ذو القرنين المصري (قراءة في كتاب: ﻓﻚ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺫي ﺍﻟﻘﺮنين ﻭﻳﺄﺟﻮﺝ ﻭﻣﺄﺟﻮﺝ)
القصص التاريخية والدينية مليئة بالأحداث المبهرة وخاصة قصة ذو القرنين المصرى التي تعتبر لغز كبير لم يكتسف حتى الآن
add تابِعني remove_red_eye 1,525
ذو القرنين هذا الملك الموحِّد، الذي جال الأرض من أجل تبليغ دعوة الله، وتصحيح العقائد وتوجيهها إلى عبادة الله وحده، والذي وردت قصته في القرآن الكريم، تحديدًا في سورة الكهف.
ذلك الملك الذى لم يرد ذكره تاريخيًّا بذلك الوصف في أيٍّ من كتب التاريخ، ولم يذكر عنه أي معلومات قبل أن يرد في كتاب الله عز و جل، و هذا ما دعا بعض المفسرين و المؤرخين إلى الاعتقاد بأن ذي القرنين هو الإسكندر المقدوني، لكن تناقض العقيدة بين ما ثبت عن وثنية الإسكندر، و هو مؤكد بالآثار التاريخية، على سبيل المثال الآثار البطلمية في مصر، التي تُعد امتدادًا أو ميراث عصر الإسكندر، و فيها ما يدل على وثنية هذا العهد، والذي سبق ميلاد المسيح بأربعة قرون تقريبًا، كانت أوربا حينها خالية من عقيدة التوحيد، هذا ما يجعل من الخطأ اعتبار الإسكندر هو ذو القرنين، لأن ذي القرنين كما ورد بالقرآن الكريم هو أحد الملوك الموحدِّين، بل من أصحاب رسالات الدعوة إلى الله، كما ورد في التفسير أنه قد يكون من الأنبياء.
بعد استبعاد تلك الاحتمالية يعود أمر ذي القرنين إلى الغموض من جديد، ولكن ظهر مؤرخ، أو مغامر إن صح التعبير، أخذه عشقه للبحث والتحري، بل وساعدته عبقريته وثقافته في أن يقدم أدلة جديدة تقودنا إلى ذي القرنين.
في كتاب ﻓﻚ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺫي ﺍﻟﻘﺮنين ﻭﻳﺄﺟﻮﺝ ﻭﻣﺄﺟﻮﺝ، للكاتب أو المؤرخ المغامر، بل والسياسي السعودي (حمدﻱ ﺑﻦ حمزة ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ﻋﻀﻮ مجلس ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩي) يقدم لنا المؤلف في هذا الكتاب حقائق تأخذنا إلى مَن هو ذي القرنين ومن هو؟ قدم الكاتب مرجحات الى أن ذي القرنين هو الحاكم الفرعوني المصر المسمى بأخناتون أو أمنحتب الرابع، وقدم أدلة قوية على ذلك ولنا مع الكتاب مواقف ما بين الاتفاق أو التناقض.
بداية تعرض المؤلف للتاريخ المصري، وذكر أن مصر تعرضت لغزو قبائل الهكسوس، وهم على أرجح الأقوال قبائل رعوية آسيوية، قدموا من فلسطين إلى مصر، ﻭﺗﻜﺎﺛﺮﻭﺍ ﻭﺗﻐﻠﻐﻠﻮﺍ في ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺣﺘﻰ تمكنوا ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺯﻣﺎﻡ ﺍلأﻣﻮﺭ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻀﻌﻒ ﺍلأﺳﺮ الحاكمة في ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻭﺑﺪﺃ ﺣﻜﻤﻬﻢ لمصر ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺍلأﺳﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ حوالي عام (1725ﻕ.ﻡ) واستمر ﺣﻜﻤﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ (150) ﺳﻨﺔ، ويذكر أن في تلك الفترة ﺑُﻌِﺚ ﻳﻮﺳﻒ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ- (تعليق مباشر على تلك المعلومات) والذي لا يتناقض مع احتمال أن يكون أخناتون هو ذو القرنين.
