الوعي الذاتي: هل تعرف نفسك جيدًا
الوعي الذاتي الوسيلة العلمية لمعرفة أنفسنا واستغلالها أفضل استغلال، ويجعلنا نعيش نشعر بانسجام في الحياة.
add تابِعني remove_red_eye 38,075
أنا أعرف نفسي جيدًا.. كثيرًا ما نقول تلك الجملة وتأتي مواقف تضعنا في مواجه مع أنفسنا ونصدم من ردود أفعالنا، ونتعجب كيف حدث هذا؟ هذا ليس أنا وقد نصاب بالإحباط من أنفسنا، وكثيرًا ما تكون تلك المواقف التي صدمتنا في أنفسنا مواقف جديدة أو هناك تغير في مجريات الأمور التي أثرت على جزء عميق فينا ونحن لا ندري.
أو حدثت صدمات لنا دون التعافي فأثرت في أعماقنا، فمع مواقف الحياة التي نمر بها قد تؤثر على توجهاتنا وأولوياتنا دون أن ندري، ولذلك نحتاج لعمل تجديد لرؤيتنا لأنفسنا من حين لآخر، وذلك أمر طبيعي لأننا وبكل بساطة لا زلنا نكتشف أنفسنا وما يدور بها في التجارب المختلفة، فنكتشف مراكز قوتها وضعفها في المواقف التي تواجهنا بأنفسنا، وكأنها تضعنا أمام مرآة نقية.
دورنا هو الوعي بأنفسنا
في البداية عندما نكبر نكون وعينا عن أنفسنا ونوضع أمام اختيارين سواء وعينا بهم أو تم توجيهنا بشكل لا واعٍ، نصبح كالذي يشتري جهازًا جديدًا يتاح له اختياران.
الأول: أن يستعمله مثل الناس المحيطين به، الاستخدام الاعتيادي دون وعي كامل بكل مزاياه، ومع المواقف أو الصدف يبدأ بالاكتشاف أكثر عن إمكانيات الجهاز التي قد يكتشفها في آخر استخدام للجهاز قبل بيعه، ويقول في نفسه نادمًا يا ليت لي أن أعرف تلك المزايا منذُ أول يوم.
الثاني: أن يقرر بكل وعي وعن قصد أن يتعرف على الجهاز جيدًا، وينظر في دليل الاستخدام، ويفتش فيه بنفسه ويكتشف مميزاته وعيوبه، وأن يحاول استخدامه أفضل استخدام فيستمتع به كما ينبغي.
كذلك نفس الشيء في دورنا في الوعي بأنفسنا، والتساؤل عن مراكز قوتها وضعفها حتى نرى الصورة واضحة.
فنكتشف دوافعنا وأولويات قيمنا، وما يحرك أنفسنا ويحفزها نحو ما ينميها وكذلك نحسن من عيوبها، فنصل بأفضل نسخة ممكنة من شخصيتنا تسهل علينا الحياة، ونتمكن من أداء دورنا في الأرض على أكمل وجه.
كيف أزيد الوعي بذاتي؟
اعلم أن هذا السؤال يدور في بالك الآن، السُّبُل عديدة، مثل:
- أن تضع نفسك في موقف جديدة وتراقب نفسك دون إصدار الأحكام.
- هناك اختبارات الشخصية التي توجد عند المختصين، وليست الاختبارات التي توجد على مواقع التواصل الاجتماعي.
- اجلس مع نفسك جلسة حب وتعارف، وكأنك صديق جديد تتعرف عليه، واسأل ما يفرحك؟ ما يحزنك؟ ما يغضبك؟ ما مميزاتك ونقاط قوتك؟ ما نقاط ضعفك؟
- واعلم أنه ليس من السهل أن تجد إجابات من أول جلسة، فصديقك الجديد (نفسك) يحتاج وقتًا لكي تكتشفه، ويفتح قلبه لك، يجب أن تكون متفهم لعيوبه، ومقدر لميزاته وتحتويه.
ما أفعل بعد اكتشاف نفسي؟
وبعد الاكتشاف يأتي دور التقبل، فالتقبل هو السبيل لتغير كل ما رأيته في نفسك، وذكر نفسك أنك من البشر، فمن الطبيعي أن تجد بها العيوب، لأننا لسنا ملائكة، فلا نحرم أنفسنا من حقها في الخطأ، فالسماح بالخطأ هو حقنا في بشريتنا. فكيف يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» ونحن نعصم أنفسنا من الخطأ ونرفض عيوبنا.
