العرب ووسائل النشر: بين تطور الأدوات وتطور الغايات
ما نراه على شبكات الأنترنت من محتوى عربي محبط للغاية خاصة في ظل التطور الكبير الذي يجب أن نلاحقه ونستفد منه ونطور أنفسنا به
add تابِعني remove_red_eye 73
في القرن الخامس عشر، تم اختراع آلة الطباعة الحديثة علي يد المخترع الألماني “كوتنبرج” وحينها قام بطباعة أول كتاب لمئات النسخ، وكان ذلك الكتاب المقدس، مما ساعد على انتشاره في كافة أرجاء أوروبا، وتم طباعة آلاف الكتب، التي أشبعت رغبة الناس في القراءة، وتحررهم من الجهل والخرافات، والتي كانت أوروبا غارقة فيه حينذاك، ساعدت الآلة الحديثة في تهيئة الناس لمرحلة النهضة العلمية والفكرية التي شهدتها أوروبا.
في الجانب الآخر من العالم تعاملوا مع اختراع الآلة الكاتبة بجهل كبير، أصدر السلطان بايزيد الثاني-سلطان الدولة العثمانية- فرمانًا يحذر فيه رعاياه المسلمين من استخدام الآلة الطابعة وأنها حرام شرعًا! وهكذا أفتى علماء الأمة الإسلامية، بحجة أنها قد تُستخدم في تحريف القرآن الكريم، وكانت تلك الفتوى هي النقطة المحورية التي انقلبت بها الأمة المتقدمة إلى أمة جاهلة والأمم المتخلفة إلى أمم متقدمة، فقد أفادت هذه الآلة أوروبا في نشر العلم في كافة أرجائها.
بداية الإنترنت في الدول العربية
أما الآن فالوضع يختلف، فنحن ننعم بالاختراع الثوري للعصر الحالي، وهو الإنترنت، حيث كانت بداية استخدام الإنترنت تجاريًّا في عام (1990م) وبدأت الدول العربية في الارتباط بالشبكة العالمية، وكانت أول دولة هي تونس عام (1991م) وتليها دولة الكويت عام 1992م، ومن ثَم مصر والإمارات عام (1993م) ومن ثَم باقي الدول العربية.
الإنترنت انتشر في كافة دول العالم، و مع ذلك لم نلاحظ مظاهر التقدم في مجتمعاتنا، فالخرافات والجهل في كل مكان، وهذا الاختراع كفيل بمحوهم من الوجود..
فما الذي يحول بين المستخدم العربي و بحار الإنترنت؟
قلة التوعية بمخاطر الإنترنت
لماذا كنا نتحجج سابقًا بأن سبب تخلفنا كان فرمان من السلطان بمنع استخدام الطابعات الحديثة، والآن أصبح كل واحد منا يمتلك هاتفًا ذكيًّا يستطيع النفاذ إلى خدمة الإنترنت، ومع ذلك تجده لا يمتلك قدرًا كافيًا من المعلومات حتي يصبح إنسانًا واعيًا؟
يرجع ذلك إلى قلة التوعية عن مخاطر الاستخدام الخاطئ للإنترنت، فالشبكة أمامك ولديك مطلق الحرية في تصفح أي موقع يخطر على بالك، ولذلك تجد أن دولًا عربية كثيرة تتصدر ترتيب الدول الأكثر مشاهدةً للأفلام الإباحية عالميًا، ولذلك تجد معظمنا يتجه لتلبية شهوته الجنسية التي تعطيه نشوة تدوم لحظات، والأقلية منا يتجهون لتلبية حاجتهم من العلم والثقافة والتي تعطيهم قوة وثقة بالنفس تدوم حتي موت صاحبها وتناشده بأن يكون شخصًا بنّاء، وعونًا للآخرين والمجتمع.
لا أن يكون عديم الثقة بالنفس، منزوع الطاقة، منعزلًا، مقصرًا في واجباته، حتى جانبه الديني، نحن في أمسّ الحاجة إلى أشخاص مثقفين، ومفكرين، لكي نكون أمة ذات شأن من جديد، نستعيد من القوة ما فقدناه، ومن العزة ما تركناه، هل يفي المحتوى العربي بمثل هذا الغرض؟
المحتوى العربي
الذي لا يشكل سوى (3%) فقط من المحتوى العالمي، في هذا العصر المليء بالمشتتات والطاقات السلبية، لا يعطي فيه المرء أهمية لأغلى ما يملك: الوقت، تجده يقضي فترة شبابه في الاهتمامات الاجتماعية، من قضاء الساعات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى قضائه مع الأصحاب، ولا نعطي لأنفسنا فرصة لكي ننمي مهاراتنا الشخصية، والمهارات العقلية أيضًا، ونحن هنا نحتاج إلى الإرشاد والتوعية.
فلننظر إلى جانب المحتوى العربي:
المحتوي العربي الترفيهي ليس هادفًا، فهو محتوى ترفيهيًّا بحتًا، معظمه يسبب تلوثًا سمعيًّا وبصريًّا، بسبب عدم الاهتمام بالجودة، وتقديمه على أفضل وجه، والغرض الأول لأصحابه هو العائد المادي الذي يتلقونه في المقابل، فتجد محتواهم مليئًا بالإسفاف والألفاظ النابية، حتى يجذب أكبر قدْر ممكن من الزوار والمستخدمين.
ولذلك تجد الإقبال عليه أضعاف المحتوى المفيد والهادف، الذي بدأ يتواجد علي المنصة الإلكترونية العربية، لكنه لم يفرض نفسه بعد، وعلى الرغم من كثرة أخطائهم مقارنة بالمحتوى الأجنبي، هذا لا يمنعنا بأن نقدم لهم دعمًا معنويًّا ومادي إذا أمكن، هذا الدعم سيعود على الفرد والمجتمع بالفائدة، والابتعاد عن المحتوى التافه أيضا سيقلل من تواجده، المحتوى الذي يستخف بعقول المستخدمين، يستخدمون عناوين كاذبة ومخادعة، والعجيب أنها تتصدر محركات البحث، تستولي بذلك على المكانة التي يجب أن تكون لغيره من المحتوى المفيد.
الاستخدام الصحيح للإنترنت
كما قلنا سابقًا، إن الإنترنت هو اختراع ثوري، حقق للكثير أغراضهم، سواء كان في الأموال أو المعرفة أو التعلم وغيره، نحن لدينا الإمكانية للوصول للإنترنت بشكل أو بآخر، فَلِما لا نجعله مفيدًا لنا، نقضي به وقتنا في تعلم أشياء مفيدة، إذا كنت تشتكي من أن المحتوى العربي غير مفيد؟ ابدأ بتعلم لغة أخرى مثل الإنجليزية، ستكون بوابتك للدخول إلى أبواب المعرفة، والتعمق في العلوم المتنوعة، وستجد المحتوى العربي أعطى هذا الموضوع حقه على أتم وجه، وأبدع فيه و تنوع، لا يوجد مبررات للكسل و التسويف، فقط حدّد هدفًا ما من الإنترنت وستحققه.
عزيزي المستخدم إنك أنت من يحدد ما المحتوى الذي يستحق الدعم، طمعا في مستقبل أفضل، اختر المحتوى المفيد.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 73
مقال شيق حول المحتوى العربي وحقيقة الوضع المؤسفة
link https://ziid.net/?p=20244