دليل الكاتب المغوار في اصطياد الأفكار
الحصول على الأفكار أحيانًا يكون أمرًا شاقًّا ومرهقًا ويسبب حبسة الكتابة، ولكن بمعرفة المصادر يسهل الأمر ويختصر الطريق
add تابِعني remove_red_eye 61,969
حينما تشرع بكتابة أي شيء، لا تبدأ جزافًا هكذا، بل هناك فكرة ما حركتك لتكتب عنها، تجدها تدفعك بكل قوة نحو الكتابة عنها وتدوينها، ولكن هل نمضي أوقاتنا جلوسًا بانتظار هبوط فكرة ما على رؤوسنا، نقول كما يقول هؤلاء الناس، إننا ننتظر الإلهام لنكتب!؟
ما يحدث أن الإلهام لا يأتي وإذ انتظرنا حتى يأتي لن نكتب إلا كل عام، أو كل شهر، يجب أن نصنع الأفكار، إن لم نجدها، نوجدها، نخلقها، إن ما يجب علينا تجاه أفكارنا: أن نلتقطها من الهواء فعلًا.
حينما بدأت بالكتابة على موقع “زِدْ” أردت أن أشارك في #سباق_الخمسين ولكن من أين لي بخمسين فكرة؟ أنا أعرف إستراتيجيات استدعاء الأفكار بالنسبة لحكاية أو قصة أو رواية ولكن مقال! مؤكد أن الأمر أصعب بكثير، أخبرني الأصدقاء بأن أمضي وأكتب ما يتوفر لدي، وفي طريق الكتابة، سأتعثر في الكثير من الموضوعات التي تصلح كمقال، ومضيت أكتب، وبالفعل هذا ما حدث، مع استخدام أفكار أخرى أو توليدها، أصبحت لدي الأفكار، وما زالت تأتي.
كيف تصنع فكرة؟!
هل من الممكن أن نصنع فكرة؟ بالطبع يمكننا، عن طريق النظر إلى ما وراء الأشياء.
يجب عليك أن تتمتع دائمًا بتلك العين التي تلتقط كل التفاصيل مهما كانت ضآلتها، ألم تسمع عن ذلك المثل الإنجليزي الشهير (الشيطان يكمن في التفاصيل)، ودائمًا يجب عليك أن تنظر للجزء الأصغر من الصورة، لأن الصورة الكاملة قد قتلت بحثًا وكتابة، إنما تلك التفاصيل التي لا يدركها الجميع، أو أصابهم السهو نحوها هي فرصتك أنت للإتيان بشيء إبداعي، فكِّر في فيلمك المفضل الحاصل على الأوسكار، ألم يكتب عنه الكثير من المقالات التي تتحدث عن فكرته، ديكوراته، ملابس أبطاله على السجادة الحمراء؟ لكن ما رأيك في الاضطراب النفسي الذي كانت تعاني منه البطلة؟ لما لا تكتب عن هذا الاضطراب من زاوية الفيلم، لما لا تربط بين الأحداث وبينهما؟ وعلى ذلك قِس الكثير من الأمثلة.
كيف تستدعى فكرة؟
هل تعرف العصف الذهني (Brainstorming) هو إحدى أساليب الإبداع الجماعي، حيث تحاول مجموعة من الناس إيجاد الحلول لمشكلة، أو البحث عن أفكار إبداعية، ويستخدم بشكلٍ ما كطريقة للتدريس.
يمكنك أن تمارس العصف الذهني منفردًا، أي تنفرد بذاتك لتستدعي كل الأفكار التي قد تخطر على بالك في ذلك الوقت، وتقوم بتدوينها، وأهم الخطوات هو أن لا تحكم على الأفكار حينما تتوافد إلى عقلك، لأن ذلك قد يوقف سيلان الأفكار لرأسك، لأنك تحكم عليها بعقلانية شديدة مما سيفسد العملية برمتها.
وبعد أن تنتهي يمكنك تفنيد الأفكار، أفكار صالحة، أفكار تحتاج للبحث، أفكار يمكن الشروع بها، أفكار خيالية أو بعيدة أو صعبة التنفيذ، احتفظ بها أيضًا لا تُلْقِهَا في سلَّة المهملات بسرعة، لا يمكن أن تستخرج منها نوعًا آخَر فبينما أنت تفكر في أفكار لمقال، تقفز فكرة خيالية ستصلح لقصة جميلة.
بينما كنت أريد أكتب ذات يوم مقال عن الزواج في مصر، كانت الفكرة كبيرة جدًّا على مقال، فقمت بتحويل الفكرة إلى رواية، ونشرتها إلكترونيًّا.
