كيف أتوقف عن جلد ذاتي؟ [طرق مجرّبة]
النفس أمانة عندك وعليك إكرامها، وإمدادها بالعون وتهذيبها واجب عليك لكن إهانتها عيب كبير في حقها. إذا لم تُعزها أنت لن يعزيها الغير
add تابِعني remove_red_eye 13,690
إذا سألتك من هو عدوك الأول، ستطرح عددًا من أسماء الناس حولك أو ربما بعض الصفات السيئة مثل الكسل أو الكذب أو النفاق.. إلخ، لكن إذا أخبرتك أنّ عدوك الأول هو نفسك، سيحدث شيء من الاثنين: إما أن تتجاهل ما أخبرتك به، أو ستتفهم ذلك. في كلتا الحالتين يجب التأكد من حقيقة أننا نحن البشر قد نتهاون في أخطاء الآخرين بحقنا من الأصدقاء أو المعارف، لكننا نصبح أكثر قسوة في حالة ما إذا كان الخطأ المُرتكب بسببنا نحن، وذلك لأنّ الإنسان محب لذاته، وهناك حقيقة مُسلَّم بها وهي أنّ الأنا موجودة بداخل كل منا، وهنا تنمو مكابرة الإنسان، ويستبعد وقوعه في الخطأ، حتى يقع ويُذهل، ويجلد ذاته.
إنّ جلد الذات حقًّا من الأمور المتعبة والمرهقة على جميع المستويات. لا بأس من محاسبة النفس، لكن جلدها باستمرار يؤدي إلى حدوث العديد من العواقب الوخيمة. لذا، يجب على الإنسان أن يكون أكثر قدرة على الموازنة بين أمور حياته المختلفة، ويتحقق ذلك من خلال تطوير نظرته وجعلها واقعية ومتوازنة. أضف إلى ذلك، يجب على المرء إدراك الطرق التي يتحدث بها مع ذاته ويقيمها، ويرى ما إذا كان رحيمًا بها أو أنه يقسو عليها حتى درجة الجلد! وعليه تغيير عاداته السيئة في التعامل مع النفس.
قد يرى البعض أنّ هذا الأمر ما هو إلا هراء أسوقه إلى قارئ المقال، لكن الحقيقة أننا نظلم أنفسنا دون رحمة، والنفس تتحمل إلى أن تصل إلى نقطة الانفجار وتثور، وتتجلى هذه الثورة في صورة مرض نفسي، أو فقدان الثقة بالنفس الذي يترتب عليه الكثير والكثير من المشاكل الأخرى. وربما يتطور الأمر إلى قلق واكتئاب وغيرهم. لذا، يجب إعطاء الاهتمام للأمر إذا كان يتعلق بالصحة النفسية.
من أكبر المشاكل في هذا الصدد أنّ الإنسان لا يُدرك ما يسببه لنفسه من أذى بسبب جلد الذات هذا. فهو يؤذي نفسه دون أن يدرك. من أجل ذلك، لا يدري المرء بحاجته لإستراتيجيات أو طرق تساعده على التخلي عن هذا الطريق المؤذي. وتتطور حالته ويعاني دون أن يدري، ما هو سبب ذلك العناء يا تُرى.
إليك بعض الطرق للتوقف عن جلد الذات
1- استمع إلى ذاتك جيدًا
عادةً ما نتحدث مع أنفسنا طوال اليوم، نروي إخفاقاتنا ونجاحاتنا، هذا الحديث يحدث دائمًا، قد لا ندري أنه يحدث فهو تلقائي. وعادةً ما يكون داخليًّا، ويُسميه المتخصصون في علم النفس “الحديث الذاتي”. إحدى إستراتيجيات التوقف عن جلد الذات، هي الاستماع إلى النفس جيدًا وإدراك كيف تتحدث أنت إليها. مثلًا، إذا سكبت بعض القهوة على نفسك دون قصد، هل ستَنعت نفسك بالغباء؟ أم ستضحك عليها؟ إذا علق أحدهم على ملابسك بأنها جميلة، هل ستشعر ذاتك بالرضا؟ أم ستشك في كلامه؟ لذا فإنّ الخطوة الأولى للاستماع إلى النفس هو التمعن في الطريقة التي تستمع بها إلى نفسك.
