6 طرق ستغيّر بها جائحة كوفيد 19 أماكن العمل إلى الأبد
مثلما كان لجائحة فيروس كوفيد 19 تأثير بالغ على حياتنا الاجتماعية، فإن آثارها على قطاع الأعمال لا تقل شأنًا.
add تابِعني remove_red_eye 112,619
كانت جائحة كوفيد 19، بالنسبة للكثيرين منّا، التجربة الأكثر أهمية، وربما الأكثر إيلامًا في حياتنا، وسيكون لها تأثير كبير علينا كأفراد وكمجتمعات وكقوة عاملة. وعلى الرغم من أنه من الصعب تخيّل ذلك الآن، فإنّ أزمة هذه الجائحة ستنتهي وستعود الأمور إلى طبيعتها بالنسبة إلى بعض الأشياء، وبالنسبة إلى أشياء أخرى، سيتشكل واقع جديد.
إذْ إنه عندما يحدث أمر بارز يشكل تهديدًا وجوديًّا، تتغير العديد من أنماط الحياة، بعضها يتغير على المدى القصير والبعض الآخر على المدى الطويل، ومنذ ما يقرب من عقدين من الزمن، كان لأحداث 11 سبتمبر تأثير على طريقة عيشنا وتصرفاتنا.
فعلى سبيل المثال، توقفت الشركات، في فترة الخوف والذعر تلك مباشرة بعد 11 سبتمبر عام 2001م عن السماح لموظفيها بالسفر، وقد اختفت هذه السياسات، بعد أن زال الشعور بالخوف من ركوب الطائرات، وتلاشى توجُّسنا من بعضنا، ونحن نحاول تبيُّن ما إذا كان زملاؤنا الركاب يشكلون تهديدًا لحياتنا، لكن إجراءات المطار التي نصل بعد اجتيازها إلى مقعدنا في الطائرة تغيرت إلى الأبد، وستتذكر أحد هذه التغييرات الدائمة إذا كنت تحمل في حقيبتك زجاجة مياه أثناء عبورك بالفحص الأمني.
وعلى غرار ما كان عليه الحال بعد 11 سبتمبر، فإن العديد من التغييرات الرئيسة المترتبة على جائحة كوفيد 19 التي نشهدها الآن سوف تختفي، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه دون أن ننتبه إلى ذلك، وسنعود إلى انتهاج المواقف والأفكار الراسخة نفسها التي كنا نتبناها قبل الأزمة. لكن جائحة كوفيد 19 ستغيّر بصفة دائمة العديد من مقومات الطريقة التي نعمل بها.
وعلى الرغم من حجم جائحة كوفيد 19 ونطاقها وشدة تأثيرها، فإن بعض أنشطة العمل ستعود إلى ما كانت عليه، على الأقل لفترة من الوقت، بينما ستكون هناك تغييرات دائمة ستغيّر إلى الأبد الطريقة التي نفكر ونتصرف بها في العمل. وتشمل هذه التغييرات ما يلي:
1. مرونة العمل في الشركات
توصل الموظفون بسرعة إلى كيفية العمل من المنزل. وعندما تنحسر موجة الجائحة، سيظل العمل من المنزل تقليدًا منتشرًا بين الموظفين، وسيُرغم ذلك الشركات – حتى تلك التي لم تكن تؤمن بوجود قوة عاملة افتراضية – على أن تصبح أكثر مرونة. وبعد أن جرّب عدد متزايد من الموظفين هذا الواقع وأبرزوا إنتاجيتهم عَبْره، سيكون من الصعب على الشركات أن تستبعده من نظامها، إذ كشف استطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” أنّ 54% من الموظفين الأميركيين سيتركون وظائفهم الحالية إلى وظائف أخرى تتيح لهم العمل عن بُعد.
غير أننا لن نشهد انتقالًا كاملًا للعمل عن بُعد، بل إنّ المرونة ستكون هي الشعار الجديد لهذه الحقبة؛ إذ إنها ستمنح الأشخاص مساحة أوسع من الحرية لاختيار العمل من المنزل.
