العلاقات المؤذية، علاقة الشفَقة كمِثال
الحب يجعلنا نشعر بالقوة والشجاعة .. وأيضا الرضا حيال العالم، و لكن ماذا لو تحوّل ذلك العالم لمكان بارد ومظلم باسم الحب أيضا؟
الحب يجعلنا نشعر بالقوة والشجاعة .. وأيضا الرضا حيال العالم، و لكن ماذا لو تحوّل ذلك العالم لمكان بارد ومظلم باسم الحب أيضا؟
add تابِعني remove_red_eye 22,581
العلاقات الإنسانية كثيرة ومعقدة، وأحيانًا تكون مجهولة الدوافع، ولكن ما نعرفه بأننا في حاجة دائمًا بأن نشعر بأننا مرغوبين ومحل ترحيب وقبول من الجميع أو على الأقل من هؤلاء الذين نهتم لأمرهم.
العلاقات المؤذية كثيرة ومتنوعة، تبدأ من الأهل الذين يستغلون أبناءهم ماديًّا أو عاطفيًّا، ليبقوا بجوارهم إلى الأبد ويفرضوا سلطتهم عليهم، أو يمارسوا عليهم العنف الجسدي لتحسين سلوكهم وتقويمه، إلى الأصدقاء المستغلين والسامين، إلى الأحبة الذين من المفترض أن يكونوا لنا مساحة آمنة وجميلة، بعيدًا عن قبح العالم، فنراهم يتحولون لوحوش تأكلنا.
العلاقات الإنسانية التي لديها طابع الاستمرار، دائما تشملها الصراعات، ولا أقصد الصراعات هنا بشكلها الدموي القاسي، ولكنها نزاعات دائمة ومستمرة، تبدأ من مستوى الخلافات اليومية العادية حتي تصل إلى مستوى الدموية.
قد يبدو العنوان مبالغًا فيه، ولكن نعم هذا ما ستفعله بك تلك النوعية من العلاقات، وخصوصًا إذا كنت واجهت ذلك النوع مع أحد أفراد أسرتك أو صديقك المقرَّب، فاحتمال انجذابك عاطفيًّا لشخص أناني قد يستغلك عاطفيًّا كبير، لأنك ببساطة لن تشعر بالغرابة من سلوكه، لأنه أصبح مألوفًا لك..وهنا ستبدأ في علاقة تستهلك كل طاقتك، لن تستطيع التخلص منها بسهولة.
الإناث هنّ الأكثر عرضة لذلك النوع من العلاقات وخصوصًا في العلاقات العاطفية تبعا لنزعتهن الأمومية، والذكور كذلك ولكن بنسبة أقل، فإذا كنت تحب شخصًا ما لأجل أنه حزين بشكل مفرط وليس لأي لسبب آخر، وتظن أنك تستطيع إصلاحه وإنارة روحه، فمرحبًا بك في علاقة مظلمة، ستجعل منك تعيسًا أبديًّا.
عندما تبدأ في حب شخص ما، صديق، حبيب، فرد من الأسرة.. فهذا شيء حسَن، أما إذا بدأت تشعر بأنك طبيبه النفسي ومعالجه وحامل همومه، فهذا مؤشر لخطر ما، فهناك فرق ما بين تقبل الآخر وحبه كما هو وما بين وجود مشكلة حقيقة به، وخصوصًا إذا بدا هذا الشخص في إهانتك وأذيتك، وأنت تبتلع تلك الأمور إشفاقًا عليه.
بالوقت سيتحول هذا الشخص لوحش يأكل حياتك ويدمرها، هذا ليس معناه بأننا نترك من نحب في عالمهم الحزين وحدهم، دون تدخل لمساعدتهم، ولكن هناك فرق بين المساعدة التي تستطيع تقديمها ومشكلة حقيقة تستلزم حلًّا أكبر من استطاعتك، فهناك حتما فرق بين إدراكهم لمشكلة يواجهونها وبين كونهم أشخاصًا اتِّكاليِّين، أنانيين لا يساعدون حتى أنفسهم.
العلاقات القائمة على الشفقة لا أحد يتعرض فيها للأذى، سوى الشخص الذي يعطي بسخاء للآخر إشفاقًا عليه وليس حبًّا له، فهو أشبه بحب ممزوج بالواجب والإحسان، دون انتظار لمقابل سوى بعض الحب الخالص والتقدير، الذي لا يحصل عليهم أبدًا. ولكن الأمر يتحول بالوقت، كأنه واجب بأن تفعل ما تفعله دائمًا، كأنه شيء طبيعي، ليس كأنك تقتطع من طاقتك لأجل الآخر.
عندما ندرك بأن الإنسان جوانب متعددة وليس جانبًا واحدًا، وأننا جميعًا مررنا بأحداث قاسية وصعبة، وهذا لا يعطي لأحد الأفضلية، ولا يقلل من حزن أحد، ولكن لكلّ منّا أحزانه ومشاكله.
لا تستطيع إصلاح أحدهم إذا كان هو نفسه لا يرى عيوبه أو سببًا منطقيًّا لإصلاح نفسه. لا تقبل الإهانة والأذى بمبرر أنه مرّ بكذا وكذا، ولا تقبل المبررات، تلك الأخيرة قبيحة بقدر الأذى نفسه، وإذا قبلت الأمر عدة مرات سيتحول إلى عادة، وسيتم أهانتك باستمرار، وإذا اعترضت سيتم اتهامك بأنك لم تعد تحبه وتتحمله. فإذا تمّت إهانتك من الشخص الذي تحبه، اتخذ موقفًا صارمًا حيال ذلك.
تحدث مع من تحب على الأمور التي تغضبك منه، اخلق مساحة للتجاور للوصول لحل وجعل الأشياء أفضل بينكما. أما اذا كنت متورطًا في تلك النوعية من العلاقات مع أحد أفراد أسرتك..حاول أن تخلق مسافة بينكما تخبره من خلالها بأن يحدّ من تلك التصرفات عن طريق اقتراح تصرفات أخرى أفضل.
أما أن تتخذ موقفًا آخر، فتقول الدكتورة النفسية تريسي ماركس: إننا نفضل البقاء في العلاقة السامّة لسبب ما. فاسأل نفسك: هل تريد الاستمرار على نفس المنوال؟ الجروح بإمكانها أن تلتئم إذا أدركنا أننا بالغين نستطيع معالجة الأمور بأنفسنا سواء بتقبلها أو تخطيها أو حتى طلب المساعدة إذا احتجناها. وطبعا مساعدة مَن نحب ليحصل على المساعدة المناسبة له. الحب يجعلنا أفضل، ليس كشيء ساحر. ولكنه يعلمنا العطاء، فنعطي مَن نحب زهور أرواحنا ويرويها هو بالمزيد من الحب. فينمو بالمشاركة التي تخلق الألفة والحميمية. وعندما نعمل على أنفسنا، نحسن من عالمنا الداخلي ونشعر بالرضا عنه، نستطيع وقتها بناء عالم أفضل به أقل قدْر من الصراعات مع مَن نحب.
add تابِعني remove_red_eye 22,581
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
دليلك للتعرف على العلاقات المؤذية وتحديدًا علاقة الشفقة
link https://ziid.net/?p=63486