كم فكرة من ثمرة أناناس (الأشياء ليست بسيطة كما تبدو)
لا ترى أبدًا أيَّ شيء أتفه من أن تكتب عنه، ففي عصرنا الحالي، عصر التكنولوجيا واتساع المجالات، لم يعد الفن المقالي قاصرًا على أنواعه القديمة، السياسية والاجتماعية والدينية والأدبية، بل دخلت مجالات أخرى، فأصبحنا نبحث عن مقالات في الشئون المنزلية، والتطبيقات الهاتفية، فأصبح كل شيء يمكنك أن تكتب عنه، لأعطيك مثالًا، انظر إلى ثمرة الأناناس التي هي ليست نوعك المفضل من الفاكهة، وانظر إليها، عَمِّق النظر إليها، هل تعرف كم فكرة يمكن أن تكتبها من خلال تلك الثمرة؟! لنَعُدَّ معًا:
- فوائد الأناناس في الأنظمة الغذائية الصحية.
- حلويات يدخل الأناس في صناعتها بشكل مباشر.
- الأدوية التي تستخرج من مادة ما منها.
- فائدة الأناناس لصحة طفلك.
هناك الكثير من الأفكار عن الكثير من الأشياء، المهم فقط هو أن تعرف كيف تلتقطها، وكيف توظفها، فالماء يمكن أن تكتب عنه مقالًا سياسيًّا عن أنصبة الدول من الأنهار مثلًا، وآخر علمي عن الأخطار التي تهدده بسبب التلوث، وثالث عن فكرة أخرى وغير ذلك.
- كيف تجد أفكار فريدة لقصتك القادمة؟
- 17 مصدرًا يساعدك في الحصول على أفكار لمقالاتك
- ١٥ طريقة يستمد منها الكاتب الإلهام ليكتب مقالات مميزة
اطرح سؤالًا لتكتب قصة
في كتاب ” الحكاية وما فيها” لمحمد عبد النبي، يفرد فصلًا باسم (في مديح الأسئلة الصغيرة) فمن جملة صغيرة يمكنك أن تستخرج الكثير من الأسئلة، فمثلًا يمكنني أن أقول (زهرة تكتب المقال) ثم أسأل بعد ذلك من هي زهرة؟ لما تكتب المقال، ومتى تكتب المقال، وعن أي شيء؟ من هنا بالضبط تنبثق حكاية (زهرة فتاة في سن الخامسة والعشرين، أطفأت شموع عيد الميلاد، ثم دخلت إلى غرفتها وشرعت في البكاء لأنها تشعر أن عمرها يمضي بلا أي فائدة، يومض هاتفها فتجد صديقتها أرسلت لها رابط موقع إلكتروني يريد كتابًا، فتفتح الكمبيوتر الخاص بها وتبدأ في الكتابة……………..) لآخر القصة التي يمكنك أن تضيف إليها، أو تحذف منها.
في ورشة مصغرة تعقدها لنا صديقة مهتمة بالكتابة الإبداعية، أحضرت صورة وطلبت منَّا أن نطرح بعض الأسئلة عليها، كل المشاركين طرحوا الأسئلة، الأمر بدأ كلُعْبةٍ، ثم تطوَّر إلى نصوص جميلة، وظلت صورة الفتاة، تدور في رأسي لأكتب حكايتها، فشعرها البُنِّيّ مثلًا ربما ليس إلا هو شعر مستعار، لأنها حلقت شعرها احتجاجًا، وربما انتظارها في الشارع الذي سُألت عنه (لما تقف في الشمس هكذا) ما هو إلا انتظارًا لحبيب، فالكثير من الأسئلة يجلب الكثير من الأجوبة، والكثير منها يجلب الأحداث التي تبني قصتك، فما القصص سوى أحداث مترابطة.
سامحوني سأكتبكم في قصة
الجميع هم مادتنا للكتابة، معلمة الصف الغاضبة، الصديقة النمامة، الفتاة الطويلة على أول الشارع التي نشعر معها بالألفة، لكننا لم نتبادل معها حديث واحد. كل هؤلاء وأكثر، هم المادة الأولي، فالشجار بين أبويك صغيرًا قد تستخدمه في قصتك أو روايتك، الطعام التي تشتهر به قريتك، ربما يصبح مصدر حنين البطل المغترب، إلى بلدته. المقصود أنك لا تنظر أن تصنع بلادًا أخرى بأحداث جديدة، لكن استخدم المتاح أمامك دائمًا، سيخرج لك قصةً غير متوقعة، فقصة الكاتب أو روايته، هي نتاج لتمازج أفكاره وأحلامه وبيئته، وموطنه وما يكرهه وما يحبه، مع أحداث خيالية وقصة من وحي الخيال، الأفكار العظيمة ليست بأفكار مستحدثة، هي أفكار كتبت بمهارة فحسب.
كما أن احتياجاتك الشخصية، واحتياجات من حولك تُعَدُّ مصدرًا هامًا للمقالات، جَرِّب أن تكتب عن التطبيقات التي أفادتك، أو عن كيف يمكنك صناعة بعض الأطعمة بتكْلِفَة قليلة، ويمكنك الاستفادة من قصص من حولك للبحث عن حَلٍّ وبثّه لهم عبر مقال.
وتذكر دائمًا، يجب أن تكون بديهتك حاضرة، وأن تلتقطها من الهواء.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
إذا كنت تعتب أي نوع من الأدب، فأنت بحاجة دائمًا للأفكار فكيف يمكنك الحصول عليه.
link https://ziid.net/?p=58375