(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ): أرجوك.. توقف عن النصح بسخرية!
مساعدة الآخرين وتقديم النصح لهم لا تتحقق أبدًا بالسخرية والاستهزاء بمشكلاتهم وعيوبهم، لا تخلق العداوة بينك وبين الآخرين بدون داعٍ
add تابِعني remove_red_eye 460,350
هذا المقال يعبر عني بشكل خاص، وأراهن أنه يعبر عن ملايين مثلي، أكتب هذا المقال وأنا أشعر بك.. بالألم الذي يعتصر صدرك.. بالدموع التي تتحجر في عينيك وترفض أن تسقط. أعلم أنك حاولت أن تتغاضى عما يقولون مئات المرات، أعلم أنك حاولت أن تنسى ما تشعر به، أعلم أنك تحاول ولكني مع ذلك أريدك أن تقرأ سطوري هذه.
أعلم أن ما سأرويه -هنا- يحدث مع الملايين غيري: حين تمتلك عيبًا ما أو مشكلة ما فيحاول من حولك أن ينصحوك ولكن بدلًا من قول أمور طيبة -فقط- يسخرون من مشكلتك أو عيبك، يُلْقون النِّكات ويضحكون على حالك، قد لا تكون مشكلتك كبيرة أو عيبك هذا يمثل عبئًا عليك، ولكن بما يقولونه من كلمات يجعلونك تكره ذاتك وتكره أن تلتقي بهم.
حين يُلْقون هذه النكات الساخرة من عيبك أو مشكلتك تجد نفسك مجبرًا على الابتسام وتبادل الضحكات وأنت تتألم من داخلك، تبكي بدموع غير مرئية، لا يمكنك أن تتخذ موقفا جديًّا لأن ما قيل “سخرية”، “نكات لا يقصد منها إساءة!”.
يعتقد الآخرون أن ما يقولونه يزول وينتهي، لكن بداخلك تثور كل هذه الأمور وتصيبك بالحزن الشديد، الحزن الذي تعجز فيه عن الرد أو المواجهة أو حتى منع نفسك من أن تكره نفسك.
رسالة لكل شخص يلجأ للسخرية من الآخرين
أكّدتْ عدد من الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أن الأشخاص الذين يمارسون الاستهزاء والسخرية من الآخرين يتسببون في زرع حالة من تقليل احترام الذات داخل ذاك الشخص، وقد يصل الأمر إلى تدمير الشخص نفسه.. بالانتحار!
كما تؤكد الأبحاث أن السخرية تجعل الأشخاص في حالة نفسية سيئة تؤثر بشكل مباشر على قدرة الشخص على النجاح، و قد تؤدي إلى الاضرار بنظام المناعة والتي قد تؤدي إلى الإصابة بأحد الأمراض التي ترتبط بجهاز المناعة مثل “الذئبة أو الثعلبة أو البهاق”.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فالشخص نفسه الذي يسخر طوال الوقت من مشكلات وعيوب الآخرين قد يجعل نفسه عرضة للمشكلات المختلفة؛ لأن الأمر قد يصل معه إلى الإصابة بالقلق أو العدوانية أو الاكتئاب.
هل تؤثر السخرية على متلقيها فحسب؟
لا!، فللسخرية كذلك آثار سلبية على المجتمع، حيث إنها أول الطريق نحو قطع الروابط الاجتماعية والعلاقات بما فيها من تآخٍ أو تراحم أو مودة، كما أنها تخلُق نوعًا من العداوة والحقد، وتولد -غالبًا- رغبة للانتقام؛ لأنها تجعل الأشخاص يشعرون بالدونية والاستحقار من قِبَل الآخرين، ولا تتوقف عند هذا الحدّ، فبالنسبة للشخص الذي يقوم بالسخرية كذلك يفقد وقاره -غالبًا- وتسقط عنه صفة المروءة.
أما الديانات -على اختلافها- فقد حرصت على تحريم فعل السخرية وإهانة الآخرين مهما كان السبب، والدين الإسلامي من أكثر الديانات السماوية التي أكدت مرارًا على عدم جواز السخرية من الآخرين، فقد ذُكِر في سورة “الحجرات” الآية (11) نصٌّ صريح بعدم جواز السخرية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وكذلك في سورة “الهمزة” ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ والويل هنا يُقصَد به التهديد والوعيد من السخرية حتى وإن كانت مجرد إشارة أو حتى استخفافًا بالعين.
ويعتبر الدينُ الإسلامي السخريةَ من الآخرين صفةً سيئة وذميمة لا يمكن أن يستهان بها، وكذلك لها عقاب شديد؛ لأنها تسبب ضررًا نفسيًّا كبيرًا على الشخص الذي يتم الاستهزاء أو السخرية منه.
عزيزي! يا مَنْ تُوجِّه النصح بالسخرية! أنا لا أعلم نيتك فيما تفعل، قد يكون قصدك أن تساعدني أو تلفت انتباهي، ولكن -صدقني- الطريقة التي تستخدمها سيئة للغاية وتصيبني بالحزن والغضب وتجعلني أكره ما تقول ولا أفكر فيه ثانية واحدة بطريقة إيجابية؛ لذا أرجوك إن كنت تحمل ذرة من التعاطف أو الحب أو المودة لغيرك من فضلك لا تقدم له النصح بالسخرية، وصدقني إن كان الشخص يمتلك عيبًا أو مشكلة فهو يعرف ذلك بالفعل ولا يحتاج منك أن تشير إلى عيبه أو مشكلته في كل مرة تلتقيه فيها.
اقرأ أيضًا :
add تابِعني remove_red_eye 460,350
مقال هام مُوجَّه لكل شخص يستخدم السخرية كطريقة لنصح الآخرين أو التنمر عليهم
link https://ziid.net/?p=47013