سلسلة ما الذي تعلمناه من الكورونا (#2)
لم يكن 2020 بالعام السهل؛ جاءت الكورونا ليتحول إلى أصعب عام مر على البشرية منذ وقت كبير
add تابِعني remove_red_eye 9,146
تحدثنا في الجزء الأول عن خمس أشياء تعلمناها من محنة الكورونا. تلك الرحلة التي لم ينتهي مسارها بعد. اتخذت الحكومات في جميع أنحاء العالم بعض الاجراءات القوية التي جعلتنا ننعزل في بيوتنا ونقوم بما يسمى بـ”الحجر المنزلي”، أي نجلس في بيوتنا ولا ننزل إلا للضرورة القصوى، أصبحنا متباعدين.
علمنا من المقال السابق أن هناك أشياء كثيرة تعلمناها في تلك الفترة مثل: العلم أهم من الأسلحة، وأن العلاج النفسي وأهمية الحصول على مساعدة نفسية من شخص متخصص شيء مهم وضرورة ملحة وليست رفاهية.
أيضا علمنا أن المحيط بك هو مؤثر من أكبر المؤثرات وإن لم يكن أساسها التي تتحكم في تصرفاتك وطريقة تفكيرك إن كانت إيجابية أم سلبية، وأننا يجب أن ننتبه أين نقع ومع من نتحدث وكيف نفسر تصرفات الآخرين ومن هم من نحتك بهم كل يوم.
علمنا من المقال السابق أيضًا أنه لا بدّ من تقدير فكرة العمل، ذلك العمل الذي “كان” يأكل وقتنا. بعضنا يجلس في عمله أكثر مما يجلس في بيته، كنا نكره العمل ونكره الروتين، ونحسب أنه وقت ضائع، فما الذي تعلمناه؟ تعلمنا أن العمل حياة، أليس كذلك؟ العمل هو الدائرة التي تتكرر ولكنها الخيط الذي يمسك بالون الهيليوم من الطيران، هو الخيط الذي يبقيها قريبًا من الأرض. وتعلمنا تقدير الأفعال البسيطة كرمي القمامة والسير ولو لمسافة قصيرة لآخر الشارع. تعال معي لنكمل ما الذي تعلمناه من الكورونا أيضًا.
سادسًا: انتقاء المحيطين والأصدقاء
يجب عليك أن تجيد اختيار الأصدقاء الذين لن يحبطوك ولن يسببوا لك الذعر، بل سيساعدوك مهما بُعدت المسافات بينكم، فيدعموك ويطمئنوك ويحاولون أن يقوموا معك بأنشطة عن بعد.
هؤلاء هم الأصدقاء الذين لن يدعوك تقع أرضاً ولن يدعوك لنوبات ذعرك أو يزيدوها.
سابعاً: تقدير مهنة الطب والعمل على تطويرها
الدرع الأول في مواجهة أي عدو يحاول أن يحتل دولة؛ هو الجيش. وهكذا من أول من واجه الكورونا حول العالم حينما هاجمت البشر؟ الجيوش البيضاء؛ أي الأطباء.
الطبيب والممرض، هم الضحايا والأبطال في نفس الوقت، فقد أثبتت الدراسات أن نسبة الإصابة في مجال التمريض والطب أكبر من أي مهنة أخرى، وذلك يرجع إلى شجاعة هؤلاء الأبطال ووقوفهم في وجه الفيروس، فهم من يتعاملون مع المرض والمصابون مباشرة. هناك الكثير من الأطباء تعاملوا مع المصابين بدون أي اجراءات وقاية وذلك لحدوث نقص في الكمامات أو الأقنعة أو درع الوجه، وبذلك يضحى الطبيب من أجل إنقاذ الآخرين.
هل كنت ستفعل ذلك لو كنت مكانه قارئي العزيز؟ لا أعتقد أن كلنا نستطيع أن نفعل ذلك.
وهذا يجعلنا مستقبلاً نفكر في أن نطور المجال الطبي، من حيث الدراسة والأجهزة.
أيضًا نعطي الأطباء حقهم ماديًا أو علميًا، حيث أن الكثير من الأبحاث لا تُمول كما تمول صفقات الأسلحة أو حتى صفقات مستحضرات التجميل، يجب أن نعطي مجال الطب حقه.
يجب أن نحسب حساب تلك الأيام لأنها وحسب التاريخ، ليست الأولى ولا الأخيرة ولكن التعامل معها سيختلف بحسب تطور البشرية والإنسانية.
ثامنًا: الاهتمام بالصحة الجسدية
عندما ظهرت الكورونا، ظهرت الكثير من التخمينات، هناك من قال أن الثوم والبصل يقوا من ذلك الفيروس وتبعت تلك خرافات أكثر. مع الوقت فهم الناس حول العالم أن الجسم السليم سيقاوم بصورة أكبر من المرضى أو الذين يعاملون جسدهم بطريقة سيئة.
المدخن على سبيل المثال من أوائل الناس التي يمكن أن تهلكه الكورونا، فالمرض هو مرض تنفسي: يهاجم الجهاز التنفسي أولًا ثم يدخل على القلب والجهاز الهضمي، ولذلك يجب علينا أن نهتم بصحتنا، فالموت مكتوب علينا جميعاً، ولكن الجسد هو الوعاء الذي يحملك، فإن انكسر ستعاني ويمكنك ألا تموت. إنها المعاناة الصافية بلا أمل أو انتهاء. يجب علينا ممارسة الرياضة للحفاظ على القلب.
