اليوتوبيا و الديستوبيا.. أيهما أقرب للواقع؟
ديستوبيا تعني المدينة الفاسدة، وكلمة "دس" تعني سيئًا بالإغريقية القديمة وهي عكس المدينة الفاضلة
add تابِعني remove_red_eye 3,704
من منا لم يسمع بكلمة يوتوبيا، وحلم أفلاطون الذي دونه في كتاب أطلق عليه اسم “جمهورية أفلاطون”، سنحاول من خلال هذا المقال شرح معنى “اليوتوبيا” ونقيضها “الديستوبيا”، ومعرفة بعض المبادئ الأساسية المتعلقة بهما.
اليوتوبيا
يوتوبيا “utopia”، أو المدينة الفاضلة، وهي عبارة عن مزج بين كلمتين “eutopia” اليونانية والتي تعني “المكان الجميل”، وكلمة outopia، التي تعني “لا مكان”. بعد أن تناول أفلاطون المدينة الفاضلة التي تملأها المثالية والعدل، وأصبحت حلمًا له، اقتبس الكثير من الكتاب هذه الفكرة، واستخدموها كرمزية على ظلم أنظمتهم، فمثلًا قام الكاتب “توماس مور”، عام ١٥١٦ بكتابة رواية هدف من خلالها إلى نقد نظام الحكم في أوروبا خلال القرن السادس عشر الذي كان يعاني من تفشي المصلحة الذاتية والجشع للسلطة، والثروات.
ألهم عمل “مور” العديد من المفكرين والسياسيين لتأتي بعدها موجة من الكتابات التي اعتمدت على اليوتوبيا سعيا لتحويلها من خيال إلى مشروع حقيقي، بحيث تقوم الأنظمة السياسية على قوانين تعالج كل تفاصيل الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية بعدالة.
مبادئ المدينة الفاضلة
تعتمد المدينة الفاضلة على مجموعة من المبادئ، ومن أهمّها:
١- مدينة خيالية تحاول توفير السعادة لسكانها ذوي العدد المحدود جدًّا.
٢- إلغاء مبدأ الملكية الخاصة، وتحويل كل الأملاك إلى ملكية عامة للجميع.
٣- تتكوّن المدينة من ثلاث طبقات من السكّان، وهم: الأوصياء، والمحاربيون، والمزارعون، وكلّهم يعملون في المدينة الفاضلة، ولكلٍّ منهم عمله الخاصّ.
٤- وأبرز سمة لهذا المجتمع هو التعاون التام بين أفراده، بحيث يكمل كل عامل الآخر، فالجميع يعمل.
وفي القرن السابع عشر بدأت محاولات عديدة من قبل جماعات دينية وإصلاحيين سياسيين لإنشاء مجتمعات حقيقية تعتمد على مبدأ المدينة الفاضلة الخيالي، وكانت مدينة “new Harmony”، واحدة من أبرز المحاولات.
مدينة new Harmony
تأسست عام ١٨١٤، بولاية إنديانا في الولايات المتحدة الامريكية، وكانت مبنية على التعاون بين الأفراد، والتعليم المجاني، وأنشأ سكانها أول مكتبة مجانية، ونظام مدارس عامة مجانية ومفتوحة للجميع. أما في أربعينيات القرن التاسع عشر بلغت التجارب اليوتيوبية ذروتها حول العالم، لكنها لم تعش طويلًا. حيث كانت تعاني من المشكلات المادية، والنزاعات الداخلية أو تضاؤل عدد سكانها.
ديستوبيا
تعني المدينة الفاسدة، وكلمة “دس” تعني سيئًا بالإغريقية القديمة وهي عكس المدينة الفاضلة، حيث يسود هذا المجتمع الخيالي الفوضى ويحكمه الشر المطلق، ومن أبرز ملامحه الخراب، القتل، القمع، الفقر، والحروب.
كان من أوائل من استخدم هذا المصطلح هو الفيلسوف والسياسي الإنجليزي “جون ستيوارت ميل” عام ١٨٦٨، عندما كان ينتقد سياسة الحكومة المتعلقة بالأراضي الأيرلندية، مستلهمًا ذلك من كتابات مور عن المدينة الفاضلة. هدفت بعض الكتابات عن الديستوبيا لوعظ السياسيين من عوالم مستقبلية محتملة غير مرغوب فيها. وشُبهت العديد من التجارب الانسانية الواقعية بهذا المصطلح، منها التجربة النازية الالمانية، ومن أبرزها أيضًا السرعة المرعبة التي يقوم بها البشر بإتلاف الموارد الطبيعية، والمساهمة في التغيرات المناخية.
لماذا يستحيل تطبيق المدينة الفاضلة؟
من المستحيل تطبيق مبدأ المدينة الفاضلة، وذلك راجع لعدة أسباب، فالبشر متفاوتون من حيث الطباع، ونسب الخير والشر تختلف من شخص لآخر، فإذا كان أحد مبادئ المدينة الفاضلة هي المثالية المطلقة حيث التساوي والتعاون وإلى آخره، يعتبر هذا المبدأ غير واقعي، ولا يمكن تطبيقه. أيضًا من شروط المدينة الفاضلة هو حصر عدد السكان في عدد قليل، وهذا لا يمكن تطبيقه أيضًا، فالتكاثر سمة طبيعية للكائنات لا مفر منها.
وما يثبت عدم إمكانية تطبيق هذه النظرية، هو كل المحاولات الفاشلة التي جرب الكثيرون تطبيقها، وفشلت لأسباب مادية، وكذاك بسبب نزاعات داخلية، وهذا يقودنا إلى سمة أخرى من سمات الإنسان وهي التنافس على القيادة، السلطة، المال وغيرها. فغياب المعايير والدين والقانون الرادع يشكل مشكلة حقيقة لا يمكن تجاهلها.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 3,704
يشرح هذا المقال معنى كل من اليوتوبيا و نقيضها الدستوبيا
link https://ziid.net/?p=91781