كيف تحقّق أحلامك دون أن تسقط في وهم الصعود؟
كم من الأحلام التي على قيد التنفيذ؟ نحلم كثيرًا ولا نمَل، لابأس في أن تحلم ولكن تذكّر بأن تجعل قدماك دومًا على الأرض حتى لاتسقط.
add تابِعني remove_red_eye 15,604
في جلسةٍ شبابيةٍ قام أحدهم بإلقاء بعض النُكت بأسلوبٍ فُكاهي، فضحك الجميع واستحسنوا أداءه.
قالوا له: لمَ لا تكون ممثلًا؟ فردّ: بالفعل! فأنا أفضل من بعض الممثّلين الذين يظهرون على التلفاز ويلقون نكاتٍ باردةٍ بتمثيلٍ ضعيف المستوى، سوف أخاطب بعض المُنتجين أو إحدى القنوات التلفزيونية حتى تكون لي الفرصة لأكون نجمًا على الشاشة.
هناك العشرات من المواقف التي يظهر فيها صاحبها بطلاً (لفترةٍ محدودة) لا تعدو كونها غالبًا رميةً من غير رامٍ، حتى وإن كانت عن مهارةٍ، فالأمر لم يكن يتطلّب القيام بمبادرةٍ أو مشروعٍ أُمَمي يخدم الإنسانية ويختطف الأضواء!.
الاعتقاد بالاستحقاق والثقة بالنفس مطلب؛ إنما تسارع الخُطى والقفز السريع واللهث وراء الشهرة سريعة التحضير مؤلم جدًا من الناحية النفسية والاجتماعية.
نمط الحياة المتسارع وتعدّد قنوات التواصل عبر الإعلام خلَقا مضمارًا الكترونيًا يُجبر مستخدمي شبكات التواصل بالمحاكاة والتقليد، فتتكرّر النُسخ وتقل الجودة ويفقد المُمارس والمُشاهد لذّة الإنجاز والتفرّد.
أسباب جعلت الرغبة الجامحة وراء النجاح السريع مطلبًا عند الناس لا سيّما فئة المراهقين:
– غياب القدوة
القدوة بوصلة لكل إنسانٍ يريد عمل أمرٍ ما، على قدر من تُجالس وتشاهد وتتفاعل تكون أنت، في الحديث الذي رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل”.
– غياب الهدف
تقول الحكمة: “إذا لم تكن تعرف الطريق، فكل الطرق مؤدية للغرض”. لا نتوقّع من شخصٍ لديه هدف واضح أن يطمح ويقدّم أمرًا تافهًا، التفاهة لمن لا غاية له.
– العتب والمقارنة
يُخطئ ذوو المرء عمومًا و المُربّي تحديدًا عندما يقارنه بالآخر، وهذا التوبيخ النفسي يحرق متلقّيه حتى يقوم من مقعده ليُلجم الأفواه ويصنع نجاحًا سريعًا بأي وسيلةٍ كانت مهما كلّف الثمن.
– قلة الخبرة
كلما قلّت التجارب والتحصيل العِلمي ومجالسة أصحاب الخِبرة، فإن التحدّي أكبر من القيام بأعمالٍ وأهدافٍ جديدةٍ تفتقد للدقّة والحكمة.
– العروض المغرية من المواقع
تحرص مواقع التواصل الاجتماعي على زيادة المستخدمين والمشتركين، وموقع اليوتيوب -أنموذجًا- التابع لشركة قوقل يعد إحدى المنصّات الزاخرة بمقاطع الفيديو من إنتاج أصحابها. الرغبة بالحصول على الأموال وزيادة عدد المشاهدات تتجاوز الرغبة في تقديم محتوى هادف ومعلومات صادقة بعيدة عن الجدال والفضائح والسخرية في كثير من الأحيان، ناهيك عن ضعف المحتوى العربي الهادف مقارنةً مع دول العالم.
– سهولة بناء قاعدة جماهيرية
يستخدم المراهقون هواتفهم وأجهزتهم اللوحية بمعدّل يتراوح ما بين ٦-١٠ ساعات يوميًا، ووجودهم على مواقع التواصل أكثر نسبةً وتفاعلًا، في إحدى المسلسلات المحلية استطاع مُنتجوه جذب فئة المراهقين من خلال مواسمه لأكثر من نصف مليار مشاهدة، إضافةً إلى مواقع هُواة الألعاب وأصحاب المقالب المستمرّة التي تحقّق أرباحًا هائلةً لأصحابها الذين استطاعوا شراء منازل وسياراتٍ فارهة في وقتٍ وجيز.
