لماذا نجد صعوبة عند الكتابة عن أنفسنا؟
الكتابة عن النفس صعبة لا أشك في ذلك، لكنها مهارة يجب على المرء إدراكها، ومعرفة كيف يمكنه صياغة الكلمات المناسبة للتعبير نفسه
add تابِعني remove_red_eye 13,690
قبل بداية العام الدراسي يضطر الطلاب في كثير من البلاد إلى إكمال بياناتهم والكتابة عن أنفسهم وفقًا لمتطلبات الدراسة، ويسعى الكثير للحصول على منح دراسية توفيرًا للأموال، وهنا تكون المنافسة عالية للغاية، مما يضطر الطلاب لكتابة خطابات النوايا وغيرها من الطلبات التي تعتمد على مدى حنكة الشخص وقدرته على إقناع الكلية أو المدرسة لقبوله، لكن مع ذلك، يجد الكثير منهم صعوبة بالغة في التحدث عن نفسه. أو الكتابة عن نفسه، بالرغم من أنه أدرى الناس بنفسه، إلا أنه يعجز كثيرًا عن ذلك. تُرى ما السبب وراء ذلك؟
لماذا نجد صعوبة في الكتابة عن أنفسنا؟
في البداية يجب أن نفرق بين الكتابة عن أنفسنا من أجل الحصول على موافقة الآخرين، والكتابة عن أنفسنا من أجلنا نحن. لنَتطرق للنوع الأخير أولًا. هناك الكثير منا يجد صعوبة في التحدث عن نفسه ليس لأنه جاهل بنفسه، لكن ربما تكون الكتابة عن الذات تُحيي الآلام العميقة. بالرغم من أنّ الشخص هو أفصح وأكثر قدرة على التعبير عن نفسه من أي شخص آخر. لكن يقف قلمه عاجزًا أمام ذكرياته في بعض الحالات. أو نستطيع القول بأنّ الأمر أشبه بطبيب تعرض ابنه لحادث فشعر بالعجز أمام ابنه ولم يستطع تقديم المساعدة له. كثير منا يشعر بهذا العجز أمام نفسه.
في حالة الطلاب، فهم لا يكتبون سيرة ذاتية أو حياتهم، ولكن يكتبون من أجل الحصول على موافقة الآخرين. ربما تكمن صعوبة هذا الأمر في أننا لا نعرف من الذي سيقرأ كلماتنا، ولا ماذا كتب المنافسون. وفي هذا الصدد، قام عالم النفس “مارك سنايدر” وزملاؤه في أواخر السبعينيات بتجربة توضح إلى أي مدى نستطيع تلبية طلبات الآخرين، سواء كانت جيدة أو سيئة.
أثناء الدراسة، تفاعل حوالي (51) مشاركًا من الرجال مع النساء من خلال سماعة وميكروفون في محادثة، وقبل المحادثة أُعطي للرجال صورة لامرأة جذابة أو صورة غير جذابة. وبالطبع اعتقد الرجال أنهم يتحدثون إلى المرأة التي رأوها في الصورة.
لم يعرف المراقبون بشأن الصورة، بل ركزوا على سلوكيات النساء. ووجدوا أنّ النساء اللواتي تعاملن بشكل أكثر اجتماعية وودًّا كُنَّ اللواتي تحدثن مع الرجال الذين شاهدوا الصورة الجذابة. ومن خلال هذه التجربة نخلص إلى أنّ الرجال أعطوا أحكامًا دون وعي، والنساء استطعنَّ التقاط هذه التفاصيل واستجبن وفقًا لطريقة كلام الرجال، وهذا يعني أنّ كلًّا من الطرفين سعى ليرتقي إلى مستوى توقعات الآخر.
هكذا الأمر عند الكتابة عن أنفسنا من أجل الغير، فقد يبالغ الشخص في ارتداء شخصية لا تناسبه أو لا يستطيع إعطاء ذاته حقها عند التعبير عنها، إذ إنّ الأمر يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الغير. يُذكرني هذا الأمر بكتابة السيرة الذاتية، فقد نصحني أحدهم ذات يوم ألا أستخدم نفس السيرة الذاتية عند إرسالها للمنظمات المختلفة، وأنّ أجعلها متناسبة مع الجهة المُرسَل إليها، أي أُشكلها تبعًا لوجهتها.