2. الجيل التالي من مقر العمل
سيتغير الشكل الذي تبدو عليه وتعمل به المكاتب في الشركات، إلا أن هذا التغيير لن يحلّ محلّ الشكل القديم للمكتب بالكامل، على غرار معظم التغييرات في مكان العمل، مثلما لم تنته جدوى السيرة الذاتية عندما جعل موقع “لينكدإن” وجود ملف شخصي إحدى الأدوات والميزات الوظيفية الضرورية للعلامة التجارية الشخصية، إذ ذكر الرئيس التنفيذي لشركة “أبل”، تيم كوك، أنه عندما يعود الموظفون إلى العمل من مكاتب الشركة، من المرجح أن تُنفّذ اختبارات التحقق من درجة الحرارة والتباعد الاجتماعي، وسيستمر ذلك لفترة، ولكن حالما تحدث اكتشافات طبية مثل العلاجات واللقاحات، ستتمحور المكاتب حول التفاعل والمجموعات أكثر من التركيز على الإنتاجية الفردية.
وستشغِّل قاعات المؤتمرات وأماكن الاجتماعات واستوديوهات البثَّ عَبْر الفيديو مساحة كبيرة من المكاتب، وسيصبح مكان العمل بيئة اجتماعية أكثر بكثير، على نحو يختلف عن بقاء الموظفين منعزلين في مكاتبهم؛ حيث سيُصمم مكان العمل لتعزيز وتشجيع التفاعل والمشاركة المجتمعية بهدف الاستفادة من الأوقات التي تلتقي فيها المواهب البشرية في مكان واحد.
إنّ إنسانيتنا وتواصلنا مع بعضنا هُما ما يميزنا عن الروبوتات. وما من شيء سيحل محل تلك التفاعلات التي غالبًا ما تؤدي إلى الإبداع والابتكار، وقد أتاحت لنا جائحة كوفيد 19 تقدير هذه التفاعلات أكثر من أيّ وقت مضى.
3. المنازل المهيأة للعمل.
وجد العديد من الموظفين أن العمل من المنزل يمثل تحديًا ليس بسبب العزلة، بل لأنه لم يكن لديهم مساحة مثالية أو مكتب منزلي مخصص للعمل، إذ لم يكن لديهم مكان مُهيؤ لاستخدام تطبيق “زوم” للاجتماعات عبر الفيديو. وتشير دراسة أجرتها شركة “قت آب” إلى أن غالبية المشاركين في الاستطلاع أشاروا إلى نقص التكنولوجيا المناسبة للعمل عن بُعد بصفته الأمر الذي أعاق نجاحهم وإنتاجيتهم.
وكان أداء شبكة الإنترنت أحد أكبر التحديات التي واجهها الموظفون أثناء العمل من المنزل، حيث أجرت شركة “ويسل آوت”، وهي شركة تقدم معلومات حول خدمات الهاتف المحمول والإنترنت، بحثًا على البالغين الذين انتقلوا إلى العمل من المنزل، ذكر فيه 35% ممن شملهم الاستطلاع أنّ ضعف شبكة الإنترنت منعهم من القيام بعملهم في مرحلة ما خلال فترة الحظر الصحي بسبب أزمة فيروس كورونا، وقال 43% منهم إنهم اضطروا إلى استخدام هواتفهم كشبكة اتصال لا سلكية خلال الأزمة.
وتبشّرنا التكنولوجيا بأن شبكة الإنترنت ستتحسّن في المنازل بشكل كبير وسريع. وستصبح المكاتب المنزلية وحتى استوديوهات الفيديو المنزلية أولوية للكثيرين، وستكون اعتبارات العمل من المنزل على رأس أولويات الكثيرين عند بناء منازل جديدة أو تجديد وإعادة تهيئة المنازل القائمة، وستتيح التكنولوجيا خلق بيئة منزلية تشبه تصميمات المكاتب ذات مساحات العمل المشتركة، التي تقدمها شركة “وي وورك”، أكثر من المنازل التقليدية في الأحياء السكنية.
