كيف ينظم المترجم المستقل وقته؟
يُعد تنظيم الوقت أمرا جوهريا في حياة المترجم المستقل. وبما أن هدر الوقت يكلف المترجم المال، من المهم أن يكتسب مهارة تنظيم الوقت.
add تابِعني remove_red_eye 3,551
لطالما واجهتني صعوبة في تنظيم الوقت لأجد نفسي أحيانا في نهاية اليوم غير قادرة على الالتزام بجميع المهام التي قد دونتها في قائمة الأعمال اليومية. وأضطر لتأجيلها وإدراجها في قائمة أعمال اليوم الموالي. وبما أن تنظيم الوقت من المهارات المهمة والأساسية في حياة المترجم، حاولت تجاوز هذه المعضلة عن طريق الاطلاع على مقالات وكتب إرشادية في موضوع تنظيم الوقت. فهذا الموضوع لا يقتصر على المترجم المستقل فحسب، بل يطرحه للنقاش عاملون في قطاعات أخرى. وتنظيم الوقت ليس هدفا وإنما وسيلة للاستفادة من الوقت للتمكن من إنجاز مجموعة من الأنشطة والمهام وتحسين الإنتاجية في العمل.
ويظن الناس خطئا أن تنظيم الوقت يعني التمكن من إنجاز أكبر كمية من العمل خلال فترة زمنية معينة، وهو ما لا يعدو أن يكون مجرد طريق يأخذك نحو الإدمان على العمل. ولكن تنظيم الوقت واقعيا في أي عمل مستقل يعني التمكن من استيعاب الأهداف التي تحتاج إلى تحقيقها في كل يوم والسعي نحو الالتزام بتحقيقها على نحو دوري. والعمل الحر في الترجمة لا يعني أن المترجم حرٌّ في الاستيقاظ وقتما شاء والعمل كيفما شاء. فالحرية تكمن في اختيار العمل والوقت المناسبين وعدم وجود سلطة تفرضهما عليك. فعملك ضروري لتحقيق دخل كاف لك.
وخلال مطالعتي مجموعة من المراجع في موضوع تنظيم الوقت، دونت بعض المعلومات والنصائح الكفيلة بإرشاد المترجم المستقل في تنظيم وقته على نحو أمثل. وقد استفدت من تلك النصائح واستقيت منها ما هو عملي في إعداد برنامجي. وقسمت تلك الإرشادات إلى سبع خطوات أساسية ليكون برنامج المترجم المستقل عمليا ومثمرا. وأردت في هذا المقال أن أشارككم تلك النصائح، وهي كالآتي:
أولا – اكتب برنامج عمل يومي مُفصل لضبط وقتك
– دوّن برنامج عملك: أعدّ برنامج عمل يومي تُدون فيه قائمة الأعمال التي تعتزم إنجازها خلال اليوم. فالكتابة ستساعدك على ضبط مدى التزامك بالبرنامج اليومي ونقاط إخفاقك. وعندما تدرك أسباب إخفاقك في الالتزام بالمهام المحددة، ستتمكن من إيجاد حل عملي لها وتجاوُزها.
– أذكر كافة المهام التي ستنجزها خلال اليوم في هذا البرنامج: لا ينبغي أن يقتصر برنامجك على مهامك المهنية كالترجمة، بل يُفترض أن يشمل أيضا جميع أعمالك المرتقبة مهما استغرقت من وقت، بما فيها قراءة الصحف والرسائل الإلكترونية وتعلم مهارات جديدة والبحث عن زبائن جُدد والمطالعة لمواكبة المستجدات والأعمال المنزلية وغيرها.
ثانيا- دوّن في البرنامج المدة اللازمة لإنجاز كل مهمة
– حدد الوقت (عدد الدقائق والساعات) الذي ستستغرقه في إنجاز كل مهمة: يمكن أن تستغرق مهمة واحدة نصف اليوم أو اليوم كله كالترجمة. لذلك كن واقعيا في تحديد المدة اللازمة لإتمام عملك في برنامجك اليومي.