كذبة كبيرة
عندما أتأمل في الأمر أكثر ألاحظ أنّ وصف أنفسنا على الورق بمبالغة لكي نرقى إلى مستوى يناسب توقعات الآخرين يجعل الأمر وكأنه كذبة كبيرة. حيث يعتقد الكثير من الناس أنّ عليهم التفاخر بمبالغة عند كتابة البيانات الشخصية أو خطابات النوايا وإظهار أنفسهم في صورة ليست واقعية عنهم، تكاد تقرب من المثالية، فهذا يُعزز فرصهم في الحصول على المنح أو العمل أو أي شيء تنافسي – حسب اعتقادهم -.
لا شك في أنّ هناك الكثير منا يجد صعوبة بالغة في الكتابة عن نفسه، لكن ما السبب الرئيسي وراء ذلك؟ ببساطة، المماطلة هي أكثر الأسباب دقة. فطبيعتنا نحن البشر هي الميل إلى المماطلة في الأشياء التي تسبب لنا حالة من عدم الراحة، بسبب الخوف الجوهري منها، وتأتي حالة عدم الراحة تلك عندما يتعين علينا التحدث عن أنفسنا بتفاخر ونقول ما ليس عندما من أجل تعزيز قوتنا في التنافس، فنشعر بالاشمئزاز. إضافة إلى الخوف الذي ينتابنا عندما يتعين علينا الكتابة عن أنفسنا.
إنّ الالتحاق بالجامعات التي نرغب فيها أو الحصول وظيفة الأحلام لهو أمر مهم، يستحق بذل الجهد فيه، في نفس الوقت، يجد أغلبنا صعوبة في الكتابة عن نفسه أو تقديم معلومات حقيقية في صورة جيدة تصلح للتنافس، لذا إليك النصائح التالية لعلها تساعدك في هذه المهمة.
- انس فكرة الضغط الذي تتعرض له وابدأ في الكتابة: في كثير من الأحيان، يضعف الإنسان أمام الضغط. عندما يشتكي لي أحدهم من الضغط أنصحه بالبدء، فبمجرد أن يُنجز الشخص عملًا ولو بسيطًا يتحمس لإتمام بقية العمل. وفي موقفنا هذا، يصبح الشخص الذي يُقدم على منحة دراسة أو عمل تحت ضغط، وعندما يُفكر في فكرة الضغط نفسها يزداد الأمر سوءًا، لذا يتطلب الأمر هدوء الأعصاب وحسن اختيار الكلمات التي ستُكتب في الطلب، فكُل كلمة مؤثرة وتتطلب عناية بالغة. كما سيَستطيع الشخص تنقيح الكلمات واختيار أفضلها وأهمها.
- رأي الآخرين ضروري: قد يبدو الأمر صعبًا بعض الشيء، لكنها خطوة مهمة أن تجعل شخصًا آخر يعرفك جيدًا يجلس بجوارك ويخبرك برأيه في البيانات الشخصية التي كتبتها. فذلك الشخص سيعطيك رأيه بشكلٍ موضوعي، مما يساعدك على تطوير كتاباتك. أضف إلى ذلك، من الممكن أن يُضيف ذلك الشخص إليك بعض النقاط التي غفلت عنها، وبذلك تستطيع إضافة المزيد من مميزاتك الحقيقية.
- تذكر أنك لست وحدك: هناك العديد ممن يُعانون من الضغط الذي تُعاني منه، وهذه هي الحياة، كلها سباق وتنافس ولكن يجب على المرء الصبر وعدم جلد الذات مهما حدث. وتذكر أنّ السعي بيدك، لكن النتائج ليست بيدك. فقط اسعَ.
تُعد الكتابة عن النفس صعبة لا أشك في ذلك، لكنها مهارة يجب على المرء إدراكها، ومعرفة كيف يمكنه صياغة الكلمات المناسبة للتعبير عن نفسه، سواء كنت كاتبًا أو طالبًا ترغب في الحصول على منحة أو حتى شخصًا يرغب في عمل.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 13,690
كثيرًا ما يشعر الإنسان بالعجز عندما يعبر عن نفسه بالقلم.
link https://ziid.net/?p=77746