تأملات ووقفات.. في بلاد “كمبوديا”
أنصحك معنويًّا النظر وتأمل البحيرات والأنهار ومباني الأحجار، وماديا حقيبة كبيرة ومال حتى تشتري من منتجاتهم الرائعة خصوصا اليدوية
add تابِعني remove_red_eye 102,580
أسعده رحلة لأيام معدودة لم تتعد عشرة أيام إلا أني استفدت واستمتعت، وتعرضت فيها لمواقف جعلتني أتأمل الكثير من قراراتي. “كمبودي” تتردد على مسامعنا عند شراء الدخون ولكن لا نسمع اسم هذه البلد إذا كان الغرض رحلات سياحية وثقافية.. بالرغم من أن السياحة هي المصدر الثاني الذي يقوم عليه دخل واقتصاد كمبوديا.
بدايةً كمبوديا من حيث الموقع الجغرافي تحيطها الدول التالية: تايلند وفيتنام ولاوس. وهي بلد تحمل تاريخًا وقصة والعديد من الأساطير.. من هذه الرحلة خمسة مواقف أدونها وهي التالي:
1- تحديات
بالرغم من قرب كمبوديا من الدولة التي يعيش فيها أكبر عدد من المسلمين “إندونيسيا” إلا أنها بلد غير مسلمة وحين تمشي في شوارعها بالكاد تجد مسلمًا فأنا لم أشاهد المسلمين إلا عند زيارتي للمسجد، هنالك فقط شاهدت مسلمين بعدد قليل جدًّا، ولغرض السياحة.. أن تكون مسلمًا في بلد غير مسلمة والمسلمين فيه أقلية حتما ستواجه تحديات والتي واجهتني:
الأكل الحلال
كان من الصعب أن أجد مطاعم للأكل الحلال ولأن الدول الآسيوية غالبًا ما تضع شعار يحمل كلمة “حلال” على المنتجات وهذا الأمر ساعدني بالنسبة للشراء من البقالة ومراكز التموينات الغذائية الكبيرة، أما بالنسبة للمطاعم اخترت عدم الاقتراب أولًا بالنسبة لتحري الحلال وثانيًا بأن الطعام هنالك ممكن أن يحتوي على حشرات وحيوانات لا تخطر على بال، ولقد كنت على علم مسبق بمعاناة الأكل لذلك أخذت معي “تمرًا” حتى أضمن لقمة إذا تعسر الأمر.
حجابي في خطر
عندما كنت أسير في كمبوديا في شوارعها تنقلت ما بين المتاحف والمعالم والطبيعة لم أر امرأة محجبة في هذه الأماكن ولقد كنت الوحيدة المحجبة فكانت الأنظار تتجه لي، وهنالك الكثير من أصحاب الوشاح البرتقالي فبدأت أفكر لو أني لا أرتدي الحجاب واستخدم قبعة بطريقة تظهر وكأنه غير حجاب حينها وأنا أقلب الفكرة جاءني اتصال من زميلتي باحثة في مرحلة الدكتوراه لتتحدث معي وفجأة إذ هي تقول لي: “الحجاب يعتبر رمزًا إسلاميًّا، وظهور المرأة به دعوة للإسلام من غير أن تتكلم بكلمة فالدعوة لها أشكال مختلفة مثلما فعل التجار حين نشروا الإسلام في جنوب شرق آسيا كانت الأخلاق من أمانة وصدق في المعاملات التجارية هي الرمز الإسلامي لهم فدخلوا الناس وقتها في دين الله أفواجًا”. عندها فهمت الرسالة.
2- عن الكمبوديين
رقه وابتسامة
الشعب الكمبودي قريب من الإندونيسيين من حيث الابتسامة العريضة والترحيب، وبالرغم من أن البلد فقيرة إلا أنها آمنه فلم أتعرض لنصب أو سرقة، وهو أمر يواجه المسافر في أغلب البلدان خاصةً في أماكن السياحة وتواجد السياح.
اللغة
اللغة الرسمية هي اللغة الكمبودية فهي ليست لغة الملايو مثل: ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة، ولا الإنجليزية ولا حتى الفرنسية إلا أنه يوجد بعض من يتحدث الإنجليزية منهم فئة تعلمت في الخارج من الأغنياء ويوجد توجه لتعلم الإنجليزية بسبب السياحة والسياح. كذلك يوجد من يعرف الملايو ممن تعلم بالمدارس الإسلامية الماليزية وهم قلة وكذلك من يتحدث الفرنسية من بقايا الاستعمار وهم غالبًا كبار في السن، وهذا ما أسعد زميلتي المغربية التي وجدت أكلاتها المفضلة في المطاعم، واستطاعت الحديث مع من يجيد الفرنسية.
عادات
قبل أن أذهب قمت بالبحث عن عاداتهم ووجدت بأن المسح على رأس الطفل لا يحبذ لديهم لذلك وضعت هذا الشيء في اعتباري لأني أفعل ذلك غالبًا وخصوصًا مع الوجه الآسيوي الجميل المستدير.
