هل الكرم من أسباب الشعور بالسعادة؟
ما يميز الكريم السخي أن يعمل بدون مقابل، وبلا توقع لرد الجميل، لأن الشخص المتلقي لا يستطيع أن يرد...
add تابِعني remove_red_eye 124
يعطي أغلب الناس من وقتهم ومالهم للآخرين دون مقابل أو توقعات، وغالبًا تكون أمورًا بسيطة، فهذا شخص ما يوقفك في الطريق كي يسألك عن الوقت، يريد أن يعرف كم الساعة.. فتقف وتخبره، أو سائل يطلب منك مساعدة مادية كي يستقل وسيلة مواصلات أو يشتري علاجًا، أو بائع مناديل في الطريق أو امرأة فقيرة تسألك المال.. فتمد يدك في جيبك وتخرج ما تجود به لها لكنه -على قلته- ليس بقليل، هذا جزء من مالك أعطيته تطوعًا به ومختارًا وفيه على قِلّته دليل على كرمك وسخاء نفسك. وكل ذلك ولو كان في نظرك بسيطًا إلا أن فيه دلالة على الكرم، إذن عطاؤك من وقتك وقليل مالك أبسط علامات الكرم، بل أول درجاته فمن أراد التدرج ينتقل لدرجة ثانية في سلم الكرم ليرتقي.
الكرم الحقيقي
والكرم الحقيقي ليس مجرد قروش تعطيها لفقير معدم وتتركه وتمشي، الكرم الحقيقي أن تسأل عن حاله وظروفه، أن تذهب بنفسك فتشتري له فطيرة أو علبة حليب، أن تشتري علبة لبن تقدمها لقطة ضعيفة نائمة في الشارع في برد الشتاء أو حر الصيف. يا ترى هل تقدر القطة على أن ترد لك المعروف الذي فعلته فيها؟ إذن فالكرم الحقيقي أن تساعد من لا يقدر على رد جميلك.
ستجد على موقع اليوتيوب فيديو لرجل يجد رجلا نائما في الشارع فيخلع معطفه ويغطيه، أو آخر يرمي نفسه في البحر كي ينقذ كلبًا من الغرق، وما يعبأ لملابسه أن تتبلّ، أو أن تتعرض حياته للخطر، هذا المتسول النائم في الطرقات لن يرد الجميل، وهذا الكلب يستحيل أن يشكرك طبعًا. “أن تفكر في الآخرين قبل نفسك، وتشعر أن الكرم لن يبلغ منتهاه إلا بخلطه بالإيثار”.
ومن صور الكرم، الكرم المجاني -وعند الله لا شيء مجانًا- كلمة الشكر والثناء التي تسمعها لمن ساعدك أو ساعد غيرك، ولو على غير مِلّتك، هي شكل من أشكال الكرم، لو لم تملك مالًا ترد به الجميل، اشكر جِميل الذي ساعدك بجَميل دعائك له، وكلنا نعرف الأحاديث التي تحث على شكر الناس، وكما قلنا: ما الشكر إلا من شِيَم الأسخياء.
هذا ما يميز الكريم السخي الذي يعمل بدون مقابل، وبلا توقع لرد الجميل، لأن الشخص المتلقي لا يستطيع أن يرد، فأنت لا تتوقع رد الجميل، لأن الجميل لو رد يفقد جماله. يقول جون بونيان: “أنت حي ما دمت تعطي للمحتاج العاجز عن رد الجميل” فالسخي يعطي الآخرين دون أن يتوقع منهم أن يردوا أو حتى يقدروا على الرد، وهذا بعكس البنك الذي يعطي القادر على الرد فحسب.
أفكار للكرم المجاني
ابتكر طرقًا جديدة وإبداعية لممارسة الكرم، تساعد بها الآخرين، أشياء بسيطة لكن لها قيمة وقيمتها في أنها غير متوقعة مثال: كأن تكون في الحافلة أو المترو وتقف لغيرك، أذكر يومًا وقفت لامرأة مسيحية عرفتها من لبسها والصليب الذي تقلدته، كنت جالسا على كرسي في المترو وأول ما رأيتها طلبت منها الجلوس مكاني، لا تتخيل عزيزي القارئ تلك النظرات المتناقضة التي قرأتها في عين المرأة وفي عيون الجالسين!
ارعَ شقة جارك وقت سفره للمصيف أو للعمرة أو للخارج، أو اعرض أن تهتم بعياله حتى يرجع من خروجه مع زوجته، تستأذن مبكرًا من العمل كي تحضر تدريب السباحة لابنك أو بنتك، فاجئ أصحابك على الفيسبوك أو في الحياة بتهنئتهم في عيد ميلادهم. فاجئ أحد أقربائك بهدية عيد ميلاد، قطعة كيك وكوب شاي بحليب، ساعد زملاءك في العمل في شيء تحسنه وتتميز فيه.
اعترف بفضل وكرم الآخرين
حين ترى من يعمل عملًا من أعمال الكرم تصرف كالجندي المجهول الذي يعمل ولا يريد أي مكافأة، كن مستعدًا لشكره، كأن تذهب لهم وتعبر عن شكرك لهم ببساطة، أو أن تشكر أعمالهم على الملأ، وتذكر أسماءهم أو لا تذكرها. أحيانا أفعل ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، أكتب منشورًا على الفيسبوك مثلا أقول إني رأيت صاحب محل كذا يعمل كذا من أعمال الخير. يا له من كرم من جندي وبطل مجهول، وأنا من هنا أطلب منك بعد ما تقرأ هذا الكلام أن تشكر أحدًا على الملأ.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 124
مقال ملهم وجميل عن الكرم وأهميته في تحقيق السعادة
link https://ziid.net/?p=49706