ذكاء الأغبياء.. ماذا تعرف عن ذكاء المجرمين؟
يتدبر المجرمون في الوجوه وفي لغة الجسد ليختاروا الضحية، ويستطيعون ذلك بفضل قُدراتهم على التحليل والفهم
add تابِعني remove_red_eye 5,233
غريب أمر هؤلاء المجرمين الذين يُمارسون الإجرام باحتراف شديد وكأن الإجرام صنعة أجادوها أو حرفة امتلكوا أسرارها؛ فهؤلاء المجرمون يأتون بأفعال وحركات لا نستطيع أن نصفها بغير الذكاء الشديد، فالتخطيط ودراسة الموقع ودراسة حال الضحية والبحث عن نقاط القوة ونقاط الضعف وكيف يبدأ الهجوم ومن أي النقاط وفي أي الساعات يبدأ؟ وقد يكون أحد أركان الجرائم المُنظمة نفرٌ لا همَّ لهم إلا هذا التخطيط والدراسة، وكأنهم في جامعة أو في معهد بحثي عريق، كل هذا لا يُمكن تفسيره إلا بالذكاء الشديد، أما على المستوى الفردي فنجد عجب العُجاب.
مهارات ذكية يُمارسها المجرمون
فأحدهم لديه مهارة وذكاء حركي يجعله قادرًا على التحكم في عضلات الجسد وفي توازنه وهو يتسلق المواسير أو يقفز من فوق الجُدران ويتخطى الحواجز وكأنه لاعب جمباز ماهر أو فارس يقتحم حصون الأعداء بجراءة وشجاعة؛ وهذا آخر لديه القُدرة على السير وسط الزحام فينظر إلى كُل هؤلاء الناس ثم يتدبر في الوجوه وفي لغة الجسد ثم يختار ضحيته الذي يستطيع بفضل قُدرته على تحليل الشخصية وفهمه للغة الجسد أن يعرف أن هذا الرجل يحمل معه مال كثير أو أن هذه السيدة تحمل في أصابعها قطعة مجوهرات غالية الثمن.
ثم يبدأ في التخطيط للعملية، وعملية التخطيط تكون على مراحل فهو يقترب ثم يأخذ ثم يهرب في خفة وذكاء لا يشعر به أحد؛ ولو تعمقنا لوجدنا أن مجرمين آخرين لديهم ذاكرة خارقة وآخرون لديهم مهارات في حل المُشكلات لا يمتلكها كثيرٌ من العُلماء والمتخصصين في هذا المجال.
كل هذا شيء وهذا النصاب الماهر الذي يجلس في مكتب فخم أنيق ويُعلن أنه يقوم بتوظيف الأموال أو أنه يبيع شُقق فاخرة فيأتيه الناس من كل مكان، كل واحد يطلب منه وبإلحاح أن يأخذ المال الذي معه والمجرم النصاب يتظاهر بالتعفف وعدم الرغبة في أخذ المال وقد يُعلنها صراحة أنه لن يستطيع توفير السلعة التي تُريدون، ولكن في النهاية يأخذ المال تحت ضغط إلحاح الضحية.
انتشار مهارات الإجرام بين عموم الناس
كل هذه الأمور وأكثر منها يراها الإنسان بوضوح وبأشكال مختلفة في حياته اليومية فهذا الزميل الذي استخدم وسيلة مواصلات ثم استطاع أن يفلت من مُحصل التذاكر دون أن يشعر المُحصل به، يعد ذلك ذكاءً وهذا الرجل الذي غافل الرجل المسكين الذي يبيع قطع الحلوى في السوبر ماركت واستطاع أن يحصل على ثلاث قطع في حين أنه دفع ثمن اثنتين، وهذا الذي استطاع أن يختلس النظرات ويحصل على إجابة سؤال في لجان الامتحان، والأمثلة تطول.
انتصار الغباء
في كل هذه المواقف يرى المُجرم نفسه قد انتصر ويرى نفسه يملك نوعًا من الذكاء الذي جعله يستطيع أن يُخادع كل ضحاياه وأن يأخذ منهم ما يُريد دون ثمن، ويشعر المُجرم بنشوة الانتصار وزهو الشخص النرجسي المُعجب بنفسه، ولم لا؟ هل يستطيع غيره أن يفعل ذلك؟
وَهْم الانتصار
في الحقيقة إن نظرة المجرم لنفسه نظرة بها الكثير من الحقيقة فهو ذكيّ بدرجة ما وبنوعٍ ما ولكن هذا الذكاء كان يُمكن أن يكون أداة لبناء المجتمع وتطويره لو استخدمه كما ينبغي، من ناحية أخرى أن هذا الذكاء يعتمد في نجاحه على طيبة قلب الضحية وظنه الحسن بالمجرم وعدم تحوطه وعدم انتباهه لتخطيط المجرم مما أدى لوقعه في شباكه.
الذكاء الحقيقي
هذا ما يجعلنا نقول هذا الذكاء ليس ذكاء حقيقيًّا، فلو كان المجرم ذكيًّا بالفعل لارتفع بأخلاقه وأبت عليه نفسه أن يُمارس دور المُخادع المتلصص الهارب دائمًا من ملاحقة ضحاياه. لو كان المجرم ذكيًّا بالفعل لفكر في كسب المال بطريقة تحفظ عليه كرامته ولا يعيش في خوف ورعب دائم مخافة أن يُكشَف أمره أو أن يتتبعه بعض ضحاياه. فذكاء المجرم هو ذكاء الأغبياء الذين يستخدمون مواهبهم وقُدراتهم كأداة لإرعاب الناس والاستيلاء على أموالهم. نعم ذكاء الأغبياء الذي يجعل صاحبه يعيش في حالة هروب مستمر من الناس ومن المجتمع ومن نفسه في أحيان كثيرة. ذكاء الأغبياء الذي يقوم على مخادعة البُسطاء والواثقين في المجرم والمنخدعين بأسلوبه في الكلام وفي التعامل.
وعلى المؤسسات المعنية في المجتمع أن تُعيد ترتيب أوراقها وتقوم بتغيير أسلوبها في التعامل مع المجرمين ليكون الهدف الأساسي هو إعادة تأهيلهم ليستفيد المجتمع من هذا الذكاء وهذه القُدرات. وعلينا نحن كأفراد أن نُفكر في كل أفعالنا هل هذه الأفعال تُشير إلى ذكاء حقيقي مُفيد أم هو ذكاء الأغبياء.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 5,233
يتناول المقال الذكاء الذي يمتلكه المجرمون ويصل لنتيجة أن هذا ليس ذكاء بل غباء
link https://ziid.net/?p=97719