كأس العرب ٢٠٢١ قمة الإبداع والحضارة

شهدت قطر بطولة رائعة على كل الأصعدة، عندما نظمت كأس العرب ٢٠٢١، والتي جاءت ممتعة ومثالًا حضاريًا لكل من أراد أن يتعلم الرقي، والأخلاق واحترام الآخر، ومثالًا للمهارة والإبداع لمن أراد أن يمتع نفسه بالمراوغات والتكتيكات، ومثالًا للتعليق الرياضي لمن أراد أن يستمتع بالتعليق المثالي والحكيم، بل ومثالًا لكل بلد تريد تنظيم بطولات كبرى فتصوب وجهها نحو بطولة كأس العرب قطر ٢٠٢١.

 تنظيم يفوق الخيال

نجحت قطر ونجح العرب، وفاز المشاهد العربي بالفخر أنه يشاهد منتخبات بلاده وشقيقاتها العربية تتنافس بكل مهارة؛ فأصبحت هذه البطولة مثالًا رائعًا من حيث تنظيم المعسكرات، ولم تتعارض المنتخبات فيما بينها من حيث ملاعب التدريبات وتوقيتها، ورغم شدة المنافسات بين تلك المنتخبات فإننا لم نجد أية مناوشات بين الجماهير، كما شهدت البطولة تصويرًا احترافيًّا عظيمًا وتغطية إعلامية رائعة.

روائع المعلقين

كما استمتعنا بفنيات كرة القدم داخل المستطيل الأخضر، أمتعنا المعلقون بكل حيادية وحماسة واحترافية، فعن نفسي كنت في حيرة من أمري؛ أتابع حفيظ دراجي أم عصام الشوالي  أم أحمد الطيب أم الكثير والكثير؛ كلهم رائعون، كلهم متألقون، يزيدون فوق جمال المباريات جمالًا.

 بطولة الديربيات

من أهم عوامل نجاح أي بطولة هي شدة التنافس بين الفرق الكبرى، وشهدت بطولة كأس العرب عدة ديربيات لدرجة الحيرة في تحديد أيهما الأقوى، ففي دور المجموعات التقى المنتخبين المصري مع الجزائري؛ وما أدراكم ما معنى مباراة يكون طرفاها الفراعنة ومحاربو الصحراء، شهدت سجالًا رائعًا، وكنت أتساءل أهناك مباريات يمكن أن تشهد حماسة أكبر من ذلك؟

لتجيب الجزائر مجددًا وتؤدي مباراة رائعة وحماسية جدًّا أمام منتخب قوي جدًّا جدًّا جدًّا وهو المنتخب المغربي العنيد، والتي تعتبر من وجهة نظري أهم مباراة على الإطلاق ببطولة العرب منذ تأسيس هذه البطولة، ثم جاءت مباريات حماسية أخرى لم تكن في الحسبان مثل الأردن ومصر حيث أدى النشامى مباراة ممتازة وأحرجوا الفراعنة (منتخب مصر … بلدي) في مباراة جعلتني أنا كمصري أرفع القبعة احترامًا للمنتخب الأردني الكبير.

قطر والجزائر (السوبر الافروآسيوي)

ومن المباريات الرائعة حقًّا خلال البطولة مباراة قطر والجزائر، فبجانب المستوى الرائع الذي تقدمه قطر في البطولة، يقابله إبداع وفن بل سحر يقدمه المنتخب الجزائري العريق، إضافة إلى أن تلك المباراة جمعت بين بطلي آسيا وأفريقيا في آخر استحقاقات للقارتين؛ فكانت بمثابة مباراة لتحديد بطل السوبر للقارتين، وعلى الرغم من استحواذ الجزائر على مجريات المباراة، إلا أن شخصية المنتخب القطري العنيد ظهرت أمام محاربي الصحراء وخصوصًا في نهاية المباراة وكانت لحظات حماسية جدًّا جدًّا، إلى أن حسمتها الجزائر، بخبرات لاعبيها وحماستهم.

