كيف تتحدث -بعقلانية- مع شخص يؤمن بنظريات المؤامرة؟
عليك أن تعي أن هناك وقتًا مناسبًا للتدخل وأن هناك أوقاتًا يجب أن تكتفي فيها بفعل اللاشيء
add تابِعني remove_red_eye 91,100
يتشارك الأصدقاء والزملاء والقراء على نحو متزايد نفس القصة معي: يصادف (شخص ما) يعرفونه ويحبونه نظريات المؤامرة عبر الإنترنت، وفي بعض الحالات، قد لا يفهمها حتى! فيستشيرونني: كيف تتحدث مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم والذين قد يكونون على حافة “فخّ” إحدى نظريات المؤامرة أو يتجهون نحوها بأرجلهم؟
هو سؤال بلا إجابة سهلة، ومع ذلك علينا طرحه بإصرار. لذا قررت أن أسأل بعض العلماء والباحثين عن أفضل نصائحهم، وحظيت بإجاباتٍ مفيدة، والأهم أنها توضح عمق المشكلة.
كيف تتعامل مع المؤمنين بنظريات المؤامرة
نظريات المؤامرة (مثل نظرية مؤامرة بيتزاغيت عام (2016م) والآن كيو أنون، وادعاء وجود هيئات سريّة تعمل على مكافحة اللقاحات للحدّ من التضخم السكاني في العالم، وأخيرًا وليس آخرًا: تلك التي تدور حول فيروس كورونا، ويعتقد المناصرون لها أن الفيروس مُصمم في المختبر) هي حالة مزمنة ستستمر لفترة طويلة. ونظرًا لاعتمادنا على شبكات التواصل الاجتماعي للتواصل وتلقي الأخبار، فنحن بحاجة إلى طريقة لإدارة وجودها الحتمي في حياتنا، بدلًا من التمسّك بأمل ساذج في حلٍّ سحري.
اسأل عن مصدر معلوماته
اقترحت باحثة الاتصالات في جامعة سيراكيوز (ويتني فيليبس -Whitney Phillips)، والتي تدرس المعلومات الخاطئة والخطب البلاغية وأنظمة المعلومات، التحدث عن طريقة عمل الإنترنت. “أول ما فعلته مع قريبي البالغ من العمر 60 عامًا والذي يحب مشاركة الأخبار المثيرة للقلق، هو بدء محادثة تدفعه للحديث عن المعلومات. فسألته (دون اتهام): هل تعرف كيف يعمل غوغل؟ … ما رأيك في شكل موجز الأخبار في ملفي على الفيس بوك؟
يعتقد الكثير من كبار السنّ أن التكنولوجيا هي إما سحر أو أنها تعكس الحالة الطبيعية لكيفية تحرك المعلومات! لكنها ليست كذلك. بل هي مصممة على هذا النحو. وإذا فهم الناس الآليات والاقتصاد بشكل أفضل، فربما يمكنك التحدث عن المحتوى ذاته”.
تقول “فيليبس”: إن هدفها منح مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي الأكبر سنًّا فهمًا أعمق لمحيط المعلومات الذي يعيشون فيه. خاصةً وأنهم قد لا يكونون على دراية جيدة بالطريقة التي تستخدم بها المنصات خوارزميات التوصية: “إذا كان الناس يعرفون حقًّا كيفية عمل هذه المنصات أو مقدار الأرباح التي تولّدها، فسيكونون أكثر حذرًا”.
اخلق بعض التنافر المعرفي
في مقال نُشر مؤخرًا، يتحدث (كولين ديكي – Colin Dickey)، المؤلف والأكاديمي الذي قضى وقتًا في الكتابة عن نظريات المؤامرة، عن كون خطوته الأولى هي الاعتراف بوجود بعض المؤامرات: مثل (ووترغيت – Watergate)، وفضائح الاعتداء الجنسي للكنيسة الكاثوليكية، وشبكة الملياردير جيفري إبستين، والاعتداء الجنسي على القصر. ويقول:
هذا يخلق أرضية مشتركة ويضع الأساس لاستكشاف كيف تختلف نظريات المؤامرة غير المُثبتة عن الواقع … حيث أشرح كيف، في المؤامرات السابقة، عادةً ما يكون هناك بعض كاشفي الفساد أو تقارير إخبارية، ثم ينكشف الأمر برمته بسرعة. يظهر الشهود ثم الضحايا، ويدور الصحفيون مثل أسماك القرش للحصول على القصة.
أحاول حمل الشخص على التفكير في أشياء ملموسة وتفاصيل لوجستية، بما في ذلك البيروقراطية المطلوبة للحفاظ على هذه المؤامرات المزعومة.