– حدد مدة تصفح بريدك الإلكتروني: أدرج في برنامجك وقتا محددا لقراءة رسائلك الإلكترونية والإجابة عنها دفعة واحدة. ولا تجعل الأمر عشوائيا يتم بمجرد وصول إشعار بدخول رسالة. فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تخصص نصف ساعة أو ساعة في بداية اليوم للاطلاع على الرسائل الواردة والإجابة عنها، ونصف ساعة أخرى أو ساعة بعد الانتهاء من العمل.
– حدد الوقت المفترض لإنهاء كل مهمة: قد لا تُوفّق في البداية في تقدير الوقت المناسب لكل مهمة. وهذا أمر طبيعي. ولكن بعد الانتهاء من كل مهمة، سجل المدة التي استغرقْتها لإنهائها، واعتمد عليها لإعداد برنامجك المقبل. وبهذه الطريقة ستصل إلى معرفة الوقت اللازم لإنجاز كل مهمة وبالتالي احترام برنامجك اليومي.
– استعن بالتطبيقات الخاصة بتنظيم الوقت لتُذَكرك بمهامك: يمكن اختيار أحد التطبيقات المتوفرة مجانا على الشبكة العنكبوتية مثل تطبيق Remember The Milk وRaise the Bar وMyEffectiveness.
ثالثا- حدد فترة نشاطك وارتفاع تركيزك خلال اليوم
– اختر الوقت الذي تكون فيه أكثر نشاطا خلال اليوم: قد تكون من الأشخاص الذين يكونون في قمة نشاطهم في الصباح الباكر أو ربما بعد الزوال. وبما أن الأمر نسبي، اختر وقتك الأمثل في معدل تركيزك للقيام بعملك الذي يحتاج إلى تركيز أكبر.
– حدد مستوى التركيز الذي يحتاجه كل عمل لتعرف الفترة التي ينبغي أن تدرجه فيها: قد يكون العمل معقدا إلى درجة أنك ستحتاج إلى تركيز عال وغرفة هادئة جدا مثل ترجمة نص تقني معقد. وقد تكون مهمة بسيطة لا تحتاج منك إلى مجهود كبير ويمكنك أن تنجزها في نهاية اليوم. اعتمد في توزيع المهام اليومية في البرنامج على الجهد الذي يتطلبه.
رابعا- أبعد عنك مصادر إهدار الوقت
– اختر بعناية مكان عملك: إذا كنت تدرك جيدا أن العمل معقد ويحتاج إلى تركيز، لا تحاول إنجازه وسط ضجيج ستضطره معه إلى إعادة قراءة الجملة أكثر من مرة لفهمها بسبب التشويش حولك. فقيامك بعمل بهذا التعقيد في المكان والوقت غير المناسبين مضيعة للوقت. وإذا كنت تعمل مترجما مستقلا من منزلك، اختر غرفة تخصصها للعمل تستطيع أن تغلق بابها أمام أي إزعاج خارجي كصوت التلفاز أو لعب الأطفال أو حديث أفراد الأسرة. فهذا سيساعدك على التركيز وعدم إهدار الوقت.
– ضع حدا لمصادر إهدار الوقت: حدد وقتا وجيزا لتصفح الفايسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى في حدود عشر دقائق مثلا أو أجّل هذا الأمر إلى ما بعد إنهاء العمل إذا لم تكن تستطيع التحكم في وقتك أمامها.
– استعن بالتكنولوجيا للحد من تشتيت تركيزك وإزعاجك: إذا لم تكن تستطيع أن تقاوم إشعارات الفايسبوك المتكررة التي تجد نفسك تمضي أمامها ساعات بدل بضع دقائق، استعن بتطبيقات تمنع ظهور الإشعارات مثل تطبيق HeadsOff. وهذا سيمنعك من الولوج إليها خلال فترة العمل.
خامسا- كن واقعيا في تحديد المهام الممكن إنجازها زمنيا أو استعن بزميل
– حدد كمية عمل معقولة في اليوم: اتفق مع زبونك على الكمية التي ستلتزم بها خلال ساعات عملك، كالترجمة أو المراجعة اللغوية، بناء على وقتك المتاح.
