الكلمة الطيبة صدقة: كيف تغيّر الكلمات حياتنا؟
الكلمات أحيانًا تصبح أقوى وأقسى من الأسلحة والجروح، جروح الكلمات لا تلتئم بسهولة ولا يداويها الزمان، فاحذر ما تقوله لمن تحبهم
add تابِعني remove_red_eye 213
دائمًا ما تجد نفسك تبتسم عندما تقرأ رسالة من أحدهم يصف داخلها مدى فخره بك أو ربما ردًّا على رسالتك المليئة باليأس؛ ليجعلك ترى الحياة بنظرة مختلفة وفي أعماق قلبك تعلم أنها مجرد كلمات لكن تأثيرها على حالتك المزاجية قوي جدًّا، لدرجة أن في كثير من الأحيان بعد هذه الكلمات تجد نفسك تعمل بجد على هذا الأمر الذي قبل دقائق بسيطة كنت محبطًا بسببه أو كارهًا له، فتجد أن كلماته أنارت أفكارًا كثيرة في رأسك لم تعتقد يومًا أنك ستستنتج أفكارًا بهذه الجودة أو ستؤمن بها وتحاول العمل عليها.
الكلمات ليست مجرد حروف متصلة الكلمات هي أكبر من هذا بكثير والكلمات مشاعر واتصال غير ملموس والكلمات تصنع من توقعاتنا أهدافًا أو مجرد هراء. لعل الجزء السيئ بالكلمات هو أن تأثيرها يلامسك في أحيان كثيرة حتى لو كانت من شخص لا تعرف حقيقته أو نواياه من هذا الكلام إلا بعد أن تُحاول كثيرًا وتتدرب على أن لا تسمح لأيّ شخص بأن يتلاعب بمشاعرك من خلال كلماته.
أنت لست كالجميع!
نعلم جميعًا أن الإنسان في محيطه يؤثر ويتأثر لكن لا تسمح بأن يكون التأثر بغير وعي منك لا تسمح للجميع بأبشع كلماتهم وسلوكياتهم بأن يؤثروا عليك تذكر دائماً “أنت لست كالجميع” ما أبشع أن تنقل كل هذا التأثر لحديثك مع نفسك! ما أبشع أن تسمح لهذه الكلمات القاتلة أن تعبر لروحك من خلالك! وأنت تتحدث مع نفسك بلا كلمات وأنت تنقل لها تلك العبارات مثل: أنت لست ذكيًّا، مَن أنت حتى تعتقد أنك تستطيع فعل شيء لم يسبق لأحد هنا فعله؟ لاتحاول أنت ولدت فقيرًا وستموت فقيرًا…إلخ.
ألا تعتقد أنك هكذا حققت لهذا الشخص ما أراده فأنت الآن محطم تمامًا من حديثه، وبدل أن تعطي نفسك الأمل وتحاول جاهدًا أن تخرج نفسك من هذا المحيط فأنت الآن تقتل الأمل وتمنع نفسك من أبسط الأمور وهي أن تحلُم يا صديقي، وما أظلم الحياة بلا أحلام الحياة! مظلمة مظلمة جدًّا بلا أي حلم أو هدف يجعلك ترغب في أن تحاول تحقيقه هدفك، قد لايكون هدفك الحقيقي لكن سيساعدك السعي باتجاهه على اكتشاف أهدافك ونفسك فدائمًا رحلة تحقيق الأهداف تُخبرنا وتختبرنا وتوصلنا لحقيقتنا وتعطينا أكثر من هذا الهدف الذي نسعى خلفه، وتجعلنا نعلم أنه نحن من صنع تلك الأهداف ونحن وحدنا من يعلم الطريق الصحيح لها، لكن نحتاج لنعرف حقيقتنا وسنجد معها الطريق.
ما الذي يقتل الروح؟
أتعلم ما الذي يقتل الروح؟ وجود تلك الأفكار التي زرعها الآخرون عنك داخلك ففي هذه الحالة أنت لا تستطيع أن تتصل بروحك إلا بالتخلص منها، هي أشبه بذلك الضوء الساخط الذي يحرمك من الاستمتاع بمنظر النجوم في سماء ليل هادئ في حين أن النجوم ساطعة جدًّا إلا أنك لاتستطيع النظر إليها، فهذا الضوء الموجع الساخط بينك وبينها إلا أن تختار وتطفئه في هذه الحالة ستسمتع بمنظرها وتتمكن من رؤيتها، وهكذا هذه الأفكار والكلمات السلبية لن ترشدك لروحك وتتصل بها إلا إذا توقفت عن التأثر بهذه الكلمات وأردت حقًّا أن تتصل بروحك وتسترشد بها وبصوتك الداخلي وتتوجه إلى طريقك، إلى ذلك المكان الذي يناسبك حقًّا.
وإن كنت من هؤلاء الذين يصدرون الأحكام جزافًا، الذين يطفئون شرارة طموح من حولهم فتوقف إن كنت محطمًا مدمرًا يائسًا ولا تنقل هذا لمن حولك، ترأف بهم وبشفافية أرواحهم فهم في بداياتهم سيسقطون ويتعثرون جدًّا، وإن بقيت كلماتك القاتلة في أذهانهم سيعتقدون بأنك محقّ وسينهون حياتهم في بدايتها وسيعيشون في الظلام بسببك، وسيبتعدون عن النور أو كلماتك هي ما أبعدهم. في بودكاست سوان حلقة “كلماتك هي ملعبك” ذُكر قصة شخص انتحر عندما قالت له حبيبته وهي تهجره اذهب واقتل نفسك فانتحر. انظر كيف تأثر كلماتك التي لاتنتبه لها، وأحيانًا تنسى ما قلته فلا تستهن أبدًا بوقع كلماتك على الآخرين.
