق لفعل الخير ويكسر رتابة الحجر المنزلي، وإليكم أبرز ما يمكن فعله في المنزل خلال شهر رمضان:

صلاة الجماعة

خصص ركنًا من المنزل لتصلي الصلوات في جماعة مع أهل بيتك، واجعل لصلاة التراويح نصيبًا من هذا الركن، فذلك يمنحك شعورًا روحانيًا مع عائلتك ويمنحك ترابطًا أسريًّا جميلًا.

حلقات العلم

اجعل بيتك قاعةً مصغرةً لدروس العلم، وخصص وقتًا تجتمع فيه العائلة بعيدًا عن الأعباء المنزلية وتتناقشون في قضية معينة، واقترح أن يتولى في كل مرة فرد من أفراد العائلة زمام الأمور ويقوم بشرح فكرة معينة للآخرين، فذلك يعزز لديهم البحث العلمي والاستطلاع والقراءة.

9 كتب يجب أن تقرؤها لتحسين نفسك في رمضان

كيف تختار الكتب التي تقرؤها في رمضان؟

زيارة إلكترونية!

في الآونة الأخيرة، ظهرت برامج الاجتماعات المرئي والمسموع بشكل أكبر عن ذي قبل، فأصبحت بمساعدة الإنترنت وتطبيقات التكنولوجيا المتطورة قادرًا على أن تجري اتصالًا مرئيًا ومسموعًا أينما وجدت على رقعة هذا الكوكب.

اجلس مع العائلة وتزينوا بملابس الخروج من المنزل -قد يبدو الأمر مضحكًا قليلًا- وتواصلوا مع الأقارب والأصدقاء، لعلّ ذلك يخفف من الشوق للاجتماعات والزيارات التي اعتدنا عليها سابقًا في شهر رمضان.

موائد الرحمن

كي تستعيد العائلة بعضًا من الشغف أثناء تحضير طعام للولائم والعزائم، من الجميل أن تخصص الأسرة بمساعدة جميع أفرادها يومًا لإعداد قائمة طعام كما لو أنهم أعدوها لوليمة، وتقوم الأسرة بتوزيع الأطباق الشهية على الجيران والمحتاجين في الحيّ، فذلك يقوي لديهم روابط المحبة والتكافل الاجتماعي من جديد ويعوضهم عن ما فقدوه من تواصل مع الأحبة. بالطبع، لا ننسى أسس وقواعد التعقيم أثناء إعداده وإرساله للجميع ونلتزم بارتداء القفازات والكمامات، فالصحة خلال هذه الجائحة هي أسمى أولوياتنا.

7 قيم يمكنك أن تفعلها في رمضان مع طفلك  

التعامل مع الحالة النفسية في رمضان وفي ظل كورونا

مساحة شخصية

حدد ساعة من يومك لنفسك، وابتعد عن التواصل واستخدام الهاتف النقال، اجعل هذه الساعة على قائمة مهامك، بإمكانك أن تمارس فيها اليوغا، أو تجلس في غرفتك وتشاهد برنامجًا تثقيفيًا، أو تتعلم شيئًا جديدًا.

انفصل عن محيطك واستجمع أفكارك وقم ببناء خطط أو قم بتدوين ما يخطر ببالك على ورق، مع مرور الأيام سوف تصبح تستثمر هذه الساعة الشخصية في أشياء مفيدة لم تكن تخطر على بالك إطلاقًا.

استراحة العائلة

في الحقيقة، فإن العائلة تتواجد مع بعضها البعض طيلة اليوم ولكن لكل منهم عمل عليه أن ينجزه، فيجتمعون على مائدة الإفطار ومن ثم يهمّون لاستكمال وظائفهم. عند الانتهاء من الأعمال والمهام الموكلة لأفراد العائلة، حان الآن وقت الاستراحة! فليكن للعائلة وقتٌ ممتع يجلسون مع بعضهم من أجل التسلية، فبإمكانهم مشاهدة التلفاز معًا أو القيام بألعاب جماعية مسلية داخل المنزل مثل لعبة شد الحبل أو السينما الصامتة.

ثلاث نصائح لاستثمار شهر رمضان بفاعلية 

تهجّد الثلث الأخير

في هذا الشهر الفضيل، أكرمنا الله عز وجل بليلة هي من أعظم ليالي الدنيا وخيرٌ من ألف شهر، ليلة القدر. كان الكثير من المسلمين  يقومون بإحياء العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك في المساجد ونأمل من الله عز وجل أن يذهب عنا البلاء وتعود الحياة لما كانت عليه.

في ظل الإغلاق التام، ربما لن تستطيع بعض الدول القيام بالتهجد في المساجد في الثلث الأخير من الشهر ولكن لهذه الأيام قيمة عظيمة في كل الأوقات، فعلى المرء اغتنامها في قيام الليل والدعاء، لعلنا ندرك ليلة القدر بإذن الله.