من هي أول امرأة جلست على عرش مصر بعد الفتح الإسلامي
تولت شجرة الدر السلطنة في سابقة لم تحدث في تاريخ الدولة الإسلامية، وأنهت الخطر الصليبي القادم نحو مصر بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع
add تابِعني remove_red_eye 21,236
رأينا في عصور ما قبل الإسلام نماذج لملكات حكمن مصر على مر التاريخ، ففي زمن الفراعنة جلست على عرش مصر الملكة حتشبسوت 1479_1458ق.م، وفي عصر البطالمة رأينا كليوباترا تحكم مصر، وغيرهم من الملكات اللاتي جلسن على عرش مصر على مر التاريخ، لكن هل سمع أحد عن المرأة الوحيدة التي جلست على عرشٍ في ظل الدولة الإسلامية؟
شجرة الدر
كانت شجرة الدر جارية السلطان الأيوبي نجم الدين أيوب –سابع سلاطين الدولة الأيوبية– وولدت له ابنه خليل، فتزوجها نجم الدين أيوب، وكانت شجرة الدر امرأة ذكية وجميلة فنالت مكانة كبيرة عند الملك نجم الدين أيوب. أما عن أصل شجرة الدر فقيل إنها من أصل تركي، وقيل إنها من أصل أرمني، وأيًّا كان أصلها فهذا غير مهم، المهم أنها الآن في قصر سلطان مصر، مما فتح أمامها الطريق بعد وفاة زوجها السلطان الكامل نجم الدين أن تجلس على عر ش مصر، فأصبحت شجرة الدر بذلك أول امرأة تجلس على العرش في الدولة الإسلامية.
شجرة الدر على عرش مصر
توفي نجم الدين أيوب في وقت حرج؛ حيث كانت القوات الصليبية في طريقها لاحتلال مصر، ولكن شجرة الدر أدركت أنه ليس من الصواب، وليس من مصلحة البلاد إعلان نبأ وفاة السلطان، حتى لا تضعف معنويات الجنود الذين كانوا على أهبة الاستعداد لمحاربة الصليبين، فقررت أن تخفي نبأ وفاة السلطان إلى حين انتهاء الحرب مع الصليبين، وبالفعل تم نقل جثة السلطان سرًّا إلى قلعة الروضة، وفي نفس الوقت كان أطباء السلطان مستمرين في الدخول إلى غرفته كل يوم كما لو كان حيًّا بأمر من شجرة الدر.
حتى لا يلاحظ أحد في القصر أي شيء ويتسرب الخبر، والأكثر من ذلك أن طعام السلطان وعلاجه كان يدخل كل يوم على مرأى جميع من في القصر كما كان حيًّا، وتولت شجرة الدر إدارة جميع شئون الدولة نيابة عن السلطان كما لو كان حيًّا، وكانت أوراق الدولة الرسمية تخرج وعليها ختم السلطان.
شجرة الدر وإنهاء الخطر الصليبي على مصر
ولا يستطيع أحد ينكر أن ما فعلته شجرة الدر كان في منتهى الحكمة والذكاء فأنقذت البلاد من خطر محكم، ولمدة ثلاثة شهور تقود البلاد، وتتابع سير المعارك مع الصليبين، وقامت بتعين الأمير فخر الدين قائدًا لجيوش مصر، وبعد الانتصار على الصليبين في معركة المنصورة، ووقوع الملك لويس التاسع ملك فرنسا أسيرًا في أيدي المصريين قامت بالتفاوض مع لويس التاسع على شروط للصلح لكي تطلق سراحه.
وبالفعل تم الاتفاق على أن يقوم لويس بتسليم مدينة دمياط للمصريين، وأن يدفع لويس فدية كبيرة بلغ قدرها 800ألف درهم، نصفها قبل إطلاق سراحه، والنصف الآخر بعد عودته إلى عكا، وبالفعل تم إطلاق سراح لويس التاسع ومن معه من الأسري، وكان من ضمن شروط الصلح ألّا يقترب لويس من مصر ثانية. وبذلك انزاح الخطر الصليبي الذي كان يهدد مصر بفضل ذكاء وفطنة شجرة الدر.
شجرة الدر والبيعة
بعد إنهاء الخطر الصليبي على مصر أعلنت شجرة الدر وفاة السلطان، بل وأخذت البيعة لنفسها، وأصبحت سلطانة مصر، ونقش اسمها ولقبها على النقود، وكان لقبها “المستعصية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنين”.
تنازل شجرة الدر عن العرش لعز الدين أيبك
على الرغم من النجاح والكفاءة التي أبدتهم شجرة الدر في حكم و إدارة مصر إلا أن حكمها لمصر لم يدم طويلًا، ولم يكن السبب تهديد من عدو أو فشل في الإدارة؛ بل إن جلوس امرأة على عرش المسلمين قد أثار رفضًا واستنكارًا كبيرًا في كافة أنحاء الدولة الإسلامية، فرفض العلماء في مصر جلوس امرأة على عرش مصر، بل ورفض الشعب المصري أيضًا، فخرج الشعب المصري في مظاهرات يعلن رفضة لولاية شجرة، وحتي الخلافة العباسية أبدت استنكارها وانزعاجها من ذلك الأمر، وكتب الخليفة العباسي برسالة إلى المماليك في مصر يقول فيها: “إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتي نسير لكم رجلًا”.
لم تجد شجرة الدر مفرًّا من التنازل عن الحكم، ولكنها اهتدت إلى أن تتزوج عز الدين أيبك أتابك العرش، وتتنازل له عن العرش، وتحكم البلاد من خلاله، خاصة أن عز الدين أيبك لم يكن قوي الشخصية، وظلت شجرة الدر فترة مسيطرة على أيبك وعلى كافة أمور الدولة، إلى أن انقلب عليها أيبك بعد أن أحكم قبضة الحكم، وتخلص من منافسيه وأعدائه، كما قرر الزواج من امرأة أخرى غير شجرة الدر وهي ابنة بدر الدين لؤلؤ حاكم الموصل، فقررت شجرة الدر التخلص من أيبك لتحتفظ لنفسها بحكم مصر.
التخلص من عز الدين أيبك
بعد أن علمت شجرة الدر بنية عز الدين أيبك من الزواج من ابنه حاكم الموصل قررت التخلص منه، وبالفعل استدعته إلى القلعة ونفذت خطتها ليلًا، وادعت أن أيبك قد توفي فجأة في الليل، غير أن مماليك أيبك لم يصدقوا شجرة الدر، وقاموا بالقبض عليها وتسليمها لزوجة عز الدين أيبك وأم ولده.
مقتل شجرة الدر
أمرت زوجة أيبك جواريها بقتل شجرة الدر، ولا نعلم حقيقة الطريقة التي قتلت بها شجرة الدر، فقد قيل إنها قتلت ضربًا بالقباقيب، وقيل إنه ألقي بها من فوق أسوار القلعة، وبغض النظر عن الطريقة التي قتلت بها شجرة الدر، فبموتها طويت صفحة واحدة من أعظم نساء عصرها، وواحدة من أعظم النساء في التاريخ، فما قدمته شجرة الدر لمصر في ظل المحنة والحرب لم يكن بالشكل الهين، فقد وقفت موقف الرجال في وجه الصليبين، وخلصت مصر من الخطر الصليبي. فرحم الله شجرة الدر، وتجاوز عن سيئاتها.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 21,236
كل ما تريد معرفته عن حاكمة مصر العظيمة شجرة الدر
link https://ziid.net/?p=91914