يجب علينا أن نحافظ على الرئتين، فيكفي الدخان الذي نستنشقه كل يوم صباحًا ومساءً، فلا يمكن أن نزيد الطين بلة عن طريق التدخين. يجب أيضًا أن نحاول أن نتناول الطعام الصحي لأنه يحتوي على كل المعادن والفيتامينات التي يحتاجها الجسد، والتي تساعده في تكوين مناعة قوية ضد أي ميكروب أو فيروس أو مرض خطير يمكن أن يصيب جسدك أو وباء ينتشر لكي يصيد منا ما يشاء.
أتذكر مهرجان الجونة: حينما قالت “ياسمين صبري” أن الفيروس يأخذ من يأخذ والبقاء للأقوى؟
غالبًا هي تقول شيء من الصحة، حيث تعافى الكثيرون من لاعبي الرياضات ككرة القدم أو حتى من اعتادوا ممارسة الرياضة يوميًا وذلك لأن جسدهم كان قويًا بما يكفي وصحياً بما يكفي للمقاومة والاستمرار.
تاسعاً: الحالة النفسية للأطفال مهمة
عندما جاءت الجائحة، خسر كل بيت شخص يعرفه؛ هناك من فقد فردًا من العائلة كالجد أو الأب أو الأم. هناك من فقد زميلاً عزيزاً من العمل أو حتى جار من الجيران الأعزاء. من الذي تشكل عليه تلك الظروف القاسية رعباً وذعراً فوق المعتاد؟ الأطفال طبعاً.
الطفل الذي لا يدرك ما هو الفيروس وما هي المناعة؟ وما هو الموت؟ وما هي الكورونا؟ ذلك الطفل الذي يرى انقلاب المعتاد وتحول الكبار لنسخ مزعورة تسير على رجلين: لا نادي ولا لعب ولا شارع ولا تحدث مع الأقارب ولا زيارات ولا شراء حلوى ولا حضانة ولا مدرسة ولا زملاء للعب والدراسة.
أخبار تنتشر ووجوم يحل وحزن ونوبات ذعر.. وهو لا يفهم ولا يدرك ما الذي يحدث. الطفل مشروع يتم إعداده من جميع الاتجاهات. عندما حلت تلك الكارثة، علمنا أن الأطفال مثلنا بل أشد حساسية، يجب أن تكون هناك مراكز نفسية للأطفال تحاول أن تشرح أو تقوم بعمل توعية وللسن الصغير الذي لن يدرك، يمكننا أن نعطيه أنشطة لتقوية النفس والبدن والانشغال عن تلك الظروف الاستثنائية، وذلك حتى لا يخرج أطفالنا مستقبلاً لتكوين أجيال يحيط بها الخوف والتشتت والعزلة.
عاشرًا: دور شبكات التواصل الاجتماعي
نعلم جيداً أن تلك المواقع ليست معفية من الخطأ؛ أي أن أي خطأ سيتم نشره لن يتم حذفه أو مراجعته. بداية الفيروس.. قد عزلت نفسي من كل مواقع التواصل الإجتماعي، وذلك لأن أصدقائي المتابعين للأخبار على تلك المواقع كانوا يتناقلون بعض الاحصائيات الخاطئة، وبعض المعلومات وبعض مقاطع الفيديو التي تسبب الذعر والتعب النفسي.
التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون نعمة أو نقمة تبعاً لما اخترت أنت أن تتابع وتشاهد. هناك من اختار من يتابع جيداً، فأدرك حجم الكارثة ولكن بدون ذعر أو انهيارات، وهناك من يحاول أن يثير ذعر الآخرين فيشارك كل الأخبار السيئة التي لا تمت للواقع بصلة (أو لعلها تمت للواقع ولكنها حوادث فردية لا يعول عليها لعمل احصائيات وتفنيد للواقع).
الميديا أداة يمكنك أن تتجنب شرها عن طريق معرفة الوسيلى الصحيحة لاستخدامها.
في النهاية
ليس هذا فقط ما تعلمناه من الكورونا، فالبشر لديهم عشرات وعشرات الأشياء التي ستحتاج منهم أن يعيدوا النظر فيها، أشياء وأمور إنسانية كالبقاء مع الأقارب والأحبة أطول وقت ممكن، فنحن لا ندري متى ستقع الصخرة من فوق الجرف.
هناك ما تعلمناه بالطريقة الصعبة كممارسة هواية، يجب أن نتعلم القراءة والموسيقى أو الرسم، يمكننا أيضا أن نقوم بالتصوير أو الرياضة أو حتى تربية الحيوانات، تعلمنا أن الفراغ قاتل: الفراغ يمكن أن يقتل أكثر من الكورونا لأن الفراغ يثير كل الرعب و الصناديق المغلقة بداخل عقولنا.
تعلمنا أن معقمات الأرض أو الأيدي ضرورات وليست وقت الأوبئة والأمراض فقط. تعلمنا أن النظافة هي ما أبقتنا حتى الآن وسط كل تلك الكائنات غير المرئية، وما نزال نتعلم أن النظافة هي ما ستبقينا القليل أيضا للأمام..
نحن كائنات حية، نعيش ونموت ولدينا غريزة البقاء أيضًا. نتعلم ونتطور، نحارب لكي نبقى ولا نلدغ من جحر مرتين. نحن سنتجاوز هذا معاً. نحن سنستطيع أن نحارب تلك الفيروسات وسندرك عبر التاريخ أن كل ما جعلنا نحارب هو أننا معاً بدون حدود للدول ولا حدود عبر المحافظات ولا حتى عبر اللغات
نحن بشر و سنكمل بإنسانيتنا.
اقرأ أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 9,146
تعال معي لنكمل الكورونا وما الذي تعلمناه منها.. وكيف برأيك نتعلم وندرك ما الذي ينقصنا.
link https://ziid.net/?p=73208