الأسرار الخفية وراء التعقيم القسري للحد من النسل
التعقيم القسري ظاهرة كانت منتشرة منذ أواخر القرن 19، والتي يتم فيها إما إجبار النساء والرجال على التعقيم أو التعقيم دون علمهم
add تابِعني remove_red_eye 11,872
التعقيم القسري أو التعقيم الإجباري هو إجراء تقوم به الحكومة بهدف السيطرة على عدد الأفراد في الدولة، وهذا يتم دون رضا وموافقة من الأشخاص، وكانت هذه الظاهرة منتشرة جدًّا في القرن الماضي، لكن هل انتهت الآن حقًّا؟ لا، على الرغم من أن التعقيم القسري تم تجريمه وأصبح غير قانوني إلا أن هناك عدد من الدول التي ما زالت تستخدمه حتى الآن.
ظاهرة التعقيم القسري للحد من النسل
تقول الحكومات إن الهدف من هذا الإجراء هو الحد من عدد السكان، وقد ظهرت هذه الظاهرة لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، واستمرت حتى القرن الحالي، حيث كان يدعي علماء تحسين النسل إلى ضرورة تعقيم الأسر ذات الدخل المنخفض، أو الأشخاص المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا بهدف وجود كما وصفوه بـ –أمم مثالية– وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدأت الحكومات تتبنى أيديولوجية جديدة، تقول إن النمو السكاني يسبب زيادة الفقر الذي لا يمكن تحجيمه والسيطرة عليه، وهذا يعيق البلدان من التطور الاقتصادي، وهذا جعل هذه الظاهرة تنتشر أكثر.
قوانين تجريم ظاهرة التعقيم القسري
جرمت العديد من الدول ظاهرة التعقيم القسري في قوانينها حيث يحظر القانون الدولي حسب اتفاقية إسطنبول في المادة (39) ظاهرة التعقيم القسري، وتم اعتباره أنه جريمة ضد الإنسانية، وأنها انتهاك لحقوق الإنسان.
وفي شهر مايو من العام (2014م) قامت كلٌّ من: منظمة الصحة العالمية، هيئة الأمم المتحدة المعنية بشئون المرأة، برنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس الإيدز، صندوق الأمم المتحدة للسكان، اليونيسيف، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بإصدار بيان يفيد القضاء على ظاهرة التعقيم القسري.
الدول التي تقوم بظاهرة التعقيم القسري حتى الآن
تم تعقيم (25%) من نساء أمريكا الأصليين، و (35%) من نساء بورتوريكو اللواتي في سن الإنجاب، وذلك في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، كما تم تعقيم (20) ألف من السكان اللاتينيين في كاليفورنيا في النصف الأول من القرن الواحد والعشرين، وفي عام (1996م) إلى عام (2001م) قامت حكومة بيرو بتعقيم أكثر من مائتي ألف امرأة كان معظمهم من الريف، وفي اليابان تحديدًا بين نهاية الحرب العالمية الثانية وعام (1970م)، أجبرت الدولة (16) ألف شخص ممن يعانون من أمراض عقلية أو إعاقة على التعقيم القسري بهدف تحسين النسل، وكان من المفترض أن تختفي الظاهرة بموجب القوانين الدولية التي تم وضعها، إلا أن الحقيقة غير ذلك.
فاليابان على سبيل المثال قامت بظاهرة التعقيم القسري حتى وقت قريب، ففي عام (2018م) تحديدًا في الثلاثين من يناير، قامت امرأة برفع دعوى لأنها تعرضت للتعقيم القسري، وقد طالبت الحكومة اليابانية بتعويض (11) مليون يورو مع تقديم اعتذار رسمي، وهذا ما دفع النساء الأخريات إلى رفع دعوات مشابهة في هوكاديو وطوكيو.
وتقوم الحكومة الهندية حتى الآن بالتعقيم القسري للنساء الفقيرات، بهدف السيطرة على زيادة السكان، من خلال العيادات المتنقلة التي تقنع النساء بربط قناتي فالوب مقابل مبلغ من المال، وعلى إثر هذا تم وقف 4 مسئولين في القطاع الصحي بعد تعرض بعض النساء للموت بعد العملية.
وتقوم أوزبكستان بتطبيق ظاهرة التعقيم القسري سرًّا على النساء، بهدف القضاء على النمو السكاني، وتقوم الحكومة بتطبيق هذا النظام سرًّا لا سيما على النساء الذين يمتلكون طفلين أو أكثر، وتقوم الحكومة في أوزبكستان بإجبار الأطباء على القيام بعملية التعقيم القسري للنساء دون علمهم دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان.
