لماذا لا نستفيد من الدراسة الجامعية في الحياة العملية؟
الدراسة الجامعية تختلف اختلاف كبير عن الحياة العملية، وهذا ما يصدم العديد من الشباب الصغير الذي تخرج من الجامعة حديثًا
add تابِعني remove_red_eye 11,872
يعاني كثير من شبابنا من صدمة كبيرة بعد التخرج مع الجامعة ودخول سوق العمل، حيث يكتشف أن هناك فجوة كبيرة بين الدراسة الأكاديمية التي درسها طوال فترة وجوده في الجامعة، ومتطلبات الوظيفة في الحياة العملية، ويجد أنه في حاجة لتعلم كل شيء حول الوظيفة من الصفر كمبتدئ، وعلى الرغم من أن الدراسة الجامعية تختلف بالفعل عن الحياة العملية في كل دول العالم، إلا أنها تختلف عنها بنسب معينة، الأمر الذي يختلف تمامًا عما يعاني منه الشباب في دول العالم الثالث، والتي يختلف فيها العمل عن الدراسة الجامعية بنسبة 100%، وكأن الطالب درس كل هذه السنوات عبثًا دون أن يحقق أي استفادة عملية تذكر.
الفجوة بين الدراسة الجامعية والحياة والعملية
لا شك أن التعليم الجامعي مهم، إنه يزيدك خبرة “علمية” ويوسع من مدارك فكرك، كما أنه يؤهلك لإيجاد وظيفة في سوق العمل أسهل من الأشخاص الذين لم ينالوا حظهم من التعليم الجامعي، حيث إن هناك مِهنًا معينة تطلب أن يكون الشخص المتقدم لها حاصل على مؤهل جامعي حتى وإن كان لا يمتلك أي خبرة عملية بعد، أيضًا فإن متوسط دخل الموظف الحاصل على شهادة جامعية يكون أعلى من غيره بحسب العديد من الإحصاءات التي تمت على رأسها دراسة سويدية.
المشكلة هنا هو أن الطالب الجامعي يظل يدرس (4) سنوات على الأقل في الجامعة، وبعد التخرج يتقدم للالتحاق بسوق العمل فيتفاجأ من كونه لا يعلم شيئًا، وأن دراسته الجامعية أمر ومتطلبات الوظيفة أمر مختلف تمامًا، وأنه سيتعين عليه أن يبدأ من الصفر لتعلم المهام التي يجب أن يقوم بها في وظيفته، ربما هذا يكون محبطًا له بعض الشيء، إلا أنه ومع الأسف فإن التعليم في الكثير من الدول –لاسيما دول العالم الثالث– التي لا تهتم بصورة فعلية بالتعليم تعاني من هذه المشكلة، لذا يجب على أفرادها تأهيب أنفسهم لذلك والبدء بسلوك طرق إضافية لتسهيل حياتهم العملية بعد التخرج.
أسباب الفجوة بين الدراسة والعمل
هناك أسباب متنوعة تجتمع في دول وتتفرق في دول أخرى هي ما أدت إلى حدوث فجوة كبيرة بين الدراسة والعمل، ونتج عن هذا أننا أصبحنا لا نحقق أي استفادة من الدراسة في الحياة العملية:
1- انخفاض جودة التعليم
لا شك أن العديد من الدول تعاني من انخفاض شديد في جودة التعليم، بداية من المناهج العقيمة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وصولًا إلى الأعداد الكبيرة المطالب منها المكوث في مكان واحد وتلقي نفس الشرح على اختلاف قدراتهم ومستوياتهم!! أعتقد أن سوء إدارة العملية التعليمية هو ما يتسبب بحدوث فجوة كبيرة بين التعليم والعمل، ويعيق الخريج من تحقيق أي استفادة من الدراسة في عمله الجديد.
وما يلزم لعلاج هذا الوضع يحتاج سنوات طويلة جدًّا من الإصلاح الحقيقي والفعال، لا يحتاج إلى هؤلاء الأشخاص الذين يديرون العملية التعليمية بهذه الطريقة غير المجدية، وإنما يحتاج لأشخاص ترغب في تحقيق تغيير فعلي وجذري، أشخاص مطلعة على أحدث المناهج الدراسية في أفضل مدارس وجامعات عالمية كما يحدث في اليابان على سبيل المثال.
