تحتاج تربية الأطفال إلى الكثير من الوعي والكثير من الاهتمام والتركيز؛ حيث نكون بصدد التعامل مع كائن شديد الحساسية لكل ما يواجهه ويتعامل معه من مواقف وأحداث ومؤثرات، بمعنى تأثره الشديد بجميع التفاعلات اليومية في محيطه (خاصةً ضمن أسرته). وتعد الثقة بالنفس من أهم وأخطر الصفات التي تؤثر في حياة الطفل، والتي هي -بالأساس- صفة مكتسبة وليست فطرية، مما يعني أن للأبوين الدور الرئيس في تنشئة طفل يثق بنفسه ويقدّرها ويستطيع التعامل مع المجتمع أو يعاني من العكس.
ونظرًا لسهولة تشكيل شخصية الطفل وزرع الكثير من الصفات الحميدة والقيم الأخلاقية داخله، فمن المهم أن نركز على غرز هذه القيمة داخله. فقد يتمكن من افتقد هذه الصفة في طفولته أن يكتسبها في كبره، لكن ذلك سيتطلب الكثير من الجهد والدعم والمحاولة المستمرة.
في هذا المقال، سنستعرض سويّةً بعض الخطوات البسيطة التي تساعد المُربي فى تشكيل ثقة الطفل بنفسه.
1- احترام الطفل وعدم إهانته
وذلك بغض النظر عن صغر سنه (وخاصًة أمام الضيوف والغرباء)، ومن مهم أيضًا ألّا نسمح لأحد بإهانة الطفل أو إحراجه (والتدخل بشكل مباشر عند اللزوم). ولا بد أن يشكّل الأبوان حائط صدّ للطفل يحميه من أي تنمر خارجي. إن إهانتنا للطفل أو السماح لأي شخص بفعل ذلك يضعنا أمام طفل مهزوز ضعيف الشخصية، والأدهى من ذلك: إن تعامل الأبوين مع الطفل بشكلٍ مهين، فهذا يوصل للطفل رسالة مفادها ان هذا الأسلوب في التعامل “طبيعي”، فيتقبله فيما بعد من الآخرين ويسمح لهم بإهانته أو الاستخفاف به!
كيف تحاورين طفلك بشكلٍ فعّال؟
2- توضيح خطأ الطفل -بشكل موضوعي- عندما يقع فيه
والتركيز على حقيقة أننا كارهون للتصرف الخاطئ (لا للطفل نفسه)، مع تجنب معاتبته ومحاسبته أمام الآخرين.
3- إظهار الحب والمشاعر الإيجابية للطفل
إضافةً لتقبيله واحتضانه بشكل دائم حتى يشعر بمدى حبنا له، ومن المهم أن نُبقي ذاك الحب غير مشروط: فلا نقول للطفل “إذا فعلت كذا سأحبك”، فهذه الجملة الخطيرة مفادها بالنسبة له أننا نحبه فقط إذا تصرف بشكل صحيح ونكرهه إذا أخطا، في حين أن الرسالة التي نودّ إيصالها هي: (نحن نحبك في كل الأحوال) ولا بد أن يصل إليه ذلك الشعور. لأن الحب المشروط يٌشعر الطفل بعدم الأمان ويُزعزع ثقته في نفسه.
4- عدم مقارنة الطفل بأقرانه
فالمقارنة قاتلة تُفقد الطفل ثقته في نفسه وتُورثه مشاعر النقص والحسرة تجاه نفسه.. والحقد والكره تجاه الآخرين، وغنيٌ عن الذكر انها تقضي تمامًا على ثقته بنفسه.
5- الثناء على الطفل عندما يتصرف بشكلٍ جيد
لا بدّ دائماً أن نشجعه ونردد -على مسامعه- عبارات إيجابية عن نفسه، فهذا كفيل بتشجيعه ورفع معنوياته والمساهمة في تحسين سلوكه، كما أن ترديد الرسائل والتأكيدات الإيجابية على مسامع الطفل يجعلها تترسخ في عقله الباطن ليترجمها فيما بعد إلى سلوك.
