كيف تصبح أكثر تواضعًا في حياتك؟
أصبح التواضع عملة نادرة، لذا من المهم تذكير الناس بأهميته وإعطاء بعض الملاحظات الهامة لتبني مبدأ التواضع من جديد.
add تابِعني remove_red_eye 13,690
في عصرنا هذا، فقَدَ الإنسان الكثير من المبادئ المهمة؛ لعدة أسباب، منها: لم يهتم أحد بترسيخ هذه المبادئ في الإنسان، أو أنه لم يبذل أحدهم جهدًا لتعليمه إياها، ربما لعدم إدراكها أو لفرض عدم جدواها. تسبب هذا في فقدان بعض من أسمى الأخلاق الإنسانية، منها التواضع.
أستطيع القول بأننا اليوم في حاجة ماسة لمبدأ التواضع، حيث تشير بعض التقارير الخاصة بأمريكا إلى أن حالة النرجسية في ازدياد دائم، مما جعل الأمر مريبًا، لقد أدت الأنانية والتعظيم الذاتي وتجاهل الآخرين من أجل تحقيق المصالح الشخصية إلى تسميم العلاقات، وفقدت الإنسانية الكثير من المعاني السامية، وازدادت الفوضى في أماكن العمل، واتفق العديد من الناس على مبدأ، ألا وهو (عدم الاتفاق)، هذا بدوره خلق جوًّا مشحونًا بين هؤلاء، وأصبحت الانقسامات شيء عادي على جميع المستويات.
يبدو أنّ الناس قد نَسَوْا أخلاق الاختلاف الفكري، والتي تدعو للتعامل بأدب واحترام وتواضع مع الآخرين المختلفين عنا، سواء في وجهات النظر أو في التصرفات. يرجع ذلك إلى انقياد معظم الناس وراء أفكارهم أو معتقداتهم الخاصة، رافضين الانخراط مع العالم المحيط وما يحدث فيه من تقدمات مستمرة كل يوم. إنهم يسعون إلى حبس أنفسهم داخل دوائر مغلقة ذهنيًّا واجتماعيًّا، يرون أنّ العالم مخطئ. لا ينتابهم الفضول للخروج ورؤية الاختلافات وتحليلها منطقيًّا ومعرفة ما إذا كانت صحيحة أم لا، حتى وإن اختلفت مع وجهات نظرهم، ينتبهون فقط للأفكار المشابهة لمعتقداتهم. لكن، ما الحل إذًا؟
التواضع هو الحل الأمثل
الحل بسيط للغاية، وبإمكان المرء الحصول عليه عندما يقتنع بأهميته، ويُقبِل على تعلمه وتطبيقه، إنه التواضع. أجل، لقد أصبح التواضع عملة نادرة في هذا الزمان، ويتجاهله الكثير من الناس فقط لعدم قدرتهم على كبح زمام صفات الكِبر الذي تتبناه النفس البشرية وترفض التخلي عنه. إذا أدرك المرء في يوم ما أهمية التواضع، سيتفهم حقيقة أنه لا يقلل من قدره بل إنه يزيده، حيث إنّ أحد أسباب الخوف من التواضع هي الاعتقاد بأنّ المرء سيتخلى عن مكانته، ويعتقد أنّ تعصبه الأعمى هذا سيُزيد احترامه.
في الواقع إنّ التواضع يساعد على عرض الأفكار المختلفة بكل وضوح، ومشاركة الثناء واللوم مع الآخرين براحة تامة، دون الخوف من حالات التعصب التي تُصيب الغير عند طرح أفكارنا الخاصة. هذا بدوره ينشر السعادة ويُقوي العلاقات، ويزيد من فرصة نجاح الأعمال المشتركة. أضف إلى ذلك أنّ التواضع في حد ذاته فضيلة، لكن للأسف الشديد يتغاضى عنها الكثيرون –كما ذكرت– وقد بدأت العديد من الأبحاث الحديثة في الكشف عن قوة التواضع، وأوضحت أنّ لديه قوة تحويلية، تساعد الناس على تغيير حياتهم وعلاقاتهم ببعضهم البعض، وكذلك مع المجتمع.
يساعد التواضع على جعل المرء مدركًا لحجمه المناسب، فلا هو بالكبير لدرجة الغرور وليس بالصغير لدرجة الجبن أو الخجل. ويشمل التواضع عدة مفاهيم منها:
- الوعي: أن يكون للمرء وعي واضح ودقيق حول مواضع القوة والضعف لديه.
- الانفتاح: بمعنى أن يكون للفرد القدرة على الانفتاح وتقبُّل الانتقادات الموجهة إليه، وتقديم الآراء باحترام دون تَكبّر.
- التعاطف: إبداء التعاطف مع الأشخاص الجيدين وعدم التعالي عليهم.