2- قلة الموارد المالية
الدول التي تعاني من فجوة كبيرة بين التعليم والعمل تعاني من قلة شديدة في الموارد المالية لأسباب كثيرة لا داعي لأن نبدأ في سردها، وأعتقد أن قلة الموارد المالية في مجال التعليم –لا سيما الجامعي– هو ما يتسبب في انخفاض جودته أكثر، ففقر وعجز الإمكانات يعيق تطوير أي شيء في مجال التعليم، وبالتالي ينتج قصور شديد يؤدي لتفاقم المشكلة أكثر.
3- زيادة العرض مقابل الطلب
إن الوظائف المطلوبة في سوق العمل تكون أقل بكثير من عدد الخريجين، ولهذا نجد أن معظم الخريجين لا يعملون في وظائف مناسبة لمجالهم الجامعي، والسبب في هذا هو عشوائية الجامعات في ترك المجال مفتوحًا لكل من يريد أن يدخل لأي تخصص أو أي قسم من الأقسام، حتى مع علمهم أن سوق العمل لا يحتاجه، وهذا أدى لزيادة نسبة البطالة أكثر، ولو كان هناك توزيع منطقي غير عشوائي للتخصصات لكان الوضع أفضل بكثير في هذه الناحية.
4- الاعتماد على التعليم النظري فقط
للأسف تعتمد الكثير من الدول على التعليم النظري فقط، وهذا من أكبر الأسباب التي تؤدي لحدوث فجوة كبيرة بين التعليم والعمل، فكيف يمكن أن يستفيد شخص من التعليم الجامعي في مجال العمل وهو لم يطبق أي شيء على المستوى العملي، وكل ما درسه مجرد كلام نظري فقط، التطبيق يختلف تمامًا عن الكلام، ولو كانت الجامعات تتبع جوانب نظرية وعملية في نظامها في كل التخصصات لما كان الوضع بهذا السوء، إلا أن هناك تخصصات قليلة جدًّا هي ما تتطلب وجود جانب عملي، لهذا نجد أن خريجيها يكون لديهم قاعدة كبيرة من المعرفة أثناء العمل بحيث لا يبدؤون من الصفر، ومع الوقت تزيد خبرتهم ويصبحوا متمرسين أكثر، مثل: كليات الطب، تخصص الموسيقى أو الرسم وغيرهم.
ما الحلول التي يجب على الطالب الجامعي تطبيقها لحل هذه المشكلة؟
بما أن الوضع التعليمي في العديد من الدول كما ذكرنا بهذا الشكل، وبما أن عملية الإصلاح ستأخذ الكثير من الوقت –هذا إذا بدأت من الأساس– لذا يجب على الطلاب الجامعيين أن يأخذوا الحلول التالية بعين الاعتبار لتصغير حجم الفجوة بين التعليم وسوق العمل:
التدريب
يمكن للطالب الجامعي أن يتدرب في مجال تخصصه وهو يدرس، هذا سيساعده على اكتساب خبرة لا بأس بها، بحيث أنه بحلول التخرج سيكون مؤهل للبدء في سوق العمل مع قاعدة جيدة من المعرفة التي يمكن تطبيقها، وليست المعرفة النظرية التي ينقصها التدريب والتطبيق، ويمكن التدريب في الكثير من الأماكن بدون مقابل مادي أو بمقابل رمزي، والعائد والاستفادة الحقيقية ستكون بعد التخرج.
الدورات
الجامعة لن تعلم الطالب الكثير من المهارات، لذا يجب على الطالب أن يتعلم هذه المهارات بنفسه من خلال حضور الدورات التعليمية، وأنصح دائما بالبدء في دورة لتعلم الإنجليزية لأن أي عمل مهما كان في أي دولة من الدول سيطلب لغة إنجليزية من متوسطة إلى ممتازة، وأيضًا دورة الـ (ICDL) والتي تحتاج لها الكثير من الوظائف، لذا ابدأ في هذه الدورات العامة وقم بإضافة أي دورات أخرى ذات صلة بمجال تخصصك.
التثقيف الذاتي
الكثير من الطلاب لا يمتلكون الدعم المالي الكافي لأخذ دورات، لذا يأتي دور التثقيف الذاتي لحل هذه المشكلة، يمكنك بمجهود أكبر قليلًا أن تأخذ كل ما تحتاج له من دورات مجانًا من خلال التثقيف الذاتي، فاليوتيوب على سبيل المثال مجتمع مليء بكل أنواع الفيديوهات والدورات التي تساعدك على التعلم مجانًا، الأهم أن يكون لديك رغبة حقيقية في التعلم، وإصرار ودافع على الوصول وتحقيق ما تريد.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 11,872
مقال هام حول الدراسة الجامعية واختلافها عن الحياة العملية
link https://ziid.net/?p=71335