[سلسلة] من تجربتي الذاتية: كيف تتجاوز مرحلة الجامعة بكل تحدياتها
الجامعة هي الحدود الفاصلة بين الطفولة والشباب؛ فاغتنم تلك المرحلة الانتقالية في تخطيط مستقبلك
add تابِعني remove_red_eye 29,594
أتمنى لو كان بمقدوري الحصول علي تلك النصائح قبل دخولي الجامعة؛ وقتها أخافني البعض وأخبروني أن حياة الجامعة عبارة عن عالم غربي لا يتماشي مع تقاليدي الشرقية؛ وما زاد خوفي وقلقي كان عدم مخالطتي للجنس الأخر من الأغراب؛ فكل الرجال في حياتي منذ صغري وحتى نهاية مرحلتي الثانوية كانوا إما أقاربي أو أطبائي أو أساتذتي، حتى في المرحلة الابتدائية.. لم أتحدث أبدًا مع أي من زملائي.
حتى “سيف” بطلي الصغير -وحب طفولتي- لم ألقي عليه التحية طيلة سنوات دراستي الخمسة، وما زاد الأمر سوءًا كان مشاهدتي لحديث تليفزيوني يتحدث عن مرحلة المراهقة وعن مشاكلها، وكانوا كثيراً ما يطلقون عليها مرحلة عنق الزجاجة، كل هذا بخلاف مخاوفي من الدراسة نفسها؛ فسابقاً كان بمقدورنا حضور مجموعات تقوية بعد المدرسة وشراء الكتب المليئة بأسئلة وامتحانات كثيرة عن المنهج؛ لكن الجامعة مختلفة تمامًا فلا مصدر للمعلومات سوى المُحاضر وكتابه فقط لا غير، كل تلك المخاوف جعلتني متوجسة خِيفة من العالم الغامض الذي كان ينتظرني وأخذني علي غفلة دون تدريب مسبق عليه.
لم يخبروني أن سنوات الجامعة هي أكثر سنوات عمري ربيعًا؛ لذا قررت أن أتكلم معكم اليوم عن كيف استقبلت تلك الفترة في حياتي، وكيف تعاملت مع التحديات المختلفة منذ اليوم الأول وحتى حفلة تخرجي.
1- كيف اقتحمت هذا العالم بمفردي
منذ ذهابي للمدرسة وحتى نهاية المرحلة الثانوية كنت لا أخطو خارج منزلي بمفردي؛ فكان ذهابي وإيابي من وإلى المدرسة مع والدي أو والدتي أو أخوتي، وحتى بعد بلوغي عامي الثامن عشر لم تتركني أمي أذهب بمفردي لدروس الرياضة والألماني والاقتصاد؛ وبعد حصولي على قرار القبول في جامعة عين شمس ذهب أبي معي للجامعة للفحص الطبي واختيار قسم الإعلام ودفع مصاريف عامي الأول، بل وذهب معي ليومي الأول في الجامعة وصعد معي للدور الرابع وتركني أمام باب المدرج على مرآى ومسمع من الدفعة بأكملها.
كنت أرى في وجهه فرحة لدرجة أني شعرت أنه يرغب بدخول المدرج معي، ولولا صديقتي أمل أشارت لي، لكان سيقف معي حتى دخول المُحاضر، بالنسبة لي هذا اليوم لا ينسى -كان أول يوم جامعة في رمضان- وأعتقد أني حينها استمدت قوتي من أبي لمواصلة حياتي الجامعية دون خوف.
2- كيف اندمجت مع أصدقائي
في أول عامين لي بالجامعة لم أشعر بأني على استعداد لإقامة صداقات مع زملائي الشباب، علي الرغم من أن شباب الدفعة كانوا على قدر عالي من الأخلاق والاحترام إلا أني لم أجد داعٍ للاختلاط معهم، فأغلب مشاريعي في المحاضرات والسيكشن كانوا مع صديقاتي؛ لكن بعد التخصص وخاصة في عامي الثالث والرابع ومع خروجي لحياتي المهنية بدأ توتري من الجنس الأخر يقل تدريجياً، وبعد التخرج أصبحت علاقتي بزملائي من الجنسين طبيعية ولا يشوبها أي تحفظ، أعلم أن علاقات الصداقة بين الجنسين غير مستحبة خاصة في مجتمعاتنا الشرقية؛ لكن إذا كانت العلاقة بينهم أخوية وموضوعة ضمن أطر وحدود معينة وقتها لن يكون هناك أي داعي للتحفظ.
3- كيف تجاوزت عقبة الدراسة
إذا أردت أن تتقن أي لعبة جديدة عليك أن تعرف قواعدها جيداً، وهذا ما حدث فبمجرد دخولي الجامعة اكتشفت كل أسرارها، وهي:
حضور المحاضرات والحصول علي كتاب المحاضر؛ فالمحاضرات ستوفر لي الفهم والأمثلة، أما الكتاب فسيزودني بالمادة العلمية النظرية، أما بالنسبة للتطبيق فكان يكفيني متابعة نشرات الأخبار والبرامج الإعلامية ونقدها، كل هذا بخلاف سلاحي السري؛ فبعد انتهاء أي محاضرة كنت أجلس مع صديقاتي وأبدأ في شرحها لهنّ كما فهمتها، كنت كمن يضرب عصفورين بحجر واحد، أساعد صديقاتي علي فهم المحاضرة وفي نفس الوقت أخزن كل المعلومات في ذاكرتي طويلة المدى.
4- يوم الحصاد
كلنا كنا نطمح بارتداء عباءة التخرج الخضراء وقبعة التخرج بمجرد دخولنا الصرح الجامعي، ولله الحمد ذهبت مع أبي وأمي أخيرًا بعد عذاب 4 سنوات لم تتوقف عند حد المذاكرة والامتحانات فقط بل تجاوزت مراحل خطيرة لإتمام مشروع تخرجي ومشاريعي الصحفية الأخرى علي مدار عامين منذ تخصصت في شعبة الصحافة.
أتذكر يوم تخرجي ذهبنا منذ الصباح وحتى العاشرة ليلاً، حدث ذلك بعد 4 شهور من ثورة يناير 2011، كانت لحظة صعودي المنصة لاستلام الميدالية وشهادة التقدير على نغمات أغنية (مبروك لرامي عياش) مع صوت أبي وأمي وهم ينادوني ويلوحون لي بأيديهم من الصف العلوي (البلكون) من اللحظات التي لا تنسى في حياتي.
كانت بمثابة هبة من الله لمكافأتي أنا ووالداي لقاء سنوات الشقاء على مدار 15 عامًا -سنوات تعليمي- ارتدائي العباءة الخضراء واستلامي للميدالية وشهادة التقدير ورؤية فرحة والداي بي كان كما لو أني سددت -ولو قدر بسيطًا- من ديوني لهم.
في الختام
سأخبركم بسرّ لمواجهة أي تحدي في حياتكم:
عليكم أولاً أن تثقوا في أنفسكم، وفي القيم التي اعتدتم عليها لأن من وجهة نظري البشر لا يتزعزعون من أي تحدي جديد أو أي بيئة مختلفة عنهم إلا لو كان تأسيسهم ضعيف؛ لذا عليك عزيزي القارئ أن تقوي شخصيتك وتثق في نفسك بالضبط كالشجرة الممتدة جذورها لأعماق الأرض فلا تقوي أي رياح أو أعاصير علي زعزعتها.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 29,594
مقال وتجربة ملهمة عن الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب
link https://ziid.net/?p=72858