كيف تصبح متواضعًا؟
في الحقيقة، إنّ التواضع من أهم الصفات التي على المرء السعي لاكتسابها، فهذا بحد ذاته سيُزيد من رونقه واحترام الآخرين له، وهذا الأمر ينطبق على جميع الأخلاق الإنسانية عامة، فهي التي تميز الإنسان وتجعله سويًّا، متصالحًا مع ذاته والمجتمع من حوله.
يمكن تنمية مبدأ التواضع عند المرء بهذه الخطوات الثلاث:
1- طلب الانتقادات البناءة
سأوضح الأمر بمثال بسيط في البداية، في أولى تجاربي بالكتابة، كنت دائمًا أطلب من المحررين إعطاء ملاحظاتهم حول كتاباتي ومدى تطوري، وما هي نقاط ضعفي، بمرور الوقت لاحظت تطورًا واضحًا في مستوى كتاباتي، حتى اليوم الذي أكتب فيه هذا المقال، ما زلت أسأل مَن هم أفضل مني في الخبرة عن ملاحظاتهم، وأستمع لآراء القرّاء جيدًا أيضًا. أقتنع بأنّ سؤالي هذا لا يُنقص من شأني، وإنما يُظهر لي مواطن ضعفي فأعمل على تطويرها وهذا يفديني على المستوى المهني كثيرًا، كما يساعد على تطوير المحتوى الذي أقدمه للقارئ ليصبح أفضل وأفيد بمرور الوقت.
لذلك، أنصحك ببدء البحث عن ملاحظات وتعليقات صادقة مفيدة من الأشخاص الموثوقين في حياتك، سواءً كان أحد أفراد الأسرة أو الشريك أو الصديق المقرب أو أحد زملاء العمل المحترمين. أطلب منهم أن يعطوك آراءهم فيك، وتنبيهك إلى مواطن ضعفك، وما هي الزلّات التي تقع فيها ولا تلاحظها وهم يلاحظونها. اطلب منهم النصيحة وكيف تكون أكثر وعيًا وانفتاحًا وتقبّلًا لآراء الآخرين. اسألهم كيف يمكنك تطوير ذاتك سواءً على المستوى المهني أو الشخصي، لا تتردد في السؤال أو الطلب يا صديقي، فهذا الأمر مهم للغاية.
2- تنازل عن التعصب الأعمى لأفكارك
الكِبر الأعمى، من أكثر التصرفات التي تقلب موازين الأمور، ويتمسك به المتعصبون، مما يُعمي أعينهم عن الحقائق الواقعية حولهم، وهذا بدوره يَحُط من قدرهم ومنزلتهم. لذلك، ينُصح بتجنب التعصب الأعمى للأفكار الخاصة، وتَقبُّل النقد، والاقتناع بحقيقة أنّ جميع الآراء تحتمل الصواب أو الخطأ، ويمكن التأكد من ذلك من خلال المناقشات والتحليل المنطقي من أجل الوصول الحقيقة وليس لإثبات آرائنا فقط.
في بعض الأحيان، قد لا تعجبك التعليقات والانتقادات الموجهة إليك، وغالبًا ما تندفع في الدفاع عن نفسك بغضب من خلال إنكار هذه الانتقادات. في هذه الحالة، يجب أن تتوقف والتأكد من صحة أو خطأ الرأي الموجه إليك ثم الرد بمنتهى المنطقية. بمرور الوقت ستُلاحظ زيادة تواضعك، وستُذهل بالنتيجة، لذا لا بأس من وضع بعض الجهود لتطوير هذا المبدأ، ستكون المستفيد الأول، صدقني!
3- التعاطف هو مفتاح التواضع
يُقال إنّ التعاطف هو مفتاح التواضع، ولا أُخفي عنك يا صديقي، هذه حقيقة. حيث إنه يساعد على اكتساب القدرة على تبني منظور الغير للآراء –وإن اختلفت مع آرائك الشخصية– كما يقوّي الاهتمام والرفاهية الآخرين، وحقهم في طرح آراء أخرى تتوافق مع أفكارهم.
عوّد نفسك دائمًا على أن تسأل ذاتك سؤالين قبل الإجابة على أي انتقاد، منها: لماذا من المحتمل أن تكون وجهات النظر الأخرى صحيحة؟ وكيف يمكنني الرد إذا تعاملت مع الشخص الآخر وكأنه يبذل قصارى جهده؟ هذه الأسئلة ستجعلك تُفكر بالغير، وستُعزز فكرة التعاطف مع الآخرين، مما يساعدك على كسب صفة التواضع. بمرور الوقت ستُلاحظ تطورًا واضحًا في حياتك وطرق تفكيرك يا صديقي، كما ستزداد انفتاحًا وتقبلًا للاختلافات من حولك. أضف إلى ذلك زيادة رصيد احترامك لدى الناس.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 13,690
هل تعتبر نفسك متواضعًا؟ حسنًا. إن كانت الإجابة بلا .. إليك هذا المقال
link https://ziid.net/?p=70560