منتجات يدوية “لك وللزمان”
لديهم أسواق قيمتها الحقيقية في المنتجات نفسها فالبضاعة الكمبودية أغلبها منتجات يدوية أكثر من رائعة وبشكل عام المنتجات جودتها جيدة وجدت هنالك حقيبة لا يتجاوز سعرها عشره دولار أمريكي يدوية بجودة وجمال يستحق أكثر من المبلغ وكذلك الإكسسوار كان يدويًّا متقنًا وبجودة تجعلها “لك وللزمان” بمعنى أنها تعيش طول العمر وتورث الجودة التي فقدناها للأسف في أشيائنا في السنوات الأخيرة.
كذلك لديهم صناعة الملابس والنسيج والتي تعتبر من أهم مصادر دخل البلد ففي سوق الملابس هنالك بنطلونات بأقمشة القطن الفضفاضة والمريحة برسومات وألوان، ونادرًا ما تجد سائحًا وسائحة في كمبوديا لا يرتدونها بالإضافة إلى جودتها مقارنة بالأسواق الأخرى في دول آسيا.. لذا انصح من يريد الذهاب إلى هناك بأن يضع في حسبانه وزنًا للمشتريات ومال للشراء وهذا ما تمنيت لو كنت أعرفه قبل أن أذهب.
الديانة
الديانة بالنسبة للشعب الكمبودي البوذية هي الأكثر فمرتدو الرداء البرتقالي منتشرون بكثرة أكاد لا أمر من شارع إلا وأرى أحدًا منهم وغالبًا يكونون عددًا لا يقل عن ثلاثة ويقال بأن البوذية بدأت في كمبوديا “في القرن الثالث عشر من خلال رهبان قدموا من سريلانكا” وكذلك لديهم الديانة الهندوسية بمعابدها المنتشرة، ويظهر تأثر كمبوديا بالهند والصين من حيث الديانة والحضارة. يوجد بها مسلمون ويطلق عليهم “مسلمين التشام” التقيت هنالك بشاب مسلم يجيد اللغة العربية بسبب دراسته في دولة الكويت وكان متعاونًا.
3- المدرسة الإسلامية هناك
ذهبت إلى المدرسة الإسلامية بحيث أتعرف على المسلمين في كمبوديا ولعله دعم معنوي لأقلية تحتاج للمساندة والدعم من المسلمين ومن خلال حديثي مع مدير المدرسة وسؤالي عن احتياجاتهم وما ينقصهم ذكر لي بأن المدرسة تحتاج إلى دعم مادي فالمدرسون لم يستلموا رواتبهم منذ شهور خاصةً وأن الحكومة لا تدعمهم ماديًّا. كذلك قال بأن الرسوم التي يدفعها الطالب في السنة عبارة عن خمسة دولار أمريكي فقط، ومن الأمور التي تحتاجها مدرسته تجهيز قاعة لاجتماعات الطلبة، وكذلك مكتب للإدارة لأن الإدارة والمعلمين جميعهم في نفس المكان إلا أن هنالك احتياج يتمنى لو يوفر من قبل أهل الخير، والذي قد تستنكره وهو:
يحتاجون للتراب
تراب يوضع على الأرض وذلك لأنه عندما تهطل الأمطار لا يستطيعون المشي لأن الأرض لا تكون متساوية فيتم وضع التراب فتصبح أرضا على الأرض وتكلفة هذه الأرض ألف دولار تقريبًا.
4- عن كمبوديا البلد “اضطراب سياسي”
سأذكر لمحة بسيطة وموجزة وغير شاملة لكل تاريخها وما عاشته كمبوديا من اضطراب سياسي ولكن بالمختصر مرت البلد بعدة مراحل منها: الملكية إلى حكم الخمير وتعرضت فيه البلد لتدمير. ومعنى الخمير “الفلاح”، وهذا كان مقصدهم أن تكون كمبوديا بلدًا زراعيًّا ليست فيها من المدنية شيء وإبادة أي شيء غربي كذلك تدمير المكتبات والمعابد.. فقد استولوا على المدارس والمباني لأغراض الحرب وجعلوها معتقلات وقد قتلوا الكثير من الناس خاصةً الفئة المتعلمة والمثقفة بالإضافة إلى من مات بسبب المرض أو الجوع وقد بلغ عدد الوفيات إلى ما يقارب ثلاثة مليون، وهنالك متحف لجرائم الإبادة الجماعية أو ما يعرف بحقول الموت يوثق هذه المرحلة اسمه “Tuol Sleng”.
أيضًا عاشت كمبوديا الاستعمار الفرنسي، والحروب الأهلية والتي استمرت لفترة طويلة والبلدان التي حربها “منها وفيها” على الأرجح صعب نهوضها من جديد لبناء مجد وحضارة.. حاليًا كمبوديا تعيش في حكم ملكي دستوري والذي بدأ من عام في عام 1993 وتحاول إعمار البلاد.
أبرز المدن فيها:
- بنوم بنه: مدينة تجارية وصناعية وأيضًا ثقافية وهي أكبر المدن والعاصمة.
- سييم ريب: مدينة سياحية وهي بوابة لمنطقة الأنغكور، ومعنى أنغكور “مدينة”، وبها معبد أنغكور وات.
وفي النهاية السفر لأماكن جديدة مثرٍ للنفس والعقل والروح، وفي كل مكان تذهب إليه سترى تاريخًا وقصة مختلفة وكذلك جمالًا مختلفًا يجعلك تشهد التنوع في الأرض لتتفكر وتؤمن بقدرة الخالق -عز وجل-.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 102,580
تجربة ملهمة في بلاد كمبوديا
link https://ziid.net/?p=94583