الهكسوس غير موجودين أصلًا!
أولا أنه لا يوجد شعوب باسم الهكسوس في أي من كتب التاريخ الفلسطينية، وأن هذا المسمى ما أطلقه المؤرخون الغرب الذين اهتموا بالتاريخ المصري القديم، والذين حرصوا على إصباغ صفة الوثنية على التاريخ الفرعوني، وذلك مناقض للحقائق التاريخية، وتاريخ الأنبياء الذين حضروا إلى مصر، وعن ظهور يوسف -عليه السلام- فيهم، إذا فقد كانوا على عقيدة التوحيد، الأرجح أن ما يسمى بالهكسوس هم يوسف وإخوته، الذين آل إليهم حكم شمال مصر ونشر عقيدة التوحيد التي لم تكن غريبة على الدولة الفرعونية، فقد كانت دعوتهم امتدادًا لدعوة إبراهيم -عليه السلام- في مصر، وذلك قبل أن يتغلب عليها الجنوب الوثني بقيادة أحمس.
دليل آخر؛ وهو أن عام (1725 ق.م) هو عصر مقارب لعصر إبراهيم -عليه السلام- وهو الجد الثاني ليوسف عليه السلام وإخوته، فالثابت تاريخيًّا أن إبراهيم -عليه السلام- كان قبل الميلاد بـ (2000) عام.
عودة إلى الكتاب، أخناتون الفرعون المصري هل هو ذو القرنين، هناك حقائق كثرة تقترب من منطقية ذلك أوردها الكتاب، أولها أن أخناتون كان الملك الفرعوني الوحيد الذي كان على عقيدة التوحيد في عصر الدولة الفرعونية الحديثة، أي من خلفاء أحمس الوثني، وأدلة ذلك الأدعية الأخناتونية المترجمة عن الهيروغليفية، وفيها ما يدل على توحيد الداعي، وأن ما ذكر عن استحداثه لعبادة الشمس، مما صنع عداء بينه وبين الكهنة في ذلك الوقت أكاذيب، حيث إن عبادة الشمس لم تكن من العبادات الغريبة على التاريخ الفرعوني.
كذلك لم يثبت العثور على مقابر أو محنطات لهذا الفرعون أو لزوجته نفرتيتي في مصر، وهو ما يدل على شيئين، أولهما أن التحنيط لغة وثنية بحتة، وثانيهما أن أخناتون لم يمت بمصر، سبب آخر لم يعرضه الكاتب، وهو أن خليفة أخناتون على العرش، والثابت تاريخيًّا كان ابنه توت عنخ آمون، والذي ملأت آثاره متاحف العالم، وأبهرت كل العلماء والمؤرخين، فقد أثبتت الأدلة بعد تشريح المومياء أن هذا الملك قتل شابًّا، لوجود آثار القتل في جمجمته وهو ما يدل على أن القتل كان نتيجة صراع من المحتمل أنه قتل من قبل الكهنة لأنه كان يسير على نهج أبيه، وأن صغر سنه جعله صيدا سهلًا وأعاد مصر مرة أخرى تحت سيطرة الوثنية والكهنة.
الاسكندر لم يصل بعيدًا
كما أن الثابت تاريخيًّا أن الإسكندر -كما ورد في الكتاب- لم تتعد انطلاقته حدود الدولة المنافسة لدولته حينها دولة فارس، ولم يثبت بناؤه لأي من السدود على عكس ما ورد في القرآن الكريم عن ذي القرنين، وعن رحلة ذي القرنين ارتحل الكاتب لأقصى الأرض حتى توصل إلى حدود تلك الرحلة، وبما يتفق مع الآيات القرآنية وبعد بحث مضنٍ أثبت أن موضع مغرب الشمس الوارد بالآيات الكريمة هو جزر المالديف في جنوب المحيط الهادي، وهي تتفق في بعض الصفات من حيث إنها يتم عندها أول غروب للشمس في اليوم، وهي جزر بركانية -في منطقة تعد نشطة بركانيًّا- والأهم أنه وجد بها بعض الآثار التي تشبه الفرعونية خاصة مراكب البردي التي تتميز بها الحقبة الفرعونية.