أما في كندا فحتى عام (2017م) لم يتم السماح لنساء السكان الأصليين برؤية أطفالهن حديثي الولادة حتى يوافقن على القيام بالتعقيم، وهذا ما أدى إلى رفع (60) امرأة لدعوات قضائية على الدولة.
وفي الصين على الرغم من تجريم قانون التعقيم القسري، إلا أنه تم الإبلاغ عن انتهاكات مسئولي تنظيم الأسرة وإجراء بعض عمليات التعقيم القسري في مدينة لينيي التابعة لمقاطعة غوانغدونغ.
وفي الدنمارك تشير التقارير أنه حتى يونيو (2014م) ظل التعقيم القسري ضروريًّا لكل من يريد أن يقوم بالتحول الجنسي، وإلا لن يتم الموافقة على تحوله.
الأسباب الخفية وراء ظاهرة التعقيم القسري
هناك العديد من الأسباب وراء ظاهرة التعقيم القصري بخلاف ما يتم ذكره دائمًا عن الحد من النسل، مثل التمييز على أساس الجنس أو الأقليات أو محاولة القضاء على السكان الأصليين، وكذلك الإبادة الجماعية ومحاولة السيطرة على عدد معين من الأعراق، وهذا كان الدافع الحقيقي وراء ظاهرة التعقيم القسري النازي، والتطهير العرقي على أساس أن بعض الأشخاص غير مناسبين للتكاثر والتواجد، وهذا لكي يكون المجتمع أفضل على حد قولهم.
الآراء المتضاربة حول ظاهرة التعقيم القسري
ينقسم الناس في النظر إلى ظاهرة التعقيم القسري إلى جزئين:
الجزء الأول: يرى أن ظاهرة التعقيم القسري جريمة يجب أن يعاقب مذنبوها أشد العقوبات، ويجب أن توضع قوانين أقسى على الدول أو الحكومات أو المؤسسات أو الأفراد الذين يقومون بهذه الظاهرة، لأنهم بهذه الطريقة يسلبون حق الأشخاص في اختيار ما يريدون، ويستغلون ظروف البعض الآخر وحاجتهم للمال لتنفيذ مخططاهم السرية، فالأمر ليس فقط الحد من النسل وتخفيف أعداد الشعوب، بل الأسباب الحقيقية تكون نابعة من الرغبة في إبادة أعراق بعينها، أو سلب الفقراء حقوقهم في إنجاب الأطفال كي لا يكونوا عبئًا أكبر على الدولة.
بل ويشعر هؤلاء الأشخاص أن من يقوم بهذا الفعل غير الأخلاقي الشنيع يقتل أرواحًا كانت في طريقها للميلاد، وترى هذه الفئة أن ظاهرة التعقيم القسري لا يجب أن يتم تطبيقها تحت أي ظرف أو وسيلة، وأن كل شخص يجب أن يختار بنفسه وبكامل إرادته وحريته ما إذا كان يريد الإنجاب بعد أم لا.
الجزء الثاني: يرى هذا النوع من الأشخاص أن ظاهرة التعقيم القسري في الحالات العادية أمر لا يصح، لكنهم يشجعونها وفق ظروف محددة، مثل تعقيم الأشخاص مغايري الجنس قسريًّا، أو أصحاب الاحتياجات العقلية الخاصة، أو الأشخاص الذين أنجبوا بالفعل طفلين أو ثلاث أطفال، أو لتحسين مجتمعات معينة من خلال تخفيف أعداد الفقراء فيها، وإبادة الأشخاص من أعراق معينة لبناء مدينة “فاضلة” كما يدعون.
عن نفسي أنا مع الأشخاص من أصحاب الرأي الأول، التعقيم القسري جريمة أخلاقية منافية لكل ما هو إنساني، كيف يسلب إنسان حق إنسان آخر في الاختيار، من الذي أعطاه الحق في هذا وهو إنسان مثله له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، حتى مع الأشخاص منذ ذوي الحالات – الخاصة – كما وضحنا، سواء مغايري الجنس أو ذوي الاحتياجات العقلية الخاصة، هم أيضًا بشر لهم حقوق ولهم حرية الاختيار، ولو فتحنا المجال للقضاء على كل من هو مختلف عنا لمجرد أنه مختلف عنا فلن يتبقى أحد على الكوكب.
كل الدعم للمرأة والطفل:
add تابِعني remove_red_eye 11,872
مقال مثير حول التعقيم القسري
link https://ziid.net/?p=70238