– ضع حدا لساعات العمل: حدد وقتا تغلق فيه حاسوبك وتتوقف عن العمل. فقد يسرقك الوقت وتجد نفسك تعمل إلى غاية ساعات متأخرة ليلا. كما أن الجلوس أمام شاشة الحاسوب طويلا يؤذي العين والظهر ويجهد العقل. ولا تنس وقتا لحياتك الخاصة.
– لا تبالغ في عدد المهام اليومية: بسّط قائمتك ودوّن فيها بكل واقعية ما يمكنك إنجازه خلال ساعات العمل اليومية. فأنْ تنجز ثلاث مهام مُدرجة في قائمة الأعمال اليومية خير من أن ترص عشر مهام دون قدرتك الفعلية على إتمامها.
– لا تحمل نفسك ما لا طاقة لها به: إذا التزمت بعمل كبير الحجم ووجدت أنك لن تستطيع إتمامه في الوقت المناسب لسبب ما، استعن بزملائك المترجمين لمساعدتك على إنهائه.
سادسا- حدد أولوياتك
– ابدأ بالمهام المهمة وغير المستعجلة فالمهام المستعجلة ثم الأقل أهمية: عندما نبدأ بالمهام المستعجلة فإننا غالبا ما لا نجد الوقت بعد ذلك للقيام بالمهام المهمة مثل الرياضة وإعداد البرنامج الأسبوعي والإجابة على الرسائل الإلكترونية… فإذا أهملنا أمرا مهما، سيتحول فيما بعد إلى أمر مستعجل ويسبب مشكلة.
– استعن بزميل عند الضرورة: في حال تراكم المهام، يمكنك إعطاء العمل المستعجل وغير المهم لشخص آخر مستعد له، وإلغاء الأعمال غير المستعجلة وغير المهمة.
– لا تنتقل من مهمة إلى أخرى قبل إنهاء المهمة الأولى، لأنك ستجد نفسك بدأت العديد من المهام ولم تنه أيا منها.
– تعلم قول “لا”: اعتذر عن المهام التي لا تحقق أهدافك المُسطرة في البرنامج، كترجمة وثيقة ضخمة بثمن بخس. وقد تحيلُ هذه المهامَّ إلى شخص آخر إذا لم ترغب في رفضها لخدمة صاحبها. ركز على المهام التي ستحقق أهدافك (زيادة المدخول، تعلم دروس التسويق، تعلم لغة جديدة…).
سابعا – استرح خلال العمل وبعده
– خذ استراحة بين الفينة والأخرى: تحرك من مكانك للحفاظ على تركيزك بعد فترة من العمل أمام الحاسوب. فإذا كنت تجد صعوبة في التركيز لمدة طويلة، اتبع التقنية المسماة بومودورو عبر التوقف للاستراحة خمس دقائق بعد كل نصف ساعة عمل.
– لا تنس تخصيص وقت للراحة: على الرغم من أن المترجم المستقل يعمل من منزله، فإنه يحتاج إلى تخصيص وقت للراحة مثل مشاهدة برامج أو أفلام أو الخروج في نزهة. فهذه الأنشطة تساعده على استعادة نشاطه لاستئناف العمل في اليوم الموالي.
وفي نهاية اليوم، اقرأ برنامج عملك لذلك اليوم وقيّم مدى التزامك به. وسجل ملاحظاتك بخصوص مدى احترامك الوقت المخصص سلفا لكل مهمة وعدّله حسب الوقت الحقيقي الذي لزمك لذلك. وستستطيع بذلك استنتاج الوقت الذي تكون فيه أكثر إنتاجية.
وختاما، يساعد تنظيم الوقت في إزاحة ما لا يدخل في صميم أهدافك وزيادة التركيز والإنتاجية في الترجمة واستثمار الوقت على نحو مجد كتعلم مهارات جديدة. فالإنتاجية ثمرة تنظيم وقتك وحسن إدارة أنشطتك. ونملك جميعا 24 ساعة في اليوم، لكن الفرق يكمن في كيفية التحكم فيها. ويمكنك عزيزي القارئ متابعة مقالاتي الأسبوعية في مواضيع عن المترجم والترجمة على مدونتي قطار الترجمة.
add تابِعني remove_red_eye 3,551
link https://ziid.net/?p=17654