نحو المطبعة (كيف تنشر كتابك)

عندما بدأت الكتابة، ومنذ أن أكملت أول رواية لي، رأيتني أقف في متجرٍ لبيع الكتب، أمام الناس، أوقِّع لهم على عملي، وكم كان هذا جميلًا حَدَّ الثُّمالة، لقد توقفت هناك أرى الناس يتوافدون وأسمع الإشادات بكل ما كتبته ولكنني استيقظت حين جاءني رَدّ صديقة تعمل في مجال النشر، وبعد الكثير صارحتني بأن عملي على الرغم من أنه جميل جدًّا وجيد جدًّا كأول عمل لي، لكنه للأسف الشديد لا يرقى للنشر، قالت: ربما ينقصه شيء ما، لكنه أقلُّ من أن يوضع في كتاب.

حينها أصابتني الخيبة وهجرت الكتابة أيامًا، ولكنني حينما عدت إلى عملي وقرأته بعين القارئ، أدركت أنها مُحِقّة. فلا شك أن كتابًا يجمع بين دفتيه كلماتك لأمر رائع ومبهج، ويصيبك بالسعادة حينما تتخيل أنك واقفٌ توقِّع كتابك فهو أمرٌ لذيذ، لكنه بالغ الصعوبة من عدة أوجه، فقبل أن تحلم بالكتاب الذي سيزين واجهة المَتْجَر يجب أن تتأكد أنه لن يُلْقَى أسفل الزاوية مع الكتب غير المطلوبة -على الرغم من أن كون الكتاب لا يُعَدّ مطلوبًا لا يُعَدّ فشلًا- لأننا لا نريد أن نصاب بالإحباط ونحن نبدأ أولى الخطوات.

ما قبل النشر

أهلًا يا عزيزي، هل أنهيت كتابك للتوّ، وتمدّ يدك الآن لتبحث عن ناشرٍ يقوم بذلك الأمر؟ يجب عليك أن تتأكد من بعض الأشياء أوَّلًا:ن تتأكد من بعض الأشياء أولًا:

1- رغبتك في النشر: هل هي حقيقية؟ بمعنى أنك ترى ما كتبته يستحق النشر، أم أنك تريد نشره فقط من أجل أن يصبح لك كتاب ذو غلاف لامِعٍ يحمل اسمك، يعطيك لقب كاتب، كُنْ حذرًا! تلك الخطوة مُهمة جدًّا لأنك حينما تنشر لهذا الغرض فقط، ستنكسر إن لم يحقق كتابك نجاحًا، أو إن فشل؛ لأنه لم يحقق هدفك، لكن النشر يجب أن يكون نابعًا من حبك في الكتابة ونجاحك فيها الذي لا يقاس بانتشار الكتاب أو عدمه.

2- كم مرة راجعت كتابك: وهل تركته مدة ثم عدت إليه مجددًا، أم أنك اكتفيت بالمرة الأولى، إن خطوة المراجعة هي من أهم الخطوات التي تضمن نجاح الكتاب؛ لأنك تقوم بتنقيح الكتاب، تغيير بعض الجمل التي لا بد أن تتغير أو ستتحسن جودة النص بتغييرها، حسبك في هذا زهير بن أبي سُلْمى الذي كان يكتب القصيدة وينقحها في عام.

3- استشر: الكثير من الأصدقاء والأفراد واجعلهم يقرؤون كتابك، ولكن ابتعد عن الأصدقاء الذين لن يصارحوك بآرائهم، لأنهم لن يقوموا بإفادتك، أنت محتاج لمن يوجِّهك، من يُخبِرك بالعيوب والنواقص، وحدها الصراحة هي ما يفيدك الآن لا التشجيع الكاذب، والمدح الذي سيغرقك، ولتنوّع في مَن تعطيهم الكتاب ليقيّموه، استعن بأحدٍ لديه مَلَكة النقد، وآخر قارئ نَهِم، وقارئ مبتدئ، وإذا كنت قادرًا على جعل أحد لا يحب القراءة أن يقرأ كتابك، تكون قد اكتملت المعادلة، فأنت بحاجة لتحليل لمستويات القُرَّاء جميعًا.

اقرأ أيضا:

كيف تعرض كتابك على دور النشر؟

هل تعرف شيئا عن مصادر النشر الإلكتروني؟

كيف تصبح كاتبًا ناشرًا؟ الدليل الكامل لكتابة ونشر كتابك

حسنًا، أنت الآن مقتنع بذلك، وجاهز لخطوة النشر، لننتقل للخطوة الثانية:

أنواع النشر

النشر عدة أنواع فهناك النشر الشخصي، وهناك التابع لجهة ما، وهناك الورقي والإلكتروني، وهناك ذلك النوع الذي يساهم فيه الكاتب مادِّيًّا، وهناك الذي يكون مجانيًّا لا يساهم الكاتب فيه سوى بنَصّه

(1) النشر الإلكتروني نوعان

أوَّلًا: النشر عبر منصات تنشر الكتاب بصيغة (PDF) أو غيرها من الصيغ لكنها لا تحقق للكاتب أي نوع من الربح المادي؛ لأن الكتاب يطرح بشكلٍ مجاني، ينشر عن طريق مواقع أو نوادي القراءة الإلكترونية أو حتى دور نشر افتراضية، الفائدة الوحيدة لذلك النوع هو الانتشار السريع للكاتب، ومعرفة الكثير من الناس لما يكتبه، مشكلاته أنه لا يحقق ربحًا ماديًّا والآخر أنه لا يضمن ملكية الكاتب للنصّ، فإذا تمت سرقة النصّ من الصعب إثبات ملكيته.

