لماذا لا يشعر الناس بألمك؟
الشوكة لا تؤلم إلا صاحبها ، مهما تعاطف معك الآخرون وساندوك ووقفوا إلى جانبك لن يشعروا بحجم ألمك أبدًا ، اعذر الآخرين وسامحهم برفق
add تابِعني remove_red_eye 77,782
يلوم بعض الناس الآخرين الذين لا يقدرون آلامهم، بعرفون أنهم يمرون بظرف صعب ولا يهتمون، ينسون أن يسألوا عليهم، أنهم وحيدون، لا يعلم أحد عن ألمهم، لا أحد يكترث لأمرهم، دونك أربع قناعات من وجهة نظري أجادلك فيهم، لعلك تفك عن نفسك عباءة انتظار الآخرين، لعلك تتعلم العيش مع الألم ونشاطات الحياة معاً، لعلك تكتفي بربك وتعيش سياسة الاكتفاء الذاتي، لعلك تتعلم رسالة الأنبياء الذين أخذوا على عاتقهم العطاء وتركوا الكثير جداً من الأخذ.
1. أنت أيضا لا تشعر بألمهم، ولا تقل لي أنك تفعل
كل إنسان ينظر إلى العالم من نافذته، يركز في معظم الأحيان على سد احتياجاته، تحقيق أهدافه، تطوير نفسه، وعندما يحدث الألم في طريق ذلك تبرز احتياجات التعاطف والدعم من الآخرين، وهذا أيضاً تركيز على سد احتياجاته.
فكيف إذاً تشعر بالآخرين؟، عندما يخبرك صديقك أن والده مريض، فقد تهتم وتسأل عنه عدة مرات، ولكنك قد تنسى فعلاً السؤال فيما بعد أو الاهتمام للأمر، قد لا تعرف ماذا يعني أن يضطر لإعالة أسرته لوحده، قد لا تعرف أنه دهش دعوتك له إلى نزهة مع الأصحاب، ربما لأن الأمر لا يمسك شخصياً وأنت منهمك ببعض ظروفك وصعوبات الحياة الخاصة بك.
أحياناً لا ينتبه الناس، ويركزون غالباً على ما يخصهم، على تحدياتهم، على مخاوفهم، على آلامهم، في إحدى المرات تسلمت مريضاً متعباً جداً في غرفة الإسعاف، كان أهله ذوو ثقافة ضعيفة لا يعرفون عن الأمراض الذي لدى قريبهم، ولا يجيبونني على أسئلتي، وكان زملائي الأطباء منهمكين لم يتفرغ أحد لكي يساعد في فحص الحالة التي بدت أنها تتدهور شيئاً فشيئاً، كان الجو مقلقاً للغاية، وفي ظل هذا تأتي إحدى زميلاتي تريد أن تسألني عن مريض آخر كان يشكو من رشح، لقد فزعت فعلاً كيف لم تنتبه إلى حجم المسؤولية التي بين يدي وتريدني أن أذهب لتفقد شخص ذو حالة باردة مثله الآن، بدأت تجادلني لأني لم ألب طلبها، لم تكن تشعر بانهماكي وتركيزي الكامل على هذا المريض وقلقي من أن يتوقف قلبه في أية لحظة.
أرى الآلام المزمنة هي أكثر الآلام نقصاً في التقدير أو تلقي الدعم، فمثلاً الذي يعيش مع إعاقة، أو التي فقدت زوجاً، أو الذي يعاني الفقر، هذه آلام مزمنة.
2. لأن الشوكة لا تؤلم إلا صاحبها وهذا ليس ذنباً
الشوكة المنغرزة بك تظل تؤلمك يومياً، ولكنها لا تؤلم غيرك فيصعب عليهم تقديرها. أنواع الآلام في هذه الحياة كثيرة جداً، ولا يختبرها الإنسان كلها، كل منا سيختبر حصة منها، وإن شيئاً لم يجربه الإنسان يصعب عليه تقديره صحيحاً، إن كنت تشكو نوع ألم ما لا يقدره الآخرون فبالتأكيد هناك آلام آخرى لم تجربها وقد جربها الآخرون.
أتذكر مرة أنني دخلت إلى موقع يخص دعم مرضى السرطان، فوجدت قسماً جميلاً مخصصاً لدعم المراهقين الذين لديهم أب أو أم شخص بمرض السرطان، قام أصحاب الموقع بجمع أعداد من المراهقين الذي يمرون بنفس الظرف وعملوا سوياً على إصدار كتيب لدعم المراهقين حول العالم من نفس حالتهم، كانوا يجمعون ما يحدث معهم من مخاوف، ما يخطر ببالهم من أفكار، ما يدور في داخلهم من آلام، ثم قاموا بكتابتها وتوضيح طرق التعامل معها في هذا الكتيب المجاني، إحدى الأفكار كانت تخبر المراهق أنه قد ينقص اهتمام العائلة بك لانهماكهم برعاية أبوك المريض، وهذا شائع في مثل هذه الحالات.
قد لا يعرف المحيطون الداعمون للمريض أن نوع الألم هذا يحدث فيه نقص اهتمام للمراهق مثلاً، وأن هذا يؤلمه يومياً، لذا فإن الآلام مختلفة، وكل ألم له تجربته.
3. كل إنسان عنده ابتلاء أو ألم بدون استثناء
“لنبلونكم”، اللام لام القسم، والنون نون التوكيد الثقيلة لزيادة التشديد، الدنيا دار ابتلاء، وكلٌ حسب إيمانه الأمثل بالأمثل، لا تتوقع للحظة أن هناك إنساناً بدون ابتلاء، بدون نقص ما، كل إنسان لديه ما يؤلمه، لست أنت وحدك. يبادل بعض الناس الذين حرموا من هذه الحياة بالعطاء، العطاء يشفي النفس أكثر من حاجتها للأخذ، علنا نتبع رسالة الأنبياء المليئة بالعطاء.
4. يكفي التعاطف، ومن القريبين الدعم، سامح برفق
يغلب على الناس الخير عموماً، في قلوب الكثيرين الطيبة والرحمة، لا يقصد أحدهم أن لا يشعر بألمك أو أن لا يقدم لك الدعم في ظروفك الصعبة. الناس تتعاطف لألمك، لظرفك الطارئ، وتحاول المساعدة الآنية، إنها لا تبخل بكلمات السلوى والدعاء لك، والاطمئنان عليك متى تذكرت بعد أن نسيت. الناس قد يعيدون كلامك المتألم في ذهنهم بعد لقاءك، يحللون أمرك ولماذا كنت تبدو حزيناً.
الناس يتألمون أحياناً لما حدث لك، وقد يشعرون بالضيق لبقية يومهم، قد يتذكرونك مساءً في آخر نهارهم، قد يحدثون بك أهلهم، أو من يرشدهم في كيفية مد يد المعونة لك. الناس قد يحبون سماع قصتك، وقد يأخذون منها العبر، وقد يخبرونها لمن حولهم، قد يضربون بها مثلاً في حديثهم، ويدللون بها عن رأيهم. أنت لا تمر عابراً في حياتهم، أنت وأنا وهم كلنا نتأثر ببعضنا البعض، نتراحم بقدر ما، ونتوادد بقدر ما، ونتعاضد بقدر ما، فسامح برفق.
add تابِعني remove_red_eye 77,782
يشكو الكثير من الناس قلة تقدير آلامهم من قبل الآخرين، دعنا نبوح سوياً ونتأمل لماذا
link https://ziid.net/?p=43171