حذار من النسيان
كثيرًا ما تلهينا الحياة وننساق وراء طموحاتنا والتي قد تتعارض مع مصالح غيرنا فنقع في أخطاء عديدة
add تابِعني remove_red_eye 20,017
في زحمة الحياة ننشغل بأحلامنا وآمالنا ونلهث لتحقيق كل ما نتمناه فالموظف يسعى لإنجاز عمله الأصلي ثم يفكر في عمل إضافي ليحقق به دخلًا إضافيًّا له ولأسرته، والعامل كذلك يحارب الوقت لإنجاز مهامه في مكان ما حتى يلحق وقت آخر لينجز فيه عمل آخر في مكان مختلف بنفس اليوم، وهكذا تسير حياتنا.
ملهاة الحياة
وكما ينشغل الفقراء بحياتهم أيضًا ينشغل الأثرياء بأعمالهم ويحاولون استغلال كل ثانية لتنمية وتكبير أعمالهم ووسط هذه المعركة مع الحياة قد تتعارض مصالحنا مع بعضنا البعض فيجور أحدنا على الآخر وننسى وسط هذا الصراع الكبير مع الوقت.
وتكمن المشكلة هنا في وجهتين: الأولى وهي أن يجور الفرد على حق أخيه، إما بمنعه وتعطيله عن تحقيق أهدافه في سبيل الإسراع بتحقيق هدف شخصي له، فينشغل وراء إشباع أهدافه التي لا تنتهي، وبنفس الوقت ينسى حسرة المظلوم الذي لم يحقق هدفه هو الآخر وتعطل، فينشغل بالدعاء على من عرقله عن هدفه وفي السماء رب سميع لا يظلم أحد وحرم الظلم على نفسه.
وفي الحديث القدسي الذي رواه أبو زر عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– فيما يرويه عن رب العزة أن الله يقول: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا …” فهنا المولى عز وجل يحرم الظلم على نفسه ويجعله أيضًا محرمًا بيننا فمن الصعب جدًّا أن نظلم أحدًا وننسى أن نعتذر له قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم وقبل يوم الحسرات.
تقاطع المصالح
لذلك فمن حقنا أن نسعى وأن نواصل البحث عن تحقيق الأفضل في الحياة، ولكن يجب ألا نصطدم بطموحات الآخرين وألا نعرقل سعيهم أيضًا، والأخطر هو عدم ذكر المواقف التي قد نقسو فيها على أحد، فيظل المظلوم يدعو علينا ونحن ننسى لا نعرف بماذا يدعو علينا، ولا نعرف أن الله يغضب علينا، وهذه مشكلة كبرى. وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم– يدعو ربه في كثير من المناسبات ويقول فيما معناه: اللهم إني أعوذ بك أن أَظلِم أو أُظْلَم. فمرارة الظلم كبيرة نعوذ بالله منها، ومرارة أن نظلم أشد، وقد لا نعلم أننا ظلمنا، وذلك إذا انشغلنا بتحقيق هدفنا ولو على حساب الآخر الذي وقع في الظلم فيدعو علينا ونحن في غفلة.
ومن عواقب النسيان الوخيمة هي الاستهزاء بآيات الله والصد عنها بدعوى الحداثة أو الادعاء بالتفكر والتدبر في غير موضعه وهنا جاء التحذير الشديد والوعيد من المولى –عز وجل– في سورة المجادلة الآية (6) {يوم يبعثهم الله جميعًا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد}. نعم الله يكتب ما يفعلون في لوح محفوظ ويحصي كل أفعالهم وأقوالهم والإنسان ينسى ولكنه يفاجأ بما قدمت يديه يوم القيامة. وأرى أن الآية الكريمة {أحصاه الله ونسوه} تحذير ووعيد شديد اللهجة من رب قادر على كل شيء.
لذلك فعليك أن تسعى وراء مصالحك وتحقق أحلامك وتنمي شركتك أو تنمي اسمك وتنافس غيرك بشرف وتلهث وراء النجاح وتلهث وراء الثراء أو وراء تحقيق حلمك وإنجاز هدفك مهما كان الحلم ومهما كان الهدف لكن يجب أن يكون لديك بوصلة ومؤشر لتحقيق النجاح من جهة وللتأكد من أنك لم تَجُرْ على حق أحد من جهة أخرى، وعليك أيضًا أن تداوم على الأذكار ولا تنشغل عنها أبدًا ففيها البركة ومنها التذكرة أنك لن تظلم أحدًا.
ماذا تفعل لتجنب ظلم الآخرين؟
أيضًا حتى لا نقع تحت غياهب النسيان فعلينا أن نكون اجتماعيين فمهما علا شأن الإنسان فلن يفلح إذا عاش وحده، فالإنسان اجتماعي بطبعه، وتحثنا الصلاة على الاجتماع مع الناس فصلاة الجماعة خير من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، أيضًا يحثنا الإسلام على التواصل مع الغير، فيأمرنا بإلقاء السلام وتشميت العاطس واتباع الجنائز وعيادة المريض وكل هذا السلوك يجعل الإنسان اجتماعيًّا.
وحتى لا أخرج عن هدف المقال هذا، فإن هذه السلوك الاجتماعي يجعلنا في تواصل مستمر مع الآخر، وبالتالي فلو حدث خطأ منا سواء بقصد أو بغير قصد تجاه شخصٍ ما محيط بنا، فسوف نعرف سريعًا، ولن نقع تحت طائلة النسيان، فلو ظلمنا أحدًا خلال اليوم فنقابله في المسجد أو إذا مرض نسأل عليه أو في أي مناسبة فسيخبرنا بما حدث، وبالتالي تأتي الفرصة للتحلل من الظلم في الدنيا قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا شراء.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 20,017
مقال ملهم حول الحياة وكيف تلهينا عن الأمور الأهم
link https://ziid.net/?p=91946