التقبل لكوننا بشر يخطأ ويصيب، علينا تقبل العتمة قبل النور، فالتقبل أول خطوه للتغير، والتقبل ليس معناه أن أقبل عيوبي وأقول هذا أنا ماذا افعل؟! أو أن أسمح لنفسي بالجلوس متراخيًا عن تغير نفسي. التقبل هو التفهم، وبعد التفهم يأتي دورنا في البحث عن الحل والعمل على محاولات الإصلاح، ولكن ضع باعتبارك أنه إذا كرهنا عيبًا فينا، سوف يتفاقم ومع كل مرة في محاولات إنكاره، وتأكد من أن محاولات الإصلاح دون تقبل أو بملازمة شعورنا بالاشمئزاز من ذلك العيب، لن يختفي ولن يصلح بسهولة وسوف يزيد الأمر صعوبة.
كالتي تقوم بنظام غذائي لتقليل وزنها، وهي تكره شكلها يكون الأمر صعبًا، ولكن على عكس لو تقبلت شكلها وبدأت في محاولة التغير يكون النقصان في الوزن أسرع، ومشاعرها الإيجابية في رحله نقصان الوزن سوف تدعمها.
ماذا أفعل بعد تقبل الوعي الجديد؟
أسمع ما يدور نفسك الآن والسؤال المُلّح، ماذا أفعل بعد التقبل؟ بعد التقبل يأتي دور الإحساس بالمسؤولية تجاه نفسي، حيث أسأل نفسي ما دوري تجاه عيوبي وميزاتي؟
دورك هو أن تحسن عيوبك وتقل من سيطرتها على تصرفاتك، وميزاتك تنميها وتوجهها تجاه ما يفيدك، ولكن احذر من الشعور بالذنب المرضي، الذي يقوم بدور عكس الإحساس بالمسؤولية، ويجعلك تتجمد مكانك، والأسوأ قد يجعلك تكرر الأخطاء، رغم تأنيبك لنفسك مئات المرات ورغم الندم المحبط. وهو يختلف عن شعورك بالذنب الصحي الطبيعي والذي وفقًا له يؤنبك ضميرك، ثم بعدها تسمح لنفسك بتقبل خطئك وتسأل نفسك في ثبات كيف أتحمل مسؤولية ما فعلته وكيف أغيره؟ وقتها فقط سوف تتغير.
كيف أغير عيوب نفسي؟
قد يدور في نفس أحدكم فكرة تقول (لا أحد يتغير)، وأجيبك أنت محق، فلا أحد يتغير ما دام لا يعرف كيف يتغير، وما دام لم يتحمل المسؤولية كاملة ويبذل جهدًا كافيًا للتغير ويصبر على النتائج، ويتعلم صعوبات تغيير الأفكار والعادات، ويطلب المساعدة إذا لم يفلح. عليك معرفة أنه بينما أنت الآن تقرأ ما أسرده لك، يدخل لعقلك معلومة جديدة، فترى الأمور من زاوية أخرى إذا تفكرت، الأمر يحتاج لقرار بأن تزيد من وعيك وتتحمل المسؤولية كاملة عن بناء هذا الوعي.
لكن ما ذا أفعل بالتحديد لزيادة وعي بذاتي؟
المجهود الذي تحتاجه لزيادة وعيك بذاتك، يبدأ بالبحث والاطلاع في كل أبواب المساعدة الممكنة مثل:
- مختص أو مدرب لمهارات الحياة.
- قصص أشخاص تغلبت على العيب الذي تريد تغيره.
- مقاطع فيديو للخبراء في تطوير الوعي الذاتي في الشبكات الإلكترونية.
- كتب ومقالات عن سيكولوجية التغير.
- بيئة تعلم داعمة مثل مجتمع المعرفة التطبيقية الذي يوفر مكتبة خاصة بالوعي الذاتي، ومن تجربتي الخاصة وجدت تغيرًا ملحوظًا في وعي الذاتي.
وفي النهاية…في رحلتك في الوعي بذاتك، أبشر فكل محاولات الاكتشاف، وصبرك ومجهودك للتغير، هو جهاد للنفس الذي تؤجر عليه من الله، قال الله تعالي (ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلّح من زكاها)، فنفسك من الله وبالله استعن عليها، واعلم أنك قرأت هذا الكلام بترتيب وفضل من الله، وذلك معناه أنك على أبواب التغير بإذن من الله، فابتسم واصبر على نفسك وقوّها بخالقها.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 38,075
مقال ملهم ومثير عن الوعي الذاتي وكيف تصل إليه وماذا تفعل بعد أن تصل إليه
link https://ziid.net/?p=91342