المُكَمِّلاتُ الغِذائيَّةُ من فيتامينات ومعادن حاجة أم تجارة ؟
يتضاعف اهتمام الناس بتناول الفيتامينات والمكملات الغذائية كنوع من تحسين الصحة والوقاية من الأمراض فهل تستحق هذه المنتجات أموالنا؟
add تابِعني remove_red_eye 518
قديماً كان يُعتقدُ أنَّ كثيرًا من الأمراضِ تأتي في الغالبِ من قلّة العناية بالغذاء ونظافته، ممَّا دفع الناس للمبالغة في معالجة أطعمتهم وغليها ونقعها بالماء الساعات الطوال وزيادة تعقيمها، ولم يكونوا يعلمون أنّ مع كلّ عمليَّةِ معالجةٍ غير سليمة يُجرُونها على الأطعمة يتم تغيير خصائصها وتدمير معظم الفيتامينات المكوّنة لها وبالتالي خسارة الكثير من فوائدها المطلوبة لصحّة الإنسان، إلى أن تمّ في أوائل القرن العشرين اكتشاف العلماء لمركبات الفيتامينات والمعادن وتبين أنها مركَّباتٌ لا غنى عنها لكثيرٍ من وظائف الجسم.
حيث يحتاجها الإنسان بكميّات قليلةٍ تصل إلى أجزاء من الميلّي غرام و النانوغرام والمايكروغرام، ولأنّ أجسامنا لا تستطيع تركيبها بنفسها لذلك نحصل عليها من الغذاء والنبات وأشعّة الشّمس، كما اكتشفوا أن فقدانها أو نقصانها في أجسادنا سببٌ للكثير من الأمراض والأعراض والمشاكل الصحيّة كأمراض كانت منتشرة بكثرة منذ زمنٍ ليس ببعيد منها الكساح والأسقربوط وغيرها.
مُرَكَّبَاتٌ صغيرةٌ تثيرُ قلقًا كبيرًا
وبعد هذه الاكتشافات وتطوُّر علوم الأغذية بدأ العلماء يهتمون أكثر بالفيتامينات والمعادن كما اهتموا بتعوضيها صناعياً لمحاربة بعض الأمراض والعوارض، ومع ازدياد الوعي الصحي انتقل هذا الاهتمام للنّاس وأصبح تغطية احتياجاتهم من الفيتامينات والمعادن هاجس سيطر على حياتهم اليومية. فكان هذا الاهتمام فرصةً لكثيرٍ من الشّركات لزيادة أربحاها ومبيعاتها ، فقد ازدادت مبيعات المكمّلات الغذائيّة لتصل في عام 2019 إلى 123.28 بيليون دولارًا عالميًّا وكان النصيب الأكبر من هذه المبيعات للفيتامينات والمعادن فبات قسم المكمِّلاتِ الغذائيَّةِ قسمًا كبيرًا وهامًّا في كثير من المحالِّ، فلماذا هذا الاهتمام الكبير ببيعها وشرائها؟
هل هناك فعلًا توصياتٌ طبيًّةٌ تنصح بتناول المكملات الغذائية؟ هل بات طعامنا خاليًا من العناصر الغذائية لدرجة أننا نعيش على ما يعوضها صناعيًّا؟
ففي دراسةٍ قام بها فريق بيلي للتوحد عن سبب تناول الأمريكيين للفيتامينات المتعددة وذلك عن طريق جمع بيانات ما يقارب 12000 شخص بالغ شاركوا في المسح الوطني الأمريكي لفحص الصحّة والتغذيّة من عام 2007 إلى عام 2010 أوجدت الأبحاث أن 45% من الأشخاص تناولوا الفيتامينات لاقتناعهم بأنَّها ستحسِّن من صحتهم و33% تناولوها ليحافظوا على صحتهم بينما 23% فقط كان قرارهم لتناولها معتمد على نصيحة الطبيب.
وعلى الرغم من عدم وجود توصياتٍ طبيّة وعالميّة واضحة بتناول المكمّلات الغذائيّة والفيتامينات بأشكالها المتعدّدة كالحبوب والمسحوق وغيرها ووجود الكثير من الدراسات التي تنفي تأثير هذه الفيتامينات إيجابًا على الصّحة وضعف الدراسات التي تخالفها فإنَّ منتجات المكملات الغذائية باتت تجارة رابحة جدًّا ويتم بذل الكثير من الأموال على إنتاجها فمن السهل إقناع الناس بضرورتها وبأنها تحسّن من صحتنا بعبارات وطرق تسويق مُضلِّلة ومربكة للكثير.
فالمكمِّلات الغذائيَّة تصنّف عالميًّا كمادّة غذائيّة ولا تخضع لرقابة إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة “FDA” فيمكن عرضها في السوق وبيعها دون أن يتمّ فحصُ مكوناتها فهي تصنّف كمنتجاتٍ آمنة نوعًا ما ولا تسبّب الضرر، وتستطيع الإدارة سحبها من الأسواق فقط في حالِ عُرِفَ بأنها غيرُ آمنة، ولكن وجب الحذر منها في بعض الحالات بحسب تصريح ال اف.دي .اي “FDA” الموجود على موقعهم الرسمي وهي:
- تناول أكثر من منتج من المكملات الغذائية مع بعضها.
- تناولها مع الأدوية الطبية سواء أكانت بوصفة طبية أم بدون.
- تبديل الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب بمكمّلات غذائيّة.