ثانيًا: النشر عَبْر مواقع ربحية مثل موقع (أمازون كيندل)المشهور، فأنت تقوم بكتابة الكتاب ومراجعته، ثم بعد ذلك تقوم بالتسجيل على موقع أمازون وهناك ستجد الكثير من الأدوات التي تساعدك في تنسيق الكتاب ورفعه، وللمزيد من التفاصيل راجع ذلك الموضوع، (الدليل الشامل لنشر الكتب على منصة أمازون كيندل). ولقد قرأت عن قصص الذين نشروا من خلال تلك المنصة، ووصلوا من خلالها لنجاحات كبرى، في ذلك المجال، لكن تبقى المشكلة أنه لا يدعم اللغة العربية بشكل منتشر، كما أنه قد تواجهك صعوبة في بعض المستحقات المادية؛ لأن الدولة غير متاح لها التحويل من أمازون.

(2) النشر الورقي

ذلك الرونق والبريق المهيب للكتب الورقية الذي يجعل كل من يكتب نصًّا يحلم بأن يصبح كتابه هناك، وهذا هو النوع الأهم -من وجهة نظري- على الرغم من أنه يقابل النشر الكثير من الصعوبات وهو أيضًا نوعان:

1– النشر الذاتي: أو الشخصي وهو الذي لا يتبع فيه الكاتب دار نشر معينة بل يطبع الكاتب عددًا من النسخ من كتابه ثم يقوم بالتسويق لها بنفسه وتوزيعها على المكتبات، وفي هذا الصدد ظهرت منصة (كتبنا) أول منصة للنشر الشخصي في العالم العربي من خلالها يقوم الكاتب بنشر كتابه عن طريق دفع رسوم حددها الموقع، ثم يسترد الأرباح بعد مبيعات كتابه.

2- النشر عن طريق دور النشر:

وهو الذي يتم عن طريق اختيار دار نشر، ويتم عن طريق إرسال الكاتب كتابه إلى دار نشر بالطريقة التي تحددها هي، ثم يتم تقييمه من خلالها،و يخضع أيضًا لعدة معايير تخص كل دار نشر، حسب خطة النشر لديها وخطة التوزيع والميزانية، كما أنه أيضًا نوعان، فهناك النشر الذي يساهم الكاتب فيه بتكاليف الطباعة أو نصفها، أو الآخر الذي لا يساهم فيه بشيء.

وأتذكر كلمة قالها الكاتب المصري د/حسن كمال أثناء توقيعه كتبه في حفل توقيع عام (2014م) عن أنه يؤمن بأن الكتاب ما دام لم يقنع دار النشر ويجعلهم يقبلون على طباعته ونشره، فهو بالتأكيد لن يقنع القارئ باقتنائه.

وبهذا الصدد تحاورت مع مدير النشر بدار (كتوبيا) السيد/ أحمد ضيوف، للإجابة عن بعض الأسئلة؟

ما العمل الذي يستحق النشر من وجهة نظرك؟

– من حق كل شخص نشر عمله، ولكن من حق القارئ عليه أنه إذا أراد النجاح لعمله أن يكون عملًا يستحق النشر، ومعايير النشر تضمن الكثير منها جودة النص، أو جودة السرد، وجودة اللغة كما يجب أن يراجع العمل المراد نشره من لجنة نشر جيدة في دار النشر.

ما معايير اختيار دار النشر؟

1- جودة لجنة القراءة في دار النشر.

2- وثيقة التعاقد بين بين دار النشر، والكاتب، بما تتضمنه من بنود تضمن حق الدار والكاتب معًا.

3- جودة التوزيع، بمعنى أن تكون خطة التوزيع للدار تتضمن المكتبات الكبيرة والصغيرة على حد سواء، وحضور الدار في معارض الكتاب الداخلية والخارجية.

ما هي نصيحتك لأصحاب العمل الأول؟

عدم استعجال النشر حتى لا يسقط الكاتب في فخّ سقوط العمل الأول الضعيف، الذي يُعَدّ نقطةً سوداء في تاريخ الكاتب، فالبعض قد يصاب بالإحباط ويكف عن الكتابة، والبعض الآخر سيرتضي النشر في أي دار لمجرد التواجد، وذلك الذي يؤدي إلى فشل ذريع.