اكتشف علماء النفس في مطلع القرن الماضي من خلال الأبحاث أنه كلما زاد عدد الناس الذين تُخبرهم بخططك المستقبلية، قلّت احتمالية تنفيذ تلك الخطط! وقد يكون الموضوع طرديًا؛ فكلما أخبر المرء وتحدّث أكثر، قلّت فُرَصه بصناعة أحلامه وترجمتها للواقع؛ تأكيدًا على هذه الدراسة تحدّث ديريك سيفريس على مسرح أوكسفورد في إنجلترا في عام ٢٠١٠ عبر منصّة تيد الحاضنة للعقول المبدعة والملهمة، عن فكرة عدم إخبار الناس بالأهداف لأنها تقلل من نسبة تحققها.
ذلك أن الإخبار واعتراف الآخر وقبوله بهذا الهدف يصنع خدعةً وواقعًا يعطي صاحبه شعورًا مؤقتًا بالحصول على ذلك الهدف، وقد أطلق عليها كوت ليفين مؤسّس علم النفس الاجتماعي مصطلح: الاستعاضة.
نشير إلى دراسة أستاذ علم النفس في جامعة نيويورك بيتر جولويتزر حيث فسّر هذا الموضوع في كتابه: تحقيق الذات رمزيًا، الذي نُشر في ثمانينات القرن الماضي، إذ أجرى عدّة اختبارات أظهرت نتائجها أن الأشخاص الذين لم يتحدثوا عن خططهم كانوا أكثر تنفيذًا لها مقارنةً بالأشخاص الذين تحدثوا عنها بغرض الحصول على التشجيع أو الرضا من الآخرين.
إن المشاعر الانفعالية من الإعجاب والتقدير بما نُنجزه تعطي نشوةً وشعورًا لحظيًا رائعًا، وهنا نقع في وَهم الصعود وأننا بالفعل وصلنا لتلك الصورة الذهنية النهائية التي يرانا فيها الآخر، وما أحوجنا بأن يكون الآخر لبيبًا بإرشاداته وعدم مبالغته في المدح؛ لأن الإنسان بطبيعته تغلبه نفسه ويتأرجح بين الثقة والغرور.
نذكر 5 أسباب تُحجِم المرء عن بلوغ حلمه وهي:
– القيام بالأمر عند وجود الناس لكسب الإعجاب، والصحيح أن يكون هذا الأمر هوايةً مستمرةً في السرّ والعلن حتى يُتقنها.
– انتظار الفرصة، والصحيح بأن يصنعها بنفسه لأن الفرص تُصنع ولا توهب.
– الاغترار بالنفس وبأنه قد عانق الثُريّا وبلغ المجد، والصحيح أنه سيظل يتعلّم ويتعلّم لأن العِلم ساحلٌ بلا ميناء.
– كثرة المقارنات، والصحيح أن يقارن نفسه بنفسه بعيدًا عن الآخرين؛ لأن لكل شخصٍ ظروف وأحوال مختلفة.
– الصدّ عن ذكر الله والتلكّؤ في العبادات بسبب ذلك الطموح الجامح، والصحيح أن يسعى ويزيد من القُرب إلى الله سبحانه، فالعابد والباعد مثل الذي يمشي بسراجٍ في الظلمة والذي يمشي ولا يكاد يرى يديه.
إن كنت مخبرًا أحدًا بحُلمك، أخبِر الشخص الذي يحبك ويدعمك ويؤمن بك ويتحمّلك، عدا ذلك احتفظ بأحلامك لنفسك واجعل أفعالك تتحدّث، فرُبّ فعلٍ أبلغ من ألف كلمة؛ صعودك صعب والحفاظ على القمّة أصعب، كم ستدفع ثمنًا لذلك؟
add تابِعني remove_red_eye 15,604
مقال يقرأ لك الحُلم بتأنّي، كهدفٍ واضحٍ تتمكّن من تحقيقه.
link https://ziid.net/?p=19026