2- تقييم مصداقية ذاتك
بمجرد ضبط حديثك مع ذاتك، ستستطيع تقييمه وتكتشف ما إذا كان حديثًا صحيًّا أم لا. فالحديث الصحي يعزز النفس، أما غير الصحي يشوهها ويعرضها لأشياء كثيرة ضارة. فالحديث غير الصحي مثلما في مثال سكب القهوة. إذا قُلت لنفسك: “أنت قذر، لقد سكبت القهوة”. فإنّ هذا حديث غير صحي ويثير مشاعر سيئة. وهناك من يستخدمون أنماط التفكير اللاعقلاني، وهذا غير جيد، من هذه الأنماط:
- (توقع الكارثة): وفيها يُصوب المرء تفكيره نحو النتائج السيئة فقط، مع تجاهل النتائج الأخرى الإيجابية.
- (التفكير الأبيض والأسود): من أسوأ أنواع التفكير- حسب وجهة نظري الشخصية- فهو لا يحتمل الوسط ويتجرد من كل معاني المرونة، ويأخذ الأمور على محمل السوء أو الحُسن، لكن لا يوجد منتصف.
- (قراءة الأفكار): يلجأ البعض إلى قراءة أفكار الآخرين، بافتراض أنهم يستطيعون تخمين ما يدور في أذهانهم، وهذا ليس حقيقيًّا في أغلب الأوقات.
- (التفكير العاطفي): من اسمه يرتكز على العاطفة فقط، ويُعمى أعينه عن أي شيء آخر، ويتجاهل الأدلة الواقعية.
3- فحص الأدلة جيدًا
يبعث حديث النفس الكثير من الرسائل غير الصحية للذات، لذلك يجب التركيز على هذه الرسائل التي تستقبلها أنفسنا، وعند وصول أية رسالة فيها إهانة، يجب الانتباه وتصويب هذه الرسائل وإعادة إرسالها مرارًا.
4- غيّر الفرضية السيئة بناءً على الأدلة التي بين يديك
على افتراض أنك أهملت طفلك لفترة ما، وانهرت وأعلنت أنك لست أبًا جيدًا على الإطلاق. في هذه الحالة، لقد أرسلت إلى نفسك رسالة سلبية. إذًا كيف نُعالج الأمر؟ ببساطة، نظم وقتك واحفظ لطفلك نصيبًا من هذا الوقت، واعتن به جيدًا، ومن هنا تستطيع تغيير الرسالة التي أرسلتها لنفسك بأنك غير جيد، وتمتاز الرسالة التي أرسلتها تلك بأنها حقيقية مبنية على دليل وهو حقيقة اعتنائك بطفلك، أيْ إنك لست أبًا سيئًا.
5- تحدث مع ذاتك وكأنها صديقة
تعامل مع ذاتك على أنها صديقة، انتقدها نقدًا بناءً. لا تبخل عليها بالكلمات التشجيعية، كُن أول المصفقين لها. عاتبها بهدوء، لا تكن قاسيًا عليها. هذا ما يفعله الصديق المخلص مع صديقه.
أنت المسؤول الأول عن عزة نفسك
يجب أن تضع هذا في رأسك جيدًا. النفس أمانة عندك، وعليك إكرامها، وإمدادها بالعون، وتهذيبها واجب عليك، لكن إهانتها عيب كبير في حقها. إذا لم تُعزها أنت، لا تتوقع أن يفعل أحدهم ذلك، كي أكون أكثر واقعية ربما يحدث ذلك، لكن في ظروف نادرة. لذلك، كن أنت اليد الأولى التي تَمُدّ إلى نفسك باللين يا صديقي. لا تجعلها تشعر بالوحدة في وجودك، تعامل معها برفق، ساندها وحدثها بهدوء. كن إيجابيًا معها. واعلم أنّ جلد الذات ليس هو الطريق الفعال من أجل ضبطها. وإنما هو مصدر إهانتها وثورتها. وإذا ثارت النفس، أجارك الله. أكرم نفسك، فهي جديرة بهذا الكرم وتستحق.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 13,690
تتعرض أنفسنا للجلد كثيرًا، وللأسف الشديد هذا الجلد مصدره نحن. كيف نتغلب على هذا الأمر؟
link https://ziid.net/?p=72265