مِن أحوالنا اليوم: تأملات في حال الفرد العربي
ربما يكون السبب هو طبيعة العصر الذي نعيش فيه، أو كيف تغيرت أحوال الأشخاص وكيف أثرت التكنولوجيا عليهم، صار الواقع صعبا ومرهقا كثيرا
add تابِعني remove_red_eye 350
هو صخرة، وهي صخرة، وهم جميعًا صخور، عن كثير من البشر أتحدّث بِمَ سنختلف عن بعضنا إذا كنّا في هذه الحياة نبحث عن شيء واحد. نبحث عن الشيء ذاته، عن المصلحة مثلًا أو عن الحاجة أو عن النفس والذات فقط، دون النظر إلى أناس ليسوا بصخور، أناس لديهم المشاعر والأحاسيس، أو بالأصح أناس لديهم “الإنسانية”، وهذه وحدها ربما تفي بالغرض، ورغم أن بعضنا قد يرحم ويساعد ونحكم عليه بأنه “إنسانيّ” إلا أنه ليس كذلك، فقد تخدعنا المظاهر أحيانًا، لكنني سأتحدث عن الذين لديهم المشاعر والأحاسيس، ولا أقصد مشاعر الحب، بل أعني أن يحب الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه، هذا ما أعنيه، أعني أن يجعل الإنسان كل شخص في حياته ذا قيمة، إما بأخلاقه أو تعامله أو كرمه أو عمله أو دينه أو حديثه، وربما يكون ذا قيمة بماله فقط دون ما ذكر.
ولكن لِمَ هو ذو قيمة بالمال فقط؟
هل لأنه يعطي من يريد من ماله لكنه ليس كريمًا، هل لأنه يتحدث بأسلوب يروق للجميع، لكنه يتحدث بفوقية بما يملكه من مال، إذًا ماذا؟ هل بهذا أوصى دينه وشريعته؟ لا، سأقول لكم لماذا: لأن كلّ من حوله هم الذين جعلوه ذا قيمة، رغم أنه ليس لديه شيء يرفع من قدره سوى ماله، لكن هذا غير مهم، الأهم من ذلك أنهم بحثوا عن مصلحتهم وحاجتهم، نفسهم وذاتهم فوجدوها عند هذا الشخص عفوًا، أقصد وجدوها في ماله، رغم أنهم في نظره لا شيء، ولو كان بالعكس لمَا ذهبوا إليه.
“جسد بِلا روح يستظل أسفل شجرة، ليس لها أغصان في طقس لا تظهر فيه الشمس”
هكذا هو من يسير في حياته بهذه الصورة الخاطئة، إمّا أن يهتم بنفسه فقط، وإما أن يعتقد بأنه إذا ملك المال فقد ملك كل شيء.
أصبحنا نفكّر دومًا بمن يتصنّعون كونهم من طبقة رفيعة، كيف نغدو مثلهم؟ ماذا نفعل لنتقرب منهم قليلًا، تُرى يجب علينا الذهاب لتلك الأماكن وترك أخرى، ويجب علينا مصادقة شخصيات معينة وترك الأهم منهم وعدم مبالاة صلة الأرحام؟ هؤلاء من طبقة مخملية يجب أن أرتدي لهم أفخم قطع القماش وأتزين بالذهب والفضة والرّيش الذي يغطي جوانِحي النّاعمة، أما هؤلاء فهم فقراء فأرتدي لهم ما لدي من ملابس قديمة وعادية، ولا مشكلة إن كرّرتها في كل مرة.
هذا الرّجل لا يروقني وجوده في حياتي ولولا أنه يساعدني في كثير من الأحيان بشأن عملي لما بقيت ألتقيه؛ ولولا ذلك أيضا لما قدّمت لأطفاله الهدايا في مناسباتهم حتى أني أُجبر نفسي أحيانًا على الاحتفال بعيد ميلاد أولاده بنفسي، لكن ذاك كلّه ليس عن طيب خاطر ولا محبّة؛ فقط كي لا أحس بجميل صنعه ورغمًا عن ذلك أنا لا احترمه سوى في حضوره، أما في غيابه أنا أوّل من يوبّخه ويتحدث عن أفعاله الغبيّة كونه لم يحترم قدر المجاملة التي أعاني التنكّر خلفها.
هل هذه حقيقة؟ هل هذا واقع؟ نعم، أعيد بقولي إنها حقيقة تكاد تصبح طبيعية بالنسبة لنا ومتوقّعة من الجميع حتى إن صار البعض مظلومًا بسببهم، نجتمع سويًّا وكلٌّ يُخفي سوء خُلقِه وظنّه وراء ابتسامة خادعة وإيماءات تدلّ على الخبث تتغنى بنبراتهم المزيّفة. بنظري أراهم فاقوا الجن والشياطين بشرّ أعمالهم الخفيّة تجاه من يستحق ومن لا يستحق.
وهل لي بغير التدوين حلًّا
للأسف لا، وهل كانوا يفهمون؟ قد تكون رؤوسهم بأدمغة لكن ما أهميتها دون التفكير ودون المراجعة الذاتية قبل محاسبة غيرهم، وغير أن هذا النوع الشرّاني من الناس ينقسمون لاثنين، الأول يُجاهر منذ البداية بكونه يتعامل مع الجميع حسب مصالحه؛ فلا يرافق من لم يجنِ من ورائه ولو شقّ تمرة. ولك أنت حريّة الاختيار بين البقاء معه من عدمه. والقسم الثاني يحاول أن يقلّد الأول في وقت متأخر من حياته حتى يتبيّن للبعض بأن هذا تمثيل وكذب، وكثيرًا ما يُفضح أمره من أقرب الأشخاص ممّن حوله، لذا فعذر القسم الأول ليس أقبح من ذنب الثاني؛ هو على الأقل صارح بسوء فعله وأنت من قبلت، ولا يمكن الغفران للثاني الذي خدع ومارس كذبته على الكرة الأرضية وهو بالنسبة لها خريطة مفتوحة محدّدة النقاط ومعروفة الوجهات.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 350
مقال يساعدك لتعرف حال العلاقات الاجتماعية اليوم
link https://ziid.net/?p=66133