وعن مطلع الشمس وهو يختلف لفظًا ومعنى عن شروق الشمس الذي يعتمد على دوران الأرض، أما مطلع الشمس فهو يبدأ من مكان واحد على كوكب الأرض كل يوم، وهو ما يسمى بجمهورية “كيريباتي| وهي جزر في المحيط الهادي أيضًا وعلى خط الاستواء، يسبق طلوع الشمس فيها أي مكان على الأرض، وهذا ما دعا رئيس البلاد هناك إلى عمل دعاية سياحية مع بداية القرن الحالي عام (2000) إلى دعوة العالم لمشاهدة أول طلوع للشمس في القرن الجديد في بلاده.
وعن بلاد يأجوج ومأجوج أثبت الكاتب أنها بلاد الصين، بل وحدّد موضع الردم الذى بناه ذو القرنين، وأثبت التشابه بين طبيعة البناء والبناءات الفرعونية وأثبت وجود حقبة من تاريخ الصين كان فيها الحكم للفراعنة أو أخناتون وخلفائه، و التي امتدت (800) عام، وكانت تسمى بالأسرة الفاضلة، وورد في التاريخ الصيني أن تلك الأسرة من غرب آسيا، و قد عاصر وصول أخناتون إلى الصين عصر الملك شانغ، ويقول الكاتب: إنه في بداية الأمر ساعد أخناتون هذا الملك في بناء ردم شمال الصين لصد هجمات الأعداء، ويقصد يأجوج ومأجوج، وعن المعنى قال الكاتب: والذى اضطر إلى تعلم بعض اللغة الصينية من أجل ذلك أن الكلمتين صينيتين يأجوج بمعنى قارة آسيا ومأجوج تعنى شعب الخيل.
ماذا عن الردم؟
تعليق: أما عن الردم فلا نعتقد بحقيقته لأنه ليس بالحجم الذي يمنع شعوب الشمال مثل ما قال الكاتب أن يأجوج ومأجوج هم المنغوليون والسيبيريون واليابانيون الذين كانوا دائمي الاعتداء على شعب الصين، وقد يكون الردم يخفي تلك الشعوب والتي من الثابت أن يكون خروجها من علامات القيامة وليست تلك الشعوب المذكورة.
من المحتمل أن رحلة أخناتون لم تتجه إلى البحر الأحمر ثم إلى الشرق كما قال الكاتب، بل من الأدق أن تكون رحلته قد بدأت من البحر المتوسط ثم إلى الغرب مع الدوران حول الأرض وانتهى ببلاد الصين، وما يرجح ذلك ما ورد بالقرآن الكريم عن ذكر مغرب الشمس قبل مطلعها، حيث إن ذي القرنيين من الملوك الذي ورد أنه ملك الأرض، والمقصد هنا أنه طافها ودار حولها وأيضًا مبرر لسبب وجود بشريين على الأراضي والمكتشفات الحديثة كالأميركتين وأستراليا، فقد يكونون ممن كانوا مع ذي الفرنين واختاروا البقاء في تلك الأراضي وإعمارها.
ما سبق مختصر قليل من فيض المعلومات التي ساقها لنا هذا الكاتب والله أعلم.
نقدم هذا المقال تقديرًا للكاتب واعترافًا بوافر مجهوداته وعظمة مكتشفاته.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 1,525
قراءة في كتاب ذو القرنين المصرى
link https://ziid.net/?p=23313