تعوّد أن تتحدث مع نفسك بطريقة رائعة، فالكلام له طاقة ولكل كلمة طاقة ستقع عليك، فالرقية عبارة عن آيات والآيات كلمات، تفكّر في تأثير الكلام وبتلك المواقف الذي تجاوزتها بعد حديثك مع نفسك أو جلسة مع صديق، تذكر تلك الأيام التي اعتدت أن تكرر فيها كلمات إما سلبية أو إيجابية وكيف كان تأثيرها عليك.
حاول أن تلزم نفسك لفترة محدودة تجربة أن تكتب عدة جُمل عن نفسك وأن تكررها يوميًّا بصوتك المسموع لمدة (21) يومًا، ولترى النتائج بنفسك ولكن كررها بإيمان لا ببغبغة واعتقاد مُسبق أنها لن تُجدي نفعًا.
تأثير الكلمات الإيجابية
في تجربتي أنا كُنت مؤمنة بتأثير الكلمات الإيجابية دائمًا وكنت أسعى لنشرها، لكن ما كان يُشغل تفكيري هو مدى تأثير الكلمات السلبية على الواقع المادي وليس المشاعري فقط، فقررت عمل تجربة على نفسي وسيكون أنا من يخبرني بهذه الكلمات، ولأشبع فضولي في اختبار مادة العربي بالجامعة أخبرت نفسي أنني لن أحصل على التقدير الذي أرغبه وأن نتيجتي بالامتحان ستكون سيئة ظللت أكرّر هذا الكلام لدرجة أني أخبرت به العديد من أصدقائي، كما أن تأثير الكلام المؤكد عليه من أكثر من شخص له طاقة أقوى لذلك فاحذر بما تخبر الآخرين عنك.
بالعودة إلى تجربتي درست جدًّا هذه المادة إلى وقت متأخر جدًّا مع أن دراستي لأيّ اختبار تكون ساعة إلى ثلاث ساعات، أما في هذه الحالة اختلفت فرغِبت في بذل كل الجهد المادي وتحطيم النفس لأرى ما النتيجة، في اللحظة التي سبقت دخولي لقاعة الاختبار إلى بدء الاختبار ظللت أذكر نفسي بأنني سأفشل وهكذا أنا دائمًا فاشلة في العربي بدأت بالحلّ وكانت الأسئلة سهله جدًّا كانت جميعها من الكتاب إلا أنني لم أستطع تذكر الكثير وحصلت في هذه المادة على أسوأ تقدير لي في الجامعة، وأعترف بأنني كنت أستحق وأن التجربة تستحق هذه الخسارة لكي لا أخسر الأكثر في المستقبل.
لاتستهن بتأثير كلماتك
العبرة يا صديقي أن لاتستهن بتأثير كلماتك على واقعك المادي خصوصًا عندما تشاركها مع أحد، فطاقة الكلمات تزداد عندما يؤمن بها أكثر من شخص فأنت تجعله يؤمن بوجود هذه المشكلة لديك أو عدم قدرتك في تحقيق هذا الهدف، هذا لايمنعك أن تشارك الآخرين بما ترغب لكن المهم هدفك من المشاركة. للحديث فقط؟ أم لأجل التخلص من هذه المشكلة ومواجهتها؟ أم لاستخراج الحلول؟ اعرف نيتك من المشاركة ولا تستهن بها أبدًا فما هناك أقوى من الكلمات فهي الوسيلة التي خاطبنا الله بها في كتابه الكريم.
وانتبه دائمًا من ذلك الذي حين يراك بين مجموعة من الزملاء أو الأصدقاء حزينًا أو يظهر عليك ملامح ألم يسألك ما بك أمام الجميع فتتهافت عليك الأسئلة منهم عمّا بك، وربما ليس بداخلك شيء ربما تخيّلت شيئًا أحزنك لكن كثرة سماعك للسؤال تجعلك تعتقد أن بك شيئًا أو ربما هناك شيء يحدث معك يجعلك حقًّا حزينًا ومتألمًا لكن بعد سؤاله أمامهم لن تستطيع أن تتكلم، والمؤسف أننا جميعًا نعلم أنه من الصعب جدًّا على الإنسان مشاركة أحزانه لأكثر من شخص يصُب له كل انتباهه وتعاطفه للأسف سؤاله لم يفد أبدًا. انتبه فكثرة سماعنا للسؤال تجعلنا نصدقه، بالنسبة لي أكره جدًّا من يتصرفون هكذا فإن كنت مهتمًا حقًّا بي فاسألني على انفراد هكذا تساعدني حقًّا، لكن أمام الملأ لا فائدة إلا أنني سأصبح محور انتباه الجميع مؤمنين بوجود أمر سيئ يحدث لي.
إن كُنت تحب أحدهم فانتبه له من تأثير كلماتك عليه وكُن هيّن القول وترأف بقلوب الآخرين.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 213
مقال يساعدك للتعرف على تأثير الكلمات على أحداث حياتنا وحالتنا المزاجية.
link https://ziid.net/?p=66108