إذ سلّطَ مقال نشرته مؤخرًا مجلة “فاست كومباني” الضوء على شركة التصميم “أرجو ديزاين”، التي كشفت النقاب عن مفهوم يسمى “اسكواير” (Square)، والذي يتمثل في نافذة اصطناعية تقوم بتثبيتها على الجدار بجوار مكتبك، لتكشف لك عند رفع ستارة النافذة عن زملائك الذين يبدو لك أنهم يعملون معك.
4. التعلم بالوسائل الإلكترونية للجميع
نعلم جميعًا أن التعلم أصبح الآن في صدارة اهتمامات المؤسسات، وتدرك العديد من الشركات أن تعزيز القدرات وزيادة المهارات الصحيحة أمران ضروريان للابتكار وتحقيق الميزة الإستراتيجية، إذ تضمنت العديد من البرامج التعليمية للشركات ورش عمل وندوات شخصية مباشرة، لكن بعد جائحة كوفيد 19، سيصبح التعلم الإلكتروني جزءًا أكبر من منظومة التعلم المستمر. ولن تختفي برامج التعلم الشخصي، بيد أنها ستُخصص لوظائف معينة وفئات معينة داخل الشركة، ومن المرجح أن يكون التعلم المباشر مجرد مكوّن صغير في المناهج التعليمية، وقد سارعت الشركات، عبر تعزيز منصات التعلم الإلكتروني، إلى التأكد من أن موظفيها لا يزالون يطورون المهارات المهمة ويتقدمون من الناحية المهنية.
5. ملابس العمل الرسمية على وشك الزوال
من المرجح أنك كنت ترتدي ملابس العمل الرسمية قبل جائحة كوفيد 19، وحتى إذا كنت ترتدي ملابسك يوميًّا أثناء العمل من المنزل، فمن غير المرجح أن ترتدي بدلة أو حذاءً بكعب عالٍ، حيث سيتسارع الاتجاه نحو الملابس غير الرسمية بوتيرة أقوى، وقد أضحى لدى بعض الشركات الاستشارية والمؤسسات الأخرى، بالفعل، سياسات “ارتداء الملابس المناسبة ليومك”؛ إذ يمكنك ترك البدلة الرسمية في المنزل إذا لم تكن ستلتقي بعملاء. وإلى جانب ذلك، كان الأشخاص العاملون في مجال التكنولوجيا يرتدون السراويل القصيرة والأحذية الخفيفة “الشباشب” للعمل منذ عقود.
6. الأشخاص البارعون في الفيديو
يدخل الفيديو في صميم العديد من التغييرات المذكورة أعلاه، إذ يسّرت الشركات المطورة للتطبيقات مثل “زوم” و”ويب إكس” و”هانج آوتس” و”سكايب” ووسائل الاتصالات الأخرى عبر الفيديو تجربة العمل من المنزل، وأصبح الفيديو مدمجًا بصورة كاملة في تجربة العمل بطرق متنوعة مذهلة.
نظرًا لأن المديرين والموظفين اعتادوا على رؤية بعضهم في بيئاتهم الطبيعية، فقد تلاشى الخط الذي يفصل بين الحياة العملية والحياة الشخصية. ومن المفارقات، أن التكنولوجيا جعلت هذا التحول ممكنًا، لكنها أسفرت أيضًا عن حقيقة لا تنطوي على قدر كبير من التكنولوجيا؛ وهي أن هذا العالم الجديد الذي تعمل فيه الشركات قد جعلنا نقدّر إنسانيتنا الفطرية غير الآلية أكثر من أي وقت مضى.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 112,619
إليك أهم التغيرات التي حدثت في قطاع الأعمال بعد جائحة الكورونا
link https://ziid.net/?p=81271