مقارنة بين العمل التقليدي والعمل عن بعد 

في أوائل هذا القرن أصبح من الشائع جدًّا تحول بعض الشركات لنظام العمل عن بُعد لما له من جوانب إيجابية غير متوفرة في نظام العمل التقليدي وما حدث مؤخرًا من جائحة كورونا خير دليل على ذلك فقد أجبرت معظم الشركات للاختيار بين أمرين إما تسريح الموظفين من العمل لتخفيف العبء الاقتصادي الذي كان نتاج الآثار السلبية للجائحة أو للتواصل مع موظفيها لإنجاز مهامهم وواجباتهم الوظيفية من المنزل لذا أحببت في هذا المقال عمل مقارنة بسيطة بين العمل التقليدي والعمل عن بعد بما يحتوي كل نوع من مميزات وسلبيات.

#1 العمل التقليدي مميزاته وسلبياته

رغم التكلفة المادية التي تتكبدها الشركات من تجهيزات مكتبية عديدة وتوفير لوازم للموظفين عند اختيارها لنظام العمل التقليدي إلا أنها تظل الخيار الأمثل لمعظم الوظائف وذلك للمميزات التالية :

أولا: التواصل وجهًا لوجه

فإمكانية التواصل وجهًا لوجه تزيد من فرصة التفاهم وإدراك العمل وإنجاز المهام على أكمل وجه، إضافة إلى أنه يساعد على الترابط بين الموظفين والمدراء وتبادل الآراء ووجهات النظر بشكل مستمر طيلة فترة الدوام

ثانيا: شمولها لجميع أنواع الوظائف

فبيئة العمل التقليدي يمكن تطبيقها في جميع الوظائف والمهن مهما تنوعت واختلفت مقارنة بالعمل عن بعد الذي يخص وظائف معينة فقط، فهو يشمل الإدارة والمحاسبة والتدريس والطب والهندسة والحرف المختلفة كالنجارة والحدادة والحراسة وغيرها.

ثالثا: تقليل نسبة البطالة

العمل التقليدي يوفر الكثير من الشواغر الوظيفية مما يساعد في تقليل نسبة البطالة نظرا لشموله لجميع أنواع الوظائف كما ذكرت في النقطة السابقة لذا فهو يعد الحل الأمثل لدفع عجلة الاقتصاد للأمام وازدهاره

رابعا: الوقت محدد بزمن

في بيئة العمل التقليدية الوقت محدد بفترة زمنية معينة مما يسمح بتنظيم الوقت أكثر والالتزام بإنجاز المهام بفترة محددة وهذا يعطي الموظف فرصة لفصل وقت العمل عن وقت الأسرة والاسترخاء ويجعله ينعم بصحة أفضل وطاقة إيجابية لمواصلة العمل في الغد .

أما سلبيات العمل التقليدي فيمكن اختزالها بالتكلفة المالية الهائلة التي تتحملها الشركة في إعداد المكان وتوفير المعدات وتكلفة عقد الاجتماعات والمؤتمرات الحية، وما تقدمه من دورات تدريبية لتأهيل الموظفين وزيادة كفاءتهم إضافة إلى الإجراءات الروتينية والترتيبات الإدارية التي تعيق التقدم والابداع في بعض الحالات.

#2 العمل عن بعد مميزاته وسلبياته

توجهت بعض الشركات لنظام العمل عن بعد عقب ثورة التقنية والتكنولوجيا في القرن الحالي، وظاهرة العولمة التي جعلت من العالم قرية صغيرة، وجائحة كورونا التي حدثت مؤخرًا؛ لذا فإن من أبرز مميزات العمل عن بعد:

أولا: لا حدود للمكان والزمان

في نظام العمل عن بعد تتجاوز الشركات حدود المكان والزمان، فالموظفون يكونون من أي دولة وهذه النقطة في غاية الأهمية حيث تمكن الشركات من اختيار موظفين أكفاء مبدعين يمتازون بقُدرات ومهارات عالية كما ان فترة ساعات العمل غير محدودة بزمن معين فبعض الشركات تحدد للموظف مهام محددة عليه انجازها من دون الزامه بساعات دوام محددة كما في نظام العمل التقليدي

ثانيا: أقل تكلفة

لأن العمل عن بعد يكون من المنزل فلا حاجة للشركة من فتح مكاتب لها واستئجار أبنية وقاعات للاجتماعات والمؤتمرات وتوفير معدات ولوازم حيث أن جميع التواصل مع الموظفين يتم عبر المنصات الافتراضية فيتم اختزال هذه المصاريف الهائلة لصالح الشركة وتطويرها

ثالثا: تكيفها مع الظروف

العمل عن بعد مناسب في مختلف الظروف خاصة عند وجود الأوبئة كمثل جائحة كورونا التي يحتاج المرء فيها للبعد ما أمكن عن التقارب الجسدي والاختلاط أو في ظل انعدام الأمن والحروب حيث تقل فرص العمل في البلد المنكوب فيمكن توفير لقمة العيش عن طريق العمل مع شركة عن بعد

أما سلبيات العمل عن بعد فيمكن اختزالها في عدم مناسبتها لجميع الوظائف فهي تقتصر على مهن البرمجة والتصميم والتسويق وكتابة المحتوى والتدريس والاستشارات الهندسية وغيرها أما الوظائف الميدانية والمصانع فلا يمكن أن يحل العمل عن بعد مكانها في الوقت الحالي إضافة إلى أن العمل عن بعد له بعض الأضرار على الصحة والنفس من جراء الجلوس المتواصل على جهاز الحاسوب .

وختاما فإن نظام العمل عن بعد لا يمكن أن يحل تماما محل نظام العمل التقليدي على الأقل في الوقت الحالي إضافة إلى  أنه لا يمكن أن يظل البشر معتمدين على النظام التقليدي في جميع الوظائف ويبقى الحل المتوازن هو معرفة كل شخص قدراته وبيئته وتخصصه ويختار ما يناسبه من مسار مع الأخذ بالاعتبار ما يجري من تغيرات في هذا القرن ليتمكن من الابداع في وظيفته ومن تحصيل لقمة العيش مهما كانت الظروف . وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

إليك أيضًا

• الشخصيات الأكثر انتفاعًا من العمل عن بعد
• ما هي متطلبات العمل عن بعد في ظل تفشي فيروس كورونا؟
• العمل عن بعد طوق النجاة أمام كورونا: نظرة من داخل أروقة الشركات الكبرى