- تناول كميّاتٍ كبيرة أو التعرُّض لجرعات عالية منها وبالذات مع فيتامينات مثل (A,D,K,E) والحديد، فإذا كنت تأخذ حاجتك من الفيتامينات عن طريق الغذاء وتتناول المكمّلات الغذائيّة من الممكن أن تتعرّض لجرعات عالية تأثير بعضها يكون خطيرًا.
بعض المكمّلات الغذائيّة تسبب مضاعفات بعد التعرض لعمليّة جراحيّة أو خلال العمل الجراحي أو قبله؛ لذا يجب إعلام طبيبك أو الصيدليّ إن كنت تتناول أيًّا من المكمّلات الغذائيّة.
هل نحنُ فعلًا بحاجةٍ للمكملات الغذائية للتَمَتُّعِ بصحةٍ أفضل؟ وإن لم يكن كذلك فمن يحتاجها فعلًا؟
لا شكَّ أنَّ هناك بعض الحالات التي تحتاج لتناول نوع معيّن من الفيتامينات والمعادن عند نقصها لتعويضها والتخلص من الأعراض المرافقة لعوزها عندما يَثبُت ذلك عن طريق فحصٍ طبيّ، كما أن فيتامينات مثل (D، k) أصبحت تُعطَى للرُضّع من أجل الوقاية من الكساح ونزف الدماغ. توجد فئات مُعيَّنة تحتاج للمكمّلات الغذائيّة وينصحهم الأطباء بتناولها بحالات مثل الحمل والرضاعة، الرُّضع والكبار في السِّن والنباتيّين، أو في حال وجود حساسيّات من المواد الغذائيّة أو بعض أمراض الجهاز الهضميّ التي تمنع امتصاص المواد الغذائيّة وأيضًا المصابين بسوء التغذيّة.
أما بالنسبة للأشخاص الأصحَّاء فعادةً لا يحتاجون لأيٍّ من المكمّلات الغذائيّة، حتى الأطفال والذين يقوم أهلوهم بإعطائهم تلك المنتجات عند رفضهم الطعام خوفًا عليهم وحتّى إن كان أولئك الأطفال انتقائيّين بتناول طعامهم فمع ذلك يطمئننا الأخصائيّون بحصول هؤلاء الأطفال غالبًا على حاجتهم من العناصر الغذائيّة حتى ولو تناولوا كمياتٍ قليلةٍ من الطَّعام.
وبحسب البروفيسور”جون” من معهد هارفرد الطبيّ فإن المكمّلات الغذائيّة لم ولن تكون بديلًا عن غذاءٍ ونمطِ حياةٍ صحيٍّ. كما ذكرت منظمة الصحّة القلبيّة الأمريكيّة بأنّ اتباع نمطِ غذاءٍ يحوي جميع العناصر الغذائيّة ويحدّ من تناول كميّات كبيرة من الحريرات ويقلّل من الدهون المشبعة والدهون المتحوّلة (والموجودة غالبًا في المقليَّات) والصوديوم والكوليسترول، كما المحافظة على وزنٍ طبيعيّ له تأثيرٌ إيجابيٌّ أكثر بكثيرٍ من المكمّلات الغذائيّة على صحّة القلب والتقليلِ من خطرِ الإصابة بأمراض القلب التاجيَّة.
وفي صحيفة ال Annals الطبيّة للطب الداخلي حيث بدأوا مقالهم الشَّهير عن المكملات الغذائيّة بعنوان كَفى وكَفى: توقف عن إضاعة مالك على شراء المكمّلات الغذائيّة، وأَكملوا مقالهم بذكر عدم ضرورة هذه المنتجات لمن يعيشون حياة طبيعيَّة ولن تكون تلك المنتجات كحماية من أمراضٍ أخرى.
فإن كنّا لا نحتاج لهذه المنتجات فكيف نَحرصُ على حصولنا على حاجتنا من الفيتامينات والمعادن من مصادر طبيعيّة؟
الفيتامينات مركباتٌ حسَّاسةٌ جدًّا للحرارةِ والضوءِ وأشعة الشمسِ والأوكسجين والماء والأحماض والمعادن، لذلك لنضمن المحافظة عليها من الأفضلِ اختيار الطّعام الطّازج والمَحلِّيّ كما الخضار والفواكه الموسميَّة و الابتعاد عن الوَجبات المُصنَّعة والمُعلَّبة أو الجاهزة للأكل المباشر، وعدم نقع الخضار والفواكه مطوَّلًا بالماء، و يُفضَّل الطًّبخ عن طريق البخار ولوقت قصيرٍ أو معَ قليلٍ من الماء، ومن المهم الالتزام بتاريخ الصّلاحيَّةِ المكتوب على المنتج وخاصَّةً إذا كان ذلك مدعَّمًا بالفيتامينات والمعادنَ وبالذّات حليبُ الأطفالِ.
كما تنصح الجمعيَّة الألمانيَّة للتغذية باستغلال التنوع الكبير في الغذاء والحرص على تناول ثلاثِ حصصٍ من الخضار في اليوم وحصتان من الفواكه وتفضيل منتجات الحبوب الكاملة ويُفضَّل تناول السمك مرتين في الأسبوع وكميّة كافية من الحليب قليل الدسم ومشتقاته للحصول الكافي على الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم، فهذه المواد الطبيعيّة تستحق مالنا أكثر من تلك المكملات الغذائيَّةِ التي لا يكون لها فائدةٌ إضافية في غالب الأحيان وإن أفادت فستكون تلك الفائدة ضئيلةً مقارنة بغذاءٍ صحيٍّ متكامل.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 518
هل تحتاج حقًّا تناول المكملات الغذائية؟ .. هذا المقال يجيبك
link https://ziid.net/?p=85674