تعلمي كيف تحفزي طفلك ليصبح أكثر ثقة في نفسه
6- تدريب الطفل منذ صغره على تحمل بعض المسؤوليات المنزلية
بحيث نبدأ معه بالتدريج حسب عمره؛ فيرتب ألعابه وملابسه وسريره، ثم نتدرج معه في المساعدة في المهام المنزلية (مثل تجهيز المائدة ورفعها ومسح الأسطح وترتيب الأطباق وأدوات الطعام في أماكنها وطي الملابس وغيرها من المهام المنزلية البسيطة)، والتى تُعزز ثقته بنفسه وتمنحه شعورًا بأنه شخص فعّال في الأسرة ويُعتمد عليه.
7- إشراك الطفل في بعض القرارات العائلية البسيطة
مثل اختيار مكان فسحة نهاية الأسبوع أو اختيار وجبة الغداء في يوم العطلة، ومشاورة الأطفال في بعض القرارات العائلية الحيوية إذا كانوا في سن أكبر، فيشعر الطفل أن رأيه مهم ويؤخذ في الاعتبار مما يعزز ثقته بنفسه وقدرته على التفكير والاختيار.
8- منح الطفل انتباهنا الكامل عندما يتحدث إلينا
والإصغاء إليه جيداً دون الانشغال عنه بأي شئ آخر، مع حرصنا على التواصل البصري ليشعر بالاهتمام والاحترام، ولا شكّ أن لمثل هذه التصرفات تأثير إيجابي عليه (فاحترامه لنفسه مستمد من احترامنا له). فينشأ واثقاً من نفسه معتداً بشخصيته محترماً لذاته.
تعرفي على مواطن القوى لدى الأطفال
9- إعطاء الطفل تأكيدات إيجابية عن نفسه
لا يمكننا التأكيد بما يكفي على هذه النقطة، فهي من أخطر النقاط في التربية وتحتاج لوعي كامل من الوالدين، لا بدّ أن يُدرك الأباء مدى خطورة الكلمة في رحلتهم لتربية الأطفال، فما يتفوه به الأبوان يشكّل صورة الطفل عن نفسه، وبالتالي من المهم جدًا أن نردد علي مسامع الطفل كل ماهو جميل عن نفسه .
فنقول له: (أنت جميل، أنت رائع، أنت بطل، أنت مهذب) فتترافق عملية التهذيب والتربية وتصويب الأخطاء مع الكثير من التشجيع والدعم وغرس التقبل والرضا بداخل الطفل، فعلى سبيل المثال: إياك أن تنتقد شكل الطفل كلون بشرته أو شكل شعره، أو تسخر من ملامحه (حتى ولو كان دميمًا)، لذا لنحاول دائماً أن تكون رسائلنا عن شكله ومظهره إيجابية مع غرس قيمة أن التفاضل بين الناس عند الله بالتقوى والأخلاق وليس بالشكل أو مقدار الجمال.
وبذا يصبح الطفل واثقاً من مظهره محباً لنفسه متصالحًا معها، متقبلاً لشكله بالصورة التي خلقه الله عليها، وحينها نكون قد رحمناه من شبح الشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس، وأيضاً ساعدناه في حماية نفسه من التنمر الموجود في المجتمع بشكل فج لأن نفسيته ستكون أقوى وثقته بنفسه أكبر.
10- إشراك الطفل في أنشطة اجتماعية ورياضية بحسب عمره
فالاحتكاك بالمجتمع يزيد من خبرات الطفل ويساعده علي التعلم عن طريق التجربة، إضافة لإفساح المجال أمامه لممارسة الكثير من التطبيقات العملية لما نعلّمه إياه من قيم وسلوكيات.
على صعيدٍ آخر، تعزز ممارسة الرياضة من ثقة الطفل بنفسه وتساعده على الانخراط بالمجتمع بشكلٍ أكبر، كما وتسهّل عملية تقبّله لفكرة المكسب والخسارة.
في الختام،
استعرضنا فيما سبق مجموعة من النقاط والتي قد تساعد الأبوين -من وجهة نظري- على غرس الثقة بالنفس في أطفالهم.
مقال هام لكل أب وأم حول إكساب الطفل الثقة بالنفس
link https://ziid.net/?p=46112