إستراتيجية الهليكوبتر في تربية الأطفال
فالطفل الذي لا يعرف معنى للمشكلة لأن الوالدين لا يسمحان بوجود مشكلة، لن يتعلم أن العالم مليء بالعقبات والمشاكل التي يجب مواجهتها
add تابِعني remove_red_eye 4,142
تختلف أساليب التربية وتتعدد متأثرة باختلافات عدة سواء في البيئة المحيطة بالطفل أو بالوالدين أو بالمعتقدات المتوارثة عبر الأجيال أو في تخطيط الآباء أنفسهم ودرايتهم بالطريقة التي يودون تنشئة الأطفال عليها. من بين كل سبل التربية يوجد ما أطلق عليه الباحثون “أسلوب الهليكوبتر” ولنوضح ما هو ذلك الأسلوب فلنحكي عن بعض الأمثلة
- طفل صغير في عامه الثاني أو الثالث يتعثر في بيته بطرف السجادة مثلًا ويقع أرضًا، صدمة بسيطة جدًّا، فترى الأم أو الأب يذهب إليه مهرولًا ليساعده على النهوض، بالرغم من عدم وجود إصابة أو كدمة وبالرغم من قدرة الطفل على النهوض بمفرده.
- طفل في الرابعة من عمره بدأ نموه النفسي في اتخاذ مساره الصحيح ويحب اللعب منفردًا في بعض الأوقات، تأخذ الأم الرأفة به ولا تسمح له مطلقًا باللعب منفردًا وتشاركه بشكل مستمر طول اليوم.
- طفل أكبر في مرحلة الدراسة الابتدائية يحب أن بشترك في نشاط مدرسي معين أو يود لعب لعبة رياضية محددة في النادي، ترفض الأم وتختار بدلًا منه النشاط أو الرياضة.
أعتقد أن الفكرة قد اتضحت الآن، إستراتيجية الهليكوبتر تهدف إلى الحماية المبالغ فيها التي تصل إلى حد السيطرة على الطفل مما يمنعه من التطور بشكل طبيعي ويمنعه من تجربة كل المشاعر الموجودة في الحياة حتى ولو كان إحساس الفشل.
سبب لجوء الآباء لهذه الإستراتيجية
- اعتقاد الآباء بضرورة حماية الأبناء بشكل غير صحيح، فبالطبع حماية الأبناء واحدة من أدوار التربية ولكن السيطرة شيء أخر.
- خوف الآباء من الخيبة والفشل الذي من الممكن أن يلحق بالأبناء، مع العلم أن تلك المشاعر وإن كانت صعبة وغير مفضلة فهي من المشاعر التي يجب اختبارها في الحياة بشكل أو بأخر.
- افتقاد الآباء للحب والاهتمام في صغرهم، فيعملون على تجنيب أبنائهم وتعويضهم بفرض سيطرة كاملة عليهم.
- اعتقاد الآباء أن الأبناء أحد أملاكهم الخاصة وبالتالي فهم وحدهم أصحاب الحق المطلق في التحكم بحيواتهم وترتيب شئونهم.
- ضغط الآباء والأجداد على ضرورة اتباع ذلك الأسلوب لحماية الأبناء معتقدين أنه الأسلوب الأعظم في التربية.
- محاولة الآباء تعويض إخفاقاتهم من خلال أبنائهم فيجعلون من أبنائهم رسومًا تمشي بدلًا منهم في نفس الطريق الذي لم يتمكنوا من السير فيه.
ما الضرر الواقع على الأبناء من اتباع تلك الإستراتيجية؟
- ينشأ الأبناء دون أدني ثقة من الاحساس بتقدير الذات، فطالما عاشوا لا رأي لهم ولا قدرة لهم على اختيار أي شيء مهما كان خاصًّا بهم بشكل مباشر.
- لا يتعلم الأبناء كيفية التعبير عن مشاعرهم مما يسبب أضرارًا حياتية، فهم لا يعبرون عن مشاعرهم ولا يسمحون لأحد أن يعبر عن مشاعره تجاههم.
- يفتقدون قدرات طبيعية بالنسبة لأعمارهم كالقدرة على التفاوض وحل المشكلات والمواجهة.
- يعتقدون أن العالم وردي كما صوره لهم الآباء، فالطفل الذي لا يعرف معنى للمشكلة لأن ماما لا تسمح له أصلًا بوجود مشكلة، ولا يعرف كيف يحلها لأن الأب يتدخل بصورة مباشرة لحلها، لن يفهم معنى أن العالم به الكثير من العقبات التي لا بد من مواجهتها.
- يتطور كبت المشاعر وعدم الاحساس بالتقدير إلى أمراض نفسية مثل الاكتئاب أو اضرابات القلق.
كيف يتجنب الآباء تلك الطريقة في التربية؟
النظر من منظور أوسع على التربية، فالتربية ليست اللحظة الآنية فقط، بل هي طريق طويل يتأثر بكل لحظة فيه، صحيح أنه لا أم تفضل أن يتعثر طفلها ولو في لعبة من ألعابه لكن إن رأينا ما هو أبعد من الآن سنعرف أنه من الضروري أن يتعثر. كذلك يجب أن تمنع نفسك عمدًا من التدخل حتى ولو كلفك الأمر بعض الوقت أو محاولة أطول في ضبط النفس، مثلًا شجع طفلك على ترتيب ألعابه حتى لو اتخذ منك هذا وقت أطول، اسمح لطفلك أن يضع الملابس غير النظيفة في مكانها حتى ولو تعثر في البداية، إجمالًا لا تستسهل وتقوم بدلًا عنه بشيء يستطيع القيام به.
علم طفلك المهارات الحياتية تبعًا لسنه، مثلا طفل الثانية يستطيع أن يضع الملابس بالغسالة دون تشغيلها، طفل السادسة يستطيع وضع الملابس وتشغيل الغسالة، طفل العاشرة يستطيع وضع الملابس وتشغيل الغسالة واخراج الملابس بعد الغسل، لا تسمح لأبنك أن يكون اتكاليا لمجرد أنك تحميه كمل تعتقد.
في النهاية.. التربية طريق صعب وطويل وعلم يُدَرس الآن في كثير من الدول، وإن لم تكن التربية صعبة لما كان الله -عز وجل- يربطها بأنها السبب في بر الأبناء لآبائهم كما قال الله في كتابه العزيز (كما ربياني صغيرًا).
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 4,142
حماية الاطفال واجب من واجبات التربية ولكن ماذا عن السيطرة؟ مقال هام لكل أب وأم
link https://ziid.net/?p=84297