يقول “ديكي”: إنه لا يتوقع أن يغير نقاشه البسيط هذا الآراء تمامًا. وإنما تكمن الفكرة في إدخال القليل من الشك أو التنافر المعرفي في طريقة تفكير وتحليل ذاك الشخص. ووصف النهج بأنه مشابه للطريقة التي يجد بها الماء طريقه إلى شقوق صغيرة في أساس المبنى ثم يتجمد ويذوب، ليتوسع بعدها وتتوسع معه الشقوق ببطء.
محاذير عند التعامل معهم
يقول (ترافيس فيو – Travis View)، مضيف بودكاست QAnon Anonymous، الذي قام بتتبع الحركة منذ أيامها الأولى: نظرًا لانصهار نظريات المؤامرة مع الهويات السياسية والثقافية للأشخاص، فإن مناقشة المؤمن الحقيقي بنظرية المؤامرة قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
يمكن أن يؤدي تحقق بعض نظريات المؤامرة إلى تقوية آراء الطرف الآخر أو جعله يشعر بالهجومية. وهو ما يعني أيضًا طريقة سريعة للتعب والاستسلام بالنسبة لك. لذا يبقى طرح الأسئلة هو الخيار الأفضل.
لا تناقش على شبكات التواصل الاجتماعي!
من المرجح أن تصادف صديقًا/قريبًا يشارك محتوى تآمريًّا عبر الإنترنت. لسوء الحظ، غالبًا ما تكون شبكات التواصل الاجتماعي هي أسوأ بيئة للحديث عن هذه القضايا الشائكة. في كثير من الحالات، تكون المحادثة الشخصية وجهًا لوجه مكانًا أفضل للتعبير عن رأيك.
قد يكون هذا -بالطبع- مستحيلًا أثناء الجائحة، ولكن المكالمات الهاتفية أو محادثات الفيديو أفضل من الجدال في سلسلة رسائل على الفيسبوك.
يرى بعض الخبراء الذين تحدثت معهم أن المناقشات الشخصية تسمح للناس بالتخلي عن حذرهم والتخلي عن “الاستعراضية” التي يُظهرونها على شبكات التواصل الاجتماعي. يمكنها أيضًا أن تسمح للطرفين بالتعرف على تعابير لغة الوجه والجسد الدقيقة -أو نبرة الصوت- التي قد تزيل التوترات. يقول “ديكي”: “من المفيد بناء موقف يمكنك فيه قياس الاستجابة في الوقت الفعلي، وأن تكون ديناميكيًّا في طريقتك للتحوط ضد مشاعر الدفاعية داخل الطرف الآخر والحفاظ على ارتياحه أثناء النقاش”.
السخرية واللوم لا يُجْديان نفعًا
كل من تحدثت إليه يبدأ بنفس النصيحة: لا تلومه! بل كن لطيفًا ورحيمًا وصبورًا. يقول (مايك روتشيلد – Mike Rothschild)، وهو باحث في مجال نظريات المؤامرة، ومؤلف لكتاب يتحدث عن حركة كيو أنون: “أقول دائمًا للناس إنهم إذا كانوا سيتحدثون إلى شخص سار في هذا الطريق، فلا يجب أن يجادلوه حول هذا الموضوع، وألا يتورطوا في محاولة فضح زيف معلوماته”.
يؤيده في ذلك “ديكي” فيقول: “الدرس الأول الذي تعلمته بالطريقة الصعبة هو عدم رفض الشخص مسبقًا.. يتبنى الشخص التفكير التآمري لأنه يتوافق مع جانب أساسي من هويته: لاحظت أثناء نقاشي مع صديقي الذين يعشق النظريات المتطرفة أنه كان شديد العدوانية، هذا لأنني ذهبت مباشرة إلى تلك الأجزاء الحساسة من هوياته، فشعر أنني كنت أهاجمه شخصيًّا. لذلك كان علي أن أجد طريقة لجعل الأمر لا يبدو وكأنه هجوم شخصي”.
اعرف متى تنسحب
يجب أن يكون الناس حذرين للغاية في اختيار وقت التدخل. ليس من الجيد مواجهة الأشخاص الذين يبدو أنهم استغرقوا بعمق، وربما بشكل لا يمكن إصلاحه، في التفكير التآمري أو الذين يتصرفون بطريقة عنيفة. إذا كانت لديك مخاوف “مشروعة” بشأن صحتهم وسلامتهم، فهنا يأتي دور الأخصائي النفسي.
تذكر: في بعض الحالات، من المهم إدراك أنه قد يكون هناك القليل مما يمكنك فعله في الوقت الحالي.
اقرأ أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 91,100
مقال مثير ومهم حول التصرف بعقلانية
link https://ziid.net/?p=73449