النشيد الوطني

من أهم لحظات البطولة حقًّا تركيز المصورين والإخراج البديع خلال أداء موسيقى النشيد الوطني للمنتخبات المشاركة، فنرى المشهد وكأنه سحر، وكلمات النشيد الوطني للبلاد المشاركة تسحر الألباب، فهذه من المكاسب الكبرى للبطولة، تعريف الأجيال الجديدة، التي تتابع كرة القدم ويشغلها الشغف الكروي بثقافات جديدة وهي النشيد الوطني للبلاد العربية، وتحثهم على معرفة أصل تلك الأناشيد وبالتالي على التاريخ المشترك الذي يقرب العرب معًا.

المستوى الفني

شهدت مباريات بطولة العرب مستوى فنيًّا رائعًا، والدليل على ذلك نسب المشاهدة الكبرى لهذه المباريات، فانزوت أمامها مباريات الدوريات الأوربية، والتي يلجأ لها كثير من المشاهدين العرب للاستمتاع بالأداء والمراوغات، أو كما يقول المعلق المصري (أيمن الكاشف) القطايف واللطايف، فهنا ببطولة العرب نشاهد أهدافًا وتمريرات أقل ما توصف بأنها أهداف من كوكب ثان، نعم من كوكب ثان (كوكب العرب).

الجزائر

شهد محاربو الصحراء مباريات كبرى؛ لا تقل أهمية عن مباراتهم أمام ألمانيا في دور ال١٦ بمونديال ٢٠١٤ والتي أقيمت في البرازيل، بل لا تقل أهمية عن مباراتهم أمام مصر في أم درمان ٢٠٠٩، حيث التقت الجزائر مع منتخب مصر بأداء رائع ثم التقت مع المغرب بأهم مباراة بالبطولة من وجهة نظري، ثم تلتقي مع قطر كثاني أهم مباراة، ثم جاءت المباراة النهائية أمام المنتخب التونسي العنيد والذي كان له نصيب أن يستمتع باللعب مع الكبار (منتخب الجزائر طبعًا) مثلما استمتع من قبله كل من السودان ولبنان ومصر والمغرب وقطر باللعب مع منتخب عملاق اسمه الجزائر، فهنيئًا للجزائر تلك البطولة وهنيئًا لكل المنتخبات التي واجهت الجزائر بتلك البطولة.

ياسين الإبراهيمي

وكما شهدت البطولة بدايات رائعة، شهدت أيضًا أروع نهاية، فكان الهدف الثاني للمنتخب الجزائري، في آخر ثانية باللقاء، بل يكاد يكون آخر ثانية من الزمن الجميل، هدف رائع وبمثابة تكريم لإخلاص هذا اللاعب العظيم، إضافة إلى أنه يعتبر مسك الختام لبطولة أروع من الخيال، وكأنها ملخص البطولة  بالمصري (مين يقدر على الجزائر) وهذا ليس تقليلًا من المنتخبات الأخرى، بالعكس فمنتخب مثل المغرب كان أدائه مناسبًا كان في فترات أفضل من الجزائر، لو كان الأمر بيدي لكتبت قصائد وموشحات وأهازيج، بل أصبح مؤرخًا لأسجل كل لحظة بل كل فيمتو ثانية منذ لعب المنتخب التونسي  ضربة ركنية لترتد إلى مهاجم الجزائر ياسين الإبراهيمي.

والذي يستلمها من نصف المعلب ليقطع بها مسافة كبيرة ويجري منفردًا في مشهد يلخص جملة واحدة، ها هي الجزائر في كأس العرب يجري ويجري ويجري ثم يقترب ويقترب من المرمى ثم يسددها ويبتسم، فوجدت نفسي كمشاهد عربي من مصر أصفق بكل حماسة، وابتسمت مثله، نعم هذا هو السحر بعينه، هذا هز الإبداع بعينه، هذا هو مسك الختام.

  إليك أيضًا

• تأثير الرياضة على صحة الموظفين
• البرازيل.. والولع برياضة كرة القدم
• 10 أمور أساسية للحفاظ على صحة أطفالك في فصل الشتاء